مُنغِّصات إلكترونية

عبدالله خميس


(1
هل حقا يمكن أن نتغلب يوما على الصعاب التي مازلت تعيق دخولنا في نطاق حكومة إلكترونية فاعلة، وبعض شركات اتصالاتنا لا تزيد سرعة الإنترنت لديها أحيانا عن 1 كيلوبايت/ثانية؟
كيف يمكن إجراء معاملة إلكترونية على الشبكة العنكبوتية، إذا كانت الصفحة الأم لأية مؤسسة حكومية ترفض أن تفتح أحيانا بسبب ضعف الخدمة؟

(2)
ثمة جهة حكومية بعينها تبدو آخر جهة يحق لها الحديث عن حكومة إلكترونية. أبسط معاملة لديها تستغرق عدة أيام للإنجاز، والمشكلة أن الكل يحتاج إليها. كل من لديه عاملة منزل أو شركة صغيرة أو كبيرة. مأساة عملائها تبدأ من عدم العثور على موقف للسيارة، مرورا بالانتظار ساعات لملاقاة موظف متوثب لعدم إنجاز معاملتك لو فقط بدا منك بعض الضجر من الانتظار الطويل الذي لاقيته حتى تصل إليه. فضلا عن ذلك، فطبيعة آليات إنجاز معاملة لدى هذه الجهة تتطلب أكثر من مراجعة، وكل مراجعة تستغرق يوما كاملا يتطلب غيابك عن دوامك. ورغم هذا البطء والتأخير والوقت الضائع إلا أنهم يتقاضون رسوما مهولة. هل مثل هذه الجهة لها الحق في الحديث عن حكومة إلكترونية؟

(3)
نطالب بتفسير رسمي لحجب كافة خدمات الإتصالات الصوتية في السلطنة عبر نظام VoI (أي باختصار الإتصال عبر الماسنجرات). لا نرى في هذا الأمر إلا دعما لاحتكار شركات بعينها لحق الإنسان في إجراء محادثة هاتفية، والإحتكار مخالف للقوانين. لذا نريد تفسيرا من جهات الاختصاص لحرمان الناس من حق طبيعي في استخدام إحدى معطيات التكنولوجيا العصرية؟ فهل من تفسير؟ ومتى سيأتي؟

(4)
بسبب امتلاك شركة ميكروسوفت لنظام التشغيل ويندوز، ومجئ هذا النظام مجهزا سلفا بالمتصفح الشهير (إنترنت إكسبلورر) وبمشغل الميديا (ويندوز ميديا بلاير)، ونظرا لأن هذا يعد احتكارا من وجهة نظر القانون، وعليه، فإن الحواسيب العاملة بنظام تشغيل ويندوز والموجهة للسوق الأوروبية قد أصبح ممنوعا عليها احتواء ذينك البرنامجين المذكورين. بكلمات أخرى: إن إلغاء برنامجي (إنترنت إكسبلورر) و (ويندوز ميديا بلاير) أصبح شرطا أساسيا لدخول الحواسيب العاملة بنظام ويندوز لدول الاتحاد الأوربي، وذلك مقاوَمة للاحتكار وإتاحة لفرصة عادلة لبقية متصفحات الإنترنت ومشغلات الميديا ليكون لها فرصتها المتساوية للتواجد في السوق الأوروبية.
هل نستفيد من الدرس؟ هل نتعلم شيئا؟

(5)
يا أصدقائي.. فكروا كثيرا قبل أن تشتروا الكمبيوترات اللوحية والهواتف الذكية التي تتطلب خدمة الإنترنت لاستعمالها. ذلك أنه مع خدمات الإنترنت المتاحة محليا فإن هذه الأجهزة تفقد كافة مميزاتها وتتساوى مع الأجهزة الرخيصة التي لا يزيد سعر أحدها عن 40 ريالا. يبدو أن التكنولوجيا المتقدمة ليست لنا بعد، وما زلنا بانتظار الفَرَج من شركات الاتصالات حتى نلحق بالركب ونكون خليقين بامتلاك هذه الأجهزة المتاحة في أسواقنا. فهل سيأتي هذا الفَرَج يوما؟

(6)
ما دامت خدماتهم بهذا التهالك –ولا يبدو أنّ انفراجة ستحدث قريبا-، إذن فمن الخير لهم أن يمنعوا دخول الأجهزة الحديثة التي تتطلب خدمة إنترنت سريعة ومتوفرة دائما. عليهم أن يمنعوها على الأقل ليحفظوا مياه وجوههم، لكي لا نكتشف أنهم هم سببُ جَعْلِ هذه الأجهزة المتقدمة تبدو شديدة التخلف!

(7)
إحدى شركات الإتصالات التي تقدم خدمة الإنترنت اللاسلكي (برودباند)—خدمة الجيل +3، تزعم أنه بريال واحد لمدة 24 ساعة يحق للمستخدم القيام بتنزيل لامحدود من المواد. أما الحقيقة، فإن اليوم يمضي أحيانا والشخص يحاول فتح واجهة صفحة بريده الإلكتروني، وينتهي الريال وتمضي الأربع والعشرين ساعة والصفحة لم تفتح بعد. يحدث هذا ليس في المناطق النائية بالسلطنة –بالمناسبة: هناك من يزعم أنه لم تعد في بلادنا مناطق نائية!-، وإنما يحدث في قلب العاصمة مسقط!

(8)
يعطون لنفسهم الحق في حجب خدمات عامة عن الجماهير. خدمات لا ضرر من ورائها سوى أنها تقاوم احتكار المحتكرين. لم يستشيرونا في شيء، لكن رسائل الحجب خاصتهم تَظهر على حواسيبنا الشخصية لتقول أنهم قاموا بفعلتهم تلك نيابة عنّا! لو سمحتم كونوا صادقين على الأقل: لم أخولكم يوما في اتخاذ أي قرار نيابة عني. إذا أردتم أن تستغلوا سلطاتكم وتتصرفوا بعقلية المنع والحجب، فهذا يعكس طبيعتكم، ولكن لو سمحتم رجاءً كفوا عن الحديث باسمي، فأنا لم أفوضكم لاتخاذ أي قرار نيابة عني. أنتم لا تمثلونني في شيء!

(9)
استفدنا من درس "جونو" لإعادة تصميم الطرق وفتح المزيد منها. هل نحن بانتظار أنواء مناخية إلكترونية استثنائية حتى نبدأ بالتفكير بجدية في بدائل للخدمات المتاحة ونجبر الموجود منها على الارتقاء والتحسين؟!

(10)
قوانينكم الصارمة تعلّم الناس الاحتيال عليها. وكلما سددتم الدروب أمامنا فتحنا كوّة للحرية والمعرفة. كل ممنوع مرغوب، أفلا يعقلون؟! أم على قلوبٍ أقفالها؟!

*المصدر: جريدة الرؤية
الإثنين 6 ديسمبر 2010