- محرك البحث العام
- المركبات
- الأراضي
- العقارات
- الوظائف
رؤية النتائج 1 إلى 14 من 14
الموضوع: يوميات رجلٍ مُرهق
-
22/06/2018 08:22 PM #1
يوميات رجلٍ مُرهق
لم يتخيّل صُهيبُ في يوم من الأيّام أنّه سيضطرّ لإلقاء سلاحه أرضا و التفكير في اعتزال كل شيء، و مرّة واحدة. مثل هذا القرار كان لا يتوافق مع أيّ جانب من جوانب شخصيّة صهيب، على الأقل كما يعرفُها الناس. و لكي يفهم القارئ غرابة مثل هذا القرار، من اللازم أن يمتلك على الأقلّ حدًّا أدنى من الاطلاع على ماضي صهيب.
-
مادة إعلانية
-
22/06/2018 08:39 PM #2
منذ أربعة أعوام فقط، عندما كان صهيب في أوجه نشاطه النفسيّ، هناك بعيدا في بلاد الرمال، كان الرجلُ يتلذّذ بتحدّي كلّ شيء حوله، كان صهيبُ يزعم بأنّه يوما ما، سيزور الكعبة، و يطوف حولها بالمقلوب، لأنّ حبيبته طلبت ذلك، و كان يرددّ شعاره الماديّ " من أجلك حبيبتي سأتحدّى كلّ الرسل و الأنبياء، إسرافيل و ميكائيل و كلّ من في السماء ...". مع أنّ صهيبََا هذا كان رجلً شديد الاطّلاع على الفكريْن الدينيّ و اللادينيّ معا، و كان أقرب إلى فيلسوف منه إلى رجل الشارع، إلّا أنّه ما كان يدّخر جهدا في استعمال القوّة البدنيّة في أكثر أشكالها فجاجةً من أجل الدفاع عن حياته، ففي أرض الرمال، كثيرا ما يحدث أن يهاجمه شخص يتصنّع الورع بزعم أنّه ملحد قذر. هكذا، و في يوم من الأيّام، بينما كان صهيبُ يتجوّل مخمورا في حيّ القادسيّة، اقترب إليه رجل نحيف في عباءة بيضاء لا تناسب جسمه، و سأله ما إذا كان هو صهيبٌ الكافر، فما كان من صهيبٍ إلّا أنْ ردّ " معك صهيب، ما وراءك؟"، كان صهيب حريصا على أن يجعل من حركاته ذات أكثر من معنى، فمدّ يده إلى حزامه و حرّك خنجره بطريقة تخبر صاحب العباءة بأنّه مسلّح و ليس خائفا، فهمها صاحب العباءة سريعا و قال له إنّني أريد أن أناقش معك قضايا الدين يوما ما، فردّ صهيب قائلا " تعرف أين تجدني "، في إشارة إلى مقصف الجامعة الذي كان يجلس فيه مع رفاقه اليساريّين لاحتساء القهوة و السجائر كلّ صباح. قال هذا الكلام و أكمل صهيب طريقه و الرجل لمّا يزل واقفا.
-
22/06/2018 08:47 PM #3
مع أنّ صهيبا هذا كان أميل إلى الرجل النحيف منه إلى الممتلئ، و مع أنّه كثيرا ما تعرّض للضرب على يدّ متصنّعي الورع حينما يكون وحيدا و يكونون في جماعات، إلّا أنّه كان شديد التحدّي، يمتلك نظرات حادّة، تتغزّل بها حبيبته فتقول عن النظرات إنّها تذكّرها بستالين، و هذا مديح عالٍ في أوساط اليساريّين الذي قرأوا الماركسيّة بالفرنسيّة. إضافة إلى هذا، و على الرغم من كونه إنسانا طيّبا أقرب إلى براءة الطفل في داخله، إلّا أنّه لا يظهر الرحمة تجاه أعدائه، يقترح أسوء العقابات ردّا على هجمات الفصائل المضادّة. صهيب، المليئ بالندوب و الخدوش، ذو العيون النعسانة دوما، و النبرة العربيّه؛ التي لا مثيل لها في الحرم، كان مزيجا نادرا من العنف و الرومنسيّة، من العلم و الجهالة، من الرقيّ و السفالة.
-
22/06/2018 08:53 PM #4
كان صهيبٌ هذا يزعم بأنّه توصّل إلى نظريّة تحلّ كلّ الإشكالات الفلسفيّة في العالم، و كان دائما يحدّث رفاقه عن كيف أنّه توصّل بشكل مستقلّ تماما، بإعمال العقل المستقلّ الخالص، إلى هذه النظريّة العظيمة. بالنسبة لأصدقائه، لم يكن صهيبٌ يمازحهم إطلاقا، فهم يعرفون جيّدا أنّه أكبر سلطة فكريّة في الحزب، و الشاب الوحيد الذي قرأ النسخة الكاملة من "رأس المال" لكارل ماركس، هذا إضافة إلى كونه طالبا مجدّا في السنوات الأخيرة من من سلك الدوكتوراه في الفلسفة. و ذو علاقات محترمة مع أساتذة و مفكّرين ذوي مكانة مرموقة على المستوى الوطنيّ في بلاد الرمال.
-
22/06/2018 08:56 PM #5
يتبعْ...
-
.
.
سأتابع لنقرأ عما يجول في ذهن صهيب هذا
قلم راقي لراوي جميل على الساحة
-
22/06/2018 11:57 PM #7عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 04/05/2014
- الجنس
- أنثى
- المشاركات
- 969
بإنتظار الأجزاء الجديدة
-
23/06/2018 04:51 PM #8
في أحد الصباحات، كان صهيب يتمشّى مسرعا على الطريق الفاصلة بين الكليات، في طريقه نحو كليّة الفلسفة و هي الأبعد بين الكليات الأربع، بعيدا عند الجبل الصخريّ المطلّ على باقي المدينة. و بينما هو يتمشّى على الرصيف المحاذي لكلية العلوم الاجتماعيّة وهي في أقصى درجات فراغها من المارّة، مباشرة بعد انصراف جميع الطلبة إلى المدرّجات، سمع بكاء فتاة ينبعث من داخل كلّية العلوم الاجتماعيّة، كان الصوت مسموعا، ساهم في ذلك فراغ المكان من المارّة إلا قلّة هنا و هناك. استغرب صهيب من هذا الصوت، و مع أنّه كان متأخّرا على الحصّة بدقائق قليلة ذاك اليوم، و هو أمر لا يستسيغه صهيبٌ الشابُّ الدقيق، إلّا أنّه قرّر العودة إلى الوراء بضعة أمتار من أجل الدخول إلى الكليّة من بابها و استكشاف مصدر الصوت. ما إن دخل صهيبٌ من باب الكليّة حتى بدى له شابّ أسمر طويل ذو ملامح قاسيّة يمسك شعر فتاة قصيرة و يلفّه على يده، كانت الشابّة تبكي مقوّسة الظَهر، تحاول أن تقترب من يد الشابّ حتّى تتجنّب الألم الناتج عن سحب رأسها بعيدا عند المكان العالق فيه شعرُها، بالمقابل، كان الشابّ الأسمرُ يخفض يده عمدا نحو الأرض و شعرُها الأسود الطويل ملفوف ثلاث مرّت على راحة يده، هذا إمعانا في تعذيبا و إذلالها. كلّما حرّك الشاب يده، كانت الشابّة تحرّك رأسها بالموازاة حتّى تحافظ على أقصر مسافة ممكنة بين رأسها و يد الشابّ حيث ينعقد شعرها، فتضمنَ بذلك ارتخاء شعرها و تجنّبا للألم. تقدّم صهيبٌ في خطوات حازمة و سريعة تجاه الشابّ، مرّ بجانب ثلاث فتيات ينظرن باحتجاج إلى هذا الاستعراض الغريب، سمعهنّ يتهامسن في انزعاج ممزوجٍ بخوف " ليس من حقّه أن يعاملها بتلك الطريقة"، هذا كلُّ ما سمعه صهيب، اقترب إلى الشابّ، الذي كان أطول من صهيب و ذا ملامح أكثر قسوة، لا تعبّر عن شيء إلّا الجلافة. قبل ثلاثة أمتار من وصوله إلى الشابّ، أراد صهيب أن يجسّ نبض الشابّ و يعرف طبيعة ردّه الممكن، فنهرهُ صهيبٌ قائلا " " توقّف الآن!" بصوت حازم و نبرة عميقة، هذا دون أن يتوقّف عن التقدّم نحو الأسمرانيّ، نظر الشاب الأسمرانيّ بقليل من الخوف و الاهتمام، فوصل صهيبٌ و وضع يدهُ على يد ذراع الشابّ و ضغط بقوّة و قال له " أفلت يدك من شعر الفتاة الآن! " ، أحسّت الفتاة ببارقة أمل، إذْ من يدري كم الناس الناس مرّوا عليها و هي في تلك الحالة المذلّة، حتّى يئست الفتاة كليّا من إمكان قدوم من ينقذها. سارعت الفتاة نحو تعزيز موقف صهيب و قالت " أرجوك أخي ساعدني، و الله إنّني لا أعرف هذا الشابّ " رافعة صوتها و باكيّة في الوقت نفسِه. أمّا الشابّ الأسمرانيّ، فما كان ردّه إلّا أنْ ...
يُتبع....
-
23/06/2018 09:31 PM #9
شكرا للزميلتين "بنت الراشد" و " ادعوا لي بالجنّة" على الاهتمام.
-
23/06/2018 10:53 PM #10مشرفة سبلة الفكر والحوار الثقافي
- تاريخ الانضمام
- 22/10/2016
- الجنس
- أنثى
- المشاركات
- 5,741
- مشاركات المدونة
- 14
فما كان رده إلا أن ...
أكمل حُباً بالله !
هيا هيا نحن بالقرب جميعاً
-
23/06/2018 11:13 PM #11
كمست، عزيزتي، لبّث قليلا يلحقِ الهيجا حملْ!
-
23/06/2018 11:35 PM #12عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 04/05/2014
- الجنس
- أنثى
- المشاركات
- 969
فكرته أخوها ..! بس قالت ما تعرف من ؟!
في انتظار باقي الأجزاء
-
24/06/2018 03:04 PM #13
أمّا الشابّ الأسمرانيّ، فنظر إلى صهيب في لامبالاة كبيرة و قال له " تأمّل وجهي جيّدا، لقد أرسلت إلي شبابا نفخوا وجهي ضربا "، نظر صهيبٌ إلى وجه الشاب و لاحظ أنّ عينه اليسرى منفوخة، مع خدوش متوسّطة على أحد جانبي وجهه، صدّقه صهيبٌ مباشرة، كان من الواضح أن الشابّ صادق في كلامه، لا أدلّ على ذلك لامبالاته الشديدة لما سيحدث له، كان واضحا أنّه قد عاد للانتقام حتّى و إن انتهى به الأمر في مخفر للشرطة أو وسط محاكمة شعبيّة من طلبة الجامعة، و هذا ما عبّر عنه صراحة حينما قال بلهجته البدويّة الملحوظة " إلّي في جهدك عملوا، أحضر رفاقك و اضربوني، فأنا لن أتزحزح قبل الانتقام منها ".
لوهلة أحسّ صهيب بالشفقة تجاه الشابّ الأسمرانيّ، خاصّة و أنّ صهيبا كان لا يميل إلى تصديق من يكثر من القسم و الحلف دون سبب، و هذا ما فعلته الفتاة بالضبط، عملا بمبدإ كاد المريب أن يقول خذوني، بدأت الفتاة تقسم بأنّها لا تعرف الشابّ حتّى قبل أن يسألها صهيب عن علاقتها معه. غير أن صهيبا كان يعرف أنّه إذا أظهر اللين مع الشاب فإنّه سيرتاح أكثر لوضعه و يستمرّ لمدّة أطول، بالنسبة لصهيب، كان الحرم الجامعيّ أقدس من دور العبادة، و لا يُسمح لأحد هذا النوع من البهرجة في هذا الحرم تحت أيّ ذريعة إنسانيّة أو أخلاقيّة، و لطالما طرد في سبيل ذلك الشحّاذين الذين يتّخذون من أبواب الجامعة أماكن للتسوّل، دون باقي المدينة.
كان الطلبة قد تشجّعوا و بدأوا بالتجمّع حول الشابّ مظهرين بعض الاحتجاج، بعد أن كسر صهيب حاجز الخوف، و هذا ما أضعف موقف الشابّ أكثر. ضغط صهيبٌ على ذراع الشاب بقوّة؛ و قال له بحزم " لا تهمّني طبيعة علاقتكما، تستطيع أن تصفي حسابك مع الفتاة في مكان آخر، لكن ليس هنا في الحرم الجامعيّ "، هنا كان الشاب قد بدأ يفقد التركيز، فأرخى قبضته على شعر الفتاة، فسحبت الفتاة شعرها سريعا و انسلّت من بين الجمهور الذي قارب العشرة طلبة، أغلبهم من الفتيات، دون أن يلاحظ الشابّ المرتبك. أكمل صهيبٌ كلامه قائلا " من الممكن أن تكون محقّا، لكنّك لا تستطيع معاملتها هنا بهذه الطريقة "، فجأة التفت الشاب يبحث عن الفتاة فلم يجدها، و قال " أين هي الساقطة؟ ...." لمحها تخرج من باب الكليّة على بعد أكثر من خمسين مترا، فأردف " ها، هي هناك " فتبعها نحو الخارج مسرعا. اطمأنّ صهيبٌ أنّ الفتاة ستركب سيّارة الأجرة قبل أن يلحقها الشابّ، ما يعني أنّ المشكل قدّ حل، يعني مشكل هتك حرمة الجامعة، لا المشكل الشخصيّ للشابّين، و هو لا أمر يعنيه، حتّى و إن كان أميل إلى موقف الأسمرانيّ الصادق.
-
.
اتابع بصمت للنهاية
مواضيع مشابهه
-
رجلُ الكبريت
بواسطة جرح الشموخ في القسم: سبلة الشعر والأدبالردود: 20آخر مشاركة: 25/05/2013, 11:06 PM -
ستيف جوبز: قصة رجلٍ ألهم العالم ورحل وهو في قمة نجاحه !! هل هذه نهااية ابداعات شركة Apple ??
بواسطة Ja3far في القسم: السبلة العامةالردود: 13آخر مشاركة: 12/10/2011, 11:58 PM -
ستيف جوبز : قصة رجلٍ ألهم العالم واستقال وهو في قمة نجاحه !
بواسطة BlackDisk في القسم: سبلة أخبار التقنيةالردود: 9آخر مشاركة: 04/09/2011, 02:39 AM -
يوميات هــدى الجـهـوري ْْ|| حكايات كامبريدج..عين لندن..ملعب مانشستر || ْْ يوميات هــدى الجـهـوري
بواسطة فهد الزهيمي في القسم: سبلة الفكر والحوار الثقافيالردود: 15آخر مشاركة: 02/02/2011, 05:25 PM