1-Click Setup for WordPress, Drupal & Joomla!
أخبار السبلة الدينية
 
الصفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
رؤية النتائج 1 إلى 30 من 73
  1. #1
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    إشارة كتاب نداء الحق لسماحة الشيخ أحمد الخليلي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا
    نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن
    قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ


    /كتاب/
    نداء الحق
    إلَى كُل مَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ
    أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ

    /تأليف/
    سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي
    المفتي العام لسلطنة عمان


    ******
    سأنقل لكم محاور الكتاب وسأقسم المحاور في عدة مواضيع
    ليكون سهلا لمن يريد المتابعة والاستفادة
    ********
    اللهم أعنا على فعل الخير واجعلنا ممن يتسابقون على فعله
    اللهم استعملنا لطاعتك وسخرنا لفعل كل ما يقربنا اليك واجعل
    لنا بصمة خير في هذه الدنيا.

    آخر تحرير بواسطة أشرقت نفسي : 13/03/2018 الساعة 01:53 PM
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  2. #2
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    مقدمة الكتاب
    الحمد الله الذي أمر ونهى، بيده الأمر كله وإليه الحكم جميعا وأشــهد أن لا إله إلا االله خلق فسوى وقدر فهدى، وأشهد أن محمد عبده ورسوله دعا إلى االله على بصيرة، وكان أسوة في كل خير، وإماما في كل رشد صلى االله وسلم عليه وعلى آله وصحبه الهداة المهتدين، وعلى تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:
    فإن العادات عندما تسري في حياة الناس يتغلغل أثرها في نفوسهم حتى تصبح كأنما جبلت عليها، فيصعب اقتلاعهــا منها كما يصعب اقتلاع الأطواد الشم الرواسخ من الأرض، ولهذا يلقى المصلحون عنتا شديدا عندما يواجهون في مشروعهم الإصلاحي عادات متحكمة تنجذب إليها النفوس وتتفاعل معها الرغبات، وكم من عادة تتفشــى في الناس فتمتد من مجتمع إلى مجتمع من غير أن تستنكف منها النفوس أو يعترضها معارضون

    ومن العجيب سريان هذه العادات في الخاصة والعامة، وبين أولي العلم والجهلة، فلا تلقى استنكارا ولا تجد تحديا، وهذا إنما يعود إلى قابلية النفوس لتلقي كل جديد يســتهويها، إما لما تجــد فيه من التخلص من المســؤولية وتبعاتها، وإما لما تتصور فيه من راحة بسبب بعدها عن الالتزام.
    يتبع,,
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  3. #3
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    وما من ريب أن دأب النفوس الميل إلى الأدنى والانجذاب نحو الأسوأ، والتأفف من التكاليف التي تراها شاقة عليها ومقيدة لحريتها.

    ودأب النفوس السوء من حيث طبعها ***إذا لــم يصنـهــا للبصائــر نــور

    ولا يخفى أن الهدم أيســر من البنــاء، والتدمير أهون مــن التعمير، فكم يستوجب البناء والتعمير من تخطيط وإتقان واحتراس، ولا يتصور أن يتيسرا بعشوائية وتخبط، بخلاف النقض والتدمير، فإنهما لا يحتاجان إلى تخطيط ولا إلى إتقان، وهكذا كل فساد يســري في نفوس الناس، وفي أخلاقهم وعملهم بســرعة مذهلة، فينتقل من بيئة إلى أخرى، ومن مجتمع إلى غيره بغير عناء ومشقة، بخلاف الإصلاح؛ لأنه يتوقف أولا على الاستبصار من قبل القائم به وإلى تبصيره لمن يدعوهم إليه، كما يتوقف النجاح فيه على تحلي الداعية إليه بالصبر والأناة والحكمة، وبالنظر إلى المدعوين إليه وأحوالهم واســتعدادهم النفسي والذهني لتقبله، وهذا يعني أنهم بحاجة إلى أن يُعِرفوا بقيمة الإصلاح ونفعه والضرورة إليه وأثره الشــخصي والاجتماعي، ويُبيَنًنَ لهم بهذا ما ينجم عن الإفساد من الضرر الخاص والعام.


    وكم نرى من بين أيدينا ومــن خلفنا وعن أيماننا وعن شــمائلنا من عادات تنتشر بين الناس؛ لعلها تبدأ بين الجهلة الســذج ولكن لا تلبث أن تشمل الذين يعدون من بين أهل العلم، ويعتمد عليهم في تبصير الناس بأمور دينهم، وهذا إنما يعود إما إلى ما ذكرته من انجذاب النفوس نحو تلك العادات لسبب أو لآخر، وإما أن يكون راجعا إلى الغفلة عن حواجز الشرع التي تمنع من الاندفاع نحوها.

    يتبع’’
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  4. #4
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    وبسبب ما نراه من هذه العادات وانتشارها وتقبل الناس لها وغفلتهم عما يتبعها من آثارها رأيت من الضرورة التنبيه عليهــا قياما بالحق الذي فرضه االله تعالى علينا فيما أخذه منــا من عهد وميثــاق، وإن كان ما نقوم به لا يعدو أن يكون تنبيها بالأقل على الأكثر إذ استقصاء هذه العادات يحتاج إلى جهد كبير وفراغ واسع، لذلك رأيت أن أكتفي بذكر نماذج وصور منها، وأكل استكشاف أكثرها وتتبع وجوهها إلى الذين هم ُ أكثر فراغا وأوسع اقتدارا وأيسر فُرَصَا، لعل االله يحقق علــى أيديهم ما لم يتحقق علــى يدي، فتطلع على أيديهم شــمس الصحوة التي تبخر بوهجها ما يختلف مع شــرع االله تعالى من عادات الناس، وقد رجوت ـ بما أقدمه هنا من جهد المقل ـ أن أكون بفضل االله ومنته من الذين استثناهم االله سبحانه من الخسر، وهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر، واالله المستعان.


    وقد رأيت أن أقتصر في هذه الفرصة الســانحة على ذكر أقســام من هذه العادات في أربعة عشر محورا وخاتمة
    المحور الأول: فيما يتعلق بالإيمان باالله وتصريفه الخلق
    المحور الثاني: فيما يتعلق بتعظيم كتاب االله وتوقير العلم
    المحور الثالث: فيما يتعلق بحسن أداء العبادات المشروعة.
    المحور الرابع: في طلب العلم ونشره.
    المحور الخامس: في العلاقات الاجتماعية وبناء الأسرة الصالحة.
    المحور السادس: فيما يتعلق بالعقل.
    المحور السابع: في السكوت عن المنكرات
    المحور الثامن: فيما يتعلق بالأموال
    المحور التاسع: فيما يتعلق باللباس
    المحور العاشر: فيما يتعلق بالتقاليد
    المحور الحادي عشر: فيما يتعلق بالبيان.
    المحور الثاني عشر: فيما يتعلق بالأخلاق.
    المحور الثالث عشر: فيما يتعلق بتربية الأولاد
    المحور الرابع عشر: فيما يتعلق بالتوبة والوصية
    الخاتمة: في تحصيل ما تقدم ذكره.
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  5. #5
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    نلتقي بالغد مع المحور الاول بمشيئة الرحمن
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  6. #6
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    المحور الأول:
    فيما يتعلق بالإيمان باالله وتصريفه الخلق
    إن الفطرة السلمية هادية إلى االله، فالعاقل يفتح عينيه على وجوده، ووجود كل مخلوق في هذا الكون الفسيح، فيرى بعين بصيرته يد االله تعالى تصرف كل شيء في هذا الكون، نشرا وطيا، رفعا وخفضا، عطاء ومنعا، وجاءت شرائع االله تعالى وفق دلائل الفطرة، مصدقة لها فيما تشــهد به، ناهيــك بما في القرآن الكريم ـ كتاب االله تعالى الذي حفظه بعينه، ووقاه كل تحريف وتبديل ـ فكم تجد في تضاعيف آياته وإشراق بيناته ما يرد العقول الزائغة إلى الفطرة السوية، فيبدد عنها أغشــية الضلال التي حجبتها عن إدراك الحقيقة عندما مالت عن فطرتها، فكم من آية في كتاب االله تؤكد أن كل ما يصيب الإنسان من صحة أو ســقم، أو غنى أو فقر، أو راحة أو تعب، أو سعد أو نحس، أو إقبال أو إدبار، وكل ما يعتريه من موت أو حياة، أو قــوة أو ضعف، فإنما ذلك كله مرده إلى أمر االله ، فهو الذين يهب من يشاء، ويحرم من يشاء، ﴿ لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ۖ وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾


    ولم يكن ما قدره االله له من خير أن يخطئه، أو كتبه عليه من شر أن يجنبه، فالخير والشــر والنفع والضر كل ذلك بقضاء االله وقدره، ﴿ وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ ، ﴿ وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ ، وقد وجه االله عباده إلى اعتقاد وإعلان أن كل مصيبة تلم بهم، فإنما هي بحسب ما كتبه االله تعالى، كما في قولــه: ﴿ قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾،وأن كل عطاء أو حرمان فإنما هو بأمر االله تعالــى، ﴿ مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.
    يتبع’’’

    آخر تحرير بواسطة أشرقت نفسي : 14/03/2018 الساعة 01:38 PM
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  7. #7
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    وجاءت ســنة النبي صل الله عليه وسلم مؤكدة ما توحيه الفطر الزكية، وتدل عليه العقول السليمة، وتصدقه نصوص الكتاب العزيز، فقد وجه النبي صل الله عليه وسلم خطابه التربوي العظيم إلى ابن عمه حبر الأمة وترجمان القرآن عبد االله بن عباس رضي الله عنه ، عندما كان غلاما يافعا، فقال له: يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ االله يحفظك احفظ االله تجده تجاهك، إذا سألت فاســأل االله، وإذا استعنت فاستعن باالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه االله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه االله عليك، . رفعت الأقلام وجفت الصحف»


    وجاء بلفظ: يا غلام، أو يا غليــم، ألا أعلمك كلمات ينفعك االله بهن؟» فقلت: بلى. فقال: احفظ االله يحفظك، احفظ االله تجده أمامك، تعرف إليه في الرخاء، يعرفك في الشدة، وإذا سألت، فاسأل االله، وإذا استعنت، فاستعن باالله، قد جف القلم بما هو كائن، فلو أن الخلق كلهم جميعا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يكتبه االله عليك، لم يقدروا عليه، وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يكتبه االله عليك، لم يقدروا عليــه، واعلم أن في الصبر على ما تكــره خيرا كثيرا، وأن . النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا»
    يتبع,,,
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  8. #8
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    وهو يؤكد أن النبي صل الله عليه وسلم كان حريصا على أن يربي  هذه الأمة وفق هذا السَنن الذي ينسجم مع الفطرة، ويلتئم مع هداية القرآن، وبهذا كان يطهر عقولهم من كل لوثة من لوثات العقائد الجاهلية، التي رســخت في أتباعها أن االله سبحانه ُ َ زاحم في خلقه وأمره من قبل شــركاء يزعمونهم، وكم جــاء القرآن الكريم م بقوارع نذره، وصوادع حججه وبراهينه، ودوامغ آياته البينات ليخلص الإنسانية التعيســة الحائرة من هذه الأوهام، التي حالت بينها وبين إصاخة سمعها إلى نداء الفطرة، الذي يجلجل في جنبات الوجود، وغشــت أبصارها بأغشية أن تستهدي بأنوار العقل الكاشفة لهذه الحقائق من وراء حجب الأوهام، فقد أقام القرآن على الذيــن زاغت عقولهم بينــات لا تدفع ـ من أنفســهم، ومن كل ما يزخر به الوجود من عجائب خلق االله ـ على أن كل شــيء بيد االله، وما كان لأحد من خلق االله تعالى أن يتطاول عليه ســبحانه، فيرد له قضاء، أو يبدل له سنة، أو يدفع له حكما.

    يتبع,,
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  9. #9
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    وهو عندما يحاورهم في ذلــك يدفعهم إلى التأمل والنظــر في تصاريف الوجود وسنن الخلق، وقد عجبهم من دعاء غيره تعالى لكشف ضر أو تحقيق نفع، كما في قوله سبحانه: ﴿ قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ، فكيف يترك الإنسان التوجه إلى الله في ملماته، ويتوجه إلى مخلوق مثله لا ينفع ولا يضر، بل لا يستطيع أن يجلب لنفسه نفعا أو يدفع ̈، فضلا عن أن يفعل ذلــك لغيره؟! ومثله قولــه تعالى: ﴿ قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ ۚ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا ۚ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ ۗ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ ۚ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ ،فإذا كانت الربوبية الله سبحانه وتعالى وحده؛ وحده؛ فمن الذي يزاحم قضاء االله بقضائه، أو يعاكس أمره بأمره،أو يدفع حكمه بحكمه، أو يصرف عن أحد ما كتبه لــه أو عليه، أو يجلب إليه ما منعه منــه؟! وإنما العقول إذا زاغــت، والبصائر إذا أظلمــت، خفيت عليها البدائه، والتبســت عليها الحقائق، كما يجادل أعمى البصر في إشراق الشمس برابعة النهار، وهي لا يحجبها سحاب ولا قتر.

    وقد تكررت مجادلة القرآن الكريم لهــؤلاء الذين عطلوا كل ما آتاهم االله تعالى من إدراك وأطفأوا كل ما أناره لهم من بصيرة كما في قوله تعالى: ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ ، واحتج عليهم بسؤالهم عما عسى أن يكون أولئك الذين يدعونهم من دونه تعالى يملكونه في ملكوت االله تعالى الواسع، أو يشــاركونه فيه كما في قوله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِير ﴾ ،وقوله﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَىٰ بَيِّنَتٍ مِّنْهُ ۚ بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا ﴾،وأتبعه بأن حفظ هذا الكون علويه وسفليه إنما هو إلى االله وحده، فلو تخلى عنه في أقل مــن لحظة لهوى إلى غير قرار، وذلــك في قوله: ﴿نَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا ۚ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾.

    آخر تحرير بواسطة أشرقت نفسي : 15/03/2018 الساعة 07:01 AM
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  10. #10
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    ومثل ذلك في قوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ۖ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَٰذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾، وأتبعه تسجيل الضلال المبين على أولئك الذين يؤمنون غير االله تعالى بدعائهم! وهم لا يســتجيبون لهم بشيء إلى يوم القيامة، بل لا يســمعون لهم دعاء ولا يدركون لهم مطلبا، فقد أتبع ما سبق
    قوله: ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ﴾ ،فقد يدعون أوثانا منحوتة من الصخر، أو مصنوعة من الخشب، وقد يدعون بشرا هم أنفســهم أحوج إلى عناية االله ولطفه، وقد يكونون أمواتا طواهم الزمن، وأبلتهم الأرض، فأنى لهم أن يسمعوا لهم دعاء فيكشفوا عنهم ضرا أو يجلبوا لهم نفعا؟! ثم أتبعه أن أولئك عندما يحشرون يوم القيامة يتبرأون إلى االله سبحانه من هؤلاء الذين دعوهم من دونه، فيكونون لهم أعداء، وقد تخيلوهم في حياتهم الدنيا أولياء! إذ قال بعد ذلك: ﴿ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ ﴾
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  11. #11
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    العجب كيف انحدرت هذه الأمة مع ما أوتيت إلى حضيض الجاهلية:
    إن الإنسان ليمتلكه العجب عندما يقارن بين ما أتى هذه الأمة من عند االله تعالى من الآيات البينــات؛ التي تفتح منهم المدارك، وتنــور منهم البصائر، وتشرح منهم الصدور للحق، وما رباها عليه رسول االله صل الله عليه وسلم من التربية الإيمانية، التي ارتقت بها عن حضيض الجاهلية، وعرجت بها إلى ملكوت االله الأعلى، وبين ما آلت إليه الأمة من ضلال العقول وانطماس البصائر، والارتكاس في هوة الجاهلية الأولى، والانغماس في أوحالها، فكم يرى الناظر من بون سحيق بين ما أوتيت هذه الأمــة من الهدى والنور، وبيــن ما تعيش فيه من الضلال والظلام، فإذا كان االله تعالى يَقرع بني إسرائيل على إهمالهم التوراة، ويضرب فيهم أسوأ الأمثال عندما يقول: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ ،فإن الأمة التي أوتيت القرآن ثم أهملته وضيعته هي أولى بهذا المثل، وما يشــاكله من أمثال، ناهيك أن االله ســبحانه حفظ لهذه الأمة قرآنها، فهو في كل زمان تبزغ شمسه، ويســطع ضياؤه، وينتشر هداه، فكيف تعمى أمة القرآن عن هذا كله وهي تتلوه ويتلى عليها غضا طريا كما أنزله االله

    على قلب عبده ورسوله صل الله لعيه وسلم ، مصونا محفوظا من أن تعدو عليه عوادي الدهر، أو تغير شيئا من رســمه حوادث الزمن، فكيف لا تتدبره فتميز به بين الهدى والضلال، والحق والباطل، والإيمان والإلحاد، ﴿ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ .
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  12. #12
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    فليت شعري؛ هل على شيء من الآيات التي سقتها غيم أو قتر يحجب ُس شــيئا منها؟ وكم ترى في أحوال الأمة ِ َ ْلب دلالتها على تلك المعاني، أو ي وتصرفاتها ممــا يناقض القرآن وينأى بها عن هديــه، لا في جزئيات الأمور وحدها، بل في كليات العقيدة وأسس الإيمان، أولا تعجب كيف أنهم نسوا االله ســبحانه فقصدوا غيره بالأمل والرجاء والتضرع والدعاء، كأنما أغلقت أبوابه دونهم، أو حجبوا عن عطائه وآلائه، أولا ينظرون إلى ما يســاق إليهم َ أتاهم ذلك من رزق، وما يكتنفهم من ألطاف، وما يغشــاهم من رحمات، أو من غيره تعالى، فكم كشــف عنهم من ضــر، وكم أغدق عليهــم من نفع لا يملك منه الخلق شــروى نقيــر، فكيف ينســونه ويذكــرون غيره ممن لا يملكون ضرا ولا نفعا، ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا؟؟!.
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  13. #13
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    ضلال دعاء الجن من دون الله
    كثير من أولئك تستبد بهم الأوهام، حتى يتسارعوا عند كل ملمة أو رجاء إلى دعاء الجن، والتقرب إليهم بالقرابين، مــع أن االله تعالى حكى عن الجن أنفســهم أنهم قالوا عندما أدركتهم عناية االله فآمنوا، واتبعوا الحق الذي أنزل: ﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴾،وكــم تفنن الجهال في ابتكار أنواع الضلال في هذا، فقد أدركنــا من الذين غرقوا في الجهــل والعمى إلى أذقانهم مــن يذهب ببخوره إلى الخرابــات أو غيرها ليشكو إلى الجن ما أصابه، ويعرض عليهم أن يمنحوه الخير ويكشفوا عنه الضر، استجابة لدعائه، وتقديرا لوســيلته، وأنه إن كان السخط من قبل غير هؤلاء المدعوين، فهم يطالبونهم أن ينقلوا هذه الوسيلة إلى أولئك الساخطين ليرفعوا عنهم الضر؟!.

    فليت شــعري؛ أولا يدرك هؤلاء أن الجن أنفسهم لا يعلمون الغيب، ولا يملكون ذرة من أمر هذا الكون، فأنى لهم أن يسمعوا دعاء أو يدفعوا ضرا، أو يجلبوا نفعا، وأن هذا الدعاء نفسه لن ينتج عنه إلا زيادة الرهق الذي يأتي من قبل الجن، كما حكى االله عنهم؟؟!.

    فيا ترى؛ هل يعد من تردى في هذا الحضيض من الضلال من الإيمان في شيء؟ فإن الإيمان تصديق وطمأنينة وسكينة، فهو لا يتزعزع بما يلم بالمؤمن من زعازع القدر، وإنما يدفعه ذلك إلى التوجه إلى االله الذي بيده كل شــيء، ومحاسبة النفس وردها إلى جادة الحق إن زاغت، فالمحن والمنح تزيد المؤمن إيمانا وتصقل مرآة قلبه، فيشــرق عليها من أنواره القدســية ما يزكيه، ويقوي صلته باالله عزو جل,
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  14. #14
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    توهم أن كل ما يصيب الإنسان إنما هو بسبب من الخلق
    إن مما يزعزع الإيمان وينقض أسس اليقين؛ أن يعتقد الإنسان أنه لن يصيبه شيء مما يكدر صفو عيشه إلا بسبب من الخلق، فيرد كل سقم يلم به أو بلوى تصيبه أو محنة يكابدها إما إلى ســحر ساحر، أو حسد حاســد، أو سطو من الجن، حتى الأمراض المعهودة كالحمى وأوجاع المفاصل والرأس والأسنان، بل جميع الأوجاع التي تلحق الأبدان لا يتصورونها أنها تكون إلا بســبب من هذه الأسباب، كأنما الدنيا هي جنة الخلد التي لا يعتري الإنسان فيها نصب ولا لغوب، فلا يكاد من أصيب بهذه اللوثــة يصدق أن هذا هو ابتلاء من االله، وهو من طبيعة هذه الحياة، فقد ابتلي النبيون من قبل بالأمراض والأسقام والبلاوى، وما كانوا يعلقون أملهم في كشف الضر عنهم إلا على االله وحده، كما حكى االله تعالى عن الخليل إبراهيم عليه السلام قوله: ﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ ،ومن هو الذي يعيش حياته سليما مما ينغصها عليه من الأسقام والأوجاع والبلاوى؟ مع أن الكدر هو جبلة هذه الحياة كما قال الشاعر:

    طُبعتْ على كدر وأنت تريدها ***** صفواً من الأقذار والأكدار
    ومُكلّفُ الأيام ضد طباعها ***** مُتطلبٌ في الماء جذوة نار
    وإذا رجوت المستحيل فإنما ***** تبني الرجاء على شفيرٍ هار

    على أن محن الحياة لا تلبث أن تتحول إلى منح عندما تقابل بالصبر والرضا والتسليم لأمر الله، عن عائشة رضي الله عنها ،أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: ، قال "ما من مصيبة يصاب بها المسلم، إلا كفر بها عنه حتى الشوكة يشاكها" وعنها" ما يصيب المؤمن يكفر الله عنه من سيئاته حتى الشوكة تشوكه "، وعنها أيضا "لا يصيب العبد المؤمن حتى الشوكة يشاكها والنكبة ينكبها أو شدة الكظم حيث يوجد به إلا كفر الله به عنه"، وعن أبي سعيد، وأبي هريرة أنهما سمعا رسول الله صل الله عليه وسلم ، يقول :"ما يصيب المؤمن من وصب، ولا من نصب ،ولا سقم، ولا حزن حتى الهم يهمه، إلا كفر به من سيئاته"
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  15. #15
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    وتجد الناس يتصورون أن الحياة الدنيا خالية من المنغصات، وأن الإنسان فيها يتمتع بكامل قواه البدنية والذهنية في جميع مراحل عمره، من غير أن يطرأ عليه ضعف بعد قوة، فتجد أحدهم قد بلغ من العمر ثمانين عاما أو تسعين عاما يشكو من ضعف سمعه أو بصره أو جوارحه ويعزو ذلك إلى سحر ساحر، أو حسد حاسد، متجاهلا أن الحياة تبدأ بضعف، وتنتهي إلى ضعف إذ أنسئ للإنسان في أجله، فقد قال تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ﴾ ،فكيف يرجو ابن لتسعين أن يكون كما كان في شبابه عندما كان ابن عشرين أو ابن ثلاثين،
    وإنما هي الأوهام تدع الإنسان يتجاهل سنن الحياة، التي تدل عليها الطبيعة، وينص عليها الوحي، مع أن الإنسان عندما يتجاوز سني القوة في عمره، ويبدأ في الانتكاس إن حاول معالجة أسقامه فلا يعدو ذلك أن يكون كترميم البيت
    المتداعي، وإلا فخير علاج له رضاه بقضاء الله وقدره، واحتساب أجره على ما يلقاه من عنت ومشقة عند الله، إذ لا يكون تأثير العلاج عليه في شيخوخته كما كان إبان شبابه وقوته، وقد أحسن من قال:
    إِذا كانَتِ السَبعونَ أمكَ لَم يَكُن***لدِائِكَ إِلّا أَن تَموتَ طَبيبُ
    وَإِنِ اِمرَءاً قَد سارَ سَبعينَ حِجًةً***إِلى مَنهَلٍ مِن وردِهِ لَقَريبُ
    إِذا ما اِنقَضى القَرنُ الذي أَنتَ مِنهُم***وَخُلفتَ في قَرنٍ فَأَنتَ غَريبُ


    وهذا لا ينافي أن يأخذ الإنسان بالأسباب، ويسعى في علاج أسقامه وأمراضه ما دام حيا،، عملا بوصية النبي صل الله لعيه وسلم الذي قال:" إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيْثُ خَلَقَ الدَّاءَ خَلَقَ الدَّوَاءَ فَتَدَاوَوْا"، وعنه صل الله عليه وسلم : " ما أنزل الله من داء إلا وقد أنزل معه شفاء علمه من علمه وجهله من جهله "،وعنه صل الله عليه وسلم: ما وضع الله من" داء في الأرض إلا وقد جعل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله".فلا عتب على من تداوى مما ألم به بما جعل الله من دواء للأسقام، وإنما العتب على من ترك العلاج بما جعله الله سببا للشفاء، وعدل إلى العلاج بما يزيد الأسقام قوة ورسوخا عندما يصدق الأوهام فترسخ في نفسه حتى تصبح نفسها داء يستعصي على العلاج، ولا يجد المصاب به إلى الشفاء سبيلا، فعندما ترسخ هذه المفاهيم الباطلة والأفكار الزائغة تروج تجارة الدجالين والمشعوذين، الذين لا يألون جهدا في إضلال العقول، وطمس البصائر، وترك الناس يعيشون في أوهام لا يجدون إلى الخلاص منها سبيلا، فلا يكاد يأتيهم مستشف من أمراضه إلا ويضاعفون من مرضه بدعواهم أنه أصيب بسحر ساحر، أو حسد حاسد، فيتعمق الوهم في نفسه، ولا يبالي أن يخسر ماله للدجاليين المشعوذين، الذين يعيشون على ما يأخذونه بالباطل من أموال ذوي الأوهام، الذين فقدوا الإيمان فتجاهلوا سنة الله في خلقه.
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  16. #16
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    ولا تسأل عن حال هؤلاء عندما يصاب لهم مولود بشيء من الأسقام ،فإنهم لا يكادون يصدقون أن هذه سنة من سنن الحياة، وأن كل إنسان منذ ولادته يستقبل الحياة بحلوها ومرها وسعدها ونحسها، كما صور بعض الشعراء ما يواجه كل مولود من نذر لأواء الحياة ساعة ولادته، فيصرخ باكيا من أول وهلة بقوله:

    لِمَا تُؤذن الدنيا به من صروفها ***يكون بكاء الطفل ساعة يولد
    وإلا فما يبكيه منها وإنها ***وماليَ إلاَّ كفُّها مُتَوَسَّدُ
    اذا ابصر الدنيا استهل كأنه*** بما سوف يلقى من أذاها يُهَدَّدُ

    فإن هؤلاء لحرمانهم من العقل الهادي، وبعدهم عن الإيمان بالله وقدره، وجهلهم بسنته في الحياة، لا يكادون يصدقون أن ما يصاب به الأطفال إنما هو ابتلاء من الله تعالى لآبائهم وأمهاتهم، وإنما يستبد بهم الجزع، فيهرعون إلى الدجالين، طالبين منهم كشف الضر عن أطفالهم، وينسون الله تعالى فلا يدعونه لكشف الضر، كما ينسون سنته في الحياة في وصل المسببات بأسبابها، وما شرعه لعباده من علاج الأدواء بدوائها، وهم إن سعوا إلى العلاج الطبيعي فإنهم يسعون إليه ونفوسهم خالية من الرجاء بنجاحه، وإنما يعلقون النجاح على دجل الدجالين وشعوذة المشعوذين، فكم أغنوا من دجال بما يمطرونهم به من أموالهم التي هم شحاح بها إلا في هذا السبيل.
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  17. #17
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    ولا يبالي الدجالون المشعوذون أن يستغلوا هذه العقلية الضالة أسوأ استغلال، فيستحوذوا على آخر ما عسى أن يتبقى عندهم من مال، ولا يكفيهم ذلك، بل يضاعفون من إضلال عقولهم حتى يغرسوا فيهم عداوة من هم أحب الناس لهم، وأكثرهم صفاء، وأعظمهم حقا، وأبرهم قلبا، فقد نمى إلى سمعي منذ عقود من السنين أن رجلا من هؤلاء البله المغفلين مرض له طفل، فذهب به إلى أحد المشعوذين، فما كان منه إلا أن أجابه بأن امرأة عجوزا ساحرة هي مصدر ضره وسبب بلائه، فخيل إليه الشيطان أن تلك العجوز هي أمه، وعندما عاد إلى بيته حاملا طفله كانت الأم المسكينة أول من يستقبله بشفقتها وحنانها، وعطفها على حفيدها الطفل المصاب، فما كان منه إلا أن قابلها بأشد قسوة وأعظم جفاء، إذ دفعها بيده بكل ما يملك من قوة، فوقعت على الأرض وهوت في حفرة كانت بجنبها، وكال لها من الشتائم والكلام القاذع ما لو خوطبت به الجبال لتصدعت، ولو وزع على أهل الأرض لملأ صدورهم أسى وقلوبهم حزنا.


    فيا ترى؛ هل كان هذا التصرف الأحمق الأرعن إلا ثمرة للجهل، وانحسارالإيمان، وتصديق الأوهام، وتكذيب الحق اليقين؟ فلو أن هذا الرجل كان على خوف من ربه، وبصيرة في دينه، لما صدق هذا الإفك الذي انتحله الدجال ليفرق بينه وبين أمه، وهي أحب الناس له وأبرهم به وأشفقهم عليه،ولكن ما تراكم على عقله وقلبه من الضلال والجهل أنساه قول الله تعالى:﴿قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴾،وأعماه عن قول النبي صل الله عليه وسلم "مَن أتَى كاهنًا فصدَّقَهُ بما يقولُ.. فقد بَرِئ ممَّا أنزَل اللهُ على محمَّد" وأنى يكون مؤمنا بما أنزل على محمد صل الله عليه وسلم، وهو يصدق من يدعي علم الغيب الذي استأثر الله به وحده، فلم يجعل منه نصيبا لأحد من خلقه، حتى أنبيائه المصطفين الأخيار إلا أن يكون ذلك وحيا أوحاه الله إليهم؟! كما قال تعالى :﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ﴾.

    وإذا كان النبي الأكرم محمد صل الله عليه وسلم لا يعلم من الغيب شيئا إلا ما أوحي إليه،كما أمره الله تعالى أن يعلنه للناس بقوله:﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ﴾، فكيف بهؤلاء الجهلة الحمقى الذين يتطاولون على الله تعالى فيدعون أنهم مشاركون له فيما استأثر به دون خلقه؟! تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.ووا أسفا على هؤلاء الجهلة الضالين المضلين، الذين لا يبالون أن يغرسوا في صدور الناس من الضلال ما يفرق بينهم وبين والديهم، الذين هم أحب الناس لهم وأبرهم بهم، كل ذلك ليحتالوا على ما بأيديهم من المال، فهم يجمعون بين أكل السحت والتفريق بين المرء وزوجه، أو بين الوالد وولده، فما أتعسهم وأعماهم عن الحق وأنساهم لعهد الله تعالى.

    ووا أسفا على هذه العقول الزائغة الضالة؛ التي تستسيغ هذا الإفك وتتهيأ لقبول كل ما يلقى إليها من شياطين الإنس، الذين يستوحون ما يبثونه من شر من إخوانهم شياطين الجن،﴿ وحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴾،فكيف يرد الإنسان ما قاله الله تعالى، ويتقبل ما تقوله الشياطين؟! إن هذا لهو الضلال المبين.
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  18. #18
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    أنتهى بحول الله وقوته المحور الأول
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  19. #19
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    المحور الثاني
    فيما يتعلق بتعظيم كتاب الله وتوقير العلم
    لا يخفى على المؤمن ما لكتاب الله تعالى وآياته وأسمائه سبحانه من
    حرمات عظيمة تفوق كل تصور، فإن القرآن الكريم هو خطاب الله سبحانه الحق
    الذي وجهه إلى عباده، ليهديهم من الضلالة ويبصرهم من العمى ويخرجهم من
    الظلمات إلى النور، وليصلهم بنفسه وبملكوته حتى يكونوا قائمين في أرض الله
    بعهده، وعامريها بشرعه، ومسخريها بحكمته، مدركين لمبدئهم ومعادهم وما
    يجب عليهم أن يقوموا به بين المبدأ والمعاد وهم في هذه الرحلة المحدودة
    على ظهر هذا الكوكب المظلم بحيث يستلهمون من كتاب الله تعالى ما يأتونه
    وما يذرونه، فلا يكون منهم إقدام على أمر، أو إحجام عنه إلا ببينة من ربهم
    سبحانه، وقد بين صل الله عليه وسلم عظم شأن هذا الكتاب وأثره في حياة الناس في العديد
    من الآيات، كما في قوله: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ
    إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ
    وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  20. #20
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    وناهيك بهذا بيانا لقدر هذا الكتاب وأثره في الخلق، ووصله بين العباد
    وربهم الذي له ما في السماوات وما في الأرض، وسعة عطائه وإشراق سناه،
    وإغداق خيره، فهو النور المبين الذي لا يأفل، وهو الصراط المستقيم الذي
    لا يزيغ، وهو النبع المغدق الذي لا ينضب، جمع بين خير الدنيا والآخرة،
    وضمن لمن اتبعه سلامة المسير وسعادة المصير، وقد أنزله الله بعلمه، واختص
    به هذه الأمة، وجعله خاتم الكتب، كما أنزله على خاتم الرسل وجعلها خاتمة
    الأمم، فما أجدره بالتوقير والتعظيم.


    وكل آية من آياته بل كل كلمة من كلماته هي شعاع من هذا النور الساطع،
    ولمعة من هذا البيان الهادي، فهي حقيقة بالتعظيم والتكريم، ولذلك توعد الله
    سبحانه جميع الذين يلحدون في آياته، كما في قوله:﴿إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي
    آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ۗ أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ اعْمَلُوا مَا
    شِئْتُمْ ۖ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾
    ، فالوعيد واقع على كل من ألحد فيما أنزله
    الله، ولو في كلمة من كلماته تعالى.
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  21. #21
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    أما أسماؤه تعالى الحسنى فهي دالة على ذاته المتصفة بجميع الكمالات،وإذا كان مدلولها هو الله سبحانه فإن تعظيمها وتسبيحها وتقديسها هو تقديس له تعالى، ولذلك أمرنا بتسبيح أسمائه تعالى كما في قوله:﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾، وقوله: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾،وهذا كما أمرنا بتسبيح ذاته العظيمة في نحو قوله ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ﴾ ،وقوله: ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾، وكذلك أسند التبارك إلى اسمه تعالى كما في قوله : ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ ، وأسنده إلى نفسه في نحو قوله: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ ،وقوله،﴿تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَٰلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورًا ﴾، قوله ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا﴾، وقوله: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، وهذا الذي جعل بعض الناس يقولون بأن أسماءه تعالى هي عين ذاته، والصواب أن مدلول أسمائه هو الذات العلية كما بينته في غير هذا الموضع.


    وإنما تدل الآيات المذكورة وأمثالها على أنه يجب أن تقدس أسماء الله الحسنى كما تقدس ذاته العلية، فلا يجوز بحال أن يصدر من مسلم ما يمكن أن يفسر بأنه إهانة لأسمائه تعالى، سواء كان ذلك بفعله أو بقوله، ففي المنار فكما يعظم الله يعظم اسمه الكريم، فيذكر مقرونا بالحمد والشكر » : ما نصه والثناء والتقديس. وقد صرحوا بأن تعمد إهانة أسماء الله تعالى في اللفظ والكتابة كفر؛ لأنه لا يمكن أن يأتي من مؤمن".


    وقد توعد الله الذين يلحدون في أسمائه كما توعد الذين يلحدون في آياته، فقد قال تعالى:﴿ وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾، وقد بين المفسرون أن الإلحاد في آياته يدخل فيه كل ميل بها عما جاءت به من الهدى والبينات، فقد ذكر الطبري أقوال المفسرين القدامى في معنى الإلحاد في آياته ثم أتبع ذلك قوله: "وكل هذه الأقوال التي ذكرناها في تأويل ذلك هي قريبات المعاني، وذلك أن اللحد والإلحاد: هو الميل، وقد يكون ميلا عن آيات الله، وعدولا عنها بالتكذيب بها، ويكون بالاستهزاء مكاء وتصدية، ويكون مفارقة لها وعنادا،ويكون تحريفا لها وتغييرا لمعانيها"
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  22. #22
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    وقال الرازي:" يقال ألحد الحافر ولحد إذا مال عن الاستقامة فحفر في شق، فالملحد هو المنحرف، ثم بحكم العرف اختص بالمنحرف عن الحق إلى الباطل"

    وقال القرطبي: " أي يميلون عن الحق في أدلتنا. والإلحاد: الميل والعدول.ومنه اللحد في القبر لأنه أميل إلى ناحية منه. يقال: ألحد في دين الله أي حاد لا تسمعوا لهذا القرآن»: عنه وعدل. ولحد لغة فيه. وهذا يرجع إلى الذين قالوا وهم الذين ألحدوا في آياته ومالوا عن الحق فقالوا: ليس القرآن من عند الله، أو هو شعر أو سحر، فالآيات آيات القرآن. قال مجاهد: " يلحدون في آياتنا" أي عند تلاوة القرآن بالمكاء والتصدية واللغو والغناء. وقال ابن عباس: هو تبديل الكلام ووضعه في غير موضعه. وقال قتادة: " يلحدون في آياتنا" يكذبون في آياتنا. وقال السدي: يعاندون ويشاقون. وقال ابن زيد: يشركون ويكذبون. والمعنى متقارب".

    وقال قطب الأئمة: " وألحد مال وحفر في جنب استعير للانحراف في تأويل القرآن عن جهة الصحة وعن موضعه قاله ابن عباس ومنه اللحد في القبر [في آياتنا] بالتكذيب والعناد والمشاقة وقال مجاهد بالمكاء والتصدية واللغو وربما في إرادة جميع ذلك".

    وقال صاحب المنار في تفسير الإلحاد في أسمائه تعالى: " واتركوا وأهملوا بلا مبالاة جميع الذين يلحدون في أسمائه بالميل بألفاظها أو معانيها عن منهج الحق الوسط، إلى بنيات الطريق ومتفرق السبل، من تحريف أو تأويل، أوتشبيه أو تعطيل، أو شرك أو تكذيب، أو زيادة أو نقصان، أو ما ينافي وصفها بالحسنى وهو منتهى الكمال، ذروا هؤلاء الملحدين، ولا تبالوا بهم، وكأن قائلا يقول: ولماذا نذرهم في خوضهم يعمهون؟ فأجاب بقوله تعالى: ﴿ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾،أي: سيلقون جزاء عملهم عن قريب، بعضهم في الدنيا قبل الآخرة، وإنما يعمهم جميعهم عقاب الآخرة، إلا من تاب منهم قبل الموت.

    وقال العلامة ابن عاشور في تفسير الإلحاد:" الميل عن وسط الشيء إلى جانبه، وإلى هذا المعنى ترجع مشتقاته كلها، ولما كان وسط الشيء يشبه به الحق والصواب، استتبع ذلك تشبيه العدول عن الحق إلى الباطل بالإلحاد، فأطلق الإلحاد على الكفر والإفساد، ويعدى حينئذ ب (في) لتنزيل المجرور بها منزلة المكان للإلحاد، والأكثر أن يكون ذلك عن تعمد للإفساد، ويقال: "لحد وألحد، والأشهر ألحد"
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  23. #23
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    وإذا كان الإلحاد لغة بمعنى الميل وفي الاصطلاح الشرعي هو الميل بالحق الذي أنزله الله عن نهجه السوي، أَوَ يَكونُ بمنأى عنه من تصرف بفعله في آيات الله تعالى المنزلة أو أسمائه الحسنى تصرفا يمكن أن يوحي بإهانة هذه الآيات أو هذه الصفات أو هذه الأسماء، أو إهانة العلم الذي تضمنته والحق الذي قدسته؟ فإن الله تعالى بين في كتابه مكانة العلم ومنزلة أهله، وأنه هو الفلك الذي تدورعليه رسالات جميع المرسلين، لا سيما خاتمهم عليه أفضل الصلاة والسلام،فقد امتن به على المؤمنين في قوله:﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾، وامتن بهذا على العرب الأميين في قوله:﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ.﴾،وبين التفاوت بين من يعلم ومن لا يعلم في قوله:﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾،وقوله: ﴿ إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ﴾،وبين مكانة العلم والتعليم في أول ما أنزله على نبيه ، إذ قال في فاتحة وحيه إليه: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾.

    وكم ترى في كتاب الله تعالى ما يدلك على عظم حرمات أسماء الله تعالى الحسنى، ناهيك أن الله سبحانه جعل للأماكن المختصة بعبادته وذكر أسمائه من الحرمات ما يفوق كل تصور ويربو على كل حساب، فالمساجد التي هي مئنة ذكره تعالى قدست في شرع الله تعالى تقديسا لأجل ما يذكر فيها من أسمائه ويُسَبح فيها بحمده، ولذلك لا يسوغ فيها إلا ما أذن الله به فيها من رفعها وذكر أسمائه، كما هو صريح قوله تعالى:﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾،وقد شدد النبي ژ في أي عمل يخرج عن تعظيم الله تعالى والتسبيح بحمده وتقديس أسمائه في هذه المساجد، فعن ابن عباس عن النبي صل الله عليه وسلم قال:" طهرت المساجد من ثلاث من أن ينشد فيها بالضوال أو يتخذ فيها طريق أو يكون فيها سوق" ،وعن أبي هريرة، أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال:" إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد، فقولوا: لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة، فقولوا: لا رد الله عليك"، وقد شدد العلماء في دخول الجنب والحائض المسجد، وروي في ذلك عن النبي صل الله عليه وسلم انه قال:" إن المسجد لا يحل لجنب ولا حائض"
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  24. #24
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    وإذا كانت هذه الحرمات لمباني تقام مما يقام به البناء من مواد العمران وقد استحقت هذا التقديس والتقدير لأجل ما يذكر فيها من أسماء الله، فما بالك بحرمات تلك الأسماء نفسها، وقد نص الله تعالى في كتابه على مشروعية القتال من أجل الحفاظ على المباني التي تعمر لذكر الله تعالى، فقد قال تعالى:﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾،وحسبك ذلك دليلا على عظم حرمات أسماء الله تعالى، فأنى يسوغ مع ذلك أن يتجاهل أحد ما عسى أن يكون في أي كتاب كان من ذكر أسمائه تعالى أو شيء من آيات؟!
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  25. #25
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    تعظيم القرآن يفضي إلى تعظيم العلوم النافعة التي نوه بها:
    تعظيم القرآن يفضي إلى تعظيم العلوم النافعة التي نوه بها:
    لا يخفى ما في هذا الذي ذكرناه من التنويه بقدر مطلق العلم والحط من
    مكانة الجهل لا سيما العلم المستوحى مما أنزله الله تعالى في كتابه المبين
    وذكره الحكيم، فضلا عن مكانة نفس الآيات البينات التي تستوحى منها هداية
    الله لخلقه ومكانة أسمائه الحسنى التي لا مدلول لها إلا ذاته العلية المتصفة
    بجميع صفات الكمال، فإنها بلا ريب يجب تعظيمها وتجنيبها كل ما يشي
    بعدم المبالاة بها.

    وكم رأينا مع الأسف الشديد فيما يصدر من الناس من تصرف
    يتنافى مع قدسية آيات الله تعالى البينات، وأسمائه الحسنى، ومع احترام
    العلم وتقديره وتوقيره، ولربما كان ذلك حتى بالنسبة إلى الكتاب العزيز
    كله، فكم رأينا الناس في المساجد يتركون المصاحف على الأرض!! غير
    مبالين بما تحتويه من كلام الله المصون وخطابه المقدس، ولربما دخل
    أحدهم المسجد وأتى بالمصحف فتركه على الأرض من بين يديه أو عن
    جانبه حتى يفرغ من تحية المسجد، ثم يقرأ منه، وليت شعري ما الذي
    يمنع هذا الداخل أن يدع المصحف في مكانه المخصص له ثم يتناوله بعد
    فراغه من تحية المسجد؟ّ! وكذلك إذا عارضته في تلاوته سجدة ترك
    المصحف على الأرض، ولم يتركه في مكان رفيع حتى يؤدي السجدة،
    وقد كان الواجب عليه أن يتركه في مكان عالٍ، وإن لم يجد فليحمله في
    سجوده تحت إبطه، ولا يجعله في مكان تدوسه الأقدام، لأن ذلك يتنافى
    مع مراعاة قدسيته.
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  26. #26
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    وقد نص العلماء على أن من حرمة القرآن أن لا يترك على الأرض كما قال
    القرطبي:"ومن حرمته أن يضعه في حجره إذا قرأه أو على شي بين يديه ولا
    يضعه بالأرض ، لكن الناس في غفلة عن رعاية هذه الحرمات، فكم انتهكت
    على مسمع ومرأى من جماهيرهم، فكأين رأينا في أيام الجمع المصاحف
    مبثوثة على الأرض في المساجد أمام صفوف المصلين!! ليتناول من شاء منهم
    مصحفا متى أراد، كأن هذه المصاحف مجرد أدوات تلقى في أي مكان كان،
    أو كأنها أعلاف تلقى على الأرض أمام الماشية!!.

    ولا تسأل كيف يتصرف مع كتب العلم سواء كتب التفسير أو الحديث أو
    الفقه أو غيرها كأنها مستودعات لإلقاء الأشياء فيها، فترى أحدهم يخرج
    هاتفه النقال ويدعه فوق الكتاب، وكذلك إن خلع نظارته عن عينيه تركها على
    الكتاب الذي بين يديه، فضلا عن آلات الكتابة، وقد انتشرت هذه العادة بين
    الناس حتى تخالهم أنهم تواصوا بها، ناهيك أن الخاصة والعلماء لا يتأففون
    منها ولا يستنكفونها، بل يقعون فيها، وقد نبهت أحدهم على ذلك المرة بعد
    المرة، وكان يسلم بأن هذا التصرف خطأ، ولكن لا يلبث أن يعود إليه.

    ولا أزال أذكر قبل ما يقرب من نصف قرن من الزمن، أن جماعة من الناس
    جاؤوا من مكان بعيد ونزلوا بمنزلي في مجلس استقبال الزوار، وكانوا يبيتون
    هنالك، وكنت في كل صباح أجدهم قد وضعوا ساعتهم المنبهة فوق كتاب من
    كتب التفسير التي كانت في رفوف المجلس، فعجبت من هذا التصرف مع أنه
    كان من بينهم من يوسم بالفضل والعلم!.
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  27. #27
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    ومن العجيب أن يألف الناس هذه العادة كأنهم لا يجدون مستقرا
    ومستودعا لأدواتهم إلا ظهور الكتب أو بطونها، وأن يسكت عن ذلك أهل
    العلم بل هم يشاركون فيه الجهلة! كأنما لم يعرفوا قط أن لتلك الكتب حرمة،
    ناهيك بما فيها من أسماء الله تعالى وآياته، ولو لم يكن فيها إلا البسملة في
    أولها لكان ذلك كافيا لوجوب مراعاة حرماتها.


    ومنذ عقود من السنين اجتمعت بأحد المتخصصين في العلوم الدينية، وإذا
    به يعمل عمل العوام في هذا، بل وجدته يضع آلة التصوير على الكتاب، ولما
    أنكرت عليه ذلك طالبني بالدليل الشرعي على المنع غير مكتفٍ بكل ما سبق
    ذكره، وإنما كان يطالب بدليل نصي على ذلك!! فعجبت من هذا الجمود في
    التفكير والضيق في النظر، فليت شعري؛ هل يسوغ لنفسه أن يقعد على
    المصحف الشريف بسبب أنه لم يأت دليل نصي يمنع من القعود عليه، ولم
    تكفه الأدلة الواضحة على وجوب رعاية حرمات آيات الله تعالى وأسمائه؟!.


    ومن أعجب ما بلغني أن كثيرا من الطلاب في المدارس والجامعات
    عندما لا يجدون ما يقعدون عليه ويريدون أن يقوا ثيابهم غبار الأرض
    وأدرانها يقعدون على كتب الدراسة!! والكيس منهم من ينزع منها كتاب
    التربية الإسلامية، وهم لم يفكروا في أن كثيرا من تلك الكتب تحتوي على
    آيات من كتاب الله، وعلى العديد من أسمائه الحسنى، فكيف تصل بهم
    الوقاحة وقلة الأدب إلى القعود عليها؟ بل لو لم تكن تحتوي على شيء من
    ذلك، فإن العلم مهما كان يجب أن يقدر ويع  ظم، ولا يستهان به، فكيف يقعد
    طالب على كتاب يستفيد منه علما، وقد علمت كيف نبه القرآن على مكانة
    العلم وقدره؟؟.
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  28. #28
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    وذكر برهان الدين الزرنوجي في كتابه تعليم المتعلم طريق التعلم ما يجب
    من مراعاة حرمات العلم والكتاب وقد كنت أحضر حلقة يدرس فيها هذا
    الكتاب في أيام الصبا ومما جاء فيه قوله:" قيل ما وصل من وصل إلا بمراعاة
    الحرمة وما سقط من سقط إلا بترك الحرمة".


    وقوله:" ومن تعظيم العلم تعظيم الكتاب، فينبغي لطالب العلم أن لا يأخذ
    الكتاب إلا بالطهارة، وحكي عن الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة الحلواني
    أنه قال: إنما نلت هذا العلم بالتعظيم، فإني ما أخذت الكاغد إلا بطهارة،
    والإمام السرخسي كان مبطونا في ليلة وكان يكرر درس كتابه فتوضأ في تلك
    الليلة سبع عشر مرة، لأنه كان لا يكرر إلا بالطهارة، وهذا لأن العلم نور
    والوضوء نور، فيزداد نور العلم به، ومن التعظيم الواجب أن لا يمد الرجل إلى
    الكتاب، ويضع كتب التفسير فوق سائر الكتب، ولا يضع على الكتاب شيئا
    آخر، وكان أستاذنا شيخ الإسلام برهان الدين يحكي عن شيخ من المشايخ أن
    فقيها كان وضع المحبرة على الكتاب، فقال له: برنيابي برنيابي"


    وأذكر أن كلمة بَرُنَيَابيِ فسرت في الحلقة التي كان يُدرس فيها هذا الكتاب
    بأنها كلمة فارسية تدل على أن من فعل هذا لا يبارك له في علمه.


    وأنت ترى في هذا الكلام أن كتب العلم يجب التمييز بينها في أقدارها،
    فالأفضل منها هو الذي يترك فوقها جميعا، ولما كان تفسير القرآن هو أفضل
    العلوم على الإطلاق لأنه تفسير كلام الله تعالى وجب أن تكون كتب التفسير
    فوق سائر الكتب، وإذا كان هذا في ترتيب وضع الكتب بعضها فوق بعض،
    فما بالك بمن يضع شيئا من أدواته على الكتاب كالقلم أو الهاتف النقال أو
    الساعة أو المحبرة؟!.
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  29. #29
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    ونجد في فتاوى الفقهاء السابقين التشديد في أي عمل يوحي بالاستهانة
    بما يتشابه مع صورة شيء يمكن أن يتركب منه علم، فعندما سئل الإمام
    السبكي عن وضع القدم على بساط مفروش وقد ارتسمت في النسج في
    البساط أشكال حروف من حروف المعجم، وانتظمت منها كلمات مفهومة
    المعنى مثل بركة وسعادة والعز الدائم ونحو ذلك، هل يجوز وطء الإنسان
    مواضع هذه الكلمات من البساط؟. شدد في الجواب بسبب حرمة هذه
    الكلمات والحروف التي يمكن أن تستخدم في نشر العلم، ونص على حرمة
    ذلك في رأيه. وعلل ذلك بأن حروف المعجم أوجدها الله تعالى لينتظم منها
    كلامه وكلام رسوله صل الله عليه وسلم والأذكار المقربة إلى الله، وما يبث وينشر من العلم
    النافع، فلا تسوغ إهانتها بحال.


    ومما قاله في ذلك:" وقد قال الفقهاء: إن الورقة التي فيها اسم الله تعالى
    لا يجوز أن تجعل كاغدة يجعل فيها قصة ونحوها، فالتحريم هنا لا شك فيه
    لأجل اسم الله تعالى فحيث لا يكون اسم الله ولكن حروف يمكن أن يركب
    منها اسم من أسماء الله أو غيره إن لم نقل بالتحريم لكان له وجه بالقياس عليه
    فإن الفرع لا يشترط فيه مساواة الأصل بل يكفي اشتراكهما في علة الحكم".
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

  30. #30
    تاريخ الانضمام
    19/06/2016
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    3,584
    مشاركات المدونة
    6

    افتراضي

    ثم أضاف إلى ذلك بأنه لو اعترض معترض بأن هذه الحروف نفسها
    قد تركب تركيبا آخر فتكون دلالتها على عكس هذه الدلالة على الخير،
    كما لو اتخذت في تأليف كلام فيه إشراك بالله تعالى أو جحده أو وصفه
    بالقبائح تعالى الله عن ذلك، أو تسفيه الحق وتأييد الباطل، فكيف تكون
    لها حرمة على الإطلاق؟.
    وأجاب عن ذلك:" نعم ولكنها لم تخلق لها إنما خلقت للأول وكذلك
    جميع الأشياء خلقت لغرض ومكن الإنسان من استعمالها في ذلك الغرض
    وفي ضده فإن استعمله فيه كان قد وضع الشيء في موضعه وعدل وإن
    استعمله في غير موضعه فقد جار وقسط، والجور والقسط ظلم وحرام
    بخلاف العدل والإقساط، وقد كان بعض العلماء لا يمس الورق إلا على
    وضوء وإن كان الورق محتملا؛ لأن يكتب فيه هذا وهذا لكن الذي خلق
    لأجله هو أن يكتب فيه القرآن والحديث والعلم النافع فيعظم لذلك، فلو جاء
    إنسان يدوس ورقة عمدا وهي بياض وقد بلغه ما يجب من تعظيمها لا يمتنع
    أن يقال بالتحريم عليه فكذلك الحروف لا يجوز دوسها لمن بلغه ما ذكرناه
    من المعنى الذي خلقت له"
     التوقيع 
    تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها ... وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ ... إِذا كنتَ في إِعطائِكَ المالَ فاضلاً ... فإِنكَ في إِعطائكَ العلمَ أفضلُ.

    ربي زدني علمًا وألحقني بالصالحين

الصفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

مواضيع مشابهه

  1. الردود: 0
    آخر مشاركة: 03/04/2013, 01:22 PM
  2. الردود: 2
    آخر مشاركة: 31/12/2012, 02:16 PM
  3. نداء عاجل لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي
    بواسطة أبوحمزة البوسعيدي في القسم: السبلة العامة
    الردود: 28
    آخر مشاركة: 05/05/2012, 05:12 PM
  4. الردود: 9
    آخر مشاركة: 08/02/2012, 12:40 PM

قواعد المشاركة

  • ليس بإمكانك إضافة مواضيع جديدة
  • ليس بإمكانك إضافة ردود
  • ليس بإمكانك رفع مرفقات
  • ليس بإمكانك تحرير مشاركاتك
  •