اتمنى أن ينال المقال البسيط إعجابكم ، وان يكون مفيد للقارئ ، وفي انتظار تعليقاتكم

مكافحة الشائعات في أوقات الطوارئ والأزمات



المقال كاملاً
الإشاعة Rumor” هي خبر أو مجموعة من الأخبار التي يتناقلها الناس بشكل سريع في مجتمع ما ظناً منهم على انها صحيحة. حيث تبدو تلك الأخبار والمعلومات من الوهلة الاولى على أنها صحيحة ولكن غالبا ما تخلو من الصحة والدقة بسبب النقل والتواتر ،و تنتشر الإشاعات بشكل أكبر في المجتمعات التي يسود فيها الجهل، كما تنتشر أيضا في المجتمعات التي لا يحصل فيها الناس على المعلومات الصحيحة او الكاملة من الجهات المعنية بالمعلومات والأخبار ، كذلك ساعد تطور وانتشار وسائل الاتصالات والتواصل الحديثة على سرعة انتشار مثل تلك الإشاعات.

غالباً ما تُنشر الإشاعات بشكل مقصود او حتى بشكل غير مقصود ، حيث تكون بعض الإشاعات مقصوده لحقيق هدف ما، كربح تجاري مثلا ، او تكون تصدر الإشاعات بسبب الجهل السائد في مجتمع ما ، وبسبب غياب أو نقص المعلومات الصحيحة والدقيقة عن حدث ما ، وعلى سبيل المثال لعل من أبرز الإشاعات التي انتشرت لغرض الربح التجاري هي الإشاعة التي انتشرت في عام 2009 في دولة خليجية مجاورة والتي تذكر أن مكائن الخياطة المعروفة باسم "سنجر" تحتوي على مادة الزئبق الأحمر ،الذي هو الأخر ليس إلا إشاعة أخرى، والتي ادت تلك الإشاعة إلى البحث الجنوني عن تلك الانواع من المكائن ودفع مبالغ خيالية مقابل الحصول عليها. كذلك تُنشر الإشاعات لأهداف سياسية وأخرى عسكرية وخصوصا أوقات الحروب والمعارك لإرباك العدو و تحقيق النصر عليه.

تعتبر أوقات الحالات الطارئة والكوارث في المجتمعات أراض خصبة لأنتشار الإشاعات ، وخصوصا إذا لم تتوفر المعلومة الصحيحة في وقتها المناسب من الجهة المعنية بإعلام الناس.

فعلى سبيل المثال ، مؤخرا بعد الزلزال الذي ضرب ايران خلال شهر ابريل الجاري انتشرت إشاعة مفادها صدور تحذير عن هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية (USGS) تحذر فيه من حدوث زلزال مدمر جدا بقوة 10 درجات على مقياس ريختر سوف يضرب دول الخيج العربي في الفترة بين 25- 30 من شهر ابريل الجاري ، وبتواصلي يومها شخصيا مع الهيئة المذكورة نفت تلك الهيئة صدور مثل هذا التحذير من قبلها ، والحقيقة العلمية أن الهيئة المذكورة لا تستطيع التبأ بالزلزال قبل وقوعه. كما ظهرت إشاعة أخرى عقب الأمطار الغزيرة التي هطلت على ولاية عبري بأن سحب من نوع السوبرسل Supercell وهو نوع من السحب يظهر عادة في المنطقة المعروفة بالسهول العظمى the Great Plains في أمريكا الشمالية وبالأخص في الولايات المتحدة الأمريكية، هو السبب في الأمطار الغزيرة التي هطلت على الولاية، حيث بالتواصل مع المختصين في الارصاد الجوية في الجهة المعنية تبين أن تلك المعلومات التي يتم تداولها ليست إلا مجرد إشاعة ونقص في المعلومات الدقيقة عن مثل تلك السحب.
وكما ذكر أعلاه أن الإشاعات تنتشر بشكل أكبر في المجتمعات الغير متعلمة إلا ان وسائل الاتصال و التواصل الحديثة ساعدت بشكل كبير على انتشار مثل هذه الإشاعات في مختلف المجتمعات بما فيها المجتمعات المتقدمة ، فعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة الامريكية أنتشرت شائعات كثيرة على شبكات التواصل الاجتماعي عقب إعصار ساندي الذي ضرب الولايات المتحدة في أكتوبر من العام المنصرم ، وسارعت الوكالة الشهيرة المختصة بإدارة الطوارئ في الولايات المتحدة والمعروفة بالوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ FEMA إلى إنشاء قسم خاص على موقعها الإلكتروني تحت إسم " مكافحة الإشاعة" "Rumor Control" وذلك بهدف دحض المعلومات الخاطئة التي يتم تناقلها عبر شبكات التواصل الاجتماعي و تزويد المجتمع بالمعلومات الصحيحة عن إلإعصار وعمليات الإغاثة والإستجابة التي تقدمها الوكالة .

عليه ، على الحكومات مكافحة الإشاعة وذلك من خلال توفير الأخبار والمعلومات الصحيحة في أوقاتها المناسبة ، بالإضافة إلى مراقبة ومكافحة مصادر الإشاعات ووسائل انتقالها، وكذلك إنشاء مراكز متخصصة لمكافحة الإشاعة ، فعلى سبيل المثال أنشئت في الولايات المتحدة الامريكية عدة مراكز لمكافحة الإشاعة وهي بمثابة خدمة عامة تم تصميمها لتقديم المعلومات الصحيحية وخصوصا في أوقات الأزمات والهجمات الإرهابية والكوارث الطبيعية ،تشمل على مركز اتصالات للإجابة عن تساؤلات مجموعة من المواطنيين الذين تصلهم الإشاعات أو من لديهم نقص في المعلومات عن حدث معين. ومن أمثلة تلك المراكز في الولايات المتحدة الامريكية: المركز الدائم للتحكم بالإشاعة في مدينة بالتيمور بولاية ماريلاند، كذلك مركز مكافحة الإشاعة التابع لمقاطعة ألاتشوا Alachua بولاية فلوريدا الذي تم تفعيله في عام 1990 ويعمل على مدار الساعة ، ،كما أن خطة إدارة الطوارئ في ولاية آيوا Iowa تشمل على مراكز مكافحة الشائعات .

كذلك علينا كأفراد في مجتمع واعي ومتعلم أن لا نلتفت إلى مثل تلك الإشاعات ولا نسارع في نشرها دون التحقق من صحتها ، والتاكد من المعلومة الصحيحة من مصدرها الحقيقي ،وخصوصا نحن في السلطنة نمتلك افضل المختصين على اعلى المستويات سواء في الأرصاد الجوية أو في إدارة الكوارث.

أحمد بن علي الصبحي.
ماجستير إمتياز مع مرتبة الشرف في إدارة الطوارئ والكوارث.
الجامعة العسكرية الأمريكية.
-عضو الجمعية الدولية لمديرئ الطوارئ.
-عضو الجمعية الدولية للإستعداد والإستجابة للكوارث.
[email protected]

كما يسعدني هنا أيضا أن اتوجه بالشكر الجزيل لمعالي الدكتور / عبد الله الحراصي رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون على إطراءه الجميل على المقال على صفحته في لفيسبوك ... فشكرا جزيلا له ..