بلغ الإمام ناصر بن مرشد اليعربي أن أحد ولاته أخذ يمارس التجارة في فترة ولايته، فأرسال له ينهاه عن ذلك :

( واعلم أنك بمقام حكم وعدل محظور بأرجائه الركون إلى دنيا وتجارتها، فأردع نفسك عن ذلك؛ واكتب بصفحة فكرك معنى الآية التي قال عزوجل { إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ } ) .

ولن تكون هنا لنا حرية للفهم.. فقد كان الإمام واضحاً في مقصده، هادفاً في مبتغاه .. مهتماً بإرساء دعائم العدل والمساواه .. والإهتمام بأمور رعيته ..

حيث نهى الوالي عن إمتهان وممارست التجاره، ليس لغرض ما ولكن حرصاً من الإمام على الوالي لكي لا تلهيه عن رعاية ولايته .. ولتكون مهمته مكمله لمهمة الإمام وهي الإهتمام برعاية المسلمين ومصالحهم.


والأن ... نرى ما هو عكس تلك الآية !!

أهو مبدأ تتطلبه الحياة العصرية ..؟ أن يكون للإنسان مسؤولية ملقاة في عاتقة في خدمة الناس وتجارة تلهيه عن تحقيق تلك الخدمة .. أم هو زيف الحياة وغرورها ؟!! وجشع المسؤولين وطمعهم ؟!

أم هو ميدأ الدولة العصرية ..؟ أن يكون الوزير والوكيل تاجرأ .. والقائم على أمور المسلمين وسيطاً .. !

وإني لأعجب .. كيف للإنسان أن يكون والياً لأمور المسلمين .. وباله مشغول في أمور تجارته !! ... أم أن مصالح الناس لا تدار إلا عن طريق المصالح الشخصية ؟!!


نحن في زمن .. نرى الإهمال والتقصير قد بلغ مداه .. وسواد الظلم قد طغى على ظل المساواة ... فإلى أين نحن ذاهبون ؟؟!!


يا معاليكم وسعادتكم .. ما نضنها هكذا تورد الإبل ... فالأمر ذو مبدأ ديني وعقائدي .. قأتقو الله في أنفسكم، فرعاية أمور المسلمين بالشكل الذي يرضي الله ورسوله هو عماد نجاحكم وتوفيقكم ..


وفقكم الله لما فيه مصلحة البلاد والعباد..

اللهم ولي علينا خيارنا ولا تولي علينا أشرارنا.