سأتحدث ضمن إطار ما هو متاح لدي من معلومات ، ولن أتجاوزه إلى التخمين. والقصد هنا هو جهد في محاول استباق الأحداث من أجل أن تكون المصلحة الوطنية هي العليا على حساب مصالح الأجندات الشحصية ، بما فيها أجندتي الشخصية.

تم دمج المصفاتين ، والنتيجة هو حالة مسخ ، لم تتسطع استعاب الاختلافات والخلافات المترسخة لسنين طوال في كلا المؤسستين اللتين تم دمجهما ، وأحدث ذلك كيانا عاجزا ومشلولا يحاول القائمين عليه اللهث وراء مبررات لوجوده ، وصنع منجزات وهمية. والنتيجة لا تصحيح لما كان قائما من أخطاء استراتيجية في ظل مصفاتين ، ولا زيادة ملحوظة في الناتج المحلي أو الدخل القومي ، وهجرة العشرات من العقول خارج تلك المنظومة إما قسرا تحت الضغط المباشر أو المضايقات أو من منطلق السعي لإيجاد بيئة عمل آمنة ومستقرة غير تلك الفوضى التي خلفها مشروع الدمج. التفاصيل كثيرة ومتاحة لمن يستنهض هممه ويتابعها ، وأجزم بأن سعيه لن يخيب لكشف العشرات من الحقائق الفاضحة المضحكة التي تدمي القلب.

ودعوني أرحل بكم قريبا إلى حيث أنا أقرب من حالة أخرى ، دمج شركتي الغاز المسال (عمان إلى إن جي وقلهات إل إن جي). شركتان حديثتنا جدا ، 2000 (عمان إلى إن جي) و 2006 (قلهات إل إن جي) ، عملتا وتعملان بشكل نموذجي دونما أخطاء رئيسية معلنة وبأداء رائع يكاد يقترب من النموذجية على مستوى المؤسسات المشابهة الأخرى ، فيما عدا أسعار تعاقدات بيع الغاز التي تتقاسم مسؤوليتها كلا من مجلسا إدارتي الشركتين مع الحكومة ممثلة في وزارة النفط والغاز ووزارة المالية ووزراة الاقتصاد الوطني (سابقا).

وفجأة ، ودون سابق إنذار ، يبدأ الإعلان الخجول داخل كل مؤسسة عن أن الحكومة تتحدث وتنوي دمج الشركتين ، كيف ومتى وبأي شكل ، لا أحد يدري حتى المتحدثون ، ثم الذهول والصمت والقلق المطبقين على الجميع. من ساعتها والجميع ، جماعات وأفرادا ، في حالة تحرك هستيري للبحث عن معلومه لتأمين الذات وحجز مقعد لائق ، سواء داخل نتاج الدمج أو خارجه ، باستثناء من يملك المعلومه (مجموعة تعد على أصابع اليد الواحدة) تجدهم في منتهى الهدوء والتركيز، في الوقت الذي يفترض أن يكرس الجميع جهده – كما كان - لتحقيق مزيدا من النتائج والأداء الاستثنائي – المعلنين طبعا - حيثما هم ، بدل الانشغال بالذات والمستقبل الشخصي. نحن نتحدث الآن عن ما يقارب العام على الإعلان المبكر أو – بالأحرى - الانذار المبكر.

منذ 7 سنين ، أثير تساؤل ... لم إنشاء شركة قلهات إل إن جي كشركة مستقلة في كل شيء بجانب شركة عمان إل إن جي التي تمتلك فائضا كبيرا مهدرا وغير مستغل من الموارد والإمكانات لاستيعاب أية اكتشافات غاز إضافية ؟ ... كان الجواب ... إن المصلحة العامة للبلد تقتضي ذلك (والتفاصيل كثيرة). والآن ... تساؤل آخر ... لماذا الدمج بين الشركتين ؟ ... يأتي الجواب ... من أجل المصلحة الوطنية العليا وتقليل الكلفة ... عجبي وألف عجب ... أنضحي بمصلحة وطنية سابقة من أجل مصلحة وطنية حالية ؟ ... كل ذلك ولم يخرج إلينا مسؤول واحد من الشركتين أو الحكومة ليقول لنا ... ماهي تلك المصلحة الوطنية التي استدعت إنشاء شركتين (صورة طبق الأصل من الأولى) ومتنافستين في ذات الوقت ... ولم يخرج - ولن يخرج - أيا من أولائك اليوم ليقول لنا أين المصلحة الوطنية من الدمج الآن. أتدرون لماذا ؟ ... لأن المصلحة الوطنية إما كانت غائبة في الحالة الأولى (قبل 7 سنوات) أو أنها كانت حاضرة آنذاك وغايبة اليوم ... لأنه لا إزدواحية ولا تعارض في المصالح الوطنية ، إلا لدى الفاسدين. خروج أي مسؤول من أية جهة كانت اليوم ليقول شيئا (وكلهم ممن عايش الحالتين وعمل خلالها) ، سيضطره لتسويق مبررات باهتة لا تقنع حتى السذج من القوم.

ثم هناك سؤال آخر ... للشركتين مساهمين أجانب مختلفين وعملاء أجانب مختلفين ، وعقود تصدير مختلفة الوجهة والأسعار، ولا يرى معظم هؤلاء مصلحة في الدمج ... بل يأملون في الاستمرار في العيش الرغيد بأسهمهم المثالية وعقودهم البذخة ... فبأي ثمن سيكون إرضاء هؤلاء وتجنب ثورتهم وإعادة إصطفاف هؤلاء وراء فكرة الدمج ؟ ... ومن سيدفع ثمن إعادة هذا الاصطفاف ؟ ... الدولة ؟ ... أموال الوطن ؟ ... المواطن الذي يرتجي من الحكومة أن توفر كل ريال وتضاعفه من أجل تحسين أوضاعه كما وعدت وتعد يوميا ؟ ... أم أؤلائك النفر الذين أخطأوا سابقا ، ويخطئون الآن من أجل طمس معالم أخطاء الأمس ؟

قبل الدمج ، دعونا نفيق من حالة دمج المصفاتين الذي لم يتعافى منه أداء المصفاتين (المصفاة الموحدة) والوطن ولا العاملين.

سؤال جانبي إلى مجلس الشورى والإعلام ... أين هم من حالة دمج المصفاتين ... دوافعه .. حيثياته ... نتائجه ؟ وأين هم من حالتي الغاز الطبيعي المسال ، الفصل في عام 2006 ، والحديث عن الدمج منذ عام 2011 م ؟ ... أيعقل أن يتم اتخاذ قرارات وطنية هامة في قطاع يمثل عصب الحياة في الوطن ، والشورى والإعلام في سبات ؟ ... أهي حالة تحييد أم حياد قسري ؟ ... أهي حالة عدم إختصاص أم نقص كفاءة ؟ ... حيرتونا في أمركم يا شروى ويا إعلام ... تقيمون الدنيا ولا تقعدوها من أجل حالات استثنائية هنا وهناك ، وتخرسون عن شأن هو العصب الأهم في حياة البلد ؟

باختصار ، إن كنا سائرين باتجاه دمج آخر ، ولسنا قادرين على إيقاف هذا الدمج القادم ، فإنني أطالب من بيده الأمر والنهي في هذا البلد (تحت أية صفة كانت) بإيقاف القلة القليلة من راكبي قطار الدمج ومطالبتهم بالتريث ، لحين الإعلان عن المصلحة الوطنية العليا التي نسمع عنها ، وعطفا على ذلك محاسبة الذين إدعوا سابقا بأن وجود شركتين كان من ورائه ىمصلحة وطنية عليا ، على فكرة الأشخاص هم ذاتهم ولم يتغير أحد. فليس من المقبول القبول بادعاء المصلحة الوطنية العليا الآن ممن أساء فهم المصلحة الوطنية آنذاك أو استغلها آنذاك. ليحاسبوا عم اقترفوه آنذاك وليسمح لهم بالمضي فيما يزعمونه الآن. فلا ضرر ولا ضرار.

أخيرا ،
1 - هذا الطرح لا يستهدف أشخاصا بعينهم وإنما يستهدف منظمات عمل إدارية يفترض بها أن تكون على قدر كبير من المسؤولية الوطنية الاستثنائية ، حيث أنها تضع يدها على أكثر من 80% من مقدرات الوطن ومن دخله القومي.
2 – هذا الطرح هو للحديث عن دمج المؤسسات الحكومية الخاصة أو ما يسمى بالقطاع شبه الحكومي من منطلق المصلحة الوطنية الصرفة ، وليس مجالا لتوظيف حالات استفادة أو تضرر شخصي ، وكل رد أو تعقيب يخرج عن هذا السياق وينحى منحى النيل الشخصي من أحد أو توظيف الطرح لمعالجة حالات خاصة – قبل أو خلال أو بعد الدمج المقترح - سيجد طريقه إلى الحذف (بحكم صلاحياتي الاشرافية).

أهلا بالأراء والإضافات الموضوعية في هذا الموضوع على مختلف منطلقاتها ومساراتها.