- محرك البحث العام
- المركبات
- الأراضي
- العقارات
- الوظائف
رؤية النتائج 91 إلى 120 من 126
-
11/06/2012 10:49 PM #91
كيف بالنسبة للبسملة و صدق الله العظيم وكذلك أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
متى تقال. ومتى لا تقال ؟؟؟؟؟؟؟
-
مادة إعلانية
-
11/06/2012 10:59 PM #92
البسملة: تقرأ مع الفاتحة ومع أي سورة تبدأ بها من أول آية ولكن لا تقال عند قراءة آية من وسط السورة:
مثلا: بسم الله الرحمن الرحيم (قل هو الله أحد , الله الصمد ,...)
أما إذا قرأت سورة من وسط السورة (أعني ليس من بدايتها) فلا تقول البسملة كآية الكرسي مثلا.
_ لا نقول صدق الله العظيم في الصلاة
- الاستعاذة قبل الدخول في الصلاة وأيضا قبل سورة الفاتحة الركعة الأولى لكن تكون في السر وليست جهرية والله أعلم... إذا كنت أخطأت فأرجو التصحيح لي
-
11/06/2012 11:14 PM #93عضو جديد
- تاريخ الانضمام
- 31/10/2007
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 86
عندي سؤال عن تحية المسجد
ماذا نقول في التوجيه ؟؟
-
11/06/2012 11:40 PM #94عضو مميز
- تاريخ الانضمام
- 30/08/2007
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 1,595
إسمحلي أخي الكريم أن أختلف معك في هذا فهناك احاديث تدل على أن الرسول كان يقرأ في ركعتي الظهر و العصر مع فاتحة الكتاب سورة
ففي البخاري ( كتاب صفة الصلاة ) 725 - حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا شيبان، عن يحيى، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر، بفاتحة الكتاب وسورتين، يطول في الأولى، ويقصر في الثانية، ويسمع الآية أحيانا، وكان يقرأ في العصر بفاتحة الكتاب وسورتين، وكان يطول في الأولى، وكان يطول في الركعة الأولى من صلاة الصبح، ويقصر في الثانية.
728 - حدثنا المكي بن إبراهيم، عن هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب، وسورة سورة، ويسمعنا الآية أحيانا.
-
11/06/2012 11:48 PM #95
-
11/06/2012 11:49 PM #96عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 24/01/2012
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 167
لماذا يقتصر الاباضية على قراءة الفاتحة فقط في جميع ركعات الظهر والعصر.
سؤال يتردد كثيرا على لسان كل مسلم أو مسلمة سواء من الاباضية أو غيرهم، وهذا السؤال منشأوه الحرص على اتباع السنة وأن تكون الصلاة كاملة فهل السنة في قراءة السورة في الركعتين من الظهر في والعصر أم السنة في ترك القراءة.
ونظرا لورود روايات مختلفة في هذه القضية فالاباضية يرجحون الاحوط دائما في كل قضية اختلفت يها الروايات ولم يتفق المسلون الأوائل عليها مثل هذه القضية وقضية الرفع والتأمين وغيرها. فالاحوط هو ترك المختلف فيه الى المتفق عليه والمتفق عليه أن الصلاة صحيحة بالاجماع.
وقد أورد العلامة أبو مسلم الرواحي في كتابه "نثار الجوهر"[1] بحثا طويلا في عدة صفحات في هذه القضية رجح فيه قول الإباضية بعد أن ناقش كل الأحاديث الواردة في قراءة السورة بعد الفاتحة، فليرجع إليه من شاء في إيضاح هذه المسألة.
وفيما يلي بعض أقول العلماء الاباضية في هذه القضبة
يقول الشيخ عامر الشماخي في كتاب الإيضاح: (أجمع الناس على أن صلاة الظهر والعصر لا جهر فيهما ورأينا كل ركعة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب يسر بها، لا في ليل ولا في نهار، ألا ترى إلى صلاة الجمعة وصلاة العيدين يجهر فيهما بالقراءة لأجل السورة ولو كان ذلك نهارا، ولذلك رجح أصحابنا قول من لم يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر، إلا بفاتحة الكتاب والله أعلم .وقد روى ابن ماجة حديثا عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يكن يقرأ فيهما كما يؤيده أن السورة شُرع لها الإنصات من قبل المأموم ويتعذر الإنصات لما يسر به.
الشيخ أحمد الخليلي فيقول إجابة على هذا السؤال : (دليل أصحابنا في عدم قراءة ما عدا الفاتحة في الظهرين حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي رواه ابن ماجة أن النبي- صلى الله عليه وسلم- لم يكن يقرأ فيها, ويعتضد ذلك بالقياس على سائر الركعات السرية التي لا يقرأ فيها إلا بفاتحة الكتاب، كما يؤيده أن السورة شرع لها الإنصات من قبل المأموم ويتعذر الإنصات لما يسر به والله أعلم.
رأي الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي
استدل الأصحاب رضوان الله تعالى عليهم . على عدم مشروعية القراءة في الظهر والعصر بحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : " قرأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما أمر وسكت فيما أمر وما كان ربك نسيا " رواه الإمام البخاري في صحيحه.
وبحديثه الآخر الذي رواه النسائي وأبو داود والطحاوي في شرح معاني الآثار من طريق عبدالله بن عبيد الله بن عباس قال: دخلت على ابن عباس في شباب من بني هاشم فقلنا لشاب منا سل ابن عباس أكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ فقال : لا ، فقيل : لعله كان يقرأ في نفسه؟ فقال : خمشاً هذه شر من الأولى ، كان عبداً مأموراً بلغ ما أرسل به .
ورأوا أن الأحاديث التي أستدل بها القائلون بمشروعية القراءة لا تخلو من كلام في أسانيدها أو متونها ولو على مذهب بعض العلماء ولا سيما أن القراءة ليست بواجبة عند القائلين بها حتى أن ابن حبان حكى اتفاق العلماء على ذلك ، وذكر النووي في الأذكار وغيره أن تاركها لا يشرع له سجود السهو .
وعلى كل حال فالمسألة بحاجة إلى شيء من البحث والتمحيص وليس هذا موضع ذلك والله تعالى أعلم.
أما الشيخ بيوض رحمه الله فقد أجاب بما يلي على سؤالين في هذه القضية
الســــــــــــــؤال:
هل الواجب في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر قراءة الفاتحة فقط أم الفاتحة وسورة؟
الجــــــــــــــواب:
إن الخلاف في القراءة ومقدارها في ركعات صلوات الفرض في صلاة الفرد وصلاة الجماعة كثير ومشهور، ودونك ما قاله صاحب الإيضاح عن مذهب الإباضية في ذلك في باب القراءةفي الصلاة بالجزء الأول صـ: 473: غير أن الذي أخذ به علماءنا رحمهم الله أن لا يقرأ في الركعتين الأوليين من الأولى، والعصر بغير فاتحة الكتاب، والدليل معهم إجماع الناس على أن صلاة الظهر والعصر لا جهر فيهما، ورأينا كل ركعة لا يقرأ فيهما إلا بفاتحة الكتاب يسر بها لا في ليل ولا في نهار، ألا ترى إلى الصلاة الجمعة، وصلاة العيدين، يجهر فيهما بالقراءة لأجل السورة ولو كان ذلك نهاراً، ولذلك رجح أصحابنا قول من لم يقرأ في الركعتين الأوليين من الأولى والعصر، إلا بفاتحة الكتاب والله أعلم، انتهى والمسألة فرعية خلافية فلا تجوز التخطئة فيها.
الســــــــــــــؤال:
ما الدليل على عدم مشروعية قراءة شيء من القرآن بعد قراءة الفاتحة في صلاتي الظهر والعصر؟
الجــــــــــــــواب:
دليل أصحابنا في عدم قراءة ما عدا الفاتحة في الظهرين حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ الذي رواه ابن ماجه: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن يقرأ فيها، ويعتضد ذلك بالقياس على سائر الركعات السرية التي لا يقرأ فيها إلا بفاتحة الكتاب، كما يؤيده أن السورة شرع لها الإنصات من قبل المأموم ويتعذر الإنصات لما يسر به. والله أعلم.
-
11/06/2012 11:50 PM #97عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 24/01/2012
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 167
هذه رسالة قيمة لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي حفظه الله ورعاه في بيان أن صلاتي الظهر والعصر يقرأ فيهما بالفاتحة فقط دون سورة ، وبيّن بالحجج النيرة صحة ذللك وفند بالأدلة من قال بخلاف ذلك .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فقد عرضت مسألة في بلادنا (ميزاب)، وهي أن أحد مشايخنا أفتى بوجوب قراءة شيء من القرآن مع الفاتحة الشريفة في صلاتي الظهر والعصر، وشدد في ذلك على الناس، حتى قال بأنهم كانوا معذورين قبل قيام الحجة عليهم، أما وقد قامت عليهم الحجة بهذه الفتوى المستندة إلى ما روي في الصحاح من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يسوغ لأحد أن يخالف ذلك، ومن ترك القراءة وهو إمام أو منفرد بحيث اقتصر على الفاتحة وحدها فلا صلاة له؛ كما قال تعالى في الربافمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)، وبما أن أصحابنا ألفوا ترك قراءة ماعدا الفاتحة الشريفة في صلوات السر حيرتهم هذه الفتوى، حتى أدى بهم الأمر إلى الاضطراب، لذلك رجعوا إليكم راغبين في الإجابة الشافية فيها بما يشفي الصدور والله يوفقكم للخير.
الجواب/ بعد حمد الله تعالى والصلاة والسلام على خير خلقه محمد عبده ورسوله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه وسلك سبيله، اعلم أن أصحابنا رحمهم الله أطبقت كلمتهم سلفا وخلفا على أن المشروع في كل ركعة يُسرُّ بالقراءة فيها الاقتصار على أم القرآن وحدها، وهم في رأيهم هذا معولون على ثلاثة أمور:
أولها:أن الأصل فيما لا يجهر بالقراءة فيه الاقتصار على الفاتحة الشريفة وحدها، كما يكون ذلك في الصلاة الواحدة، إذ في العشاءين يقتصر –في المشهور- فيما عدا الركعتين الأوليين على قراءة الفاتحة وحدها مع قراءة ما تيسر من القرآن معها في الركعتين الأوليين، فجعلوا هذا الحكم مطردا في جميع الصلاة التي يسر بالقراءة فيها.
ثانيها: أن حكم المأموم فيما عدا الفاتحة الشريفة الإنصات لقراءة الإمام، وكيف ينصت لقراءة لا يسمعها عندما يسر بها الإمام؟.
ثالثها: ما رواه أبو داود في سننه وغيره من طريق عبدالله بن عبيدالله بن عباس عن عمه-أي عبدالله بن عباس رضي الله عنهما- أنهم دخلوا عليه فقالوا له: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ فقال: لا قيل: لعله كان يقرأ في نفسه قال: هذه شر من الأولى، كان عبدا مأمورا بلغ ما أمر به، وروى أبو داود والنسائي عن عبدالله بن عبيدالله بن أبي مليكة قال: دخلت على ابن عباس في شباب من بني هاشم فقلنا لشاب منا: سل ابن عباس أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ فقال :لا، لا، فقيل له:فلعله يقرأ في نفسه فقال: خمشا هذه شر من الأولى...إلخ
وقد حملوا هذا النفي على ما زاد على الفاتحة الشريفة؛ لثبوت وجوب قراءتها في كل ركعة من جميع الصلوات .
-
11/06/2012 11:50 PM #98عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 24/01/2012
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 167
وذهب جمهور الأمة إلى مشروعية قراءة ما تيسر من القرآن مع فاتحة الكتاب في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر، غير أنهم لم يقولوا بوجوب ذلك، بل قراءة ما زاد على الفاتحة لا يعدو أن يكون حكمها الندب عندهم، وعليه فلا يترتب فساد صلاة من اقتصر على الفاتحة وحدها عندهم، بل حكى غير واحد منهم الإجماع على عدم وجوب الزيادة على فاتحة الكتاب في مطلق الصلاة، ففي "الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان" للأمير علاء الدين الفارسي مانصه ((قال أبو حاتم: الأمر بقراءة فاتحة الكتاب في الصلاة أمر فرض، قامت الدلالة من أخبار أخر على صحة فرضيته، ذكرناها في غير موضع من كتبنا، والأمر بقراءة ما تيسر غير فرض دل الإجماع على ذلك)) اهـ، وقال ابن القطان الفأسي في كتابه "الإقناع في مسائل" الإجماع ))ومن قرأ أم القرآن في صلاته فصلاته تامة مجزئة بإجماع من المصلين)) اهـ، وقال أبو العباس القرطبي في كتابه "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" –وهو شيخ القرطبي المفسر المشهور- مانصه)):ولا قائل أعلمه يقول بوجوب قراءة السورة زيادة على أم القران وإنما الخلاف في وجوب أم القران خاصة)) اهـ، ونسب تلميذه القرطبي المفسر المشهور في تفسيره القول بعدم وجوب الزيادة على الفاتحة إلى جمهور أهل العلم، وبمثله قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" وقال النووي في "شرح المهذب" في السورة بعد الفاتحة)): مذهبنا أنها سنة، فلو اقتصر على الفاتحة أجزأته الصلاة، وبه قال مالك والثوري وأبوحنيفة وأحمد وكافة العلماء، إلا ما حكاه القاضي أبو الطيب عن عثمان بن أبي العاص الصحابي رضي الله عنه وطائفة، أنها تجب مع الفاتحة سورة أقلها ثلاث آيات، وحكاه صاحب البيان عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه –إلى أن قال- دليلنا قوله صلى الله عليه وسلم لاصلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن) وظاهره الاكتفاء بها...إلخ.
وفي صحيح البخاري حدثنا مسدد قال حدثنا إسماعيل ابن إبراهيم قال أخبرنا ابن جريج قال أخبرني عطاء أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقولفي كل صلاة يقرأ فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى عنا أخفينا عنكم وإن لم تزد على أم القرآن أجزأت وإن زدت فهو خير) ومثله عند مسلم في "صحيحه"، وبهذا قال الإمام الباجي في "المنتقى" من غير أن يشير إلى خلاف فيه.
ومستند القائلين بمشروعية الزيادة على أم القرآن في الأوليين من الظهر والعصر الأخبار الواردة بذلك، ومن ذلك حيث أبي قتادة قال (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر بفاتحة الكتاب وسورتين، يطول في الأولى ويقصر في الثانية، ويسمع الآية أحيانا، وكان يقرأ في العصر بفاتحة الكتاب وسورتين، وكان يطول في الأولى) رواه البخاري ومسلم ورواه بمعناه أبو داود والنسائي.
وحديث خباب بن الأرت رضي الله عنه المروي من طريق أبي معمر قالسألنا خبابا أكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم، قلنا: بأي شيء كنتم تعرفون ذلك؟ قال: باضطراب لحيته) رواه البخاري وأبو داود.
وحديث جابر بن سمرة عند أبي داود والترمذي والنسائي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر بـ (والسماء ذات البروج) (والسماء والطارق) ونحوهما من السور) وعند مسلم وأبي داود والنسائي عن جابر بن سمرة أيضا قالكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر بـوالليل إذا يغشى، وفي العصر نحو ذلك، وفي الصبح أطول من ذلك) وعنه عند مسلم وأبي داودكان يقرأ في الظهر ب(سبح اسم ربك الأعلى)، وفي الصبح بأطول من ذلك) وفي رواية النسائي عن البراء بن عازب رضي الله عنه كنانصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسمع منه الآية بعد الآيات من لقمان والذاريات) وعن أنس عند النسائيأنه صلى الظهر فلما فرغ قال: إني صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر، فقرأ بهاتين السورتين بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية) وروى أحمد ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر قراءة ثلاثين آية، وفي الأخريين قدر قراءة خمس عشرة آية، أو قال نصف ذلك، وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر قراءة خمس عشرة آية، وفي الأخريين قدر نصف ذلك).
على هذا عول القائلون بمشروعية الزيادة على أم القرآن في فرضي الظهر والعصر، وإن كانوا لا يقولون بأن هذه المشروعية ترقى إلى درجة الوجوب حتى تفسد صلاة من لم يأت بهذه الزيادة، وقد علمت أن من هؤلاء من حكى الإجماع على هذا، ومعنى هذا أن صلاة من اقتصر على أم القرآن وحدها صحيحة بالإجماع، والقول بعدم صحتها لا يعدو أن يكون شاذا.
أما أصحابنا رحمهم الله فإنهم لم يعملوا بهذه الروايات؛ لما رأوا فيها من الاضطراب، فإن من هؤلاء الرواة من حكي عنه أنه عول على الحدس لا اليقين، كما هو عند أبي سعيد الخدري، ومنهم من روي عنه أنه ما علم قراءته صلى الله عليه وسلم إلا من اضطراب لحيته في الصلاة كما في حديث خباب، وهو مطلق؛ إذ لم يعين ما كان يقرؤه، على أن اضطراب اللحية لا ينحصر في قراءة ما زاد على الفاتحة الشريفة، بل هو مما يكون فيه وفيها، على أنه يبعد كل البعد أن يكون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم-وهم المشهورون بالإخبات والخشية والخشوع وإجلال مقام الربوبية، باستشعارهم هيبة جلال الله وكبريائه في مناجاته –يعنون برفع أبصارهم لتفقد حال لحيته صلى الله عليه وسلم في صلاته وما يعروها من الاضطراب في قراءته أو ليسوا أولى الناس باتباع أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم والانتهاء عن كل ما حذروا منه؟ كيف وقد شدد رسول الله صلى الله عليه وسلم في رفع البصر في الصلاة والالتفات فيها، حتى قال في الذين يرفعون أبصارهم لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم) كما جاء في حديث أنس رضي الله عنه عند البخاري وأبي داود والنسائي، ونحوه في حديث أبي هريرة عند مسلم والنسائي، وحديث جابر ابن سمرة عند مسلم وأبي داود، وسألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقالهو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد) رواه البخاري ومسلم والنسائي.
ولا يخفى مكان الإمام في الصلاة، فهو يتقدم المأمومين ولا يكاد يتمكن من رؤية اضطراب لحيته إلا من كان مواجها له، ولو أمكن ذلك لبعض المصطفين خلفه فإنه لا يتيسر لهم إلا برفع أبصارهم إليه مع التفاتهم إليه إن كانوا في أطراف الصف الذي خلفه، ولو أن نحو هذا كان من أحد عوام الناس وجهلتهم لانهال الناس عليه توبيخا وتقريعا؛ لمجانبته الخشوع الذي هو روح الصلاة التي تحيا بها، ومناط فلاح من أتى بها، فناهيك بمن أثنى الله عليهم في كتابه إذ قال فيهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود) أويظن بأمثال هؤلاء أن صلاتهم كانت صلاة الجهلة الذين لا يأتونها إلا دبارا؟ فلا يستشعرون فيها لذة المناجاة، ولا يذوقون فيها طعم التذلل بين يدي كبرياء الله، ولا تعرج أرواحهم بمعارج الفكر والتدبر لما يتلونه من آيات الله، حتى تفنى عن هذا العالم إلى عالم لا استشعار فيه إلا بما هم مقبلون عليه من أنس المشاهدة لحقيقة الوحدانية، أولم يسمعوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)؟.
هذا وقد اختلف الذين روي عنهم تحديد القراءة في عين ما كان يقرؤه ومقداره، فإن السور المذكورة في هذه الروايات غير متحدة، ومقاديرها غير متقاربة، فكما رأيت أن في بعض الروايات كان يقرأ في الأوليين من الظهر في كل ركعتين قدر ثلاثين آية، وفي بعضها ما يدل على أنه يقرأ في الثانية قدر نصف ما يقرؤه في الأولى، وقد نص في بعضها على قراءة سورة لقمان والذاريات، وفي غيرها على سورتي البروج والطارق، وفي أخرى على الأعلى والغاشية، كما جاء في بعضها أنه يقرأ الليل وفي العصر مثل ذلك، وجاءت روايات مفرقة بين الظهر والعصر في مقدار ما يقرأ، وهذا وإن احتمل أن يكون الاختلاف فيه بتعدد الأحوال إلا أن قول بعض الرواة يفهم منه الاستمرار على الحالة التي يرويها، وبالجملة فإن الرواة في ذلك اختلفوا اختلافا كثيرا منهم من عول على الحدس، ومنهم من استدل باضطراب اللحية، ومنهم من حكى سماع الآية والآيتين، ومنهم من حكى سماع الآية بعد الآيات من سور حددها، ولا يخفى أنه مع مثل هذا الاختلاف لا تبقى النفس مستقرة على شيء، فلاغرو إن لم يعول أصحابنا على هذه الروايات وعولوا على رواية ابن عباس الجازمة بعدم القراءة -أي لأكثر من الفاتحة الشريفة- فإن قيل إن ابن عباس رضي الله عنهما نفسه ما كان مستقرا على الجزم في ذلك؛ لما رواه عنه أبو داود أنه قال: لا أدري أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرا في الظهر والعصر أم لا؟
قلت يبعد أن يصح ذلك عنه لوجوه:
أولها: لو كان ذلك صحيحا لما قال لسائله عندما قال لهلعله كان يقرأ في سره :هذه شر من الأولى)؟ وقد ثبت ذلك عنه من رواية ابن أخيه عبدالله ابن عبيد الله كما رواه أبو داود، ورواية عبدالله بن عبيدالله بن أبي مليكة كما رواه أبو داود والنسائي، فإن هذه الإجابة منه قاطعة لدابر الشك وقاضية على زعم التردد منه، وإلا فما باله جعل هذا التساؤل شرا لو أنه كان في نفسه غير جازم بما أجاب به، ويعزز ذلك قوله: كان عبدا مأمورا بلغ ما أرسل به .
ثانيها: أنه (قال لسائله: خمشا) كما في رواية عبدالله بن عبيدالله بن أبي مليكه، وهو دعاء عليه بخمش وجهه أو جلده، وأنى لابن عباس في سعته وحلمه وأناته أن يدعو بهذا على من اعترض عليه بسؤاله في أمر لم يستيقن فيه الحق، ولم يستبن فيه الرشد؟
ثالثها: أنه يبعد كل البعد أن يكون ابن عباس الذي تضرب إليه أكباد الإبل من آفاق الأرض، وترد إليه عويصات المسائل، ويحتكم إلى رأيه عند الاختلاف والجدل، يجهل من مسائل صلاته ما يلقنه الصبية أول ما يمرنون على الصلاة، ويدربون على أدائها، أوليس هو الذي دعا له ابن عمه صلى الله عليه وسلم بقوله ) :اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل) ليت شعري أيكون هذا مبلغ فقهه في الدين الذي تمناه له ابن عمه عليه الصلاة والسلام وهو يدعو له ربه؟! أم أنه لم يستجب فيه دعاؤه صلوات الله وسلامه عليه حتى كان قدر فقهه في أقدس عبادة وأعظم ركن من أركان الإسلام لا يتجاوز مراتب أخس الجهلة العوام الذين لا يفرقون في عباداتهم بين الصحيح والفاسد؟ ليت شعري كيف كان يؤدي صلاته وقد عاش ما عاش وهو يجهل هذه المسالة المشهورة من مسائلها؟ لقد أجاد –لعمر الحق- شيخ الشريعة والأدب العلامة أبو مسلم رحمه الله تعالى، حيث قال في "نثاره للجوهر" دفاعا عن حبر الأمة وترجمان القران وابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن أحق ما يعتقد في جانب حبر الأمة نفي هذا الشك عنه، ورد الرواية به أصلا؛ إذ إضافة هذا وأمثاله إليه سوء أدب وسوء ظن وقدح في أضوء نجم من نجوم الاهتداء رضي الله عنهم)) اهـ
يتبع ،،،
-
11/06/2012 11:51 PM #99عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 24/01/2012
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 167
وما جاء في بعض تلكم الروايات من كونه عليه الصلاة والسلام يسمعهم الآية أحيانا أو يسمعون منه الآية بعد الآيات هو مثار تساؤل؛ لأنه يستلزم تجاوزه عليه الصلاة والسلام في صلاة السر حدود الإسرار إلى الجهر، وهذا مما يؤدي إلى إباحة الجهر في موضع السر، فلا يبقى فرق بين صلاتي السر والجهر، ولمنافاته ما روي عن خباب أنهم كانوا يعرفون قراءته باضطراب لحيته، وهو يفيد أنهم ما كان لهم دليل على قراءته إلا هذه القرينة، إذ لو كان عندهم ما هو أقوى منها من الدلائل لكان أولى بخباب أن لا يدع الدليل الظاهر إلى القرينة الخفية، التي لو ثبتت لكان فيها أكثر من احتمال، فلو كان صلى الله عليه وسلم يسمعهم الآية أو الآيات مما يقرأ لما كان داع إلى عدم ذكر هذا الدليل والتعويل على تلكم القرينة الضعيفة، على أن سماع نحو هذا لا يختص به ذو سمع دون غيره ممن كانوا يصطفون بقربه صلوات الله وسلامه عليه، وكان ذلك داعيا للاشتهار بما ينقله القريب إلى البعيد.
وأترك هنا الميدان لفارس المقام المجلي شيخ الشريعة والأدب ليسبح فيه بيعبوبه السباق الذي لايجارى فقد قال رحمه الله في "نثاره"(ثم هؤلاء الصحابة الذين أسندوا إليهم روايات قراءته فيهما لم ينقلوا عنهم أنهم قالوا في صلاتي العصرين أنهما جهريتان، بل نقلوا عنهم مجرد قراءته، فمنهم من عين القراءة بالحزر والتخمين، ومنهم من عينها نصا، فقال قرأ فيهما كذا وكذا، ومنهم من استدل على ما كان يقرؤه ببعض الآيات التي كان يسمعهم إياها أحيانا، فهؤلاء الرواة ولاشك أنهم أو أغلبهم كانوا يصلون معه صلاته تلك، فهم في تلك الصلاة على أحد أمرين: إما أن يكونوا منصتين لما يسمعون، وهنا لابد قد استحالت الصلاة عن حكمها عجماء وعن حكمها سرية إلى حكمها جهرية فانخرق الإجماع، وإما أن يكونوا غير منصتين لما يسمعونه فقد عطلوا فرض الإنصات، وهنا لابد لهم إما أن يكونوا غير منصتين يتابعونه في قراءته تلك فقد نازعوه في قراءته وقد نههاهم عن منازعته فيها، كما في حديث، وإما أن يكونوا لا يتابعونه مع عدم إنصاتهم لقراءته فقد خرجوا من عمل الصلاة بعدم الإنصات، فلا بد لهم من لزوم حال من هذه الأحوال في تلك الصلاة.
وعلى كل حال فلابد من كون تلك الصلاة جهرية؛ لأن قرآنها مسموع للمأمومين، ولا يكون معقولا أن يكون قرآنها مسموعا وهي في حكمها سرية، إذ المنطوق به إذا تجاوز إلى سمع الغير لم يبق في حكم الإخفاء والإسرار، بل قد انتقل إلى حكم الإظهار والجهر، والسر والجهر ضدان لا يجتمعان ولا يتصف بهما منطوق واحد في حال واحدة، فبطل أن يكونوا سمعوه، وهو مسر بمنطوقه، وبطل أن يكون منطوق به يخرج من فم الناطق فيتصل بأذن سامع فيتكيفه ذلك السامع ويفهمه ويؤديه عن الناطق إلى غيره ثم يحكم العقل بأنه باق في حكم السر، والنتيجة أن تلك الصلاة التي نقل سماع قراءته فيها قرآنا غير الفاتحة لاشك في أنها جهرية بحكم الصفة التي تلبست بها تلك، وهم مجمعون معنا على أن العصرين لا يجهر فيهما، فأين السر في صلاة سمع فيها عدول الصحابة تارة (سبح اسم ربك الأعلى) وتارة (هل أتاك حديث الغاشية) وتارة (والسماء والطارق) (والسماء ذات البروج) وتارة يسمعون منه الآية بعد الآية من سورة لقمان والذاريات، وتارة يقالعن ابن عمر أنه عليه الصلاة والسلام سجد في صلاة الظهر ثم قام فركع، فرأينا أنه قرأ تنزيل السجدة) وتارة يقالعن أبي سعيد الخدري كنا نحزر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر، فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر الم تنزيل السجدة، وحزرنا قيامه في الأخريين قدر النصف من ذلك، وحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من العصر على النصف من ذلك) في رواية بدل قولهتنزيل السجدة قدر ثلاثين آية، وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية، وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر خمس عشرة آية، وفي الأخرين قدر نصف ذلك) وتارة كما في حديث أبي قتادة المتفق عليه معهم (أنه كان يقرأ في الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين وفي الأخريين بفاتحة الكتاب) وتارة يقال عن سمرة بن جندب أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ في الظهر (والليل إذا يغشى) وفي العصر نحو ذلك).
فأهل الروايات المعينة هل يقال إن تعين المقروء تأدى إلى أسماعهم وهو في حالة الإسرار وهو محال؟ أم يقال تأدى إلى أسماعهم وهو جاهر به ولابد منه؟
وقد قلت: إن هذه الحالة تخرج الصلاة من حكمها سرية إلى حكمها جهرية، وأهل روايات التخمين والحزر كرواية أبي سعيد المذكورة هنا وكروايته الثانية (كانت صلاة الظهر تقام فينطلق أحدنا إلى البيقع فيقضي حاجته، ثم يأتي أهله فيتوضأ، ثم يرجع إلى المسجد والرسول صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى) وكرواية خباب المتقدم ذكرها، وكرواية ابن عمر الآنفة هنا، كلهم لم ينصوا على مقروء معين؛ ذلك لأن المقروء لم يسمعوه إنما كانوا يستدلون على وقوع قراءة لهذه القرائن، تارة يحزرون مقدارها بتنزيل السجدة، وتارة بثلاثين آية، وتارة يستمر مقدارها زمنا يتمكن فيه الرجل من مسيره إلى البقيع وقضاء حاجته ومسيره إلى أهله للوضوء أي وللطهارة ثم يرجع إلى المسجد والرسول صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى، فهذا الزمن يكاد أن تستغرقه سورة البقرة، فليت شعري أولئك المصلون خلفه كيف قضوا ذلك الزمن؟! هل كانوا يقرؤون معه عين ما يقرؤه فيكونون قد نازعوه قراءته؟ أم كانوا يقرؤون غير ما يقرأ فيكونون قد ضيعوا واجب المتابعة وإنما جعل الإمام إماما ليؤتم به؟ أم كانوا لا يقرؤون غير الفاتحة في زمن قراءته تلك؟ فيفترق هنا حكمهم وحكمه -أعني في القراءة- تجب عليه ولا تجب عليهم، وإذا لم تجب عليهم فلماذا تجب علينا؟)) اهـ
هذا ومن المعلوم أن الصلاة عبادة يشترك في أقوالها وأعمالها الإمام والمأموم، والمأموم فيها تبع لإمامه كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام إنما جعل الإمام إماما ليؤتم به) حتى أن المأموم المسافر يتبع إمامه المقيم فيصلي صلاته تماما ولو كان أصل فرضه ركعتين، اللهم إلا ما قام الدليل على استثنائه من هذه القاعدة، بحيث لم يلزم المأموم أن يأتي بما يأتي به إمامه اكتفاء بفعل الإمام وهو قول سمع الله لمن حمده، فإن المشروع للمأموم أن يقول وراء إمامه ربنا ولك الحمد كما نص عليه حديث(وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد) وكذلك قراءة ما زاد على الفاتحة الشريفة كما جاء في حديث عبادة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لعلكم تقرؤون خلف إمامكم، قلنا: أجل، قال: لا تفعلوا إلا بأم القرآن لأنه لا صلاة إلا بها)، وما يعززه من الروايات الأخرى الدالة على هذا، لأن المشروع للمأموم فيما زاد على الفاتحة الشريفة الإنصات لقراءة إمامه، وكيف يكون الإنصات عندما يسر الإمام بالقراءة؟ أوليس سكوت المأموم فترة من الوقت غير قارئ ولا منصت لإمامه مدعاة لتشتت فكره وخروجه عن الاشتغال بالصلاة بما يلقيه بباله الشيطان من وساوس تذهب بعقله كل مذهب ليلبس عليه دينه ويفسد عليه صلاته؟ وإن كان لا يقتصر على قراءة الفاتحة في هذه الحال ويتابع إمامه في القراءة كما قيل بأن الإنصات وترك الزيادة على الفاتحة إنما هو في قراءة الجهر دون السر، قلنا أنى له بالمتابعة مع إسرار الإمام؟ أم أنه جرى العمل بأن يخبر ألإمام مأموميه قبل شروعه في صلاة السر بما سوف يقرؤه فيها ليتابعوه في سرهم؟ فإن قيل: لايتعين أن يتفقوا معه فيما يقرأ بل لهم أن يقرؤا ما شاؤوا، قلنا: وهل يتفق هذا مع ما يطلب منهم من ائتمامهم به؟ أوليس في ذلك انفلات المأموم عن الإمام في الصلاة حتى تكون صلاة كل منهما مستقلة عن صلاة الأخر؟ فلا يبقى معنى لارتباطه به وتقيده بحركاته في الركوع والسجود والقيام والقعود،
هذه هي وجهة نظر أصحابنا عندما تركوا الأخذ بتلكم الروايات، أردت شرحها في هذا الجواب لئلا يظن ظان أنهم أرادوا العدول عن السنة وارتضوا عنها بديلا، أو يتسرع متسرع إلى تخطئتهم والحكم ببطلان صلاتهم مع أنهم في هذا لم يكونوا شاذين عن مسلك علماء الأمة في التعامل مع المروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما ينقدح في نفوسهم ريب في ثبوته عنه عليه أفضل الصلاة والسلام، فكأين من عالم رأيناه يقف عن الأخذ بروايات جاءت عنه صلى الله عليه وسلم بطرق صحيحة لا لشيء إلا للارتياب الذي يتراءى له فيها، ومن بين هؤلاء أئمة المذاهب الأربعة، فهذا الإمام مالك عرف عنه أنه كان لا يأخذ بالحديث الآحادي ولو صح سنده إن خالف عمل أهل المدينة، ولربما ترك العمل بالحديث لسبب آخر كان في رأيه التعويل عليه، ومن ذلك أنه يرى ترك العمل بحديث (من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان له كصيام الدهر) حتى قال بكراهة صيام هذه الست، كما نص عليه في "الموطأ" إذ جاء فيه ((قال يحيى: وسمعت مالكا يقول في صيام ستة أيام بعد الفطر من رمضان: إني لم أر أحدا من أهل العلم والفقه يصومها، ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف، وإن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته، وأن يلحق برمضان ما ليس منه أهل الجهالة والجفاء لو رأوا في ذلك خفته عند أهل العلم ورأوهم يعملون بذلك)) اهـ، فأنت ترى أنه ترك الأخذ بهذا الحديث مع أنه جاء من طرق شتى، فقد رواه من الصحابة رضي الله عنهم أبو أيوب الأنصاري وثوبان وجابر بن عبدالله وأبو هريرة وابن عباس والبراء بن عازب، وقد بلغ بعض هذه الطرق مرتبة الصحة وبعضها دون ذلك، ولا ريب أنها يقوي بعضها بعضا، ومع هذا فإنه كره العمل بهذا الحديث لرأي رآه، وأيده عليه كبار علماء مذهبه، فقد قال الباجي في شرحه الموطأ "المنتقى")):وأنما كره ذلك مالك لما خاف من إلحاق الناس ذلك برمضان وأن لايميزوا بينها وبينه حتى يعتقدوا جميع ذلك فرضا)) اهـ
ونص خليل على كراهة صيامها في مختصره –وهو المعول عليه في الفقه المالكي- ونقل شارحه الحطاب عن مطرف قوله (إنما كره مالك صيام ستة أيام من شوال لذي الجهل لئلا توصل بيوم الفطر)) اهـ
يتبع ،،،
-
11/06/2012 11:51 PM #100عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 24/01/2012
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 167
وقال ابن العربي المالكي في "عارضة الأحوذي شرح صحيح الترمذي" ما نصه(وصل الصوم بأوائل شوال مكروه جدا؛ لأن الناس صاروا يقولون تشييع رمضان وكما لا يتقدم لا يشيع –إلى أن قال- وروى ابن المبارك والشافعي أنها من أول الشهر، ولست أراه، ولو علمت من يصومها من أول الشهر وملكت الأمر أدبته وشردت به؛ لأن أهل الكتاب بمثل هذه الفعلة غيروا دينهم )) اهـ
وممن نص على كراهة صيامها من المالكية ابن شاس في "الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة" والقرافي في "الذخيرة" وزكى القرطبي قول مالك هذا بقوله( وقد وقع ما خافه، حتى أنه كان في بعض بلاد خراسان يقومون لسحورها على عادتهم في رمضان)) اهـ
فانظر كيف بلغ بأصحاب مالك التشدد في هذا حتى جعلوا صيام هذه الست طريقا إلى البدعة وحدثا في الدين يعاقب فاعله بالتأديب والتشريد مع ثبوت الحديث الصحيح المرغب في صيامها؟ والنبي صلى الله عليه وسلم هو أولى بالغيرة على الدين الذي جاء به أن يكدر صفوه بشوائب البدع، على أن تزكية القرطبي لما ذهب إليه إمامه مالك في هذا ليست بشيء، فإن قيام ليل هذه الست ليس من البدعة في شيء بل هو كقيام سائر الليالي إذ لا يختص القيام بليالي رمضان وحدها، كيف وقد أثنى الله على عباده الصالحين بقوله: (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) ووصف المتقين بقوله : (الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار) وقال تعالىلقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) وكان من دأبه عليه الصلاة والسلام أن يقوم الليل حتى تتفطر قدماه، ولم يمنع من ذلك أصحابه، فقد قام معه ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عندما بات عند خالته ميمونة، فتبع النبي صلى الله عليه وسلم في قيامه، وهكذا كان شأنهم في اقتدائهم بالنبي صلى الله عليه وسلم في عبادته، ولا يُسلّم لابن العربي أن بهذه الفعلة غيّر أهل الكتاب دينهم، لأن تغييرهم لدينهم ما كان باتباعهم أنبياءهم ولكن بعصيانهم لهم، وفي صيام هذه الست بعد رمضان إتيان بما رغّب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
على أن كراهة صيام هذه الست لم تكن في مذهب مالك فحسب بل هي محكية عن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، بل وعن شيخه أبي حنيفة أيضا.
ومثل هذا إباحة مالك لإفراد يوم الجمعة بصيام النفل من غير كراهة، فقد جاء في "الموطأ"((وقال يحيى: سمعت مالكا يقول لم أسمع أحدا من أهل العلم والفقه ومن يقتدى به ينهى عن صيام يوم الجمعة، وصيامه حسن، وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه وأراه كان يتحراه)) اهـ، مع أن النهي عن صيامه وحده اشتهر من طرق كثيرة عنه عليه أفضل الصلاة والسلام، فقد أخرج أحمد والشيخان (عن أحمد بن محمد بن عباد بن جيفر قال: سألت جابرا أنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة؟ قال: نعم) وفي رواية للبخاري (أن يفرد بصوم) وزاد أحمد ومسلم وغيرهما (نعم ورب هذا البيت) وفي رواية النسائي (ورب الكعبة) وروى الجماعة إلا النسائي (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تصوموا يوم الجمعة إلا وقبله يوم أوبعده يوم) ومن طريقه عند مسلم مرفوعا(لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تختصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم) وعند أحمد من طريقه (يوم الجمعة يوم عيد فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم إلا أن تصوم يوما قبله أوبعده) وروى أحمد والبخاري وأبو داود (عن جويرية رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها في يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: أصمت أمس؟ قالت: لا، قال: أتصومين غدا؟ قالت: لا، قال: فأفطري) وروى أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تصوموا يوم الجمعة وحده) وأخرج أحمد والنسائي والحاكم عن جنادة الأزدي رضي الله عنه(دخلتُ على رسول صلى الله عليه وسلم، يومَ جمعة في سبعة من الأزد، أنا ثامنهم وهو يتغدَّى، فقال: هلموا إلى الغداء فقلنا: يا رسولَ اللّه إنا صيام. فقال: أصُمتم أمسِ؟ قلنا: لا. قال: فتصومُون غداً؟ قلنا: لا. قال: فأَفْطِروا. قال: فأكلنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال.: فلما خرج وجَلَس على المنبر، دعا بإناء ماء، فشرب وهو على المنبر، والناسُ ينظرون إليه، يُريهم أنه لا يَصومُ يَومَ الجمعة) ومع هذا فإن بعض أصحاب مالك احتجوا لما ذهب إليه أن يوم الجمعة لا يمنع صيامه مع غيره فلا يمنع صيامه وحده، ولا يخفى أن هذا قياس في مقابل النص ورد لما ثبت بالسنة لمجرد النظر.
ومن أمثلة هذا أن مالكا والثوري وأبا حنيفة وأصحابهم قالوا بأنه لا ينفع المحرم أن يشترط في حجه إذا خاف أن يحصر بمرض أو عدو، وهو الذي ذهب إليه الشافعي في "الأم" مع صحة حديث بضاعة بنت الزبير بن عبد المطلب الذي أخرجه الشيخان وغيرهما من طريق ابن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها أهلي واشترطي أن محلي حيث حبستني) وقد أخذ بذلك جماعة من الصحابة والتابعين بل الشافعي نفسه في "الأم" رواه بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها وعلل عدم أخذه بالحديث أنه لم يصح عنده؛ لأنه رواه من طريق عروة مرسلا، وذكر أنه لو ثبت لم يعده، وأنكر الشافعي في "الأم" أيضا صحة حديث عائشة رضي الله عنها الذي أخرجه الشيخان من طريق سليمان بن يسار أنها (قالت في الثوب تصيبه الجنابة: كنت أغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يخرج للصلاة وأثر الثوب فيه بقع الماء) فقد قال في "الأم" ((إن هذا ليس بثابت عن عائشة وهم يخافون فيه غلط عمروابن ميمون إنما هو رأي سليمان بن يسار كذا حفظه عنه الحفاظ غسله أحب ألي، وقد روي عن عائشة خلاف هذا القول ولم يسمع سليمان فيما علمناه من عائشة حرفا قط ولو رواه عنها كان مرسلا))اهـ، على أن دعوى أن سليمان بن يسار لم يسمع من عائشة حرفا قط منقوضة بما جاء في صحيح البخاري (قال حدثنا قتيبة قال حدثما يزيد قال حدثنا عمرو عن سليمان قال سمعت عاشة ح وحدثنا مسدد قال حدثنا عبد الواحد قال حدثنا عمرو بن ميمون عن سليمان بن يسار قال سألت عائشة عن المني يصيب الثوب..إلخ) فأنت تراه صرح في إحدى هاتين الروايتين بسماعه عن عائشة وفي الأخرى بأنه هو الذي سألها عن ذلك فمن أين جاءت دعوى من قال بأنه لم يرو حرفا عنها؟.
-
11/06/2012 11:52 PM #101عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 24/01/2012
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 167
وقد أجاد الحافظ بن حجر حيث قال في شرحه الحديث: ((قوله: (سمعت عائشة) وفي الإسناد الذي يليه سألت عائشة فيه رد على البزار، حيث زعم أن سليمان بن يسار لم يسمع من عائشة، على أن البزار مسبوق بهذه الدعوى، فقد حكاه الشافعي في "الأم" عن غيره، وزاد أن الحفاظ قالوا: إن عمرو بن ميمون غلط في رفعه، وإنما هو في فتوى سليمان. انتهى. وقد تبين من تصحيح البخاري له وموافقة مسلم له على تصحيحه صحة سماع سليمان منها، وأن رفعه صحيح، وليس بين فتواه وروايته تناف، وكذا لا تأثير للاختلاف في الروايتين، حيث وقع في إحداهما أن عمرو بن ميمون سأل سليمان، وفي الأخرى أن سليمان سأل عائشة؛لأن كلا منها سأل شيخه، فحفظ بعض الرواة ما لم يحفظ بعض، وكلهم ثقات.)) اهـ كلام الحافظ
ومما يبعد دعوى عدم سماع سليمان من عائشة رضي الله عنها أن سليمان كان من كبار التابعين بالمدينة المنورة حيث كانت أم المؤمنين، فيبعد أن لا يتصل بها للاستفادة من علمها، والارتشاف من معين السنة النبوية، الذي كان يتدفق من لسانها، فقد كانت عيبة سنته صلى الله عليه وسلم؛ لكثرة ما حفظت عنه وأفادت به الأمة.
أما الإمام أبو حنيفة فلا يخفى على أحد ممن مارسوا فقهه وعرفوا منهجه ترجيحه جانب الدراية على جانب الرواية، ناهيك أنه كان يرى ترك العمل بالرواية وإن صحت إن خالفها مذهب راويها، فضلا عن ترجيحه القياس على الحديث الآحادي، ولذلك عرفت مدرسته بمدرسة الرأي، وفيما ذكرناه من بعض آرائه وآراء أصحابه شاهد على أنهم تركوا الأخذ بأحاديث صحت أسانيدها لاعتبارات عولوا عليها.
وأما الإمام أحمد الذي هو إمام مدرسة الحديث، فقد ردّ أحاديث رويت بأسانيد صحاح، أخرج بعضها بنفسه كما أنها عند الشيخين وغيرهما، وذلك من أجل اعتبارات انقدحت في ذهنه فاستساغ بها ردّ تلكم الأحاديث، ومن شواهد ذلك أنه روى بنفسه وروى الشيخان من طريق أبي هريرة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يهلك أمتي هذا الحي من قريش، قالوا: فما تأمرنا يارسول الله؟ قال: لو أن الناس اعتزلوهم) فقد قال ابنه عبدالله: قال أبي في مرضه الذي مات فيه: اضرب على هذا الحديث؛ فإنه خلاف الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك اشتد إنكاره حديث ابن مسعود الذي رواه مسلم(ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لايفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل) وقد حكى عنه النووي في "شرحه على صحيح مسلم" إنكاره لصحة هذا الحديث رأسا. هذا مع أن الحديثين يؤيدهما الواقع، ويتفقان مع دلائل القرآن، وينسجمان مع أصول الإسلام. وكان من مذهبه استحباب صيام يوم الثلاثين من شعبان –وهو المعروف بيوم الشك- إن حال دون رؤية الهلال قبله قتر أو غيم، حتى أن كثيرا من أصحابه كانوا يرون أن مذهبه وجوب الصوم في هذه الحالة، مع ما ثبت من الروايات المتعددة التي وردت بشتى الطرق وقد بلغت مبلغ الصحة، مشددة في صيام هذا اليوم وآمرة بإتمام العدة ثلاثين في حال الغيم. وقد أطال ابن تيمية في "فتاواه" في الانتصار لمذهب إمامه أحمد، أن صيام ذلك اليوم مستحب في حال الغيم، وكل مستنده إنما هو القياس والنظر .
وإذا علمتم هذا فأي غرابة تبقى من صنيع أصحابنا إذ لم يأخذوا بالروايات الواردة بقراءة ما زاد على أم القرآن في الظهرين، مع ما في تلك الروايات من الاضطراب والاختلاف وما يدعو إلى الشك والريبة فيها، ولو أخذنا نتأمل ما بين هذا الذي عولوا عليه في عدم الأخذ بها، ومع ما عول عليه غيرهم في ترك الأخذ بروايات صحيحة الأسانيد حسب معايير أهل الحديث لوجدنا بونا شاسعا، فإن معول أصحابنا في تركهم العمل بتلكم الروايات كان أقوى مأخذا وأجلى تعلة، بينما ردّ غيرهم للكثير مما ردوه كان مبنيا على ما هو أقرب إلى الوهم منه إلى الحقيقة، على أن ما ورد في قراءة ما زاد على الفاتحة لا يعدو أن يكون فعلا يحكى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما ذكرناه من ترك العمل بروايات صحت أسانيدها معظمه أقوال منقولة عنه عليه أفضل الصلاة والسلام، ولا يخفى ما بين أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم من التفاوت في قوة الدلالة، إذ لا خلاف أن القول أدل على الحكم ، وأبين حجة من الفعل، ومع هذا كله فإنا تقول: بأن هذه الروايات كلها لم تتجاوز مرتبة الآحاد، ولا يسوغ فيها وفي أمثالها أن يفرض أحد قناعته على غيره؛ لأن ما ينقدح في الأذهان تجاهها يتفاوت بتفاوت التفكر والإمعان، ويترتب على ذلك أن يكون في وجدان مجتهد ما ليس في وجدان غيره، وإنما الكل يطالب أن يتبع النهج الذي يراه أصح وأسلم وأوفق لمقتضيات العقول وأصول الشريعة، وقد أشار إلى هذا الأستاذ الإمام محمد عبده حيث قال:
"ليس لهؤلاء –أي الذين ثبتت عندهم الرواية بعد التحري والتمحيص- أن يلزموا غيرهم ما ثبت عندهم؛ فإن ثقة الناقل بمن ينقل عنه حالة خاصة به لا يمكن لغيره أن يشعر بها حتى يكون له عن المنقول عنه في الحال مثل ما للناقل معه، فلا بد أن يكون عارفا بأحواله وأخلاقه ودخائل نفسه، ونحو ذلك مما يطول شرحه وتحصل الثقة في النفس بما يقول القائل" اهـ.
وقال العلامة السيد محمد رشيد رضا بعد ما نقل هذا الكلام عن شيخه ما نصه:
" معنى هذا أن بعض أحاديث الآحاد تكون حجة على من ثبتت عنده واطمأن قلبه بها، ولا تكون حجة على غيره يلزم العمل بها، ولذلك لم يكن الصحابة رضي الله عنهم يكتبون جميع ما سمعوا من الأحاديث، ويدعون إليها مع دعوتهم إلى اتباع القرآن والعمل به، وبالسنة العملية المتبعة المبينة له إلا قليلا من بيان السنة، كصحيفة علي كرم الله وجهه المشتملة على بعض الأحكام: كالدية، وفكاك الأسير، وتحريم المدينة كمكة، ولم يرض الإمام مالك من الخليفتين المنصور والرشيد أن يحملا الناس على العمل بكتبه حتى "الموطأ" وإنما يجب العمل بأحاديث الآحاد على من وثق بها رواية ودلالة، وعلى من وثق برواية أحد وفهمه لشيء منها أن يأخذه عنه، ولكن لا يجعل ذلك تشريعا عاما" اهـ
ومن رجع إلى ما قاله أهل الحديث، وما بينوه من وسائل فهم الحديث الصحيح وغيره، يجد أن مسلك أصحابنا في هذا لم يخرج عن قواعد مصطلحهم، فإليك ما قاله الخطيب البغدادي في كتابه "الفقيه والمتفقه"( وإذا روى الثقة المأمون خبرا متصل الإسناد رد بأمور:
أحدها: أن يخالف موجبات العقول فيعلم بطلانه، لأن الشرع إنما يرد بمجوزات العقول، وأما بخلاف العقول فلا.
الثاني: أن يخالف نص الكتاب والسنة المتواترة، فيعلم أنه لا أصل له أو أنه منسوخ.
الثالث: أن يخالف الإجماع، فيستدل على أنه منسوخ أو لا أصل له.
الرابع: أن ينفرد الواحد برواية ما يجب على كافة الخلق علمه، فيدل ذلك على أنه لا أصل له؛ لأنه لا يجوز أن يكون له أصل وينفرد هو بعلمه من بين الخلق العظيم.
الخامس: أن ينفرد برواية ما جرت العادة بأن ينقله أهل التواتر، فلا يقبل؛ لأنه لا يجوز أن ينفرد في مثل هذا بالرواية. اهـ.
وأنتم تدرون أن أمر الصلاة تشريع عام ينطبق على جميع المسلمين، فيدخل فيه الرجل والمرأة والصغير والكبير، والنبي صلى الله عليه وسلم متعبد بأن يعلمهم أحكامها، ويبين لهم كيفية أدائها، فيبعد كل البعد أن لا يكون منه هذا حتى لا يتوصل إلى فهم أحكامها إلا من خلال رؤية اضطراب لحيته صلى الله عليه وسلم، أو سماع بعض الآيات التي يرتفع بها صوته أحيانا ليسمعها من كان أقرب المصلين في الصف الأول إليه صلوات الله وسلامه عليه، فلو كانت هذه القراءة مشروعة لأنبا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم جميع المصلين، ولنقل عنه ذلك نقلا مستفيضا كما نقل عنه ما قاله في قراءة الفاتحة الشريفة، لأن هذا أمر يتكرر عند كل مصلّ وليس هو كالمسائل التي يقل وقوعها.
ولست أزعم أن هذه المسألة من مسائل الدين، وأن حجتنا فيها قطعية، كلا، فهي إحدى مسائل الرأي التي للاجتهاد فيها مجال واسع، وكل مجتهد مخلص لله تعالى في اجتهاده بحيث لا ينشد إلا الحق ولا يعول إلا على الدليل يثاب على اجتهاده ولا يعنف فيه، على أن لا يجعل من اجتهاده سهما يطعن به في اجتهاد غيره، ويدعي بطلان عمله لهذا تملكني العجب من قول ذلك الشيخ الذي أفتاكم بهذا، بأن صلاة من لم يزد على قراءة الفاتحة الشريفة باطلة، وإنما يعذر فيما مضى لجهله ولا يعذر في المستقبل، لقيام الحجة عليه على حد قوله تعالى في الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ماسلف وأمره إلى الله ..) فليت شعري من أين جاء بهذا الحكم؟ وكيف سوغ لنفسه أن يقول هذا القول؟ مع أن الأمة جميعا على خلاف هذا الرأي، فقد تبين لكم أن غير واحد من علماء المذاهب الأخرى نقل الإجماع على صحة صلاة من اقتصر على قراءة أم القران، ولئن كان بفطنته الوقادة ونظره الثاقب انفرد في هذه المسألة بما لم يسبق إليه من علماء مذهبه أوَلا يكون حريا به أن يقول كما قال فحول العلماء المجتهدين من قبله الذين نقل عن غير واحد منهم أنه قال فيما أداه إليه اجتهاده: هذا قولي وهو عندي صواب يحتمل الخطأ وما قاله غيري خطأ يحتمل الصواب؟ والأدهى من هذا كله أن يجعل هذا الأمر نظيرا للربا الذي أنزل الله فيه ما أنزل، فليت شعري أجعل المظنون كالمقطوع به؟ وأنزل رأيا رآه وفتوى أفتى بها منزلة حكم رباني نزل به نص قرآني من عند الله لا مساغ للشك في ثبوته ولا في دلالته؟ ولئن كان حريصا على إقناع الناس برأيه الذي ارتآه ألم يكن له في سائر الوسائل متسع عن الدخول في هذه المضائق وركوب هذا المركب الصعب؟ أَوَيرى أن فتواه هذه خرجت بهذه المسألة عن حدود الرأي؟ وارتقت بها إلى أوج مسائل الدين القطعية؟ أسأل الله تعالى لي وله ولكل مسلم البصيرة في الدين، والسلامة من عثرات القول وزلات الأفهام وكبوات الرأي، وهو ولي التوفيق، أومن به وأتوكل عليه، وأفوض أمري كله إليه، وأستغفره وأتوب إليه من كل ما خالفت فيه الحق وجانبت فيه الصواب عن إصرار أو عن خطأ، وهو حسبي وكفى، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحمد بن حمد الخليلي
الرابع من ذي الحجة 1426هـ
انتهت الرسالة القيمة .
-
11/06/2012 11:53 PM #102
جزاكم الله خيرا.
-
11/06/2012 11:54 PM #103
تسلم الشاؤق البارق على المداخلة الطيبة
بارك الله فيكم و كثر من أمثالكم
-
11/06/2012 11:55 PM #104عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 24/01/2012
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 167
تستطيع الإستفاده من هذا الرابط
http://istiqama.net/fiqh/raising-hand/menu.htm
-
12/06/2012 12:00 AM #105عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 24/01/2012
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 167
كيفية صلاة العصر نموذجا إذا صلى منفردا :
1- يقف المصلي باتجاه القبلة ونظره إلى موضع السجود مرخيا يديه بجانبه
2- ينوى الصلاة بقلبه أربع ركعات أداء لفريضة العصر.
3- يشرع في الإقامة :
الله أكْبَرُ الله أَكْبَرْ (مَرَّتَيْنِ).
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا الله (مَرَّتَيْنِ).
أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله (مَرَّتَيْنِ).
حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ (مرَّتينِ).
حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ (مَرَّتَيْنِ).
قد قامت الصلاة (مرتين)
الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرْ (مَرَّةً وَاحِدَةً).
لا إِلَهَ إِلا الله (مَرَّةً وَاحِدَةً)
4- يوجه توجيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وتوجيه سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام:
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ تَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلا إِلَهَ غَيْرُكَ"
}إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {
5- يكبر تكبيرة الإحرام . بعدها سكتة بسيطة
6- يستعيذ ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) بعدها سكتة بسيطة
7- يقرأ الفاتحة الشريفة من البسملة وحتى ناهيتها. سكتة بسيطة
8- يكبر للركوع وينحني واضعا كفيه على ركبتيه مسويا ظهره . ويسبح ثلاث مرات (سبحان ربي العظيم)
9- يشرع في القيام قائلا ( سمع الله لمن حمده) وعندما يعتدل يقول ربنا ولك الحمد .
10- يهوي للسجود مكبرا (الله أكبر) ويسجد مقدما ركبتيه ثم كفيه
ويسجد على جبهته وأنفه وكفيه وركبتيه وقدميه وتكون رؤوس أصابع القدمين نحو القبلة. (ويسبح ثلاث مرات = سبحان ربي الأعلى) ثم يرفع من السجود مكبرا ويجلس مفترشا قدمه اليسرى وناصبا قدمه اليمنى ويضع كفيه على ركبته . ثم يكبر للسجدة الثانية ويسجد ويسبح كما تقدم ثم يكبر للقيام ولايقطع التكبيرة حتى يعتدل قائما .
11= يؤدي الركعة الثانية بنفس الطريقة وعندما يجلس بعد السجدة الثانية يقرأ التشهد: "التَّحِيَّاتُ لِلَّه وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه،ُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ".
12- تقوم مكبرا وتأتي بالركعتين الثالثة والرابعة بنفس الطريقة
13- ثم تجلس للتشهد الأخير: "التَّحِيَّاتُ لِلَّه وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه،ُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ". وتزيد عليه الصلاة الإبراهيمية: اللهمَّ صلِّ على نبينا محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيمَ، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما باركتَ على إبراهيمَ وعلى آل إبراهيمَ في العالمين، إنَّك حميدٌ مجيد
14- ثم الدعاء بما تيسر اللهمَّ إني أعوذُ بِكَ مِنْ عَذابِ القَبرِ، وأعوذُ بكَ مِنْ عَذابِ جهنَّمَ، وأعوذُ بكَ مِنْ فتنةِ المسِيْحِ الدَّجالِ، وأعوذُ بِكَ مِنْ فتنةِ المحيا والممَاتِ
15- تسلم ( السلام عليكم ) بجهة اليمين
( ورحمة الله) صافحا بوجهه جهة اليسار
وبذلك تكون قد تمت الصلاة .........
هذا الموضوع شامل http://www.nafosa-net.com/vb/showthread.php?t=29757
-
12/06/2012 12:06 AM #106عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 24/01/2012
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 167
أخواني لاحظت أسئلة كثيرة تتردد في الموضوع وهنا الجواب
في أَرْكَانِ الصَّلاةِ
وبعدَ أنْ تعلمتَ -أخِي الطالبَ أختي الطالبةَ- شُروطَ الصَّلاةِ فاحمدِ الله تعالَى على نعمةِ العِلْمِ واسألْهُ التَّوفِيقَ لصَالحِ العَمَلِ، والاقتداءِ بسَيِّدِ الرُّسلِ، المعطَى جوامعَ الكَلِمِ، القائِلِ:" صلُّوا كمَا رأَيتمُونِي أُصَلِّي"[1].
وقدْ مرَّ لديكَ سلفًا أنَّ للصَّلاةِ أركانًا -وقدْ عرفتَ الفَرقَ بينَ الرُّكنِ والشَّرطِ- فشمِّرِ العزمَ لإدراكِ الأركانِ فإنَّهُ لا يمكنُ أنْ يقومَ للصَّلاةِ بدونِها بنيانٌ...
وأركانُ الصَّلاةِ تسْعةٌ، وهيَ -إجمالاً-: النيَّةُ، والقِيامُ، وتكبيرةُ الإِحْرامِ، والخشُوعُ، وقراءةُ الفَاتحةِ، والرُّكوعُ، والسُّجودُ، والتشَهُّدُ الأخيرُ، والتسْلِيمُ.
فهَاكَها مفصَّلةً مُبَيَّنَةً:
الرُّكْنُ الأوَّلُ: النيَّةُ
النيةُ هيَ الركنُ الأولُ منْ أركانِ الصلاةِ، بلْ هيَ الركنُ الأولُ مِنْ جميعِ العباداتِ التي لا نعقلُ معناهَا، والدَّليلُ على وجوبِها وركنيَّتِها قولُهُ تعالى: }وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ { البينة: ٥، وقولُهُ عليْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ :" إنَّمَا الأعْمالُ بالنِّياتِ"[2].
فَصْلٌ
واعلمْ -يا رحمكَ الله- أنَّهُ ينبغِي للمصلِّي إذَا أرادَ القيامَ واقفًا بينَ يدَيْ ربِه العظيمِ جلَّ في علاهُ أنْ يُخلصَ القصدَ والمرادَ للهِ تعالَى ثم يُعيِّنَ الصَّلاةَ التي يريدُ القيامَ لها ظهرًا أو عصرًا...ثمَّ يعينَها فرضًا أو نفلاً... حضرًا أو سفرًا.. أداءً أو قضاءً، وعليهِ أنْ يستحضرَ نيتَهُ طوالَ الصلاةِ إنْ أمكنَهُ، وإنْ عزبتِ النيةُ أثناءَ الصلاةِ فلا بأسَ ما لم ينوِ قطعهَا أو تبديلَ النيةِ لصلاةٍ أخْرى كأنْ يحولِّها مِنْ فرْضٍ لنفلٍ، أو منْ فرضٍ لفَرضٍ آخرَ فإنَّ ذلكَ مما تفسُدُ الصلاةُ بهِ[3].
فَتْوَى
السُّؤالُ/ ما الحكمُ إذَا صلَّى الشَّخصُ الجمعةَ بنيةِ أنَّها (سنةٌ) جاهلاً بحكمِ وجوبِها؟ وهَلْ يلزمُه شيءٌ ؟
الجوابُ/ عليهِ أنْ يُبدلهَا ظهراً أربعَ ركعاتٍ؛ فإنَّ الجمعةَ لا تنعقدُ إنْ نواهَا سنةً، وعليهِ التوبةُ إلى الله I لجهلِهِ الواجِبَ عليهِ، والله أعلَمُ[4].
فَوَائِدُ
صحَّحَ محدِّثُ العَصرِ[5]-حفظَهُ الله- أنَّهُ لا يلزمُ المسافرَ تعيينُ صَلاتيْ المغربِ والفَجرِ أنَّهما حضرٌ أو سفرٌ؛ وذلكَ لأنَّهما صلاتانِ لا قصْرَ فيهَما.
وصحَّحَ كذلكَ وجوبَ التزامِ النِّيةِ في ركعاتِ الصَّلاةِ -كصلاةِ الوترِ مثلاً- علَى ما أحْرَمَ عليهِ أوَّلاً، فلَيْسَ لَهُ أنْ يَزيدَ ثلاثًا إنْ كانَ أحرَمَ بواحِدةٍ، أو يقتصرَ على واحدةٍ إنْ أحرمَ علَى ثلاثٍ [6].
}تنبِيهٌ{
في النِّياتِ اللَّفظِيَّةِ
النيةُ المطلوبةُ للصَّلاةِ هيَ النيةُ القلبيةُ، وهيَ القصدُ والعزمُ بالقلبِ لأداءِ الفِعْلِ، ومعنَى ذلكَ أنَّ النيةَ محلُّها القلبُ، وأمَّا ما شاعَ عندَ الكثيرِ مِنَ الناسِ مِنَ الإتيانِ ببعضِ الألفاظِ فهوَ ليسَ منَ النيةِ الواجبةِ في شيءٍ، بلْ لمْ يأتِ به سلطانٌ لا منْ كتابٍ ولا منْ سنةٍ، ولمْ يكنْ معهودًا عندَ الرَّعيلِ الأولِ منْ صحابةِ رسولِ الله r والتابعينَ لهمْ، وإنَّما استحسنَهُ بعضُ العلماءِ المتأخرينَ منْ أجلِ إعانةِ العوامِ علَى استحضارِ نيةِ الصلاةِ فقط، ولكنْ صارَ الأمرُ عادةً عندَ النَّاسِ فاختلطَتِ العادةُ بالعبادَةِ حتَى قالوا بوجوبِ هَذِهِ الألفاظِ[7]..
ومنَ المعلومِ بينَ عوامِ الناسِ أنفسِهم أنَّه لو قالَ أحدٌ لصَاحبِه: "كنتُ نَوَيْتُ بالأمسِ زيارتَك" لمْ يكنْ معنَى ذلكَ أنَّه ردَّدَ ألفاظًا معيَّنةً، وإنَّمَا هوَ قصدُ القلبِ فقطْ لفعلِ ذلكَ العملِ، فحصلتْ النيةُ بذلكَ.
ويَكفي دلالةً على وجودِ نيةِ الصلاةِ أنَّ الواحدَ منهمْ إذا أرادَ أنْ يصلِّيَ ذهبَ فقضَى حاجتَهُ وتوضَّأَ وضوءَ الصَّلاةِ ثمَّ مَشَى لمصَّلاهُ وقامَ في الصفِّ واستَوى عندَ إقامةِ الصلاةِ، فمَا معنى ذلكَ كلِّهِ؟!! أليسَ دليلاً واضحًا علَى وجودِ النيةِ والقصدِ والإرادَةِ؛ ولذا أنكرَ الإمامُ النُّورُ السَّالِمِيُّ -رَحمَهُ اللهُ- في جَوهرِهِ ذلكَ القولَ ناظِمًا:
ونِيَّةُ الصَّلاةِ بالجَنَانِ
واللفظُ تأكيدٌ لمنْ يشاهُ
كَيْفَ يكُونُ اللَّفْظُ يلزَمَنَّا
وَالواجِبُ النِّيَّةُ دُوْنَ القَوْلِ
***
***
***
فقطُّ دونَ اللَّفْظِ باللِّسَانِ
وَقِيْلَ لازِم وَلا نَرَاهُ
ولمْ يَكُنْ في القَصْدِ يَدْخُلَنَّا
فَلا أَرَى صِحَّتَهُ مِنْ قَوْلِ[8]
ويقولُ -رَحمَهُ اللهُ- في موضعٍ آخرَ:
لأَنَّمَا النِّيَّةُ بِالفُؤَادِ
***
لا بِالتَّلفُّظَاتِ والتعْدَادِ[9]
ويقولُ في موضعٍ ثالثٍ:
وَهِيَّ بالقَلْبِ وباللِّسَانِ
وأهلُ نَزْوَى عِنْدَهمْ بالقَلْبِ
***
***
في قول بعضِ النَّاسِ مِنْ عُمَانِ
وَهُوَ الذِي مَالَ إِليْهِ قَلْبِي[10]
الرُّكنُ الثانِي: القِيامُ
دلَّ مجموعُ النصوصِ منْ كتابِ الله تعالَى وسُنةِ نبيِّهِ r علَى وُجُوبِ القيامِ في الصَّلاةِ، وأنَّهُ رُكنٌ لا تصحُّ الصَّلاةُ بدونِهِ قَالَ تَعَالى: }وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ { البقرة: ٢٣٨، وفِي السُّنَّةِ المطَهَّرةِ قولُهُ r: "صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا"[11].
هذَا بالنسبةِ للفرائضِ، ويُرخَّصُ في النَّوافلِ المطلَقةِ -غيرِ المؤكَّدةِ وغيرِ الرَّاتبةِ- بالصَّلاةِ قاعدًا ولوْ معَ الاختيارِ[12]، ولكنَّ صلاةَ القاعدِ في هذِهِ الحالةِ أقلُّ درجةً منْ صلاةِ القائمِ قالَ r:" صلاةُ أحدِكمْ قاعدًا نصفُ صلاتِه قائمًا"[13].
فَصْلٌ في صِفَةِ القِيَامِ
وصفةُ القيامِ أنْ ينتصبَ المصلِّي معتدلاً دونَ انحرافٍ أوِ اتكاءٍ لأيِّ جهةٍ منَ الجهاتِ معَ التفْريقِ بينَ القدَمَينِ دونَ مباعدةٍ كبيرةٍ بحيثُ تكونُ قدماهُ مسايرةً لأعضاءِ جسمِهِ، ويسوِّي المصلِّي قامتَهُ ويقيمُ صلبَهُ ويُرسِلُ يديهِ علَى جانبَيهِ[14]، ويصوِّبُ ببصرهِ نحوَ موضعِ سجودِهِ ولا يرفعُهُ؛ لما جاءَ منَ الوعيدِ الشَّديدِ علَى ذلكَ، ففي الحديثِ عنهُ r قالَ:" مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلاتِهِمْ، فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ: لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ"[15].
فَتْوَى
السُّؤالُ/ في حَالِ تأديةِ الصَّلاةِ أينَ يكونُ نظرُ المصلِّي؟
الجَوابُ/ المصلي عندَما يكونُ قائمًا يكونُ نظرُه محصورًا بينَ قدميْهِ وموضعِ سجودهِ، وعندَما يكونُ ساجدًا يَنظرُ إلى أنفِه؛ لأنَّ ذلكَ هوَ النظرُ الطبيعيُّ، وعندَما يكونُ راكعًا ينظرُ إلى مَا بينَ إبهاميْهِ، وعندَمَا يكونُ قاعدًا ينظرُ إلى ما بينَ ركبتيْهِ، واللهُ تعالَى أعلمُ[16].
}تَنْبِيْهٌ{
السُّنةُ أنْ يفتحَ المصلِّي عينيْهِ في الصلاةِ، لكنْ لا ينبغِي لهُ أنْ يفتحَ عينيهِ كثيرًا مخافةَ أنْ يشتغلَ، بلْ يكونُ الأمرُ وسطًا، بلِ الظَّاهِرُ -كمَا يقولُ شيخُنا الخليليُّ والغاربيُّ- أنَّهُ لا مانعَ منَ الإغماضِ لمنَ خشيَ الاشتغالَ بالفتحِ، وباللهِ التَّوفيقُ[17].
-
12/06/2012 12:08 AM #107عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 24/01/2012
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 167
فَصْلٌ في صَلاةِ العَاجِزِ
واعلَمْ -أدامَ الله عليْكَ نعمةَ الصِّحَّةِ والعَافِيَةِ- أنَّ مَنْ لمْ يستطعِ القيامَ في الصَّلاةِ فإنَّهُ يسقطُ عنهُ هذَا الفرضُ، فيُصلِّي علَى الكيفيَّةِ التِي يستطيعُ عليهَا، فمَنْ لمْ يستطِعْ أنْ يصلِّيَ قائِمًا فليُصَلِّ قاعدًا[18]، فإِنْ لمْ يستطعْ أنْ يُصلِّيَ قاعدًا فليُصلِّ مضطجعًا علَى جنبِهِ الأيمنِ مستقبلاً للقِبلةِ بوجهِهِ، وإِلا صلَّى مُستلقيًا علَى ظهرِهِ (وتكونُ قدماهُ نحوَ القبلةِ، بحيثُ لوْ وقفَ لاستقبلَ القبلةَ)[19].
وإنْ لمْ يتمكنْ مِن اسْتقبالِ القِبلةِ فليُصلِّ إلى أيِّ جهةٍ كانَ عليهَا، وهكَذا منْ لمْ يستطعْ أنْ يركعَ أو يسجدَ فليومِئ لهمَا، ويكونُ إيماؤُهُ للسُّجودِ أخفضَ من إيمائِه للركوعِ[20]، فإنْ لمْ يستطعِ الإيماءَ ولا الحركةَ مطلقًا فعليهِ أنْ يأتيَ بألفاظِهَا من قراءةٍ وتسبيحٍ وتحميدٍ[21]، ولا يتركُ الصلاةَ فِي حالٍ منَ الأحوالِ ولو أنْ يُكيِّفَ أعمالهَا بقلبِهِ ما دامَ أنَّ مناطَ التكليفِ (العَقْلَ) قائمٌ بهِ، فسُبحانَهُ ما أيسرهُ مِنْ دِيْنٍ، ومَا أتمَّها مِنْ نعْمَةٍ }يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ{ البقرة: ١٨٥.
والدِّينُ يُسْرٌ لمْ يَكُنْ عَسِيرا
***
فَبَشِّرُوا لا تُظْهِرُوا التَّنفِيْرا
مَسْأَلةٌ
لو قُدِّرَ أنَّ إنسانًا لمْ يجدْ ما يسترُ بهِ عورتَهُ في الصَّلاةِ إلا أنْ يصلِيَ جالسًا، فهَلْ يُراعِي الرُّكنَ؟ فيُصلِي قائِمًا، أو يراعِي الشَّرْطَ؟ فيُصلِي جالسًا، قولانِ، والمختارُ عندَ العلامةِ القنوبيِّ - حفظَهُ الله- أنَّه يصلِّي قاعِدًا؛ لأنَّ هذَا هوَ الأقربُ إلى معانِي الشَّريعةِ ومقاصدِها، ومعَ ذلكَ يَسترُ عورتَه بمَا أمكنَ مِنْ تُرابٍِ أو شَجَرٍ[22]، إلا إذَا كانَ في مكانٍ ساترٍ بحيثُ لا يمكنُ أنْ يطَّلعَ عليهِ أحدٌ -كأنْ يكونَ فِي غرفةٍ مغلقةٍ- فَيراعِي حينَهَا الرَّكنَ ويصلِي قائِمًا[23].
مَسْأَلةٌ أُخْرَى
الأصلُ أنَّ المأمومَ يتابعُ إمامَهُ صلَّى الإمامُ قاعدًا أو قائمًِا لحديثِ :" إنَّما جُعل الإمامُ إمامًا ليؤتَمَّ بِهِ، فإذا صلَّى قائمًا فصلُّوا قيامًا، وإذا صلَّى قاعدًا فصلُّوا قعودًا"[24]، ولكنْ إنْ عرضَ للإمامِ عارضٌ أثناءَ الصلاةِ فاضُطرَ للجلوس،ِ فالمختارُ عندَ شيخِنا المحقِّقِ القنوبيِّ -حفظَه الله- أنْ يواصلَ المأمومونَ الصَّلاةَ قيامًا لا قعودًا[25].
الرُّكْنُ الثَّالِثُ: تَكْبِيرَةُ الإِحْرَامِ
وهيَ التي تعرفُ بـ"تكبيرةِ الاسْتِفْتَاحِ"؛ لأنَّها أوَّلُ شَيْءٍ يُستفتحُ بهِ في الصَّلاةِ، وبهَا يصيرُ العبدُ داخلاً في صلاتِهِ، وتُسمَّى "تكبيرةَ الإحرامِ" لأنَّه يحرمُ علَى المصلِّي بهَا مَا كانَ مباحًا لَهُ خارجَ الصلاةِ.
وتكبيرةُ الإحرامِ ركنٌ ثابتٌ منْ أركانِ الصَّلاةِ[26]؛ لأدلةٍ كثيرةٍ منهَا إشارةُ القُرآنِ في قولِهِ تعالى: }وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ{ المدثر: ٣ وقولِهِ: }وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً { الإسراء: ١١١؛ وصريحُ السُّنةِ في قولِهِ e:" تحريمُ الصَّلاةِ التكبيرُ وتحليلُها التسليمُ"[27]، ولذلكَ فلا تصحُّ صلاةُ مَنْ صلَّى بدونِ تكبيرةِ الإحرامِ؛ لأنَّه ما لمْ يكبرْ فلا يُعدُّ داخلاً في صَلاتِهِ.
وعلَى العبدِ أنْ يستحضرَ معنَى هذهِ التكبيرةِ لينسكبَ في نفسِه شعورٌ بأنَّه بينَ يدي اللهِ تعالَى الكبيرِ المتعالِ، وأنَّ الكبرياءَ للهِ وحدَهُ، فمَا لهُ مِنَ الكِبرياءِ شيءٌ، ولا يحقُّ لهُ أنْ يُنازِعَ ربَّهُ تباركَ وتعالَى في صفةٍ مِنْ صفاتِهِ كمَا جَاءَ في الحدِيثِ القُدُسِيِّ:" الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ"[28].
فَتْوَى
السُّؤالُ/ شخصٌ أمِّيٌ كانَ يصلِّي دونَ أنْ يكبرَ تكبيرةَ الإحرامِ جهلاً بذلكَ، ومضَى عليهِ وهوَ علَى هذهِ الحالةِ عشرونَ عامًا ثمَّ عَلِمَ بعدَ مرورِ تلكَ المدةِ، فماذَا عليهِ؟
الجَوَابُ/ عليهِ أنْ يتوبَ إلى اللهِ تباركَ وتعالَى، وأنْ يعيدَ تلكَ الصلواتِ التي صلَّاها بدُونِ تكبيرةِ الإِحْرامِ، واللهُ أعلمُ[29].
فَصْلٌ في صِفَةِ تَكبِيْرةِ الإِحْرَامِ
وصفةُ تكبيرةِ الإحرامِ هي: "اللهُ أَكْبَرْ" بفتْحِ الهمزةِ مِنْ لَفظِ الجلالةِ، وسُكُونِ اللامِ الأولَى وتشديدِ الثانيةِ، وضمِّ الهاءِ، ثمَّ بفتحِ همزةِ "أَكْبَرْ" وسكونِ الكافِ وفتحِ الباءِ وسكونِ الراءِ[30].
والمرادُ مِنْ تكبيرةِ الإحرامِ اللفظُ والمعنَى علَى القولِ الصحيحِ الراجحِ[31]، وبناءً علَى ذلكَ فلا يجوزُ التكبيرُ بغيرِ اللغةِ العربيةِ[32]، وكذلكَ لا ينوبُ عنِ التكبيرِ أيُّ لفظٍ آخرَ كأنْ تَقولَ: (اللهُ أجلُّ، اللهُ أعظمُ)، وهكَذَا (اللهُ الكبيرُ، اللهُ الجليلُ، اللهُ العظيمُ)؛ لأنَّ الحدِيثَ خصَّ التكبيرَ دونَ غيرِهِ، ولأنَّ ألفاظَ الصَّلاةِ توقيفيةٌ مِنَ الشَّارِعِ الحكيمِ، وقَولُهُ r:" مَنْ عَمِلَ عَمَلاً ليسَ عليْهِ أمرُنا فهوَ ردٌّ"[33] أصلٌ في ردِّ كلِّ ما كانَ مُبتدَعًا في أمرِ العباداتِ.
تَحْذِيْرٌ
واحذرْ -أيُّهَا المصلِّي النَّبِيْهُ- منَ اللَّحنِ والخطأِ في تكبيرةِ الإِحْرامِ[34]، ومِنْ أمثلةِ اللَّحنِ الجليِّ في التكبيرِ مَدُّ همزة ِ"اللهُ" فتصبحُ استفهامًا ويفحُشُ المعنَى والعياذُ باللهِ، وكذَا إِشْبَاعُ ضمةِ الهاءِ منْ لفظِ الجلالةِ حتَّى يتولدَ عنهَا حرفُ الواوِ، أو إسكانُ الهاء ِمنْ غيرِ تحريكٍ لهَا، وهكذَا أنْ تُمَدَّ همزةُ "أَكْبرُ" أو تُكسرَ الكافُ، أو تُعطَّشَ فتصبحَ شينًا، أو يُشبِعَ فتحةَ الباءِ فتصبحَ ألفًا "أكبار" فينقلبُ المعنى تمامًا؛ لأنَّ أكبارَ جمعُ (كَبَرٍ)، و(كَبَرٌ) اسْمٌ مِنْ أسماءِ الطَّبْلِ والعياذُ باللهِ، وهكَذَا فلتحذرْ منْ تكريرِ حرفِ الرَّاءِ حتى تتولدَ راءاتٌ زائدةٌ[35].
مَسْأَلَةٌ
ومَنْ عَرضَ عليهِ عارضٌ أثناءَ التكبيرِ فلم يكمِلْهُ، كأنْ يكونَ نطقَ باسْمِ الجلالةِ فعطسَ، فلأهلِ العلمِ في المسألةِ رأيانِ: الاستئنافُ والبناءُ، والأوَّلُ هُوَ المخْتارُ عندَ صاحبِ الإيضاحِ[36] ورجَّحَهُ شيخُنا القنوبيُّ -أبقاهُ اللهُ-، فمَنْ وقعَ في ذلكَ فعَليهِ إعادَةُ التَّكبيرِ مِنْ جديدٍ ولا يبنِي علَى السَّابقِ[37].
مَسْأَلَةٌ أُخْرَى
وحكْمُ تكبيرةِ الإحرامِ في الشَّكِ كحكمِ سائرِ أركانِ الصلاةِ، فمَنْ شكَّ في الإتيانِ بهَا بعدَما جاوزَها فَلا يلتفتْ لشكِّهِ ولا يرجعْ إليْهَا إلا بحصُولِ يقينٍ أنَّه ما أتَى بهَا، هذَا الرأيُ هوَ الذي اختارَه شيخُنا القدْوةُ الخليليُّ -حفظَهُ اللهُ وسدَّدَ في طريقِ الخيرِ خطاهُ-، وفِي هذَا درأٌ للوسوسةِ، واستصحابٌ للأصلِ[38].
الرُّكْنُ الرَّابعُ: الخُشُوعُ
تعرَّفْ -أيُّها المستنيرُ في ظُلَمِ الحياةِ، والسُّائرُ على دروبِ النَّجاةِ- أنَّ الجسدَ بلا روحٍ جيفةٌ هامدةٌ، وهذهِ هيَ حالُ الصَّلاةِ بلا خشوعٍ، لا قيمةَ لهَا بلْ هيَ إلى الاحتقارِ والإقصاءِ أدنَى وأقربُ، وهذَا هوَ شأنُ رأسِ العباداتِ إذا فارقَهُ روحُها وسرُّ حياتِها ولذتِها، والذِي هوَ سببُ عُروجِها بصاحبِها إلى الملأِ الأعلَى.. وهوَ سببُ النجاحِ والارتياحِ في الدُّنيَا، والفوزِ والفلاحِ في العقْبَى.
لذَا فمَا أحراهُ ومَا أولاهُ أنْ يوضعَ في مصافِّ أركانِ الصلاةِ وفرائضِهَا، بلْ مِنْ أعظمِها وأولاهَا[39]، حتَى لا يكونَ حظُّ صاحبِها منهَا مجردَ التعبِ والنَّصَبِ، والقيامِ والقعودِ، قال تعالى: }قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ { المؤمنون 1-2، وأمرَ بذلكَ أمرًا جازمًا مؤكدًا بقولِه: }وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ { البقرة: ٢٣٨ أيْ خاشعينَ خاضعينَ ذليلينَ بينَ يدي الجبارِ، ملِكِ الملوكِ الذي بيدهِ حَلُّ كلِّ شيءٍ وإبرامُه، وبسطُ كلِّ شيءٍ وقبضُه، ولهُ الأمرُ والنَّهيُ، والبَطشُ والقهرُ، بلْ لَهُ الأمرُ كلُّهُ، وإليهِ يُرجعُ الأمرُ كلُّهُ.
يقولُ إمامُ الخاشعينَ، و قدوةُ القانتينَ، الذِي إذَا كبَّر سُمعَ لبُكائِه أزيزٌ كأزيزِ المِرْجَلِ[40] - وقدَ غُفرَ لهُ ما تقدَّمَ مِنْ ذنبهِ وما تأخَّرَ-:" لكلِّ شَيءٍ عمودٌ، وعمودُ الدِّينِ الصلاةُ، وعمودُ الصلاةِ الخشوع"[41]...فاسمعْ وتفكرْ...
وَلَيْسَ خُشُوعُ الجِسْمِ يَوْمًا بِنَافِعٍ
فَمَا كُلُّ مَنْ صَلَّى يُقَالُ مُصَلِّيًا
***
***
إذَا غَابَ قَلْبٌ فِي شِعَابِ التَّدَبُّرِ
فَشَتَّانَ بَينَ الاسْمِ وَالفِعْلِ[42]
-
12/06/2012 12:09 AM #108عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 24/01/2012
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 167
فَصْلٌ في حَدِّ الخُشُوعِ
وقدْ تعددتِ العباراتُ في ذكرِ الخشوعِ وتعريفِهِ، ومنْ أروعِ ما قيلَ، ما ننقلُه لكَ –عزيزِي القارئَ- عنْ شيخِنا بدرِ الدِّينِ الخليليِّ -حفظَه اللهُ- :" الخُشُوعُ روحُ الصَّلاةِ وحياتُهَا، وهوَ تعظيمُ المقامِ واستحضارُ المقَالِ، فَهُوَ في القلْبِ وَأَثَرهُ في الجوارحِ"[43].
وقدْ قيلَ: إنَّ الخشوعَ لا يتحصَّلُ إلا بأربعِ خِصَالٍ -فاجمعِ الهمةَ لتحصيلِها كلِّها- وهيَ[44]:
1- إِعظامُ المقامِ، الذيْ أنتَ واقفٌ فيهِ.
2- إِخلاصُ المقالِ، للهِ الواحدِ الدَّيانِ.
3- اليقينُ التامُ في اللهِ تعالَى، بالثوابِ والعقابِ، والجنةِ والنارِ.
4- جمعُ الهيْئةِ، فلوْ خشعَ قلبُ هذَا لخشعتْ جوارحُهُ[45].
فَرَائِدُ
هذَا..وإذَا علِمتَ -رَحمني اللهُ وإياكَ- ما لا يتحَصَّلُ الخشُوعُ إلا بِهِ فَلا تَعجَبْ إذَا فعَلَ الخشُوعُ بصاحِبِِهِ العَجَبَ وتسَامَى بهِ عنْ أدِيمِ الأَرضِ حتّى طَارَ بهِ للمَلأِ الأعْلَى، فلمْ يَكنْ لهُ في هذهِ الفانيةِ إلا الجسْمُ.
وَمما يُحكى ممَّا لا يُستبعدُ ولا يُستقصَى أنَّ أحدَهُمْ كانَ يصلِّي فانهدَمَ جانبٌ مِنَ المسجِدِ فلمْ يشعرْ بهِ، ومرَّتْ ببعضِهِمُ الطُّبُولُ والزُّمورُ فلَمْ يسْمعْها، ووقفَ على ثالثِهِمُ الطَّيرُ يظنُّهُ جدارًا أو خشبةً منصوبةً مِنْ شدَّةِ سكونِهِ وحُسْنِ وقوفِهِ، وإنْ تعجبْ فاعْجَبْ ممَّنْ أُريدَ لَهُ أنْ تُقطع قدمُهُ قَبْلَ وجودِ أدَواتِ التَّخديرِ، فأمرهمْ أنْ يقطعُوها عندَما يكونُ في الصَّلاةِ؛ لأنَّهُ لا يُحِسُّ بشيءٍ عندَما يُقْبِلُ على ربِّهِ I .. هذِهِ مواهبُ اللهِ ولطائِفُهُ يهبُها مَنْ يشاءُ منْ عِبادِهِ[46] }ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيماً{ النساء: ٧٠.
فَصْلٌ في الاطْمِئْنَانِ
وأدنَى ما يُجزي في الخشوعِ "الاطْمِئْنَانُ" في القيامِ والركوعِ والسجودِ والقعودِ معَ إكمالِ الشُّروطِ والواجباتِ والأركانِ، فهذَا أمرٌ واجبٌ لا بدَّ منهُ، مَنْ تركَهُ فسدَتْ صلاتُهُ، ووجبَ عليهِ إعادتهُا؛ لقولِه @:" لا صَلاةَ لِمَنْ لا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ"[47]، ولأمرِ المعلِّمِ الأولِ @ الرجلَ الذي أسرعَ -في صلاتِهِ في حديثِ المسيءِ صلاتَه- بإعادَتِها وقالَ لهُ :"ارجعْ فصلِّ فإنكَ لمْ تصلِّ"[48].
وأَقَلُّ الاطْمِئْنَانِ: هوَ أنْ يمكُثَ المصَلِّي زمنًا في هيئتِهِ تلكَ حتَّى تَستقِرَّ جميعُ أعضائِهِ، ويَرجعَ كلُّ مفصلٍ لموضعِهِ، ومَنْ أخلَّ بالاطمئنانِ وأسرعَ في صلاتِه فهوَ أسرقُ الناسِ وأسوؤُهُم، وفي هذَا يقولُ إمامُنا السَّالِمِيُّ -رَحمَهُ اللهُ-:
وأَسْرقُ النَّاسِ فتىً قدْ يَسْرِقُ
***
صَلاتَهُ فَهُوَ بهَا مُنطَلِقُ[49]
وذلكَ أخذٌ ممَا رُويَ مِنْ قولِ المصطفَى @:" إِنَّ أَسْوَأَ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ صَلَاتَه،ُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَكَيْفَ يَسْرِقُهَا؟ قَالَ: لا يُتِمُّ رُكُوعَهَا ولا سُجُودَهَا"[50].
فَتْوَى
السُّؤال/ ما حكمُ مَنْ لم يُقِمِ الركوعَ والسجودَ في الصلاةِ؟
الجوابُ/ جاءَ في الحديثِ الشريفِ عنِ النَّبِيِّ e " لا صلاةَ لمنْ لا يقيمُ صلبهُ في ركوعهِ وسجودِهِ"، وفي حديثِ المسِيءِ صلاتَهُ أنَّ النَّبِيَّ e أمرهُ أنْ يركعَ حتَى يطمئنَّ راكعًا، وأنْ يسجدَ حتى يطمئنَّ ساجدًا، وعليهِ فمَنْ لا يُتمُّ ركوعَهُ وسجودَهُ بالطُّمأنينةِ فصلاتُهُ باطلةٌ، واللهُ أعلمُ[51].
-
12/06/2012 12:10 AM #109عضو مميز
- تاريخ الانضمام
- 20/09/2011
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 1,825
ربما كلامي لن يعجب المشرف عمرو بن الجموح وبعض الاباضية هنا
ولكن هذه العبارة غير لائقة
جميع المذاهب ( السنة والاباضية والشيعه ) يرون انهم هم اهل الحق والاستقامة
وهذه العبارة طائفية فهل يعني المذاهب الاخرى اهل باطل
وبغض النظر ان كان صاحب الموضوع يقصد او لا وكان الاولى من المشرفين ان يحذفوا هذه الجملة
ويكفي ان يكتب لا تختلف صلاة الاباضية بدون ذكر اهل الحق والاستقامة وغيرها
-
12/06/2012 12:10 AM #110عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 24/01/2012
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 167
الرُّكنُ الخَامِسُ: قِرَاءَةُ الفَاتحَةِ
دلَّتِ النصوصُ الشَّرعيةُ علَى ركنيةِ قراءَةِ الفاتحةِ في الصَّلاةِ[52]، بلْ إنَّ رُكنيَّتُها في كلِّ ركعةٍ منْ ركعاتِ الصَّلاةِ فرضًا أو نفلاً علَى المُعْتمَد المشْهورِ[53]، سواءً كانَ المصلِّي منفردًا أو في جماعةٍ، إِمامًا أو مأمومًا، في صلاةٍ سرِّيةٍ أو جهرِيَّةٍ[54]، وأنَّ الصلاةَ لا تصحُّ بدونِها ففي حديثِ أنسٍ مرفوعًا إلى النَّبِيِّ r:" مَنْ صلَّى صلاةً لمْ يقرأْ فيهَا بأمِّ القُرآنِ فهيَ خِداجٌ"، قالَ الربيعُ: الخداجُ النَّاقصةُ، وهيَ غيرُ التَّمَامِ[55].
وبذا تُدرِكُ -أيُّها الفطِنُ- أنَّ مَنْ نقصَ مِنَ الفاتحةِ شيئًا -ولوْ حرفًا واحدًا- فسدتْ صلاتُهُ كمَا هوَ الرأيُ المُعْتمَدُ الصَّحيحُ عندَ الشَّيخَينِ -أبقاهما اللهُ-؛ لأنَّه نقصٌ في رُكنٍ مِنْ أركانِ الصَّلاةِ[56]، وهكَذا مَنْ كرَّرَ آيةً أو بعضَ آيةٍ مِنَ الفاتحةِ متعمِّدًا وغيرَ مُضطرٍّ فقدْ فسدَتْ صلاتُهُ لتكريرِهِ ركنًا مِنْ أركانِ الصَّلاةِ[57]، واللهُ المسْتعَانُ.
أمَّا إذَا كانَ تِكْرارُه نسيانًا أوْ مِنْ أجلِ إصلاحِ القراءةِ فلا حرجَ عليهِ بإذنِ اللهِ تعالَى، يقولُ الحافظُ القنوبيُّ: " أمَّا إذَا كررَّ الإنسانُ جملةً مِنَ الفاتحةِ منْ أجلِ إصلاحِ القراءةِ فإنَّ ذلكَ لا بأسَ بهِ بلْ قدْ يكونُ في بعضِ الحالاتِ واجبًا، واللهُ تعالَى أعلمُ"[58].
يقولُ النُّورُ السَّالِمِيُّ -رَحمَهُ اللهُ-[59]:
وَمَنَعُوْا تِكْرَارَهُ لِلْحَمْدِ
ونقضُوا صلاةَ ذا المكرِّرِ
***
***
وللتَّحِيَّاتِ بمعنَى العَمْدِ
وعَذَرُوا النَّاسِي هُنَاكَ فَاعْذُرِ
مَسْأَلَةٌ
ولا يحملُ الإمامُ عنِ المسْبُوقِ -المستدركِ- قراءةَ الفاتحةِ، فإنَّ لم يدركْها المأمومُ وجبَ عليهِ قضاؤُها على الرَّأيِ المُعْتمَد الصَّحيحِ[60].
فَصْلٌ في البَسْمَلَةِ
والبَسْملةُ آيةٌ منْ سورةِ الفاتحةِ يجبُ الجهرُ بها في حالةِ الجهرِ، والإِسرارُ في موضعِ السرِّ[61]، كمَا أنَّ الصَّحيحَ المُعْتمَدَ عِنْدَ الشَّيخَينِ -وفقهمُ اللهُ-[62] أنَّها آيةٌ منْ كلِّ سُورةٍ كُتبتْ قَبلَهَا.
وبناءً علَى أنَّ الفاتحةَ ركنٌ معَ الأخذِ في الاعتبارِ أنَّ البَسملةَ جزءٌ منهَا فمَنْ تركَ البسملةَ في الفاتحةِ مِنْ غيرِ تأويلٍ فسَدَتْ صلاتُهُ.
والدليلُ علَى أنَّ البسملَةَ آيةٌ منَ الفاتحةِ ما رُويَ عنِ ابنِ عباسٍ وأمِّ سلمةَ { مرفوعًا أنَّ النَّبِيَّ r: " كَانَ يَقْرَأُ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.."[63]، وعنْ أَبِى هُرَيْرَةَ " أَنَّ النَّبِىَّ r كَانَ إِذَا قَرَأَ وَهُوَ يَؤُمُّ النَّاسَ افْتَتَحَ الصَّلاَةَ بِـ(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: هِيَ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ فَاتِحَةَ الْقُرْآنِ فَإِنَّهَا الآيَةُ السَّابِعَةُ[64]، وعندَ الربيعِ عنِ ابنِ عباسٍ { موقوفًا:" فاتحةُ الكتابِ هيَ أمُّ القُرآنِ فاقرأْهَا واقرأْ فيهَا (بسمِ اللهِ الرحمنِ الرَّحيمِ )، وقالَ: إنهَا آيةٌ منْ كتابِ اللهِ"[65].
إضافةً إلى ذلكَ كتابتُهَا أوَّلَ الفاتحةِ وأوَّلَ كلِّ سورةٍ - إلا التوبةَ- في المصحَفِ الإمامِ المُجمَعِ عليهِ[66]، معَ إجماعِ الصَّحابةِ y علَى عدمِ كتابةِ أيِ شَيءٍ غيرِ القرآنِ بينَ دفتي المصحفِ، ولذلكَ لمْ يكتبُوا أسماءَ السورِ وعددَ الآياتِ والمكيَّ والمدنيَّ[67].
}فائِدةٌ{: السَّبْعُ المثَاني هيَ الفاتحةُ الشَّريفةُ على المُعْتمَد الراجحِ عندَ إمامِ المفسَّرينَ -أبقاهُ اللهُ-[68] قال تعالى: }وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ { الحجر: ٨٧.
الرُّكنُ السَّادِسُ: الرُّكُوعُ
الرُّكُوعُ رُكْنٌ مِنْ أركانِ الصَّلاةِ لقولِهِ تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا { الحج: ٧٧، ولقولِهِ e للمُسيءِ صلاتَهَ: " ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا "[69].
وعليهِ فَمَنْ تركَ الركوعَ ناسيًا أو متعمِّدًا، عالِمًا أو جاهِلاً حتَى خرجَ مِنَ الصَّلاةِ فقدْ فسَدَتْ عليهِ صلاتُهُ، ومَنْ تذكَّرهُ أثناءَ الصَّلاةِ وجَبَ عليهِ أنْ يَرجعَ إليهِ ويأتِيَ بما بعدَه ثمَّ يسْجُدُ للسَّهوِ بعدَ السَّلامِ، أمَّا إِنْ لمْ يأتِ بهِ فقدْ فَسَدَتْ صَلاتُهُ، ولا يُجبرُ بسُجودِ السَّهوِ، وهذَا هوَ حُكْمُ الأَرْكَانِ في الصَّلاةِ.
وَصِفَةُ الرُّكُوعِ: الانحناءُ بالظَّهرِ والرأسِ معًا حتَى تبلغَ يدَاهُ (أو راحتاهُ) ركبتَيْهِ مفرقًا بينَ أصابعِه، معَ مراعاةِ تسْويةِ ظهرهِ وعنقهِ ورأسهِ[70]، بحيثُ لوْ وُضِعَ علَى ظهرِهِ قَدَحُ ماءٍ لاستقرَّ عليهِ، ويكونُ بصرُهُ حالَ ركوعِهِ بينَ إبهامَيْ قدمَيْهِ[71].
فَصْلٌ فِي ألفَاظِ الرُّكُوعِ
ويقولُ في ركوعِه "سُبْحَانَ رَبيَ العَظِيْمْ"؛ لمَا ثبتَ في حديثِ ابنِ عباسٍ { أنَّهُ عندمَا نزلَ قولُه :U }فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ{ الحاقة: ٥٢، قالَ عليهِ الصلاةِ والسلامِ: " اجعلُوهَا في ركوعِكُم"[72]، ولقولِهِ @:" فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ"[73]، ويمكنُ للمُصلِّي أنْ يكرِّرَ التسبيحَ -في ركوعِهِ وسجودِهِ- وترًا: ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو أكثرَ مِنْ ذلكَ حسبَ مَا يشاءُ، وأقلُّ التسْبيحِ في الصلاةِ ثلاثُ مرَّاتٍ علَى الصحيحِ عنْدَ شيخَينا الخليليِّ[74] والسَّالِمِيِّ[75]..
أَقَلَُّ مَا يجزِيْ مِنَ التَّسْبِيْحِ
***
ثلاثُ مرَّاتٍ علَى الصَّحِيْحِ
فإذَا انتهَى منَ التسبيحِ قامَ قائلاً (سمعَ اللهُ لمنْ حمدَهْ)، فإذَا اطْمَأَنَّ في قيامِهِ قالَ: (ربنَا ولكَ الحمدُ)، هذََا في حقِّ مَنْ كانَ إِمامًا أو مُنفردًا، أمَّا المأمومُ فيَقُولُ في قيامِه: (ربَّنَا وَلَكَ الحمْدُ) ولا يقولُ (سمعَ اللهُ لمنْ حمدَهْ) إذَا استوَى قائِمًا؛ لأنَّ الإمامَ يحمُلُها عنهُ[76] -كَمَا سَيأتي-[77].
ويُستحَبُّ -أيضًا- بعدَ قولِ المصلِّي: (ربنَا ولكَ الحمدُ) أنْ يزيدَ (حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيهِ) [78]؛ لمَا ثبتَ في الحديثِ الصحيحِ أنَّ النَّبِيَّ @ قالَ لأصحابِهِ: " مَنِ المتكلمُ آنفًا وهوَ يقولُ: "ربنَا ولكَ الحمدُ حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيهِ"، قالَ رجلٌ منهمْ: أنا يا رسولَ اللهِ، قالَ: " لقدْ رأيتُ بضعًا وثلاثينَ مَلَكًا يبتدرونَها أيُّهمْ يكتبُها أوَّلا"[79].
فَائِدَةٌ
وإدراكُ الرُّكوعِ معَ الإمامِ هوَ الحدُّ الفاصلُ لإدراكِ الرَّكعةِ؛ لقَولِ المُبلِّغِ r : "إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا وَلا تَعُدُّوهَا شَيْئًا"[80].
وعليهِ فمَنْ لمْ يدركِ الرُّكوعَ -أيْ جاءَ بعدَ قيامِ الإمامِ مِنَ الرُّكوعِ- فإنهُ لمْ يدركِ الرَّكعةَ، ووجبَ عليهِ قضاؤُهَا كاملةً مِنْ قراءةٍ وركوعٍ وسجودٍ، أمَّا مَنْ أدركَ الإمامَ وهوَ راكعٌ فقدْ أدركَ الركعةَ وعليهِ معَ ذلكَ قضاءُ ما فاتَهُ مِنَ القراءَةِ علَى الرأيِ المُعْتمَد الصَّحيحِ عندَ الشَّيخَينِ -حفظَهمُ اللهُ-[81].
وبناءً علَى ذلكَ فمنْ لمْ يدركْ ركعةً منَ الصلاةِ (أيْ لمْ يدركِ الركوعَ منَ الركعةِ الأخيرةِ) فإنَّهُ لمْ يدركِ الصلاةَ؛ لقولهِ @:" مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ"[82]، وخيرُ تطبيقٍ عملِيٍّ لهذهِ المسألةِ: مَنْ دخلَ معَ الإمامِ في صلاةِ الجمعةِ بعدَ الركوعِ الثاني فإنَّه يقضيهَا ظهرًا لا جمعةً علَى الرأيِ الذي عليهِ الفتوَى عندَ شيخَيْ زمانِهمَا العلاَّمتينِ الخليليِّ[83] والقنوبيِّ[84] -حفظَهمُ اللهُ-، وكذَا قالَ بعضهُم في المسَافِرِ يدخلُ معَ الإِمامِ المقيمِ في التَّشَهدِ الأخِيرِ مِنْ صَلاةٍ رُباعيَّةٍ، فإنَّه يقضِي ركعتينِ لا أربعًا[85]، واللهُ أعلمُ.
هَذا.. وأمَّا بالنِّسبةِ إلى بقيَّةِ الصَّلواتِ الأخرَى فإنَّه إذَا أدركَ ولوْ جزءًا بسيطًا منَ الصَّلاةِ فإنَّه يكونُ مدركاً لتلكَ الصَّلاةِ علَى الصَّحيحِ[86]-كمَا سيأتِي قريبًا بإذنِ اللهِ-[87].
فَائِدةٌ أُخْرَى
مَنْ أدركَ الإمامَ وهوَ راكعٌ وأرادَ الدُّخُولَ معَهُ في الركوعِ فإنَّ عليهِ أنْ يأتِيَ الإِحْرامِ وهوَ قائِمٌ، ثمَّ يأتيْ بتكبيرةِ الانتقالِ مِنَ القيامِ إلى الرُّكوعِ -علَى المُعْتمَد عندَ شيخَيْنا الخليليِّ[88] والقَنُّوبيِّ[89]-، وإنْ كانتْ قدْ فاتَتْهُ معَ الإمامِ؛ لأنَّها ليسَتْ مشروعةً لذاتِها، وإنَّما للتَّوصُّلِ إلى الركوعِ والسُّجودِ
-
12/06/2012 12:11 AM #111
شكرا لك بارك الله فيك وجزاك الجنة
-
12/06/2012 12:11 AM #112عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 24/01/2012
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 167
الرُّكنُ السابعُ: السجودُ
واعلمْ -أيُّهَا العابِدُ الأريبُ- أنَّ السجودَ للهِ تعالَى هوَ غايةُ الخضوعِ ومنتهَى التذلُّلِ حينمَا ينزلُ الإنسانُ بكبريائِه، وبمحِلِّ شُموخِهِ وأنفتِهِ، وينتهِي بهَا حتَى يضعَ أنفَهُ وجبهتَهُ علَى الأرضِ ويساوِيَ بها التُّرابَ، ووَاللهِ إنَّ في هذَا العزَّ لمنَ رامَهُ، والعلُوَّ لمنْ قصدَهُ }تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ { القصص: ٨٣ ، حينئذٍ يكونُ الدُّنوُّ والتطَامُنُ علوًّا ورفعةً عندَ اللهِ U؛ لذا يقرُبُ العبدُ مِنْ مولاهُ، بلْ يكونُ في أكثرِ حالاتِه قربًا مِنْ ربِّهِ جلَّ في علاهُ، علوٌ في دُنُوٍّ، وقدْ ثبتَ[90] " أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ"[91].
فَأَنْتَ في تَذَلُّلِ الدُّنُوِّ
***
وَهُوَّ في تَعَزُّزِ العُلُوِّ[92]
}حِكْمَةٌ{: وقدْ قيلَ: إنَّ هِذهِ هيَ الحكمةُ مِنْ تكرارِ السُّجودِ دونَ الركوعِ في الركعةِ الواحدةِ؛ ولذَا عندمَا سَأَلَ رجلٌ مِنَ الصحابةِ رسولَ اللهِ e أنْ يُرافِقَه في الجنةِ أجابَهُ صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهِ:" أَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ"[93].
والسُّجودُ ركنٌ مِنْ أركانِ الصَّلاةِ؛ لقولِه عزَّ مِنْ قائلٍ: }وَاسْجُدُوا { الحج: ٧٧؛ ولقولِهِ تعالى: }وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ{ العلق: ١٩؛ ولقولِهِ @ للمسيءِ صلاتَهُ :" ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا "[94]، والسَّجدتانِ جميعًا حدٌّ واحدٌ بينهمَا قعدةٌ خفيفةٌ.
فَصْلٌ في صِفَةِ السُّجُودِ
وصفةُ السُّجودِ: أنْ يهوِيَ المصلِّي مِنْ قيامِهِ نحوَ الأَرضِ، مقدِّمًا -علَى المُعْتمَد- ركبتيهِ ثمَّ يديهِ[95]مصوِّبًا بأصابعِهِ مضمومةً نحوَ القِبلةِ[96]، وفي حالِ استقرارِهِ علَى هيئةِ السُّجودِ يضعُ جبهتَهُ وكفَّيهِ وركبتَيهِ، ويضَعُ بطُونَ أصَابِعِ قدمَيهِ على الأرضِ متجهةً للقبلةِ، وهذهِ هيَ الآرابُ -أيْ الأعضاءُ- السَّبعةُ كما جاءَ في الحديثِ " أُمِرَ نَبِيُّكُمْ e أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ آرَابٍ"[97].
معَ مراعاةِ ملامسةِ الأنفِ للأرضِ طوالَ السجودِ، وتبطلُ بتركِ ذلكَ علَى الصحيحِ عندَ الشيخينِ -حفظَهمُ اللهُ تعالَى-[98]، ويُراعِي كذلكَ عدمَ الضَّغطِ علَى الجبهةِ حالَ وضعِها في الأرضِ[99]، وعدمَ رفعِ قدميْهِ في السُّجودِ، وأقلُّ ما يجزِي مِنَ القَدَمِ ثلاثُ أصابعَ[100]، ومنْ سهَا فرفعَ أنفَه أو قدمَه فليُرْجعْهمَا إلى الأرضِ ولْيُسبِّحْ ثلاثَ تسبيحاتٍ قبلَ الرَّفعِ.
وعليهِ كذلكَ أنْ يكشفَ جبهتَه للأرضِ وألا يحولَ بينَ جبهتِه وموضعِ سجودِه حائلٌ كالعمامةِ والمِصرِّ والكُمَّةِ، بلْ عليهِ أنْ يرفَعَهَا قبلَ ابتداءِ الصلاةِ علَى الفتوَى عندَ شيخَيْ زمانهمَا الخليليِّ والقنوبيِّ -حفظهُم الله تعالى-. [101]
ويقدِّمُ السَّاجدُ في هويتِهِ للسُّجودِ ركبتَيْهِ فيدَيْهِ، ويقدِّمُ في قيامِهِ مِنَ السُّجودِ العكسَ منْ ذلكَ فيبدَأُ برفعِ يديهِ ثمَّ ركبتَيهِ.
ويجعلُ الرَّجُلُ يديهِ أمامَ ركبتيهِ، فيمَا بينَهمَا وبينَ رأسِه، وينبغِي أنْ تكونَ أطرافُ الأصابعِ عندَ الأذنينِ[102]، مجافيًا قليلا بينَ عضديْهِ[103]، ولْيَضُمَّ أصابعَهُ متجهةً نحوَ القبلةِ.
وأمَّا المرأةُ فقيلَ بأنَّ عليهَا أنْ تضُمَّ ولا تجافِي، وصحَّحَ الإمامُ القطب -رَحمَهُ اللهُ- والعلامةُ القنوبيُّ[104]-حفظَه اللهُ- عدمَ الفرقِ بينَ صلاةِ المرأةِ وصلاةِ الرجلِ ما دامَ أنَّ صلاتها بعيدةٌ عنِ الأعينِ ولا يمكنُ أنْ يراهَا فيهِ أحدٌ.
فَتْوَى
السُّؤالُ/ ما قولُكم فيمَنْ يسجدُ فوقَ العمامةِ، أيْ أنَّ العمامةَ تحولُ بينَ جبهتِه والأرضِ؟
الجوابُ/ في نقضِ صلاتِه خلافٌ بينَ العلماءِ، والراجحُ النقضُ إذَا كانتْ كثيفةً تحولُ بينَه وبينَ الأرضِ، واللهُ أعلمُ[105].
فَصْلٌ في لَفْظِ السُّجُودِ
تعلَّمْ -أيُّها الأخُ، ألهمَكَ اللهُ ذكرَهُ وشُكْرَهُ- بأنَّ المشروعَ في سُجودِ الفرضِ أنْ يقولَ المصلِّي: (سبحانَ ربيَ الأعلَى)؛ وذلكَ لقولِهِ @:" اجعلوهَا في سُجُودِكُمْ"[106] بعدَمَا نزلَ }سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى{ الأعلى: ١.
ويمكنُكَ أيُّهَا المصلِّي في حالِ صلاةِ النَّفلِ -كقيامِ الليلِ مثلا- أنْ تدعُوَ اللهَ تعالَى في سجودِكَ وفِي القَعدةِ بينَ السَّجدتينِ، وهذَا مخصوصٌ بالنَّوافلِ دونَ الفرائضِ[107]، فقدْ دعَا النَّبِيُّ @ في صلاةِ الليلِ بقولِه :" أعوذُ بعفوكَ منْ عقابكَ وبرضاكَ منْ سخطكَ"[108].
ويمكنُ للمصلِّي أنْ يكرِّرَ التسبيحَ وترًا: ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو أكثرَ مِنْ ذلكَ حسبَ مَا يشاءُ -كمَا تقدَّمَ مثلُهُ في الرُّكُوعِ-، وإذَا كانَ إمامًا فلا ينبغِي لهُ الإِطالةُ علَى النَّاسِ وليجعلْ ذلكَ لصَلاةِ نفسِهِ، وأقلُّ التسبيحِ -كمَا في الرُّكوعِ- ثلاثُ مرَّاتٍ على الصَّحِيحِ عندَ شَيخَيْنا الخليليِّ[109] والسَّالِمِيِّ، فاسمعْ واحفظْ..
أَقَلُّ مَا يُجزيْ مِنَ التَّسْبيحِ
***
ثلاثُ مرَّاتٍ على الصَّحِيْحِ [110]
الرُّكْنُ الثَّامِنُ: القُعُودُ للتَّشَهُّدِ
وهوَ القُعودُ الأخيرُ الذِي يعقبُهُ السَّلامُ دونَ القعودِ الأولِ الذِي يعقبُه القيامُ، أمَّا الصَّلواتُ الثُّنائِيةُ فليسَ فيْها إلا تشهدٌ واحدٌ، وهوَ الرُّكنُ؛ وقدْ ذكرَ بعضُهمْ أنَّ الدَّليلَ علَى فرضِيَّةِ القُعودِ وركنيَّتِهِ قولُهُ I : } فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً { النساء: ١٠٣.
فَصْلٌ في صِفَةِ القُعُودِ
والسُّنَّةُ في هيئةِ القُعُودِ أنْ يجلسَ المصلِّي مسوِّيًا ظهرَهُ، ويفترشَ رجلَهُ اليُسْرَى جالِسًا عليهَا، وينصِبَ رجلَه اليمنَى، ويجعلَ بُطونَ أصابعِ قدميْهِ علَى الأرضِ معتمِدًا عليهَا، لِتكُونَ أطرافُها إلى القِبلةِ؛ لحديثِ السَّيدةِ عائشةَ < فِي صفةِ صلاةِ النَّبِيِّ @:" وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى"[111]، ويضعُ كفَّهُ اليمنَى في ركبَتِهِ اليُمنَى، وكفَّهُ اليُسرَى علَى ركبَتِهِ اليُسرَى بحيثُ تكونُ رؤوسُ أصابعِهِمَا علَى أطرافِ الرُّكبَتَينِ.
فَصْلٌ في لَفْظِ التَّشَهُّدِ
هناكَ عدةُ رواياتٍ ثابتةٍ في صِيْغَةِ التشهدِ أو التحياتِ، وكلُّها جائزةٌ بحَمْدِ اللهِ تعَالى، والمختارُ منْها اللفظُ الواردُ في روايةِ ابنِ مسعودٍ t[112]، ولفظُها "التَّحِيَّاتُ لِلَّه[113]ِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ"[114].
ولفظُ التَّشهدِ واجبٌ منْ واجباتِ الصَّلاةِ على أقلِّ تقديرٍ، بلْ مالَ شيخُنا الخليليُّ -عافاهُ اللهُ- إلى أنَّهُ ركنٌ لا تتمُّ صلاةُ مَنْ ترْكَهُ[115].
-
12/06/2012 12:11 AM #113عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 24/01/2012
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 167
الرُّكْنُ التاسِعُ: السَّلامُ
وهوَ ركنٌ منْ أركانِ الصَّلاةِ علَى الصَّحِيحِ المُعْتمَد عندَ الشَّيخَينِ -حفظَهمُ اللهُ-[116]؛ لحديثِ الإمامِ عليٍّ -كرَّمَ اللهُ وجهَهُ- مرفوعًا :" تحريمُ الصَّلاةِ التكبيرُ، وتحليلُها التَّسليمُ"[117]، ولمواظبةِ النَّبِيِّ e عليْهِ في جميعِ صلواتِهِ فرضًا ونفلاً، ولوْ كانَ سُنةً أو غيرَ واجِبٍ لبيَّنَ ذلكَ النَّبِيُّ e بقولِهِ أوْ فعلِهِ؛ وعَلَيهِ فتفسُدُ صَلاةُ مَنْ تركَه أو أتَى بناقِضٍ ما لمْ يُسلِّمْ ويخرجْ منَ الصَّلاةِ[118].
والرُّكنُ في السَّلامِ هوَ نفسُ التَسْليمِ، أمَّا الالتفاتُ يمينًا وشمالاً فهوَ سُنةٌ لا ينبغِي تركُها بحالٍ منَ الأحوالِ.
فَصْلٌ في صِفَةِ التَّسْلِيْمِ
وصفةُ التسليمِ أنْ يصفحَ المصلِّي بوجِهِهِ عنْ يمينِه قائلاً: (السَّلامُ عَلَيْكُمْ)، ثمَّ عنْ شمالِه قائِلاً (ورحمةُ اللهِ)[119].
واعلمْ أيُّهَا المتعلِّمُ أنَّ علماءَنا -أثابهُمُ اللهُ- أجازُوا التسليمةَ الواحدةَ والتسليمَتَينِ الاثنتينِ في الخُروجِ مِنَ الصَّلاةِ، وكلُّ ذلكَ مرويٌّ في سُنةِ النبيِّ r، وإنْ كانَ العملُ عندَ الأكثرِ علَى التَّسليمَةِ الواحِدَةِ، ودليلُ الأصحابِ ما رُويَ عنْ طائفةٍ منْ صَحَابةِ رسولِ اللهِ e منهُم السَّيدةُ عَائِشَةُ < وغيرُها:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً"[120]، وقدْ حكَى غيرُ واحدٍ منَ العُلماءِ الإجماعَ علَى صحةِ صلاةِ منْ سلَّمَ تسليمةً واحدةً[121].
اِقْرَأْ وَتَدَبَّرْ
وَسَلِّمَنَّ يُمْنَةً ويُسْرى
وَأَوَّلُ القَوْلَينِ عَنْ ضُمَامِ
وَكُلُّهُمْ قَدِ اكْتفَى بمَرَّةْ
***
***
***
تسليمتينِ والشَّهيرُ وترَا
والثَّاني عنْ بَقِيَّةِ الأَعْلامِ
وهوَ حَدِيثٌ لا نُطِيْلُ ذِكْـرَهْ[122]
لَطِيفَةٌ
وممنْ أدركنَا مِنْ بقيةِ السَّلفِ الشيخَ العالمَ المربِّيَ سيفَ بنَ راشدٍ المعْولِي -تغمَّدَه اللهُ برحمتِهِ وأسكنَهُ فسِيحَ جنَّاتِهِ- أرادَ أنْ يُعلِّمَ النَّاسَ سَعَةَ المذهبِ والعَمَلَ بالرأيِ الآخرِ، فصلَّى بنَا صَلاةَ الفجرِ ذاتَ يومٍ وسلَّم تسليمتَينِ عنْ يمينِه وشمالِهِ، فانقسَمَ الناسُ في هذِهِ اللحظَةِ بينَ مُنكرٍ لهذا الفعلِ ومستفهمٍ عن سببِهِ! فأجابَهمُ الشيخُ الوقورُ وهُوَ يقومُ لمصَافحَتهِم بهذهِ الأبياتِ الثلاثةِ منْ "جوهرِ النظامِ"، فرضِيَ الجميعُ وسلَّمُوا...
قلتُ: وقد فعلَه خاتمةُ الحفاظِ شيخُنا الخليليُّ -أبقاهُ اللهُ- حينَما افتتحَ أحدَ الجوامعِ التِي يحضُرهَا قومُنَا منْ أصحابِ المذاهبِ الأُخرَى[123].
وهذَا هوَ دأبُ أصحابِنَا في حلِّهمْ وترحَالِهم يراعُونَ الواقعَ، ويأخذونَ بالأوسعِ ما لمْ يخالفْ كتابًا ناطقًا أو سنةً ماضيةً، وهذَا مِنْ ذخائرِ العِلْمِ فاشدُدْ بِهِ يدًا.
فَائِدَةٌ
وردتْ رواياتٌ تُنسَبُ إلى النَّبِيِّ e فيهَا مشروعيةُ المسْحِ علَى الوجْهِ والجَبْهَةِ بعدَ السَّلامِ، وكذَا بعدَ الدُّعاءِ، وقدْ تكلَّمَ فيهَا أهلُ العلمِ، وممنْ تكلَّمَ فيهَا شيخُنا إمامُ السُّنَّةِ والأصولِ -حفظَهُ اللهُ تعالَى- فحكمَ علَى الرِّواياتِ الأولَى بالبُطلانِ والوضعِ، وعلَى الثانيةِ بالضعفِ والوهْنِ[124]، وقدْ عَرَفْتَ فالزَمْ غرزَهُ.
-
12/06/2012 12:13 AM #114عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 24/01/2012
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 167
في شُرُوط ِالصَّلاةِ
اعلمْ -أيُّها الطالبُ النَّبِيْهُ، وفَّقكَ الله إلى صحيحِ العبادةِ، وجنَّبَكَ مسالِكَ الضَّلالِ والغوايَةِ- أنَّ للصلاةِ شروطًا وأركانًا[1]لا تتمُّ الصلاةُ إلا بأدائِها والقيامِ بها، وكُلُّ ذلكَ مأخوذٌ منْ قولِ النَّبِيِّ e وفعلِهِ، واقتفاءً لقولِهِ :" صلُّوا كمَا رأيتُمُوني أُصَلِّي"[2].
وَنشرعُ -باللهِ مستعينينَ- أوَّلاً في الحديثِ حولَ شروطِ الصَّلاةِ، فنقولُ: إنَّ الشُّروطَ قسمانِ:
أ- شُروطُ وُجُوبٍ: وهيَ العقلُ والبُلوغُ والطَّهارةُ منَ الحيْضِ وَالنِّفاسِ، وقدْ تقدمَ الحديثُ عَنْها.
ب- شُروطُ صِحَّةٍ: وهيَ -إجمالا-: الإسلامُ، والطهارةُ، ودخولُ الوقتِ، وسِترُ العَورةِ، واستقبالُ القبلةِ..
وتاركٌ شيئًا مِنَ الشُّروطِ
#
***
فَلا صَلاةَ لانتفا المَشْروطِ[3]
وَإليكَ تفصيلَ القولِ في شُروطِ صحةِ الصلاةِ:
الشَّرطُ الأولُ: الإِسْلامُ
علينا -نحنُ معاشرَ المسلمينَ- أنْ نحمدَ الله تعالى على أنِ اصطَفانَا مِنْ بَينِ أُمَمِ الأرْضِ فَنَكُونَ مسلمينَ مؤمنينَ موحِّدينَ للهِ I، فنعمةُ الإسلامِ هيَ أكبرُ نعمةٍ أنعمَها الله علينَا، فـ}الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ { الأعراف: ٤٣؛ ذلكَ لأنَّ الصلاةَ وسائرَ العباداتِ لا تصِحُّ ولا تُقبلُ مِنْ غيرِ المُسْلمِ؛ قَالَ تعَالى: }وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ{ آل عمران: ٨٥.
تنبيهٌ مُهِمٌّ
ذكرنا آنفًا أنَّ مِنْ شروطِ وجوبِ الصَّلاةِ البلوغَ والعقلَ، وقدْ أضافَ بعضُهمْ (شَرْطَ الإِسْلامِ) شَرطًا مِنْ شُروطِ وجوبِ الصَّلاةِ، والصَّحِيحُ أنَّ الإسلامَ شرطُ صحةٍ لا شرطُ وجوبٍ؛ وذلكَ لأنَّ الكُفارَ مخاطبونَ بفروعِ الشَّريعةِ على المُعْتمَد الراجحِ عندَ الشَّيخَينِ -أبقاهُما الله تعالى- كمَا أنهُمْ مخاطبونَ بأصولِها، ولِذلكَ فكما أنهمْ مُعاقبونَ على تركِ الأصولِ فهمْ معاقبونَ أيضًا على تركِ الفروعِ كالصَّلاةِ والزكاةِ...وعلى ذلكَ دلائلُ كثيرةٌ وشواهدُ منَ القرآنِ الكريمِ منها:
1. قولُهُ تَعَالى: }وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ{6} الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ{ فصلت: ٦ – ٧.
2. عندمَا حكَى عنْ أهلِ النارِ أنهمْ يُسألونَ مَا سَلَكَكُمْ في سَقَرَ حكى إجابَتَهُم بقولِه: }قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ{43} وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ{44} وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ{45} وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ{46}{ المدثر: ٤٣–٤٦، وغيرُ ذلكَ منَ النصوصِ مِنْ كتابِ الله تعالى وسُنةِ نبيِهِ r يقولُ سماحةُ الشيخِ :" بجانبِ كونِ الله تباركَ وتعالى خاطَبَهمْ بالإيمانِ وبقَبولِ هَذا الدِّينِ وبالانضِمامِ إلى هَذا المعتقدِ، خاطَبهمْ أيضاً بإقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاةِ، ولكنْ لا تصحُّ منهمُ الصلاةُ ولا تصحُّ منهمُ الزكاةُ إلا باعتناقِهمُ الإسلامَ، فهنالكَ فرقٌ بينَ شرطِ الوجوبِ وشرطِ الصِحَّةِ.. وهكذَا يُقالُ في كلِّ العباداتِ التي تتوقفُ على شرائِطَ لصحتِهَا، لا يعني ذَلِكَ عَدَمَ وُجُوِبها على مَنْ لم يوفِ بتلكَ الشرائطِ، وإنما هذهِ شرائطُ لِصحةِ العملِ لا لوجوبِ العملِ، وكذلكَ إقامُ الصلاةِ وإيتاءُ الزكاةِ وجميعُ الأعمالِ الواجبةِ في الإسلامِ، مما يتوقفُ على عقيدةِ الإسلامِ يعدُّ الإسلامُ شرطاً لصحتِها ولا يعدُّ شرطاً لوجوبها"[4].
اِقْرَأْ وَاحْفَظْ
يَقُولُ النُّورُ السَّالميُّ -رَحمَهُ اللهُ- في مَدَارِجِ الكَمَالِ
وَتَارِكُ التَّوْحِيدِ هَلْ يُعَذَّبُ
وَإِنْ تَرَى الإِسْلامَ شَرْطاً وَقَعَا
أيْ لا يَصِحُّ دُونَهُ وَإِنْ وَجَبْ
***
***
***
بِتَرْكِهِ الأَعْمَالَ وَهُوَ المذْهَبُ
فَذَاكَ في صِحَّةِ مَا قَدْ صَنَعَا
فَلِلْوُجُوبِ غَيرُهُ أَيْضًا سَبَبْ[5]
الشَّرطُ الثاني: الوَقْتُ
جعلَ الله تعالى للصلواتِ مواقيتَ لأدائِها[6] لا تُقدَّمُ ولا تؤخَّرُ إلا بعذرٍ شرعيٍّ[7]، وحرَّمَ أوقاتًا[8] لا تجوزُ الصلاةُ فيها ولا تصحُ، وأوقاتًا أخرى تُكرَهُ فيهَا،
قَال تعَالى: }إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً { النساء: ١٠٣، وذلكَ كلُّهُ حسبَ التفصيلِ الآتي:
مواقيتُ الصَّلواتِ الخمسِ
وهذهِ هيَ أوقاتُ الصلواتِ الخمسِ، نبدأُها منْ بدايةِ اليومِ العربيِّ[9]:
1- المغربُ: يبدأُ وقتُها بسقوطِ قُرصِ الشمسِ كاملاً، وينتهِي بغروبِ الشفقِ الأحمرِ على المعتبرِ عندَ شيخِنا الخليليِّ -حفظَه اللهُ-[10].
2- العِشَاءُ: يبدأُ وقتُهَا بعدَ وقتِ المغربِ، وينتهِي بثُلثِ الليلِ وقيلَ: بمنتصفِه، يقولُ شيخُنا القنوبِيُّ -حفظَه اللهُ-:" الذي نأخذُ به أنَّ وقتَ العشاءِ ينتهِي بمنتصفِ الليلِ[11]، ويقول أيضًا: "وهوَ الراجحُ عندِي لدلالةِ السنَّةِ الصحيحةِ الثابتةِ"[12].
3- الفَجْرُ: يَبدأُ منْ طُلوعِ الفَجْرِ الصَّادقِ إلى طُلوعِ جُزءٍ منَ الشَّمسِ.
4- الظُّهرُ: يبدأُ بعدَ زوالِ الشمسِ عنْ كبدِ السماءِ بقدرٍ بسيطٍ[13]، وينتهي إلى مصيرِ ظِلِّ كلِّ شيءٍ مثلَه معَ مراعاةِ ذلكَ القدْرِ الذي زالَتْ بهِ الشَّمسُ[14].
5- العَصْرُ: يبدأُ مِنْ خروجِ وقتِ الظهرِ، أيْ بعدَ مصيرِ ظلِّ كلِّ شيءٍ مثلَه معَ مراعاةِ القدرِ الذي زالتْ بهِ الشَّمسُ، وينتهي باصْفرارِ الشمسِ قبلَ الغُروبِ[15]؛ لأنَّ هَذَا الوقتَ وقتٌ تمنعُ فيهِ الصَّلاةُ عَلَى الرأْيِ الرَّاجِحِ[16].
]تَنْبِيْهٌ[
الفجرُ فجْرانِ، فجرٌ كاذبٌ وفجرٌ صَادِقٌ، فَالفَجْرُ الكاذبُ: هوَ الذي يطلعُ مستطيلاً متجهًا إلى الأعلى في وسَطِ السَّماءِ، ثم تعقبُهُ ظُلْمةٌ، ويقابِلُهُ الفَجْرُ الصَّادِقُ: وهوَ البياضُ المنتشرُ ضوءُهُ معترضاً في الأفُقِ، والأوَّلُ: لا يَتَعَلَّقُ بهِ شيءٌ منَ الأحكامِ، فحكمُه حكمُ الليلِ، والثَاني: هوَ الذي تتعلقُ بهِ الأحكامُ الشَّرعيةُ كلُّها مِنْ بدءِ الصومِ، ودخولِ وقتِ الصبحِ، وانتهاءِ وقتِ الوَترِ.
مَسْألةُ الاشْتِرَاكِ في الأَوْقَاتِ
ثبتَ في الحديثِ الصَّحيحِ عندَ الإمامِ الربيعِ والشَّيخَينِ وغيرهم عنِ ابنِ عباسٍ { " أنَّ النَّبِيَّ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- صلَّى الظهرَ والعصرَ جميعًا، والمغربَ والعشاءَ الآخرةَ جميعًا مِنْ غيرِ خوفٍ ولا سفرٍ ولا سحابٍ ولا مطرٍ"[17]؛ وبناءً على هذَا الحديثِ وصحَّتِهِ فقَدْ رأى الشَّيْخانِ الخليليُّ والقنوبيُّ[18] -أطالَ اللهُ في عُمُرهمْ ومتَّعنا بحياتهمْ- أنَّ القولَ بالاشتراكِ بينَ الوقتينِ هوَ القولُ الصحيحُ، أيْ أنَّ الوقتَ مِنْ أولِ الظهرِ إلى آخرِ العصرِ مشتركٌ بينهُما، وهكذا مِنْ أولِ المغربِ إلى آخرِ العشاءِ وقتٌ مشتركٌ بينهمَا لأداءِ الصلاتينِ، ولكنَّ ذلكَ منوطٌ بوجودِ الحرجِ والمشقةِ؛ لأنَّهُ لمْ يكنْ مما يتكررُ منْ فعلِ النبيِّ @، وقدْ أفصحَ عنْ ذلكَ ابنُ عباسٍ عندَما سُئِلَ عنْ علِّةِ فعلِهِ @ فقالَ: "أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ".
ومِمَّا لا يخفَى عليكَ -أيُّهَا المتعلمُ النجيبُ- أنَّ الجمعَ في أحدِ الوقتينِ أو القولَ بالاشتراكِ في الأوقاتِ مختلِفٌ عمَّا يُعرفُ بـ"الجَمْعِ الصُّوْرِي"؛ وذلكَ لأنَّ هذَا الأخيرَ متفَقٌ على جوازِهِ، فهوَ جمعٌ في الصُّورةِ فقط، وأمَا حقيقتُهُ فهوَ أنْ يصليَ الظهرَ في آخرِ وقتِها، فإذَا سلَّمَ انتهى وقتُ الظهرِ ودخلَ وقتُ العَصرِ فيصليها حينئذٍ في وقتِها المتفَقِ عليهِ، والعِلمُ عندَ اللهِ[19].
الأوقاتُ المحرمةُ
اعلمْ -أخي هداكَ الله لأسبابِ طاعتِه، وجنبَكَ موجباتِ سخطِهِ ومعصيَتِهِ- أنَّ الأوقاتَ المذكورةَ آنفًا هيَ أوقاتٌ لأداءِ الصَّلواتِ المفروضةِ، وأنَّ هناكَ أوقاتًا تحرمُ فيهَا الصلاةُ بلْ لا تنعقدُ ولا تصحُّ فيها الصلاةُ أبدًا[20] فرضًا كانتْ أم نفلًا، أداءً كانتْ أم قضاءً، فكنْ منها على حذرٍ[21]، وهيَ:
أ- وقتُ الطُّلوعِ: إذا طلعَ جزءٌ منَ الشَّمسِ حتى تستكملَ طلوعَهَا، وقيلَ: حتى ترتفعَ قدرَ رمحٍ -أيْ ما يعادلُ اثنَتيْ عشْرَةَ دقيقةً تقريبًا- وهوَ المُعْتمَدُ الصحيحُ[22].
ب- وقتُ الزَّوالِ: وقتُ استواءِ الشمسِ في كبدِ السماءِ[23]، وذلكَ في الحرِ الشديدِ إلى أنْ تزولَ الشمسُ أيْ يدخلَ وقتُ الظهرِ، ويستثنى منَ النهْيِ يومُ الجمعةِ[24] علَى الصَّحِيحِ المُعْتمَد عندَ الشَّيخَينِ -يحفظهم الله-[25].
ت- وقْتُ الغُرُوبِ: إذَا غربَ جزءٌ مِنَ الشَّمسِ، حتَى تستكملَ غروبهَا، والعِبرةُ في الطُلوعِ والغروبِ بالحقيقةِ لا بالجبالِ التي تحجبُ الرؤيَةَ[26].
وقيلَ: إذَا اصفرَّتِ الشمسُ ودنَتْ مِنَ الغُروبِ فإنَّ الصَّلاةَ تمنعُ وهوَ الصحيحُ المُعْتمَدُ عندَ الشيخِ الخليليِّ-يحفظهُ اللهُ-؛ لحديثِ(لا تُصَلُّوا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلا أَن تُصَلُّوا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ)[27]؛ فعندَ اصفرارِ الشَّمسِ أو عندَ قُربِ طلوعِ الشمسِ ينبغي أنْ يُقالَ بعدمِ جوازِ الصلاةِ في هذينِ الوقتينِ ولَوْ كانتِ الصلاةُ منَ الصلواتِ ذواتِ الأسباب[28].
والدَّليلُ علَى حُرمةِ الصَّلاةِ في هذِهِ الأَوقاتِ عُمُومًا مَا ثَبَتَ مِنْ طَرِيقِ عُقبةَ بنِ عامرٍ t قال: " ثَلاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ r يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ"[29].
ويُضافُ إلى ذلكَ عدمُ جوازِ الصَّلاةِ إذَا أُقيمَتِ الفريضةُ المكتوبةُ لمَنْ لمْ يُصلِّ تلك الصَّلاةَ، فيجبُ -علَى الصَّحيحِ المُعْتمَد عندَ الشَّيخَينِ[30]- قطعُ الصَّلاةِ والدُّخولُ معَ الإمامِ في هذَا الوقتِ؛ لقولِهِ r: " إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ"[31].
وكَذا وقتُ خُطبةِ الجمُعةِ إلا ركعتيْ تحيَّةِ المسجدِ، يقولُ محدِّثُ العصرِ -عافاهُ اللهُ-: " ومِنَ الأوقاتِ التي يُنهى عنِ الصَّلاةِ فيها وقتُ خُطبةِ الجُمعَةِ، فذلكَ الوقتُ يُنهى عنِ الصَّلاةِ فيهِ بِاستثناءِ ركعتيْ تحيةِ المسجِدِ"[32].
-
12/06/2012 12:13 AM #115عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 24/01/2012
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 167
مَسْأَلةٌ
ثبتَ في الحديثِ أنَّ النَّبِيَّ r قالَ:" مَنْ أدركَ منَ الصبحِ ركعةً قبلَ أنْ تطلعَ الشمسُ فقدَ أدركَ الصبحَ، ومَنْ أدركَ مِنَ العصرِ ركعةً قبلَ أنْ تغربَ الشمسُ فقدْ أدركَ العصرَ"[33]، وعليهِ فإنَّهُ يستفادُ مِنَ الحديثِ أنَّ النَّهيَ عَنِ الصَّلاةِ في هذِه ِالأوقاتِ إنما هوَ نهيٌ عَنِ ابتداءِ الصلاةِ لا عنْ استمرارِها، وذلكَ لمنْ أكملَ ركعةً تامةً منْ صلاتِهِ، فمنْ استيقظَ قبلَ طلوعِ الشمسِ -مثَلا- وكانَ بإمكانِهِ أداءُ ركعةٍ كاملةٍ فعليهِ أنْ يأتيَ بالصلاةِ، فإنْ تمتِ الركعةُ الأُولى قبلَ الطلوعِ فعليهِ مواصلةُ الصلاةِ ولا يلتفتْ إلى الطلوعِ؛ لأنَّ النهيَ في هذهِ الأوقاتِ نهيٌ عنِ الابتداءِ لا عنِ المواصلةِ.
هذا هوَ الرأيُ الراجحُ الذي رجحهُ الإمامُ السَّالِمِيُّ -رَحمَهُ اللهُ- والعلامةُ القنوبيُّ[34] -حفظَه الله وأبقَاهُ- ، يقولُ الإمامُ السَّالِمِيُّ -رَحمَهُ اللهُ- :"وظاهرُ الحدِيثِ يؤيِّدُ القولَ الأوَّلَ وإِنْ كانَ شاذًّا في المذهبِ..وهَذا الحديثُ خاصٌّ، والخاصُّ مُقدَّمٌ على العامِ، وقد يُغتفرُ في البناءِ ما لا يُغتفرُ في الابتداءِ، فالنَّهيُ عنِ الصَّلاةِ في ذلكَ الوقتِ نهيٌ عنِ ابتدائِها لا عنِ استدامتِها.." [35].
وهذَا كلُّهُ خلافًا لمنْ قالَ بأنَّه يقفُ بعدَ الركعةَ الأولى منتظرًا استكمالَ طلوعِ الشمسِ حتى رخصُوا لهُ بأنْ يلتفتَ للخلفِ ليتأكدَ منْ طلوعِها، وقدْ عرفتَ الرأيَ الراجحَ فاشددْ بهِ يدًا. والله الموفِّقُ.
الأوقاتُ المكروهةُ
تكرهُ الصلاةُ كراهةَ تنزيهٍ لا تحريمٍ في الأوقاتِ التاليةِ:
أ- بعدَ طلوعِ الفجرِ حتَى تُصلَّى الفريضةُ إلا ركعتَي السُّنَّةِ.
ب- بعدَ صلاةِ الصبحِ حتى يطلعَ قرنٌ منَ الشَّمسِ.
ت- بعدَ صلاةِ العَصرِ -علَى الصحيحِ-[36]؛ والدَّليلُ علَى الكراهةِ في هذيْنِ الوقتينِ قولُ النَّبِيِّ r:" لا صلاةَ بعدَ صلاةِ العصرِ حتى تغربَ الشمسُ، ولا صلاةَ بعدَ صلاةِ الصبحِ حتى تطلعَ الشمسُ"[37].
مَسْأَلَةٌ
اختلفَ العلماءُ في التنفلِ بعدَ صلاةِ الوترِ قبلَ أنْ ينامَ المصليْ؛ ذلكَ أنَّهُ لمْ يأتِ حديثٌ صريحٌ يدُلُّ على النَّهيِ عنِ الصَّلاةِ بعدَ الوترِ إلا أمرُ النَّبِيِّ r بأنْ تُجعلَ الوترُ آخرَ الصلاةِ[38] في قولِهِ : "اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِِكُمْ وِتْرًا"[39]، لذلكَ ذهبَ بعضُهمْ إلى الكراهَةِ وذهبَ بعضُهمْ إلى التحريمِ، يقولُ إمامُ السُّنَّةِ والأصولِ -حفظَهُ الله-:"..فينبغِي تركُ التنفلِ بعدَ صلاةِ الوترِ بغضِّ النظرِ عنْ حرمةِ ذلكَ أو كراهيتِهِ، فإنَّ الله I لا يُعبدُ بالمكروهِ"[40].
ورأَى -حفظَهُ الله- في موضعٍ آخرَ بأنَّ الإنسانَ إذا بدَا لهُ التنفلُ بعدَ أنْ صلَّى الوترَ فَلا مانعَ منْ ذلكَ بعدَ أنْ أدَّى الوترَ باعتبارِها آخرَ صلاتِه،[41] والله الهادِي إلى سواءِ السَّبيلِ.
فَائِدَةٌ
ثبتَتْ مشْروعيةُ قضاءِ الفوائتِ (فرائِضَ أو سُننٍ) وكذَا الصَّلواتِ السَّببيةِ في الأوقاتِ التِي تُكرَهُ فيهَا الصَّلواتُ دونَ التي تحْرمُ، فهِيَ مُستثناةٌ منْ عُمومِ النَّهيِ عنِ الصَّلاةِ في هذهِ الأوقاتِ[42]، ومِنْ أمثلةِ السَّبَبِيَّاتِ: صَلاةُ الجَنازةِ، وصَلاةُ الاسْتخارةِ، وصَلاةُ تحيةِ المسجدِ، وصَلاةُ الكُسُوفِ والخُسُوفِ...-كمَا سَيَأْتي-، والله أعلمُ.
فَتْوَى
السُّؤالُ/ ما رأيُكمْ في وقتِ صلاةِ تحيةِ المسجدِ؟ أفتِنا مأجورًا.
الجَوابُ/ تصلَّى في جميعِ الأوقاتِ باستثناءِ وقتِ الشروقِ والغروبِ، ووقتِ وقوفِ الشَّمْسِ في كبدِ السماءِ في الحرِّ الشديدِ، وقيل مطلقًا، إلا يومَ الجمعةِ، والله أعلمُ[43].
الشَّرطُ الثالثُ: الطَّهارةُ
والطَّهارَةُ المطلوبةُ للصَّلاةِ هيَ الطهارةُ مِنَ الحدَثينِ: الأصغرِ والأكبرِ[44] كمَا تقدَّمَ سابِقًا؛ قالَ r :".. وَلا صلاةَ لمنْ لا وضوءَ لهُ"[45]؛ فمَنْ صلَّى بغيرِ طهارةٍ لمْ تنعقدْ صلاتُه أصلًا، ومَنْ طرأَ عليهِ الحدثُ أثناءَ صلاتِه انتقضَتْ ما لمْ يُسَلِّمْ، والطهارةُ مِن الحدثينِ شرطٌ في صحةِ كلِّ صلاةٍ، فريضةً كانتْ أو نافلةً.
و كذلكَ تُشترطُ الطهارةُ مِنَ الخبثِ (النَّجَسِ)، وهذهِ الطهارةُ تكونُ في:
أ- الثَّوْبِ: قالَ تعَالى: }وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ{ المدثر: ٤، وقالَ الرَّسُولُ r:" المنيُّ والمذِيُّ والودِيُّ .. نجسٌ لا يصلَّى في ثوبٍ وقعَ فِيه شيءٌ منْ ذلكَ حتى يُغسلَ ويزولَ أثرُهُ".[46]
ب- البَدَنِ: قالَ r :"اغسِلي عنكِ الدَمَ وصلِّي"[47]، وإذَا وجَبَ تطهيرُ الثوبِ فتطهيرُ البدَنِ أَوْلى.
ث- المكَانِ: لنهيِ النَّبِيِّ r عنِ الصَّلاةِ في المقبرةِ، والمنحرةِ، ومعاطنِ الإبلِ[48]؛ لأنَّهَا مظنةُ النجاسةِ[49].
الشَّرطُ الرابعُ: اللِّبَاسُ
يُشترَطُ لصحةِ الصَّلاةِ اللباسُ الساترُ للعورةِ باتفاقِ العلماءِ[50]؛ قَالَ تعالى: }يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ{ الأعراف: ٣١، والمرادُ بالزينةِ في الآيةِ اللباسُ الذي يسترُ العَورةَ لقولِهِ تعالى: } قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً { الأعراف: ٢٦، ومنْ شأنِ الإنسانِ إذا دُعيَ للقاءِ ملِكٍ منَ الملوكِ أو مسؤولٍ منَ المسؤولينَ أنْ يتجهزَ ويستعدَّ لذلكَ اللقاءِ ويلبسَ لهُ أحسنَ اللباسِ وأطيبَه، فأوْلَى بذلكَ عندَ لقاءِ ملكِ الملوكِ الذي بيدهِ كلُّ شيءٍ، ولهُ الحكمُ ولهُ الأمرُ كلُّهُ، فيأخذُ مِنْ زينتِهِ ولباسِهِ الحسَنِ ما يليقُ بعِظَمِ هذا المقامِ الجليلِ.
فَصْلٌ في صِفَةِ اللِّباسِ
والأصلُ أنَّ كلَّ لباسٍ طاهرٍ ساترٍ تجوزُ بهِ الصلاةُ، ويُستثنَى منْ ذلكَ ما نهَى عنهُ الشَّرْعُ كالذَّهَبِ والحرِيرِ للرِّجالِ؛ قالَ فيهمَا المصطفَى r:"..لأنَّهمَا محرمانِ على رجالِ أمتِي، ومحلَّلانِ لنسائِهَا"[51].
والأَوْلَى للرِّجالِ لِبْسُ البياضِ منَ الثيابِ فإنها خيرُ الثيابِ وأفضلُها؛ قالَ r:"عليكُم بهذِهِ الثيابِ البيضِ ألبسوهَا أحياءَكُم، وكفِّنوا فيها موتاكُم، فإنهَا خيرُ ثيابِكُم"[52]، وعنْ عليِّ بنِ أبي طالبٍ قالَ: نهاني رسولُ الله r عنْ لبسِ القِسِّيِّ وعنِْ لبسِ المُعَصْفَرِ.."[53]. والقسِّيُ: هوَ الحريرُ، والمعصفرُ: اللباسُ الذي خالطَتْه صفرةٌ .
فَصْلٌ في اللِّبَاسِ المُجْزِي لِلصَّلاةِ
وأقلُّ المجزي في لباسِ الصَّلاةِ سِترُ العَورةِ منَ الرجلِ والمرأةِ، وعورةُ الرجلِ منَ السُّرةِ إلى الركبتينِ معَ دخولهِمَا في حدِّ العورةِ على المخْتارِ[54]؛ فقدْ مَرَّ الحبيبُ المصطفَى r عَلَى رَجُلٍ وَفَخِذَاهُ مَكْشُوفَتَانِ فَقَالَ:" يَا مَعْمَرُ غَطِّ فَخِذَيْكَ فَإِنَّ الْفَخِذَيْنِ عَوْرَةٌ"[55]، وينبغِي لهُ معَ ذلكَ سترُ الصَّدرِ والبطنِ والظهرِ والعاتقِ، بل يقول إمام السُّنةِ -يحفظه الله-: "القولُ بوجوبِ سترِ العاتقِ لهُ وجهٌ وجيهٌ" والله أعلمُ[56].
لِبَاسُ المرْأَةِ
وأمَّا بالنسبةِ للمرْأةِ فجميعُ جسَدِها عورةٌ إلا الوجهَ والكفَّينِ، لسؤالِ أمِّ سلمةَ < بعدَ ذكرِهِ rلحدِّ إِزْرةِ المؤمنِ، والمرأةُ يا رسُولَ الله ؟ قالَ : " تُرخِي شِبرًا" قالتْ : إذًا ينكشِفُ عنهَا؟ قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليهِ وسلَّمَ :" فذراعًا لا تزيدُ عليهِ"[57].
وعلَى ذلكَ فلا يجوزُ للمرأةِ -علَى الرأيِ المُعْتمَد الصَّحيحِ- أن تُظهرَ في صلاتِهَا قدمَيهَا وكلَّ ما لا يجوزُ إظهارُه عندَ الأجَانبِ، بلْ عليها سِتْرهُ بلبسِ الجوربينِ أو بإرخاءِ الثوبِ حتى يُغطِّيَ القدمينِ، لأنَّهَا مأمورةٌ في حالِ الصلاةِ أنْ تكونَ في كاملِ هيئتِهَا، يقولُ سماحةُ الشيخِ - حفظَهُ الله وأبقاهُ- في أحدِ أجوبتِهِ:" نعمْ القولُ الصحيحُ الذي نعتمدُهُ أنَّ قدمَي المرأةِ منْ عورَتِها التي يجبُ عليهَا أنْ تَسترَها في الصلاةِ وفي لقائِها بالرجالِ الأجانبِ بدليلِ حديثِ أمِّ سلمةَ رضيَ الله تعالى عنهَا.."[58]، وفي مدارجِ الكمالِ للإمامِ السَّالِمِي -رَحمَهُ اللهُ-[59]:
وَكُلُّ مَا ليْسَ لهَا أنْ تُظهِرَهْ
***
فَفِي الصَّلاةِ وَاجِبٌ أَنْ تَسْتُرَهْ
-
12/06/2012 12:14 AM #116عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 24/01/2012
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 167
طِيفَةٌ
قُلتُ: وقدْ حضَرتُ في يومٍ منَ الأيامِ مجلسًا زارَنَا فيهِ شيخُنا بدرُ الدِّينِ الخليليِّ -حفظَهُ اللهُ- في المركزِ الصيفيِّ الذي أقامَه شيخُنا القنوبِيُّ -حفظَه اللهُ- لطلبةِ العلمِ فتذاكرُوا مسألةَ عورةِ الأَمَةِ، فأبدَى الشيخُ القنوبيُّ رأيَه وقالَ: بأنَّه لا فرقَ بينَ الأَمَةِ والحرةِ في حدِّ العَورةِ[60]، ثمَّ قالَ معقبًا ومُدلِّلا لذلكَ بأنَّ الأمَةَ قدْ تكونُ أكثرَ جمالا وأشَدَّ فتنةً منَ الحرةِ مثلَ ما هوَ معروفٌ منْ جمالِ إماءِ التُرْكِ, فابتسمَ البَدرُ الخليليُّ -حفظَهُم اللهُ- إقرارًا لكلامِهِ وإعجابًا باستدلالِهِ[61]..
قُلوبُ العَارِفينَ لَهَا عُيُونٌ
وأَجْنِحَةٌ تَطِيرُ بغَيرِ رِيْشٍ
***
***
ترَى مَا لا يَراهُ النَّاظِرونَا
إلى رِضْوَانِ ربِّ العَالمينَا
فَتْوَى
السُّؤالُ الأوَّلُ/ هلْ يجوزُ للمسلمِ جرُّ إزارِهِ في الصَّلاةِ أو خارِجَها؟
الجوابُ/ جرُّ الإزارِ منكرٌ وكبيرةٌ مِنَ كبائرِ الإثمِ، وهوَ منْ صفاتِ الفساقِ، ولا يقبل الله صلاةَ مَنْ صنعَ ذلكَ، وسواءً كانَ في الصلاةِ وحدَها أوْ في الصَّلاةِ وخارجِها }إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ { المائدة: ٢٧ ، وكالإزارِ سائرُ الثيابِ، وإنَّما غلبَ الإزارُ في الحديثِ لأنَّهُ الغالبُ. والله أعلمُ[62].
السُّؤالُ الثَّاني/ هلْ يجبُ علَى المرأةِ تغطيةُ قدَميهَا في الصَّلاةِ؟
الجوابُ/ نعمْ القولُ الصحيحُ الذي نعتمدُه أنَّ قدمَي المرأةِ منَ عورتِها التي يجبُ عليهَا أنْ تسترَها في الصلاةِ وفي لقائِها بالرجالِ الأجانبِ بدليلِ حديثِ أمِّ سلمةَ رضيَ اللهُ تعالى عنهَا عندَمَا سمعتِ النَّبِيَّ r يشدّدُ في إسبالِ الرَّجلِ لثوبِهِ فسألتْهُ عنْ حكمِ المرأةِ، فقالَ r: ترخِي شبرًا، فقالتْ لهُ: إذًا ينكشِفُ عنْ قدمَيها، فقالَ: ترخي ذراعًا.
فهذَا دليلٌ علَى أنَّ انكشافَ القدَمينِ غيرُ سائغٍ بالنسبةِ إلى المرأةِ معَ الرجالِ الأجانبِ، كذلكَ في حالِ الصلاةِ؛ لأنَّ في حالِ الصلاةِ هيَ مأمورةٌ أنْ تكونَ في كاملِ هيئتِها[63].
تنبيهاتٌ مهمةٌ
حولَ اللباسِ في الصَّلاةِ
1- لبسُ السَّاعةِ في الصَّلاةِ لا يجوزُ إذا كانتْ مصنوعةً منَ الحديدِ أو منْ أيِّ نوعٍ منْ أنواعِ المعادنِ؛ لنَهيِ النَّبِيِّ r عنِ الصلاةِ بالآنكِ والشَّبَه[64]، وقِيسَتْ عليهِما بقيَّةُ المعَادنِ، فمَنْ نسيَهَا ثمَّ تذكرَها أثناءَ الصَّلاةِ فعليهِ أنْ يخلعَها مباشرةً[65].
وَهَكَذَا يُقالُ في (الإِكْسِسْوارَاتِ) المصْنوعةِ مِنَ المعَادنِ والتي اعتادَتْ بعضُ النِّساءِ لبسَها واستخدامَها للتزيُّنِ، فعليهَا أنْ تخلعَها أثناءَ تأديتِها لهذِهِ الشعيرةِ المقدَّسةِ، والعِلمُ عندَ اللهِ تعالى.
أما لبسُ النَّظَّارَةِ في الصَّلاةِ فلا مَانعَ منْهُ إنْ كانتْ غيرَ مصنوعةٍ مِنَ المعادِنِ وكانتْ لا تَشغلُ المصليْ في صَلاتِه[66].
2- الإسْبالُ منكرٌ وكبيرةٌ مِنْ كبائرِ الذنوبِ سواءً كانَ ذلكَ خارجَ الصلاةِ أوْ داخلَها؛ للأحاديثِ المتواترةِ[67] عنِ النَّبِيِّ r، ومنهَا قولُهُ r :" إزرةُ المؤمِنِ إلى أنصافِ ساقيهِ ولا جناحَ عليهِ فيمَا بينَه وبينَ الكعبينِ وما أسفلَ مَنْ ذلكَ ففِي النَّارِ" قالَ ذلكَ ثلاثَ مرَّاتٍ[68]؛ وعلَى ذلكَ فتفسُدُ صلاةُ المُسبِلِ، ومَنْ صلَّى خلفَهُ إنْ كانَ إمامًا[69].
وكذا تفسُدُ صَلاةُ المصلينَ في الصفِّ الأولِّ إنْ كانَ سترةُ الإمامِ مُسبلا ولمْ يشَاركْهُ أحدٌ في الستْرةِ[70]، ومَعْ ذلكَ فإنَّ الإنسانَ غيرُ مطالبٍ بالنَّظرِ والتَّفحُّصِ للإمامِ وسترتِه بلْ يمضي على صلاتِه ما دامَ أنَّ الأصلَ السَّلامةُ.
3- لِبْسُ الجواربِ للرجالِ أثناءَ الصلاةِ لا يضرُّ بالصَّلاةِ فهيَ لا تمنعُ الأقدامَ مِنْ أنْ تصِلَ إلى الأرضِ ولا تمنعُ مِنَ السُّجودِ على سبعةِ آرابٍ، ولا تدخلُ في مسألةِ الإسبالِ[71].
أمَّا المرأةُ فقدْ علمْتَ أنها مأمورةٌ بسِتْرِ قدَمَيْها بإطالةِ الثَّوبِ أوْ بِلبْسِ الجَواربِ.
4- وردتْ أحاديثُ كثيرةٌ تدُلُّ على تحريمِ تصويرِ ذواتِ الأرواحِ وتحريمِ لبسِ ما فيه صورةٌ مِن ذواتِ الأرواحِ، وبناءً على قاعدةِ "النَّهيُ يدُلُّ علَى فَسَادِ المنْهيِّ عَنْهُ" فقدْ صحَّحَ إمامُ السُّنَّة والأصولِ -حفظَه الله- بطلانَ صلاةِ مَنْ لبسَ في صلاتِه لباسًا فيه صورةٌ مِنْ ذواتِ الأرواحِ كالبشرِ وسائرِ الحيواناتِ[72].
5- لا بُدَّ أنْ يكونَ الثوبُ واسعًا فضفاضًا بحيثُ لا يجسِّدُ عورةَ المصلِّي كالبنطلونِ الضيِّقِ، وهكَذا يجبُ أنْ لا يكونَ شفَّافًا يشِفُّ عمَّا تحتَه[73].
6- الأصْباغُ الصِّناعيةُ التي توضعُ على الأظافرِ وتمنعُ وصولَ الماءِ إليهَا، علَى المرأةِ اجتنابُها حتَى يصحَّ وضوؤُها ثمَّ تصِحَّ عبادتُها[74].
الشَّرطُ الخامِسُ: القِبْلةُ
جاءتْ شريعةُ الإسلامِ مهيمنةً على الشرائعِ السَّابقةِ، وجامعةً لمواريثِ الرِّسالاتِ السماويةِ المتقدمةِ، وأنَّ الْأَنْبِيَاءَ كلَّهم إِخْوَةٌ مِنْ عَلَّاتٍ، َأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ[75]، وقدْ أرادَ الله عزَّ وجلَّ أنْ يجسِّدَ ذلكَ المعنَى بأمرهِ لنبيِهِ r باستقبالِ قبلةِ أهلِ الكتابِ "بيتِ المقدسِ"[76]، فكانَ المسلمونَ يستقبلونَ بيتَ المقدسِ قبلَ الهجرةِ، وبعدَ الهجرةِ لمدةِ سبعةَ عشرَ شهرًا[77] حتى نزلَ قولُهُ تعالى: }قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ { البقرة: ١٤٤ ، فتوجَّهَ المسلمونَ نحوَ الكَعبةِ شرَّفَها الله ورفعَ قدْرهَا.
وقد اتفقَ المسلمونَ مِنْ حيثُ الجمْلةُ على وجُوبِ استقبالِ الكَعبةِ باعتبارِهِ شرطًا مِنْ شُروطِ صِحَّةِ الصَّلاةِ[78].
}فَائِدَةٌ:{ قالُ أهلُ العِلْمِ: يجبُ على مَنْ كانَ معاينًا للكعبةِ أمامَهُ أنْ يستقبلَ عينَها[79]، أما مَنْ كانَ غيرَ مُعاينٍ لها -بحيثُ يَتعذَّرُ عليهِ إصابةُ عينِهَا- كمَا هوَ حالُ السَّوادِ الأعظمِ مِنَ المسْلمِينَ فلا يجبُ عليهِمْ إلا استقبالُ جهتِهَا[80] قال تعالى: }فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ { البقرة: ١٤٤.
تحرِّيْ القِبْلَةِ
يجبُ التحري والاجتهادُ في معرفةِ جهةِ القِبْلَةِ -أيْ بذلُ المجهودِ لنيلِ المقصُودِ- وذلكَ بالدلائلِ والقرائنِ في حقِّ مَنْ كانَ عاجزًا عنْ معرفةِ القبلةِ، واشتبهتْ عليهِ جهتُها، فمَنْ وجدَ أيَّ مرشدٍ اتبعهُ (برًّا كانَ أو فاجرًا)[81]؛ لأنَّ خبرَ المرشدِ أقوَى مِنَ الاجتهادِ، وإذا اكتشفَ بعدَ الصلاةِ سواءً كانَ في الوقتِ أو بعدَه خطأَ ما كانَ عليه فلا إعادةَ عليْهِ على الصَّحيحِ المُعْتمَد عندَ الشَّيخَينِ -حفظهُما اللهُ-[82] مَا دامَ أنَّهُ لمْ يُقصِّرْ في التَّحرِّيْ؛ وفي ذلكَ -قيلَ- نزلَ قولُهُ تعالَى: } فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ { [83] البقرة: ١١٥.
}فَائِدَةٌ:{ مِنَ الوسَائلِ المعِينَةِ والدَّقيقَةِ في معْرفةِ القِبلَةِ وتحديدِ جِهتِهَا "البَوْصَلَةُ"، فعلَى المسْلمِ أنْ يصطحِبَها في أسفارِهِ لا سيَّما عندَما يسافرُ إلى بلادٍ غيرِ مُسلِمَةٍ، قُلْتُ: وقدْ اسْتخدمْناها في سَفَرِنا للولاياتِ المتَّحدةِ الإِمريكيَّةِ في صيفِ 2005م، وقد كانتْ عمليَّةً ومُجْديَةً جدًّا.
أَعْذَارُ تَرْكِ القِبْلَةِ
تعرَّفْ -يا رَعَاكَ اللهُ- أنَّه قدْ يَعرِضُ علَى المصَلِّي مِنَ العَوارِضِ مَا يمنعُهُ مِنَ اسْتقبالِ القِبلةِ في صلاتِه؛ فيمكنُهُ ترْكُ استقبالِها في الأحوالِ التَّاليةِ:
1- صلاةُ الخائفِ[84] على نفسِهِ أو مالِهِ، وصَلاةُ المطرودِ الذي يتبعُهُ عدوٌّ أو سَبُعٌ منَ السِّباعِ، وصلاةُ المسَايفةِ عندَ الاشتباكِ معَ العدوِّ، }فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً{ البقرة: ٢٣٩ قالَ ابنُ عمرَ: مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا[85].
2- صلاةُ المريضِ والمكرَهِ والمربوطِ إذا عَجزُوا عنِ الاستقبالِ قالَ r:" إذا نهيتُكم عنْ شيءٍ فانتهوا ، وإذا أمرتُكمْ بشيءٍ فائْتُوا ما اسْتطَعتُمْ "[86].
3- صلاةُ النَّافلةِ على الراحلةِ في حالِ السفرِ، فعنِ ابنِ عمرَ بنِ الخطَّابِ { قالَ: " كانَ رسولُ اللهِ يصلِي على راحلتِه في السَّفرِ حيثُ ما توجهَتْ بهِ راحلتُه"[87]. قالَ الربيعُ : وذلكَ في النَّوافلِ.
-
12/06/2012 12:14 AM #117عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 24/01/2012
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 167
تنبيهٌ مُهِمٌّ
صلاةُ النافلةِ في السَّفرِ على الراحلةِ كالسَّيارةِ والحافلةِ والطائرةِ منَ السُننِ التي غَفلَ عنْها كثيرٌ منَ الناسِ في هذهِ الأيامِ، فتجدُ الواحدَ منهُم -هدانا الله وإياهُم- يقطَعُ المئاتِ بلِ الآلافَ مِنَ الكيلُومتراتِ بينَ نومٍ وأكلٍ وكثرةِ حديثٍ ووقعٍ في أعراضِ النَّاسِ، وينسَونَ أو يتناسَونَ هذهِ السُّنَّة الشهيرةَ الثابتةَ عنِ الأسوةِ الحسنةِ r [88].
فما أجدرَ المسلمَ وهوَ يمشِي في مناكبِ الأرضِ، ويضربُ في مشرقِها ومغربِها أنْ يُجدِّدَ العهدَ والصلةَ باللهِ -عزَ وجلَّ- فيحييَ هذهِ السُّنَّةَ ويدعُوَ الناسَ إليها لا سيَّمَا في تلكَ الأسفارِ التي يَقصدُ فيها المسافرُ بيتَ الله العتيقَ لأداءِ شعائرِ الحجِّ والعمرةِ، ألا وإنَّ ذلكَ مِنْ تعظيمِ شعائرِ الله }ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ { الحج: ٣٢[89].
مَسْأَلةٌ
في الصَّلاةِ دَاخِلَ الكَعْبةِ
اختَلَفَ أهلُ العلمِ في الصَّلاةِ داخلَ الكَعبةِ على عدَّةِ آراءٍ، فمنهُم منْ منعَ ذلكَ مطلقًا، ومنهُم مَنْ منعَ الفرضَ وأجازَ النَّفلَ[90] وبه أفتى سماحةُ المفتي -حفظهُ اللهُ-[91]، بينَما مَالَ العلامةُ القنوبيُّ -حفظَهُ اللهُ- إلى الجوازِ مطلقًا فرضًا أو نفلاً[92]؛ لثبوتِ فعلِ ذلكَ عنِ الشارِع[93] r معَ عدمِ وجودِ ما يصرفُ هذَا الفعلَ عنْ أصلِ العمومِ إلى التخصيصِ بالنفلِ دونَ الفرضِ؛ إذِ الأصْلُ أنَّ مَا جَازَ في النَّفلِ جازَ في الفرضِ إلا إذَا دلَّ دليلٌ عَلَى خِلافِ ذلكَ.
ولا دليلَ -كذلكَ- عَلَى التَّخصِيْصِ بِهِ r دونَ غيرهِ منْ أفرادِ أُمتِهِ.
اتخَاذُ السِّترةِ
اعلمْ -وفَّقَكَ الله للعملِ بسنةِ نبيِّه الشَّريفةِ- أنَّهُ قدْ غفلَ كثيرٌ مِنَ الناسِ عنِ اتخاذِ السترةِ أثناءَ صَلاتهِم، فتجدُ الواحدَ منهمْ إذا دخلَ المسجدَ لمْ يَهتمّ أنْ يصلِيَ خلْفَ ساريةٍ أو جدارٍ يمنعُ المارَّةَ مِنَ المرورِ أمامَهُ، واتخاذُ السترةِ سنةٌ منَ السننِ النبويةِ الثابتةِ منْ قولِ النَّبِيِّ r وفعلِهِ، فقَدْ قالَ u:" إِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ فَلْيُصَلِّ وَلا يُبَالِ مَنْ مَرَّ وَرَاءَ ذَلِكَ"[94].
وإذَا أرادَ شخصٌ المرورَ أمامَ المصلِّي فإنَّ المصَلِّيَ مأمورٌ بدفعِهِ ودَرْئِهِ ما استطاعَ، فإِنْ أبى فمَا هوَ إلا شيطانٌ منْ شياطينِ الإنسِ كمَا ثبتَ في الحديثِ " إنَّ أحدَكم إذا كانَ في الصلاةِ فلَا يدعْ أحدًا يمرُ بينَ يديهِ وليدرأهُ ما استطاعَ فإِنْ أَبى فليقاتِلْهُ فإنَّما هوَ شَيْطانٌ"[95].
وإذَا قُدِّرَ أنَّ شخصًا مرَّ بينَ المصلي وسترتِهِ فإنَّ صَلاتَه لا تتأثرُ على الرأيِ المُعْتمَد الرَّاجحِ عندَ الشَّيخَينِ الخليليِّ[96] والقنوبيِّ[97] -يحفظُهُمُ الله-؛ وذلكَ لأنَّ الصَّلاةَ ليسَتْ حبلاً ممدودًا ينقطعُ بمرورِ المارَّةِ، وإنَّما هيَ صلةٌ بينَ العبدِ وربِّهِ، يصلُها برُّ القلبِ ويقطعُها فجورُه[98].
فَائِدةٌ
رخَّصَ بعضُ أهلِ العلمِ في المرُورِ بينَ يدَيْ المصلِّي في المسْجدِ الحرامِ؛ ولعلَّ ذلكَ لوجودِ الزِّحامِ ووقوعِ الحرجِ في حالِ التَّشديدِ على النَّاسِ، والأمرُ إذا ضَاقَ اتسَعَ، وعُمومًا يَنبغِي لمنْ وجَدَ سَبيلاً إلى تَرْكِ المرورِ أنْ لا يمرَّ[99].
}تَنْبِيْهٌ مُهِمٌّ{: يكثُرُ المرُورُ بينَ يَدَيْ المصَلِّي مِنْ قِبَلِ بعضٍ مِنَ المصَلِّينَ غيرَ مُبالِينَ بنهْيِ النَّبيِّ e، وأكثرُ مَا يقعُ ذلكَ في صَلاةِ الجُمُعَةِ وصَلاةِ التَّراويحِ ونحوِها مِنَ الصَّلواتِ؛ وقدْ نهى النَّبيُّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ عنْ ذلكَ مُشَدِّدًا ومُغلِظًا قولَهُ: " لوْ يعْلَمُ المارُّ بينَ يدَيْ المصَلِّيْ مَاذَا عليهِ لَوَقَفَ أربعينَ خيرًا لهُ مِنْ أنْ يمرُّ بينَ يَدَيْهِ". قالَ جابرٌ: قالَ بعضُ الناسِ: يعني أربعينَ خريفًا، وقالَ آخرونَ: أربعينَ شَهْرًا، وقالَ آخرونَ: أربعينَ يومًا[100].
خَاتمةٌ
في أحْكَامِ القِبْلَةِ
وإليكَ ما قالَهُ النورُ السَّالِمِيُّ -رَحمَهُ اللهُ- فاحفظْهَا واشدُدْ بها يدًا[101]:
و يجبُ اسْتقبالُ عَينِ الكَعبةِ
إنْ لمْ تكنْ فِيهِ وَلكِنْ بعْدمَا
و جائزٌ تقليدُ أهلِ الدَّارِ
ويَترُكُ القبلةَ مَنْ خَافَ علَى
أوْ كانَ مربوطًا علَى نحوِ خشبْ
أوْ كانَ أعمَى لمْ يجدْ دَلِيلا
أوْ كانَ ذا تنفُّلٍ في الحالِ
لكنَّهُ يحرمُ نحوهَا فقطْ
-
12/06/2012 12:14 AM #118عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 24/01/2012
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 167
فَائِدَةٌ مُهمَّةٌ في الفرقِ بينَ الرُّكنِ والشَّرطِ: تقدمَ سابقًا تعريفُ الشرطِ بأنَّه ما يلزمُ منْ عدمِهِ العدمُ ولا يلزمُ منْ وجودِه وجودٌ ولا عدمٌ لذَاتِهِ، وهذا الكلام ينطبقُ على الركنِ أيضًا، إلا أنَّ الفارقَ الجوهريَ بينهما أنَّ الشرطَ يكونُ خارجَ ماهيةِ العبادةِ، والركنُ يكونُ داخلًا في ماهيتِها، فمثلا: الطهارةُ واستقبالُ القِبلةِ شرطٌ للصلاة لأنهما يقعانِ خارجَ ماهيةِ الصلاةِ، أما قراءةُ الفاتحةِ والركوعُ فهما ركنٌ لأنهما ضمنَ أعمالِ الصلاةِ التي لا تتم إلا بها.
-
12/06/2012 12:39 AM #119عضو مميز
- تاريخ الانضمام
- 30/08/2007
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 1,595
أخي الفاضل بارك الله فيك
لست هنا لأناقش أدلة الإخوة الإباضية على الإقتصار على فاتحة الكتاب في صلاتي الظهر و العصر
لكني إختلفت مع الأخ Logical man فيما ذكره بأن المسلمين اتفقوا عليه
ف 100% الجواب الأصح:
"لأن الرسول كان يفعل هكذا"
-
12/06/2012 12:42 AM #120عضو نشيط
- تاريخ الانضمام
- 24/01/2012
- الجنس
- ذكر
- المشاركات
- 167
مواضيع مشابهه
-
مساعدة عاجلة:اريد كيفية صلاة التراويح وقيام الليل بالتفصيل
بواسطة The Bright Future في القسم: السبلة الدينيةالردود: 24آخر مشاركة: 21/06/2015, 02:20 AM -
مساعدة عاجلة:اريد كيفية صلاة التراويح وقيام الليل بالتفصيل
بواسطة The Bright Future في القسم: السبلة العامةالردود: 6آخر مشاركة: 31/07/2011, 03:53 PM -
كيفية الصلاة الصحيحة في المذهب الاباضي بالتفصيل
بواسطة MOON2020 في القسم: السبلة الدينيةالردود: 33آخر مشاركة: 06/03/2011, 03:36 PM -
كيفية الصلاة الصحيحة في المذهب الاباضي بالتفصيل
بواسطة MOON2020 في القسم: السبلة العامةالردود: 24آخر مشاركة: 27/02/2011, 05:14 PM -
اللى عنده شغاله يتاكد اذا كانت ساحره او لا هناك نقاط توضح ذلك
بواسطة شربثـات في القسم: السبلة العامةالردود: 21آخر مشاركة: 27/01/2011, 10:43 PM