1-Click Setup for WordPress, Drupal & Joomla!
أخبار السبلة الدينية
 
الصفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
رؤية النتائج 1 إلى 30 من 56
  1. #1
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي تــغــريــب الــمــرأة الــمــســلــمــة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    تــغــريــب الــمــرأة الــمــســلــمــة


    بعد سبات طويل تجاوز القرنين من الزمان، استيقظ المسلمون ليجدوا أنفسهم وقد فاتهم ركب الحضارة، وهم في حالة تأخر، وجمود، وفكر تحجر بمرور سنين من الانحطاط، يعيشون حالة من التبلد، والركود، والسلبية والانهزامية النفسية المريرة.

    خلفهم حضارة إسلامية عظيمة، وماض مشرق مجيد ساد الدنيا وارتقى بالأمم، وأمامهم حضارة غريبة وصلت إلى أعلى درجات التقدم التقني، والاكتشافات العلمية، والرقي الحضاري الذي أسهم في بناء حضارة إنسانية متقدمة، استطاع خلالها الإنسان أن يحل الكثير من مشكلاته المادية التي عانى منها قروناً طويلة.

    نظر المسلم إلى واقعه فماذا وجد..؟

    وجد أنه محاصر بالتخلف، والجهل، والجمود الفكري، والانحطاط العام في كل ميادين الحياة، والبعد عن تعاليم ربه ومنهاج نبيه صلى الله عليه وسلم، وفوق كل هذا احتلال عسكري أجنبي يستنزف دماءه، وغزو فكري نشط يظهر أثره في كل المجالات.

    غرب يملك كل مقومات الحضارة المعاصرة، وشرق يفتقر إلى أبسط أسسها ويعيش في غفلة، وفراغ، وذهول عما يحيط به. فماذا كانت النتيجة؟

    النتيجة المنطقية لهذا التقدم والنشاط عند الغرب، والغفلة والجمود عند الشرق، أن فتنت فئات من المجتمع ببريق الحضارة الغربية، ذاك البريق الذي خطف أبصارها واستفز مشاعرها، وأثار في نفسها الرغبة في الصمود للتحدي وتأكيد الذات، إذا فقد وضع العالم الإسلامي نفسه في موضع التحدي الحضاري، هذا التحدي أوجد حركة انبعاث بين المسلمين، تمثلت في تيارات إصلاحية متعددة، تراوحت بين محاك مندفع تجاه كل ما هو غربي، ورافض مقاوم له.

    تمثلت الفئة الأولى في التيارات الليبرالية، واليسارية وما انضوى تحت لوائهما من أحزاب سياسية وجماعات فكرية، كالعلمانية وما تقوم عليه من دعوات قومية، واجتماعية وأخلاقية، والاشتراكية الشيوعية، ونبذ الدين، والإقبال على الحياة المادية الحضارية بكل معطياتها، هذه المذاهب كانت جميعها متحدة في الأصول وإن اختلفت في تفريعاتها.

    ومثلت الفئة الثانية، الحركات الإسلامية المعاصرة والتي حاولت جاهدة أن تقف في وجه هذا المد، ولكن ضعفها وقلة خبرتها وإمكاناتها لم تمكنها من ذلك وإن أثرت فيه.

    في دوامة هذا الصراع العقدي، الفكري، والأخلاقي، والسياسي ماذا كان حال المرأة المسلمة؟

    الواقع أن موضوع المرأة المسلمة كان من أظهر الموضوعات التي انهزم فيها المجتمع الإسلامي أمام التدفق القوي لهذا المد.

    فنشأ في المجتمع ما يمكن أن نسميه مشكلة المرأة في المجتمع الإسلامي؛ ويرجع ذلك لأسباب وظروف داخلية وخارجية أحاطت بالمرأة في القرون المتأخرة، أو ما يطلق عليه( قرون الانحطاط) أو (الضعف).

    ففي هذه القرون سلبت المرأة كل ما أعطاها الإسلام من حقوق ومكانة، وحولت إلى كم مهمل لا قيمة له ولا شأن، وأصبحت تعد من سقط المتاع، وضعها قرين للتخلف، والجهل، السلبية المطلقة والبعد عن حياة المجتمع والتفاعل معه.

    وأمام هذا الوضع المهين للمرأة المسلمة، وتصارع التيارات الفكرية المتباينة انقسم المجتمع إلى فئتين:

    الفئة الأولى: التغريبية الداعية إلى تحرير المرأة المسلمة من رق العبودية للرجل أياً كان زوج، أب، أبن، أخ، ومن سجن البيت، ورأت في المرأة الغربية وتحررها نموذجاً صالحاً، ومثالاً رائعاً يجب أن يحتذى، مهما كانت التضحيات، وتحركت هذه الفئة باتجاه التغريب والتبعية الذليلة للغرب، دون محاولة للفحص والتمحيص، أو إيجاد نوع من التوازن بين ما لديها من قيم إسلامية أصيلة، وأفكار وتقاليد وافدة.

    الفئة الثانية: سلكت الاتجاه المعاكس تماماً، فآثرت الانعزال والتقوقع داخل شرنقة التقاليد الموروثة، دون تمييز بين أن تكون لها أصول إسلامية أو جذور عربية جاهلية.

    والحقيقة: أن الظلم الفادح والمهانة التي تعرضت لها المرأة في عصور انحطاط المسلمين، والذي حولها إلى كم مهمل لا قيمة له، ولا رصيد عنده من ثقافة أصيلة تحميه، فتح الباب على مصراعيه أمام تيارات المد الغربي الذي عمل على الإطاحة بكل ما هو إسلامي في كثير من المجتمعات الإسلامية، وكانت المرأة التي رزحت تحت أنواع شتى من المظالم أسرع فئات المجتمع وأكثرها تجاوباً وتفاعلاً مع أفكار هذا المد ومعطياته، ذلك أن الإسلام صار بالنسبة لها سجناً يحجبها عن الحياة، عن العالم المتقدم، عن الاستقلالية والشعور بالذات.

    ووجدت في مشاريع التغيير التي قدمتها الحركات العلمانية الليبرالية، والقومية والاشتراكية، الطريق الذي يوصلها إلى تحقيق مكانتها ومحاكاة المرأة الغربية، وكانت هذه المشاريع جميعها تهدف إلى تغريب المجتمع المسلم وتشويه خصائصه ومقوماته، واقتلاعه من جذوره الإسلامية وتذويبه في إطار الحضارة الغربية، وتكريس التبعية الذليلة للغرب، ليصير مجتمعاً مسخاً بلا هوية، بلا شخصية.

    وهكذا أصبحت المرأة المسلمة في كثير من البلاد ذيلاً للمرأة الغربية وصورة مشوهة لها في شكلها الظاهري، وإن لم تضاهها في رقيها العلمي وثقافتها الفكرية.

    وبالرغم من هذا النجاح للتيارات الفكرية الليبرالية واليسارية، إلا أنها لم تستطع الصمود في وجه الفكر الإسلامي الصحيح، والعقيدة الصافية، فمع مرور الوقت ثبت فشلهما في المجتمع المسلم، على الصعيد الاقتصادي، والنفسي والروحي، والأخلاقي، وحتى العسكري، والسياسي.

    لقد كانت إنجازاتهما جزئية، ومكاسبهما وقتية، لكنها أثرت في المجتمع المسلم بصورة لا يمكن تجاهلها؛ لأنها أدت إلى اضطرابات سياسية، واجتماعية وصراعات داخلية، أنهكت الأمة ومزقت شملها وأحدثت الفرقة بين صفوفها.

    ولو ضيقنا نطاق الدائرة قليلاً، وانتقلنا من المجتمع الإسلامي الكبير، إلى مجتمعنا العماني الصغير لوجدنا أن الوضع يختلف، فبلادنا كانت قبل بضع عشرة سنة مجتمعاً قروياً، وبدوياً بسيطاً، يعيش منغلقاً على نفسه في حياة انعزالية حافظت له على خصائصه الاجتماعية والأخلاقية والدينية.

    لكن مد التطور والتقدم الذي رافق اكتشاف النفط في أراضينا، قفز بمجتمعنا قفزة مذهلة، وانتقل به نقلة كبيرة من البساطة الاجتماعية إلى حياة التقدم والمعاصرة في فترة وجيزة جداً تكاد لا تصدق، والانتقال الفجائي السريع من حال إلى حال وهو ما يسمى (الطفرة) لا بد أن يحدث خللاً وفجوةً واضحةً في المجتمع، واهتزازاً في الموازين، فقد أحدثت هذه الطفرة هزة عنيفة قسمت المجتمع إلى فئات متباينة تعيش حالات من التناقض أمام معطيات العصر وإن احتفظ المجتمع بخصائصه الإسلامية بشكل عام.

    الفئة الأولى:

    التقليديون


    وهي قليلة نسبياً ويكاد ينحصر وجودها في الوقت الحاضر بعدد قليل من الأفراد.

    هذه الفئة تريد التمسك ببقايا الماضي، ورواسب الأفكار، والتقاليد الموروثة، وتجميد المجتمع على صورته السابقة، ورفض معطيات الحضارة المعاصرة جملة وتفصيلاً وتنسب ذلك إلى الإسلام وهو منه براء. ذلك أن الإسلام يندد بالجمود الفكري، والتحجر العقلي، وتعطيل الملكات وإهمال التجديد والتطور وينعى على الذين لا يفكرون بعقولهم، أو يتجمدون على القديم المألوف ولو كان الجديد أهدى سبيلاً وأقوم رشداً، وكتاب الله مليء بالآيات التي تذم مثل هذا الموقف التقليدي، وتدعو إلى إعمال العقل والحواس للوصول إلى الحق على هدى من نور الوحي الإلهي. وماضينا المجيد أوضح دليل، وأصدق شاهد على بطلان هذا الموقف. وكم أصبحت الحاجة ماسة للتمييز في تقاليدنا بين ماهو إسلامي فنتشبث به، وما هو جاهلي مناف للإسلام فنتخلص منه.

    الفئة الثانية:

    الحداثيون


    وهي قلة لكنها تعمل بجد ونشاط ومؤشرات عملها قد ظهرت في السنوات القليلة الماضية.

    هذه الفئة تقف على طرف النقيض من الفئة الأولى، طابعها الإسراف إلى أبعد الحدود، والرغبة في الانغماس في الحضارة الغربية، ونسف كل ماهو موروث من عقائد، وقيم ومفهومات، وتقاليد، واستبدالها بالجديد، زاعمة أن ذلك لا يتنافى مع الإسلام وأنه علاقة شخصية بين المرء وربه، فتأخذ منه ما يناسبها وتترك مالا يناسبها، هي فئة هجين لا شخصية لها ولا هوية، تجهل الإسلام جهلاً فاضحاً، لأن الإيمان اعتقاد، وقول، وعمل، والإسلام لا يكون إسلاماً إلا بتطبيق أحكامه جملة وتفصيلاً في شتى جوانب الحياة الشخصية والاجتماعية؛ لأنه كل لا يقبل التجزؤ.
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  2. #2
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    الفئة الثالثة:

    المتحيرون


    وهي تشكل الأكثرية.

    تعيش هذه الفئة في صراع دائم، وقلق مستمر حاد، واضطراب بين معطيات المدينة الحديثة، ومغرياتها، وأساليبها المثيرة في الدعاية والتأثير، وأصولها الإسلامية الراسخة في أعماقها وفطرتها النقية التي أوجدها الله فيها، والتي تدعوها إلى المحافظة على جذورها الدينية، والتمسك بشخصيتها الإسلامية العريقة.

    فنراها ترنو بعين متشوقة إلى الجديد المثير، وترنو بعين أخرى بتراثها الموروث الذي تربت عليه، ونهلت من منابعه الرائقة، فهي مشتتة، تعاني من الحيرة والقلق، والاضطراب، وهذه الفئة تحتاج إلى تقوية إيمانها وتثبيته، ومراجعة ثقافتها الإسلامية وتراثها المجيد.

    الفئة الرابعة:

    الوسطيون


    تحاول أن تواكب ركب الحضارة، دون أن تفقد كيانها الإسلامي، وشخصيتها المستقلة، وتراثها الثمين، فتأخذ من معطيات الحضارة ما يتناسب وعقيدتها الإيمانية، وأصولها الإسلامية، وجذورها العريقة، ويعينها على القيام بدورها المأمول.

    وترفض في المقابل ما يتنافى مع ذلك، أو يناقضه.

    وهي الفئة التي فهمت الإسلام فمهاً حقيقياً، وآمنت إيماناً صادقاً، فنسأل الله لها الثبات والتمكين.

    والصراع بين هذه الفئات الأربع دائم ومستمر، يحتد في بعض الأحيان ويهدأ أحياناً أخرى، لكنه موجود ولا يمكن إنكاره.

    إن من النادر أن نجد قضية اختلفت فيها وجهات النظر بمثل ما اختلفت وتعددت في ( قضية المرأة ) ، هذه القضية التي تعددت فيها التشريعات ووجهات نظر المفكرين والفلاسفة ودعاة الإصلاح ( ومدعيه أيضا ) على مر العصور حتى وصل التعدد إلى مستوى التناقض والاختلاف الجذري الذي لا إمكان معه للقاء أو اتفاق أو تقارب ... ولا عجب في هذا التعدد والاختلاف وكثرة الكاتبين ، فقضية ( المرأة ) إنما تعني وتخص نصف البشرية ، تعني نصف العمران الإنساني في ماضيه وحاضره ومستقبله ، بل تعني عند التحقيق أكثر من ذلك لأن أوضاع المرأة تؤثر بالسلب والإيجاب على كافة أوضاع العمـران البشري في عمومه ، لأن المرأة لا تعيش منفردة فيه ، إنما هي ( الأم ) لابنها ، و( البنت ) لأبيها ، و( الأخت ) لأخيها ، و( الزوجة ) لزوجها ، وهي تؤثر في هؤلاء جميعهم وتتأثر بهم ، فقضية المرأة ( عند التحقيق ) إنما هي قضية المجتمع البشري كله. و ليس العجب في هذا ، إنما العجب في الضجيج و التهريج المثار حول قضيـة المرأة التي ألقت الجهالة المفرطة بها لدى كثير من الناس ، تحميل الشريعة الإسلاميــــة الغراء أعباء ظلم شنيع ، ونسجت " وهماً " لا أصل له.

    أيها المسلمون :الصراع بين الخير والشر ، والحق والباطل ، والإيمان والكفر ، سنة ماضية منذ أن خلق الله آدم وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وهو يأخذ صوراً وأشكالاً تختلف من عصر إلى عصر ، ومن مكان إلى مكان ، ولكن هناك قواعد وأسس يتفق عليها أعداء الدين والمبادئ ، قواعد كليه ، وأسس متشابهة أثناء حربهم وعدوانهم على الحق وأهله ، وإن من الميادين التي الصراع فيها قديم هو الصراع على المرأة بين دعاة الضلالة والاستمتاع بالمرأة وإهانتها وبين دعاة العفة والطهارة ومريدي كرامتها ورفعتها ، ويحرص الأعداء منذ القدم على المرأة لأنها إذا فسدت المرأة ضعف المجتمع وانحلت عراه ، وانتشرت الرذيلة وأمكن السيطرة عليه وتنفيذ المخططات التي يريدون ،فالمرأة بوابة قوية إذا هدمت هدم المجتمع وصدق المصطفى صل الله عليه و سلم إذ يقول (اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني اسرائيل كانت في النساء )،وفي هذه الأزمان المتأخرة ، وتحديداً في البلاد العربية فإن المرأة تتعرض لهجوم سافر حاقد بشع لم يعهد به من قبل ، فالهجوم عليها عالمياً من الخارج ، ومحلياً من الداخل ، أما الخارج فلا غرابة وكيدهم مكشوف وصريح ومعلن ، والمسلمون يرفضونه جملة وتفصيلاً وربنا قد قال في محكم التنزيل ( وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء) (النساء89) ،وقال سبحانه ( وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ)(البقرة 109)،فالغرب غارق في الرذيلة والمرأة تعيش بؤساً لم يحصل في تأريخ البشرية منذ أيامه الأولى وهذا ليس دعاية ولا مبالغة ومن قرأ الإحصائيات التي تنشر في الصحف والمجلات وفي صفحات الانترنت سوف يتعجب من حجم البؤس والشقاء كل هذا لأنها تمردت على شرع ربها وزينوا لها الاختلاط بالرجال والسفور والعري والحرية المزعومة وهي عبودية أشد من عبودية البشر للبشر بل هي عبودية الشهوات والهوى والتي تصبح فيها أمة مملوكة لأكثر من طرف نسأل الله السلامة والعافية ، والغرب يعلم أن المرأة هنا لو فعلت كما فعلت المرأة الغربية أمكن ترويض هذه المجتمعات التي استعصت عليهم ، لأن الشهوات مفتاحها وبابها المرأة ، ويعلمون أن الرجال الأقوياء الأشداء لا يلين عريكتهم إلا النساء ، فسلطوا كل ما يستطيعون من كل أنواع المكر والكيد المعلن والخفي عبر جمعيات حقوق المرأة ، وعبر وسائل الإعلام والتعليم والمناهج والبعثات التغريبية ، والمنتديات والملتقيات الاقتصادية وغير الاقتصادية والمؤتمرات الدولية والكتب والصحف والمجلات والانترنت ، وماخفي اكثر وأكثر ، كل هذا معلوم وواضح والتصدي له يجب أن يكون معلنا وواضحاً أيضاً ، لا أريد أن أطيل حول هذه القضية فهي معلومة لدى غالب الناس، ولكن الشأن في الهجوم والتغريب من الداخل وأقصد به الشأن المحلي ، أعني به ما يقوم به المنافقون ، والعملاء بالوكالة عن الغرب من كيد ومكر كبار بالليل والنهار لتغريب المرأة وإفساده حتى يضعف المجتمع ويستطيع الغرب أن يروض هذه المجتمعات الأبية الصامدة ، والغرب لا يراهن على الحكومات فقد انتهى منها ولكنه متجه بثقله إلى الشعوب لأن هذا هو زمن الشعوب هي التي تتحرك وهي التي تغير وأعظم بوابة هي بوابة المرأة.

    في هذا البحث جمعت ما إستطعت عليه من مقالات و مؤلفات و كتب و بحوث و قضايا تدور حول المرأة المسلمة أو بالأخص أثارها الغرب و بعض الناعقين في العالم الأسلامي حول المرأة المسلمة بقصد إخراجها من عدالة الإسلام الى (( حرية الغرب )) مثلما يدعون.
    بحثي هذا إعتمد على الكثير من كتابات الإقلام الصادقة في عالمنا العربي و الإسلامي ، أشخاص غيورون على دينهم محافظون على مجتمعهم، و من منتديات إسلامية و عربية و التي دافعت عن هذا الغزو بكل ما تملك من إمكانيات و أقلام و أذكر من هذه الأقلام و المنتديات : الشيخ الدكتور بشر بن فهد البشر ، د.ناصر بن يحيى الحنيني ، عصام عبدالباسط زيدان أبوزيد ، د.نهى القاطرجي ، محمد محمد حسين ، د. ناصر العمر ، الشيخ الدكتور محمد أحمد إسماعيل المقدم ، محمود كرم سليمان ، د. محمد بن عبدالله الهبدان ، الدكتور فؤاد آل عبدالكريم ، فاطمة محمود عليوة ، عبدالقادر السبسبي ، أسماء عبدالرازق ، د. زيد بن محمد الرماني ، د. أميرة بنت علي الصاعدي ، أحمد بن محمود الداهن ، الشيخ د. محمد أديب الصالح ، د. أحمد الشرقاوي ، محمد بن حامد آل عثمان الغامدي ، محمد بن عبد الله الخضيري ، عاطف عبد المعز الفيومي ، الشيخ الدكتور سليمان بن حمد العودة ، أم أحمد المكية ، محمد بن إبراهيم الحمد ، نور الإيمان _ فلسطين ، الدكتور عماد الدين خليل ، فضيلة الشيخ علي عبد الخالق القرني ، سليمان الصقر ، الدكتور مسفر بن علي القحطاني ، أبو رفيدة ، د. إبراهيم بن عثمان الفارس ، عبدالعزيز بن محمد النقيدان ، الدكتور مسلم اليوسف ، عائض الدوسري ، د.محمد علي الغامدي ، خالد سعود البليهد ، لبنى شرف / الأردن ، إبراهيم الدميجي ، محمد الغباشي ، ماجد بن جعفر الغامدي ، قمراء السبيعي ، د. ست البنات خالد محمد على ، حسن حسين الوالي ، د.كاميليا حلمي ، حسين بن سعيد الحسنية ، كرم صفر مبارك ، أبو عمر ، عبدالرزاق المبارك ، ابن القرية الفلاح المعتصم ، فتى الفسطاط ، أبو سارة ، حنين عبد العزيز ، د.لينه الحمصي ، الشاعر محمد المقرن ، خبَّاب بن مروان الحمد ، كمال حبيب ، فريدة صادق زوزو ، د. فائزة أحمد بافرج ، محمد بن إبراهيم الحمد ، الشيخ محمد قطب ، الشيخ سليمان بن صالح الخراشي ، حامد بن عبد الله العلي ، منتدى انا المسلمة ، عبد الرحمن حسن حبنكة الميدانى ، عبد الله سعيد الزهراني ، للدكتور فؤاد العبد الكريم ، سامي الأخرس ، أبوإسلام أحمد عبدالله ، جمال سلطان ، محمد أبو الهيثم ، الشيخ سفر الحوالى ، فوزية منيع الخليوى ، د. إبراهيم عوض ، الدكتور يوسف البدر ، أ.د. محمد اسحق الريفي ، موقع اسلام واى ، منتدى التوحيد ، د. نورة خالد السعد ، أحمد دعدوش ، ‏:‏ د‏.‏ نبيل السمالوطي ، خيري عاطف ، موقع راديو القرأن ، موقع الأزهر ، د. صلاح الدين سلطان ، مصطفى صادق الرافعي ، محمد شريط ، محمد ضيف الله ، د. رقية طه العلواني ، علاء الدين عبد الرزاق جنكو ، الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم ، أبو جهاد الأنصاري ، أ. هياء الرشيد ، محمود القاعود ، د. رقية المحارب ، موقع لها أون لاين ، أم معاوية ، الشيخ محمد متولي الشعراوي ، الشيخ محمد العوضي ، سارة بنت عبد المحسن الجلوي ، موقع صوت السلف ، د. محمد عمارة ، د. سلمان بن فهد العودة ، د. نهى قرطاجي ، موقع الدر المكنون ، موقع المختار الاسلامى ، ناجى مسعد الباجورى ، أ. نعمان عبد الغني ، الشيخ مرسي بسيوني مرسي.

    لقد حاولت بقدر الإمكان ان لا أنسى ذكر إسم من الأسماء و إن فعلت فذلك سهوا لا قصدا و ليعذرني الجميع و شكرا لهم جميعا على ما قدموه و كتبوه نصرة لدينهم و مجتمعهم و إحلالا للحق و دحضا للباطل و فضحا لإفتراءات الغرب و أزلامه ضد الإسلام و المسلمين

    لقد أرشد الله – عز وجل – إلى تتبع المجرمين والنظر في أفعالهم وطرقهم في هدم هذا الدين ، فقال الله – سبحانه – (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ)، وأمر الله - عز وجل – نبيه صل الله عليه وسلم أن يجاهد المنافقين ، فقال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ) ، وجهاد الكفار يشمل الحجة والسنان ، أما جهاد المنافقين فهو بالحجة والبيان ، لأن لهم حكم الإسلام فهم يتخفون ولا يظهرون ما يعتقدون . وقد فضح الله – عز وجل – المنافقين في كتابه الكريم في سور كثيرة : في سورة البقرة ، وسورة النساء ، وفي سورة التوبة التي سميت بالفاضحة حتى قال بعض الصحابة – رضي الله عنهم - : ما زالت سورة التوبة تنزل ( ومنهم ) ( ومنهم ) حتى ظننا أنها لا تبقي أحداً . وفي سورة الأحزاب بيان عن مواقفهم وقت الشدائد ، وسمّى الله – عز وجل – سورة في كتابه الكريم عن هذه الفئة ، وهذه الفئة مهما تخفت فإن الله – عز وجل – يظهر ما تضغنه صدورهم وما تبطنه قلوبهم : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) فهي فئة مفضوحة ، يفضحها الله – عز وجل – ويظهر خباياها ليعرفها الناس ولا ينخدعوا بها وكل إناء بما فيه ينضح .

    والتعرف على هذه الفئة وعلى أساليبها وطرقها في محاربة الأمة ومحاولتها تقوض دعائم الإسلام يعد من الأهمية بمكان ، يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - : إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية .
    فيظهر أهل الجاهلية من أجل تقويض عرى الإسلام فلا يقبل منهم أهل الإسلام ذلك لمعرفتهم بهم وبجاهليتهم .

    من الدين كشف الستر عن كل كاذب ***** وعن كل بدعي أتى بالعجائب
    ولـو رجـال مؤمنون لهـدمـت ***** صوامع دين الله من كل جانب
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  3. #3
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    ولهذا كان لابد من دراسة أساليب الفئة العلمانية في تغريب الأمة كلها والمرأة
    بوجه خاص لنبتعد عن هذا الشر وهذا الوباء الذي ينذر كارثة عظيمة على الأمة المحمدية .
    ولابد أيضاً أن يعلم كل مسلم أن الفئة العلمانية هي الخطر الأكبر المحدق بهذه الأمة ، وهو يعمل على تغريب هذه الأمة وإبعادها عن دينها .

    لماذا المرأة ؟

    يتبادل إلى أذهان الجميع لماذا التركيز على المرأة من قبل الغرب ومن قبل إتباعه المستغربين العلمانيين ؟

    والسر أن هؤلاء قد فطنوا لمكانة المرأة الأساسية ودورها في صنع الأمة وتأثيرها على المجتمع ولذلك أيقنوا أنهم متى ما أفسدوا المرأة ونجحوا في تغريبها وتضليلها فحين ذلك تهون عليهم حصون الإسلام بل يدخلونها مستسلمة بدون أدنى مقاومة .

    يقول شياطين اليهود في بروتوكولاتهم : علينا أن نكسب المرأة ففي أي يوم مدت إلينا يدها ربحنا القضية .

    ولذلك نجح اليهود في توجيه الرأي العام الغربي حينما ملكوا المرأة عن طريق الإعلام وعن طريق المال .

    وقال آخر من ألد أعداء الإسلام : كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع فأغرقوها في حب المادة والشهوات .

    وهذا صحيح ؛ فإن الرجل الواحد إذا نزل في خندق وأخذ يقاوم بسلاحه يصعب اقتحام الخندق عليه حتى يموت ، فما بالك بأمة تدافع عن نفسها ، فإذا هي
    غرقت في الشهوات ومالت عن دينها وعن طريق عزها استسلمت للعدو بدون أي مقاومة بل بترحيب وتصفيق حار .

    ويقول صاحب كتاب تربية المرأة والحجاب : ( إنه لم يبق حائل يحول دون هدم المجتمع الإسلامي في المشرق إلا أن يطرأ على المرأة المسلمة التحويل ، بل الفساد الذي عم الرجال في المشرق )

    الــتــغــريــب

    لقد نشأ التغريب عند ساسة الغرب ومخططيه كفكرة شيطانية أيام الاستعمار بعد فشل بعض الحملات العسكرية ، وهي أنه ينبغي أن تكون الجيوش الاستعمارية بعيدة عن المواجهات لأنها تثير ردود فعل عنيفة ، وأنه ينبغي عليهم أن يبذلوا الأسباب لتستسلم الأمم المسلمة للثقافة والحضارة الغربية بنفسها طواعية

    إذا معنى التغريب هو تذويب الأمة المحمدية بحيث تصبح أمة ممسوخة : نسخة أخرى مكررة من الأمة الغربية الكافرة ، غير أن هناك فرق فالأمة الغربية هي الأمة القائدة الحاكمة المتصرفة والأمم الأخرى هي الأمم التابعة الذليلة المنقادة لما يملى عليها

    إذًا فالتغريب (تيار فكري كبير ذو أبعاد سياسية واجتماعية وثقافية وفنية ودينية، يرمي إلى صبغ حياة الأمم عامة، والمسلمين خاصة بالأسلوب الغربي، وذلك بهدف إلغاء شخصيتهم المستقلة وخصائصهم المتفردة وجعلهم أسرى التبعية الكاملة للحضارة الغربية. وهو يهدف أيضًا إلى تغيير المفاهيم والقيم والتوجهات في العالم العربي والإسلامي، والفصل بين ماضي الأمة الإسلامية وحاضرها، والعمل على تحطيم هذه القيم بالتشكيك فيها وإثارة الشبهات حول الدين واللغة والتاريخ والفكر والمعتقدات. باختصار إنها دعوة تهدف إلى افقاد أبناء هذه الأمة انتماءاتهم الروحية والثقاقية والحضارية وتحويلهم إلى مفاهيم جديدة بعيدة كل البعد عن هويتهم الأصيلة)
    وكانت المرأة- بما لها من دور محوري في صناعة النهضة- كان لا بد وأن يتوجه إليها أرباب التغريب لتذويب هويتها، وجعلها تدخل جحر الضب وراء المرأة الغربية، إذ أن تفريغ حياة المرأة المسلمة من محتواها الديني والقيمي والثقافي هو جزء أساسي من مخطط التغريب الشامل في تلك الحملة الشرسة.
    وقد نجحوا إلى حد بعيد في تغريب المرأة المسلمة، وبرز ذلك في السعي المحموم لاقتفاء آثار المرأة الغربية واستيراد نمط حياتها، وهو ما تمثل في التبرح والسفور، واتباع الموضة الغربية في اللباس والزينة، واستيراد العادات الاجتماعية، والنعرات الغربية على ثقافتنا وتراثنا، والحركات النسوية التي تترنم
    بالشعارات الزائفة.

    إن تغريب المرأة المسلمة جزء من مخطط شامل لتغريب الأمة في كل أمورها .
    يقول الدكتور محمد محمد حسين – رحمه الله تعالى - : وكانت برامج التغريب تقوم على قاعدتين اساسيتين – يعني عند المستعمرين الأولين : -

    الأولى : اتخاذ الأولياء والأصدقاء من المسلمين وتمكينهم من السلطة ، واستبعاد الخصوم الذين يعارضون مشاريعهم ، ووضع العراقيل في طريقهم ، وصد الناس عنهم بمختلف السبل .

    القاعدة الثانية : التسلط على برامج التعليم وأجهزة الإعلام والثقافة عن طريق من نصبوه من الأولياء وتوجيه هذه البرامج بما يخدم أهدافهم ويدعم صداقتهم .

    بداية التغريب :

    يؤرخُ لبداية الدعوة لتغريب المرأة المسلمة في مصر في أوائل القرن التاسع عشر ، ولحقتها بلاد العرب الأخرى بعد ذلك .
    وكانت البداية أن رجلا اسمه رفاعة الطهطاوي ابتعث من قبل محمد علي باشا حاكم مصر في أوائل القرن التاسع عشر ، ورفاعة هذا من خريجي جامعة الأزهر ومؤهل تأهيلا شرعياً ، وقد ابتعث ليقوم بإمامة البعثة المصرية إلى فرنسا في الصلاة ومرشداً لهم ، ولكنه ما لبث أن ذاب وتأثر بالأفكار الفرنسية ، وفتن فتنة عظيمة ، وعاد إلى مصر ليعرض بضاعته الخبيثة فيها : داعياً للتغريب ، ورافعاً للواء تحرير المرأة ، ونحو ذلك من ركائز التغريب ، وألف كتاباً أودع فيه خلاصة إعجابه بالغرب ( فرنسا بالذات ) أسماه ( تلخيص الأبريز في تلخيص باريز ) ومما قاله فيه : ( السفور والاختلاط بين الجنسين ليس داعياً إلى الفساد ) .
    ثم ظهر في عام 1894 م في مصر كتاب (( المرأة في الشرق )) يشن حملة على النظام الإسلامي مهونا الرقص والاختلاط ، ألفه رجل نصراني صليبي يدعى مرقص فهمي .

    وبعد ذلك ظهر قاسم أمين الذي ولد في مصر ورحل إلى فرنسا ليتم تعليمه لينبهر بفرنسا كما انبهر رفاعة من قبل حتى صرح قاسم بأن أكبر الأسباب في انحطاط الأمة المصرية تأخرها في الفنون الجميلة : التمثيل والتصوير والموسيقى.
    وقد ألف قاسم أمين كتاب ( تحرير المرأة ) عام 1899 م حمل فيه على الحجاب ودعا إلى السفور ، وذلك بترديد أن الحجاب عادة وليس تشريعا ، وقد تناول في كتابه أربع مسائل :
    - الحجاب .
    - اشتغال المرأة بالشئون العامة .
    - تعدد الزوجات .
    - الطلاق .
    وذهب في كل مسألة إلى ما يطابق مذاهب الأوربيين زاعماً أن ذلك هو مذهب الإسلام .
    وانجر في كتابه إلى التهكم بالفقهاء وعلماء الشريعة وقد ألبس آراءه هنا لباسا مخادعا حتى قال بعض معاصريه : ( ما رأيت باطلاً أشبه بحق من كلام قاسم أمين ) . وقد أوضح قاسم في مقدمة كتابه أنه ممن يرى التدرج في التغيير شيئاً فشيئا ، وكأنه كان يشير إلى كتابه ( المرأة الجديدة ) الذي صدر بعدئذ ، وأبان فيه عن جانب خطير من فكره وطرحه ، فهو كما يقول العنوان يبحث عن امرأة جديدة : كالأوروبية تماماً ، وقال بأقوال لا تقبلها حتى النساء فهو لا يقبل (حق ملكية الرجال للنساء ) ويرى ترك حرية النساء للنساء حتى لو أدى الأمر إلى إلغاء نظام الزواج حتى تكون العلاقات بين الرجل والمرأة حرة لا تخضع لنظام ولا يحدها قانون ) .
    وقد أثار الكتابان ردة فعل واسعة ، وصدرت ردود تبلغ مائة كتاب ، ومنها كتاب للشيخ مصطفى صبري هو ( قولي في المرأة ) ودافع البعض عن قاسم أمين منهم جرجى نقولاباز .
    وكأني بمحمد فريد وجدي يتكلم عن واقعنا اليوم ليقول في رده على قاسم أمين : ( إذا أشرنا اليوم بوجوب كشف الوجه واليدين ، فإن سنة التدرج سوف تدفع المرأة إلى خلع العذار للنهاية في الغد القريب كما فعلت المرأة الأوربية التي بلغت بها حالة التبذل درجة ضج منها الأوربيون أنفسهم وبدلا من أن نضرب أمثلة بالغرب دائماً ينبغي أن نولي وجوهنا إلى عظمة مدنيتنا الإسلامية الماضية ) وقد ترجم الإنكليز الكتاب واحتفوا به وبثوا قضاياه .
    وقد قال أحمد محرم رحمه الله في هذا الكتاب :

    أغرك يا أسماء ما ظن قاسم *** أقيمي وراء الخدر فالمرء واهم
    تضيقين ذرعاً بالحجاب وما به *** سوى ما جنت تلك الرؤى والمزاعم
    سلام على الأخلاق في الشرق كله *** إذا ما استبيحت في الخدور الكرائم

    وقال الشاعر العراقي البناء يهاجم أهل السفور :.
    وجوه الغانيات بلا نقاب *** تصيد الصيد في شرك العيون
    إذا برزت فتاة الخدر حسرى *** تقود ذوي العقول إلى الجنون

    وبعد أن توفي قاسم أمين صدرت مجلة السفور بعد دخول الإنجليز إلى مصر وكتب فيها مصطفى عبد الرازق وعلي عبد الرازق – صاحب كتاب الإسلام وأصول الحكم – وكان النساء حتى ذلك الوقت محجبات يرتدين البراقع البيض ، ولا يخالطن الرجال
    وعندما جاء عهد الثورة في مصر انتقلت الحركة إلى طور التنظيم بمؤازرة الزعيم الوطني المزعوم سعد زغلول الذي رتب البريطانيون نفيه ثم أعادوه رئيساً للوزراء ليوقع معهم معاهدة تجعل الاحتلال شيئاً متفقاً عليه ، وقدم سعد وبرفقته زوجته صفية زغلول التي تسمت باسم زوجها اقتداء بالغربيات ، وهي ابنة لمصطفى فهمي الذي كان رئيساً لوزراء مصر أيام الاحتلال وعرف بصداقته الحميمة للإنجليز وبخدمته لهم وبعلاقته الشخصية باللورد كرومر ، وقد قَدِمَ سعد زغلول وزوجته هذه على باخرة ، وكان هناك احتفاء بهم فكان من شأن سعد أن بدأ بالدخول على سرادق الحريم حيث استقبلته هدى شعراوي – الفاعلة المهمة في التحرير المزعوم وهي محجبة فمد يده فنزع الحجاب عن وجهها تبعا لخطة معينة وهو يضحك فصفقت هدى وصفقت النساء لهذا الهتك المشين ( .......... ونزع الحجاب ....... ففعل سعد بيده ما دعا إليه اليهودي القديم بلسانه فكلفه دمه ....... )
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  4. #4
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    وهدى شعراوي ابنة محمد سلطان باشا العميل لجيش الاحتلال الإنجليزي والذي رافق جيش الإنجليز خلال زحفه على القاهرة وطالب الناس بعدم مقاومته ، وقدّم مع فريق من أمثاله هدية من الأسلحة الفاخرة لقادة جيش الاحتلال شكراً لهم على إنقاذ البلاد ، وقد قادت هدى شعراوي وصفية زغلول المظاهرة النسائية الشهيرة عام 1919 م والتي كان هدفها المعلن الاحتجاج على الوجود الإنجليزي في مصر ، فلما وصلت المتظاهرات إلى ميدان الإسماعيلية في القاهرة قمن بإحراق الحجاب وسمي الميدان بعد ذلك ميدان التحرير ، ويا ليت شعري ما علاقة المحتل بالحجاب ؟! بل إن إحراق الحجاب هو ما يريده المحتل ؛ لأن معناه التخلي عن القيم الخاصة بالمجتمع الإسلامي المصري ليتحول إلى مجتمع غربي مصري هجين .
    وقد وصف حافظ إبراهيم – رحمه الله – هذه المظاهرة بأبيات رائعة مطلعها :

    خرج الغواني يحتججن *** ورحت أرقب جمعهنه
    فإذا بهن اتخذن من *** سود الثياب شعار هنه

    وبعد ذلك بدأت سلسلة الأحداث المتلاحقة ومنها تأسيس الاتحاد النسائي المصري على يد هدى شعراوي عام 1923 م مع نبوية موسى وسيزا نبراوي شريكاتها في هذه المرحلة .
    وقد احتفلت الدوائر الغربية بالاتحاد النسائي المصري وحضرت الدكتورة ريد رئيسة الاتحاد الدولي إلى مصر لتدريس تطور الحركة النسائية فيها . وقد التقت هدى شعراوي هذه بموسوليني عام 1922 وأتاتورك 1935 ، وفي عام 1944 نجحت هدى شعراوي وزميلاتها في إقامة مؤتمر نسائي عربي أصدر عدة قرارات ومطالبات منها :.

    - تقييد الطلاق وتعدد الزوجات والحد من سلطة الولي !!.
    - المساواة التامة بين الرجل والمرأة !!.
    - المطالبة بحذف نون النسوة !!!.
    - المطالبة بالجمع بين الجنسين في التعليم الابتدائي !!.

    وقد بارك الغرب هذا المؤتمر وأرسلت زوجة الرئيس روزفلت الأمريكي برقية تحية للمؤتمر .
    ثم تكون الحزب النسائي عام 1945 م ، وعام 1949 م تكون حزب بنت النيل على يد الدكتور درية شفيق والذي طالب بمنح المرأة حق الاقتراع وحق دخول البرلمان ، والمطمع الثاني كان إلغاء تعدد الزوجات وإدخال قوانين الطلاق الأوربية في مصر وباركت هذا وزيرة الشئون الاجتماعية في انجلترا ، وقامت مظاهرة نسائية واعترفت الدكتورة درية شفيق بأنها – المظاهرة- بتحريض من الوزيرة البريطانية ، وتوالت مباركات الدوائر الغربية لهذا الحزب ، والذي أكتشف أنه كان يمول من قبل السفارة الأمريكية والإنجليزية بألفين من الجنيهات سنوياً عدا الورق المصقول وتقديم المشورة .
    ثم توالت الأحداث وانتقلت العدوى لبلاد عربية أخرى وتكاثرت المجلات الهادمة للحجاب والعفاف الداعية إلى السفور والتبرج ولا تزال تزداد يوماً بعد يوم .
    وهذا الأسلوب الذي اتبع في مصر اتبع في غيرها من البلاد وكان مدفوعاً من الغرب وحظي التغربيون بحماية الغرب لهم ولا يشبه تدخل إنجلترا لحماية درية شفيق إلا لقاء رؤساء الغرب بسلمان رشدي الذي تعدي على شريعة الإسلام .
    والعجب أن الغرب لا يتواني في ملاحظة زلات التغربيين بانحرافهم عن المنهج المرسوم لهم ومن ذلك أن كاتباً عربياً محسوباً على الغرب كتب مقالاً في جريدة عربية وحمل على مواقف الغرب في البوسنة ثم نقل كاتب آخر من مقاله نقلا في جريدة ناطقة بالانجليزية ففوجئ الكاتب العربي خلال زيارته لأمريكا بسياسي أمريكي يعاتبه ويقول له : لماذا تكتب ضدنا وتثير الرأي العام .

    مظاهر تغريب المرأة المسلمة

    مظاهر تغريب المرأة المسلمة كثيرة جداً يصعب استقصاؤها ولكن نذكر من أهمها :

    1. من مظاهر التغريب التي وقعت فيها المرأة المسلمة والتي نراها ولا تخفى عن كل ذي عينين : الاختلاط في الدراسة وفي العمل ، إذ أنه في معظم البلدان العربية والإسلامية ؛ الدراسة فيها دراسة مختلطة ، والأعمال أعمال مختلطة ، ولا يكاد يسلم من ذلك إلا من رحم الله ، وهذا هو الذي يريده التغريبيون ، فإنه كلما تلاقى الرجل والمرأة كلما ثارت الغرائز ، وكلما انبعثت الشهوات الكامنة في خفايا النفوس ، وكلما وقعت الفواحش لاسيما مع التبرج وكثرة المثيرات وصعوبة الزواج وضعف الدين ، وحين يحصل ما يريده الغرب من تحلل المرأة ، تفسد الأسرة وتتحلل ، ومن ثم يقضى على المجتمع ويخرب من الداخل ، فيكون لقمة سائغة .
    وإذا بدأ الاختلاط فلن ينتهي إلا بارتياد المرأة لأماكن الفسق والفجور مع تبرج وعدم حياء ، وهذا حصل ولا يزال فأين هذا من قول المصطفى صلى الله عليه وسلم حين خرج من المسجد فوجد النساء قد اختلطن بالرجال فقال لهن : ( استأخرن ........... عليكن بحافات الطريق ) رواه أبو داود وحسنه الألباني / الصحيحة 854 .

    2. ومنها أيضاً : التبرج والسفور : والتبرج أن تظهر المرأة زينتها لمن لا يحل لها أن تظهرها له . والسفور : أن تكشف عن أجزاء من جسمها مما يحرم عليها كشفه لغير محارمها . كأن تكشف عن وجهها وساقيها وعضديها أو بعضها ، وهذا التبرج والسفور فشا في كثير من بلاد المسلمين ، بل لا يكاد يخلو منها بلد من البلدان الإسلامية إلا ما قل وندر ، وهذا مظهر خطير جداً على الأمة المسلمة ، فبالأمس القريب كانت النساء محتشمات يصدق عليهن لقب : ذوات الخدود . ولم يكن هذا تقليداً اجتماعياً ، بل نبع من عبودية الله وطاعته ، ولا يخفى أن الحجاب الشرعي هو شعار أصيل للإسلام ، ولهذا تقول عائشة – رضي الله عنها - : ( يرحم الله نساء المهاجرات الأول ، لما أنزل الله( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) شققن مروطهن فاختمرن بها ) البخاري 4758.
    ولهذا كان انتشار الحجاب أو انحساره مقياساً للصحوة الإسلامية في المجتمع ودينونة الناس لله ، وكان انتشاره مغيظاً لأولئك المنافقين المبطلين .

    3. من مظاهر التغريب : متابعة صرعات الغرب المسماة بالموضة والأزياء ، فتجد أن النساء المسلمات قد أصبحن يقلدن النساء الغربيات وبكل تقبل وتفاخر ، ولذلك تقول إحدى النساء الغربيات ممن يسمونها برائدة الفضاء لما زارت بلداً من بلدان العربية ، قالت : إنها لم تفاجأ حينما رأت الأزياء الباريسية والموضات الحديثة على نساء ذلك البلد .
    ولم يسلم لباس الأطفال – البنات الصغيرات – إذ تجد أن البنت قد تصل إلى سن الخامسة عشر وهي لا تزال تلبس لباساً قصيراً ، وهذه مرحلة أولى من مراحل تغريب ملبسها ، فإذا نزع الحياء من البنت سهل استجابتها لما يجدّ ، واللباس مظهر مهم من مظاهر تميز الأمة المسلمة والمرأة المسلمة ، ولهذا حرم التشبه بالكفار ، وهذا والله أعمل لما فيه من قبول لحالهم وإزالة للحواجز وتنمية للمودة ، وليس مجهولا أن تشابه اللباس يقلل تمييز الخبيث من الطيب ، والكفر من الإسلام ، فيسهل انتشار الباطل وخفاء أهله .

    والموضة مرفوضة من عدة نواحي منها :

    أ- التشبه بالكافرات . والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول : (( من تشبه بقوم فهو منهم )) ( رواه أبو داود والإمام أحمد وهو صحيح ) ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: والصراط المستقيم : هو أمور باطنة في القلب من اعتقادات وإرادات وغير ذلك ، وأمور ظاهرة من أقوال وأفعال ، قد تكون عبادات ، وقد تكون عادات في الطعام واللباس والنكاح ........الخ .
    وهذه الأمور الباطنة والظاهرة بينهما ولابد ارتباط ومناسبة ، فإن ما يقوم بالقلب من الشعور والحال يوجب أموراً ظاهرة ، وما يقوم بالظاهر من سائر الأعمال يوجب للقلب شعوراً وأحوالاً ....) انتهى من اقتضاء الصراط المستقيم ، فعلم من هذا خطورة هذا التشبه وتحريمه .

    ب – الضرر الاقتصادي للتعلق بالموضة ، ومعلوم كم تكلف هذه الموضة من أموال تنقل إلى بلاد الغرب الكافرة .
    وللعلم فإن 30% من ميزانية الأسرة العربية تنفق على احتياجات المرأة نفسها من ملبس وأدوات تجميل ومكياج وتزداد هذه النسبة بازدياد الدخل ومستوى التعليم وينخفض بانخفاضهما .

    ج – كثرة التحاسد بين النساء لأنهن يجذبهن الشكل الجميل ، فيتفاخرن ويتحاسدن ، ويكذبن ، ومن ثم قد تكلف زوجة الرجل - قليل المال - زوجها ما لا يطيق حتى تساوي مجنونات الموضة، ولا حول ولا قوة إلا بالله . وغير هذا من المخالفات الشرعية الكثيرة .

    4. ومن مظاهر التغريب : الخلوة ، خلوة المرأة بالرجل الأجنبي الذي ليس لها بمحرم ، وقد تساهل الناس فيها حتى عدها بعضهم أمراً طبيعياً ، فالسائق والطباخ أصبحا من أهل البيت ولا غرابة في ذلك ، حتى ذكر أنه شوهدت امرأة مع رجل أجنبي ليس من أهل بلدها ، فحينما سئل هذا الرجل : كيف تمشى مع هذه المرأة وهي ليست لك بمحرم ؟ قال : إنه من أهل البيت ، لأن له خمس عشر سنة وهو عند الأسرة فهو منها بهذا الاعتبار على حسب زعمه .
    فالخلوة المحرمة مظهر من مظاهر التغريب التي وقعت فيها الأمة المسلمة حيث هي من أفعال الكافرين الذين ليس لهم دين يحرم عليهم ذلك ، وأما احترام حدود الله فهو من مميزات الأمة المسلمة الأصلية . والجرأة على الخلوة تجاوز لحد من حدود الله وخطر عظيم وقد حرمه الشارع بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم )) رواه البخاري ومسلم .

    و يجب أن نعرف بأن كل مبطل على وجه هذه الأرض لابد أن يُلبس باطله بثوب الإصلاح وزخرف القول ؛ حتى يروج بين الناس ، لأن الباطل قبيح ومستر ذل ومكروه وبشع ، فحينما يظهر الباطل على حقيقته ، ويعرى على صورته ، لا تقبله النفوس ، ولا ترضى به الفطر السليمة والمستقيمة . ولذلك يلجأ العلمانيون التغريبيون إلى إلباس طرقهم وأساليبهم وأهدافهم وأفكارهم لبوس الإصلاح والحرص على المصلحة وغير ذلك ، فالتوظيف المختلط ، والتعليم المختلط ، كل ذلك بدعوى مصلحة الأمة ، وبدعوى تشغيل نصف المجتمع ، ولأن فيها مردوداً اقتصادياً وهذه هي زخارف القول التي يوحيها شياطين الإنس والجن ، ويقول الله – تبارك وتعالى - : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ) فيخدع به ضعفاء الإيمان وناقصي العقول .

    ثم إن العلمانيين قد وجدوا عادات في مجتمعات المسلمين ليست من الإسلام فاستغلوها ووظفوها لينفثوا من خلالها سمومهم وينفذوا مخططاتهم ثم أسقطوها على الإسلام ، بمعنى أنهم قالوا : إنها من الإسلام فهاجموا الإسلام من خلالها ، مثال ذلك : قد تجد بعض المجتمعات المسلمة تظلم المرأة في الميراث ، قد تعطي المرأة ميراثها من المنقول من الأموال والمواشي لكنها لا تعطيها حقها من العقار من الأرض والشجر كفعل الجاهلية ، قد تجد زوجاً لا يعدل بين زوجاته مخالفاً بذلك أمر الله – تعالى - ، فهذه الثغرات يتعلق بها العلمانيون مع أنها ليست من الإسلام في شيء ، ولم ينزل الله بها سلطانا ، بل هي في نظر الإسلام : ظلم محرم وجور ، يجازى عليه صاحبه عند الله يوم القيامة إذا لم يتب منها أو لم يعف الله عنه .
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  5. #5
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    أساليب العلمانيين في تغريب المرأة المسلمة

    أساليب العلمانيين في تغريب المرأة المسلمة كثيرة ، ويصعب حصرها ، والمقصود التذكير بما يتيسر من أهمها ومن أخطرها ، ليحذرها المسلمون ، وينكروها ، ويعلموا على إفشالها ، ولتكون منبهة على غيرها . فمن هذه الأساليب :

    1. إضعاف التدين بإغراق الناس في الشهوات واستخدام المرأة وسيلة في ذلك عبر وسائل الإعلام وعبر الهجوم على الثوابت وخاصة ما يخص المرأة كالهجوم على الحجاب وترويج الفتاوى والأقوال الشاذة والساقطة والدعوة للاختلاط وما استار أكاديمي وسوبر استار ونواعم عنا ببعيد ،وغيرها من البرامج التي تشيع الرذيلة وتتطبع في أذهان الفتيات الفساد والانحلال وأنه رمز للتقدم والحضارة فسقط في هذه المصيدة فئام من الفتيات بل أمهات وزوجات فكثر الانحراف واسألوا المعلمات والهيئات ومراكز الشرطة فوسائل الإعلام بمختلف أنواعها ، من صحافة وإذاعة وتلفاز وفيلم ومجلات متخصصة في الأزياء والموضة ومن مجلات نسائية وملحقات نسائية ومن غير ذلك تروج لتلك الأفكار، إذ أن الإعلام يصنع الآراء ، ويكيف العقول ، ويوجع الرأي العام خاصة إذا كانت هذه العقول عقولاً فارغة لم تملأ ولم تحصن بما أنزل الله – عز وجل – على رسوله ، أما الصحافة والمجلات فتجد فيها أمور فظيعة منكرة منها فتاة الغلاف التي أصبحت أمراً لازماً لا تفرط فيها أي من تلك المجلات ، وفتاة الغلاف هذه لا تتكرر إذ يؤتى في كل أسبوع أو في كل شهر بفتاة جميلة عليها أنواع الزينة والأصباغ ثم بعد ذلك لا تأتي مرة أخرى ، وهذا إذلال للمرأة وإغراق في الرق وعودة حقيقية إلى عصر الظلم لها إذ تعامل كجسم ليس له روح مقابل دريهمات معدودات . وتسأل في المقابلة معها أسئلة تافهة : هل حدث وأن أحببتي يوماً من الأيام ؟ ما هواياتك المفضلة ؟ وهل صادقتي شاباً ؟ وغير هذا من الكلام الساقط الذي يراد منه إفساد المرأة المسلمة ، وليس المراد هذه الفتاة – فتاة الغلاف – إذ أنها ما رضيت بالخروج على صفحات المجلات إلا وهي قد انحرفت عن الطريق المستقيم ، لكن المراد غيرها من المحصنات العفيفات اللاتي قررن في البيوت ، ويملكهن الحياء الذي ربين عليه ، فتزيل هذه المجلات الحواجز والضوابط شيئاً فشيئاً . كما تجد في هذه المجلات الصور الماجنة الخليعة إما بحجة الجمال والرشاقة أو بحجة تخفيف الوزن والرجيم أو بحجة ملكات الجمال أو بحجة أخري مما يمليه الشياطين . ثم تجد فيها من مواضيع الحب والغرام الشيء المهول ، وهذا يهدف إلى تهوين أمر الفواحش وقلب المفاهيم الراسخة ، وإحلال مفاهيم جديدة مستغربة بعيدة عما تعرفها هذه الأمة المحمدية ، فمن هذه العبارات :
    في مجلة سيدتي في عدد 510 : قالت من عيوب الزوج العربي ( الغيرة ) !!! .
    في مجلة كل الناس عدد 58 : قالت إحدى الكاتبات : ماذا لو قالت امرأة : ( هذا الرجل صديقي ) !!!.
    في مجلة الحسناء عدد 81 : الفضيلة والكرامة تعترضان مسيرة النجاح . أ .هـ .
    فعلى هذا مسيرة النجاح لابد فيها من الفحش والدعارة حسب مفهومهم المريض .
    مجلة سلوى عدد 1532 ( لقاء مع راقصة شابة ) ، تقول هذه الراقصة : في حياتنا اهتمامات لا داعي لها ، ويمكن أن يستغنى عنها ، ثم تقول هذه العبقرية التي جاءت بما عجز عنه الأوائل والأواخر – تقول : كمعامل الأبحاث الذرية لأننا لم نستفد منها شيئاً ، يعنى حتى يبقى الأعداء يهددون المسلمين بالأسلحة الذرية . اليهود والهندوس والنصارى والبوذيون – كما تقول - ! سوف نستفيد كثيراً لو أنشأنا مدرسة للرقص الشرقي تتخرج منها راقصة مثقفة لجلب السياح .أ.هـ .
    وهكذا تستمر المسيرة لنحارب أعداءنا بالرقص.
    في مجلة فرح عدد 43 ، تقول : الزواج المبكر إرهاق للمرأة وصداع للرجل .
    ولا ننسى مجلة روز اليوسف وهي من أخبث المجلات ومن أوائل مصادر التغريب النسائي في العالم العربي ، في هذه المجلة تجد الخبث والخبائث ، وبمجرد أن تأخذ أحد الأعداد سوف تجد العجب . وكذلك مجلات ( اليقظة ، والنهضة ، صباح الخير ، هي ، الرجل ، فرح ..... الخ تلك القائمة الطويلة ، كما تجد أيضاً داخل هذه المجلات مقالات طبية ونفسية واجتماعية : كأنها تحل مشاكل الفتيات ، فتراسلها الفتيات من أنحاء العالم العربي ، ثم بعد ذلك يدلها ذلك المتخصص – لكنه ليس متخصصاً في حل المشاكل حقيقة إنما متخصص في التغريب – يدلها على الطرق التي تجعلها تسلك مسالك المستغربات السابقات ، كما تجد مقابلات مع الفنانات والممثلات ومع الغربيات ومع الداعيات لتحلل المرأة واللاتي يسمين بالداعيات لتحرير المرأة ، وتجد فيها الانشغال بأخبار : الفنانة الفلانية ، وكلبها ، ولباسها ، وفساتينها ، وتزلجها فوق الجبال ، وغير ذلك من الغثاء الذي لا ينقضي ولا ينتهي ، ترهق به المرأة المسلمة ، ويصدع به الرجل المسلم . ثم تجد في هذه المجلات بريد المجلة أو ركن التعارف من أجل التقريب بين الجنسين وتلك خطوة لإفساد المجتمعات الإسلامية ، وهكذا دواليك .
    وهناك أبحاث منشورة ، عن حقيقة الدور الذي تقوم به هذه المجلات ، ففي دراسة عن مجلة سيدتي نشرتها مجلة المغترب ذكرت أنها يقصر طرقها على شرائح اجتماعية بعينها ، وكثيراً ما تحمل الطابع الأوربي المبهر في طياتها ، وتقدم الحسناوات والشقروات كنماذج تحتذى ، وإذا ما حاولت معالجة مشكلات المرأة العربية تعمد في أغلب الأحيان إلى استعارة النموذج الغربي .
    وتقول الدكتورة فوزية العطية التي أعدت دراسة أخرى عن هذه المجلات النسائية : إنها غالباً ما تعرض في صورة الإغراء والإثارة .
    وتستشهد الباحثة بدراسة مشابهة للدكتورة عواطف عبد الرحمن من مصر تقول فيها : أن التركيز في هذه المجلات منصب على النماذج الغربية للمرأة ويروج القيم الاستهلاكية الغربية من خلال المواد الإعلامية والإعلانات التي تقدمها : كالأزياء والمكياج والعطور ........ إلى آخر ما ذكرته هذه الدراسة المهمة .
    ونشرت مجلة زهرة الخليج الظبيانية بتاريخ 20/10/ 1979 م نتائجا لبحث علمي طبق على مجموعة من المجلات النسائية وصفحات المرأة واتضح أن الصحافة النسائية العربية ركزت على الصورة العاطفية للمرأة العربية أكثر من الصورة العقلانية .
    والذي يباع في بلادنا من هذه المجلات عدد هائل جداً ربما لا يخطر على بال ، فمثلاً يدخل إلى أسواقنا أكثر من أربعين صحيفة أسبوعياً وشهرياً في غلافها فتاة لا تتكرر أبداً ، وبلغ عدد الصحف الوافدة إلى أسواقنا شهرياً ما يزيد عن خمسة ملايين نسخة شهرياً ، بل إن إحدى المجلات النسائية الشهيرة وهي مجلة يقصد بها تغريب المرأة توزع شهرياً أربعمائة وأربعين ألف نسخة ، فمعنى ذلك أنه سيقرئها ما يقارب من أربعمائة ألف فتاة .
    أما التلفزيون وتأثيره فقد جاء في تقرير لليونسكو : إن إدخال وسائل إعلام جديدة وبخاصة التلفزيون في المجتمعات التقليدية أدى إلى زعزعة عادات ترجع إلى مئات السنين وممارسات حضارية كرسها الزمن – واليونسكو مؤسسة دولية تابعة للغرب وتدعو إلى التغريب - .
    وتبين من خلال إحدى الدراسات التي أجريت على خمسمائة فيلم طويل أن موضوع الحب والجريمة والجنس يشكل 72% منها ، يعني تقريباً ثلاثة أرباع الأفلام كلها للحب والجريمة والجنس ، وتبين من دراسة أخرى حول الجريمة والعنف في مئة فيلم وجود 68% مشهد جريمة أو محاولة قتل ، وجد في 13 فيلم فقط 73 مشهداً للجريمة ، ولذلك قد تجد عصابات جريمة من الأحداث والصغار لأنهم تأثروا من الأفلام التي يرونها(12) .
    أما الأفلام فيقول الدكتور هوب أمرلور وهو أمريكي يقول إن الأفلام التجارية التي تنشر في العالم تثير الرغبة الجنسية في موضوعاتها ، كما أن المراهقات من الفتيات يتعلمن الآداب الجنسية الضارة – فإذا كانت ضارة بميزان هذا الأمريكي فكيف بميزان الشرع - .

    2. ومن وسائل العلمانيين الخطيرة التي يسعون من خلالها إلى تغريب المرأة المسلمة التغلغل في الجانب التعليمي ومحاولة إفساد التعليم ، إما بفتح تخصصات لا تناسب المرأة وبالتالي إيجاد سيل هائل من الخريجات لا يكون لهن مجال للعمل فيحتاج إلى فتح مجالات تتناسب مع هذه التخصصات الجديدة التي هي مملوءة بالرجال ، أو بإقرار مناهج بعيدة كل البعد عن ما ينبغي أن يكون عليه تدريس المرأة المسلمة . وفي البلاد العربية من المناهج ما تقشعر له الأبدان وقد نجد في التعليم المناداة بالمساواة بينهما وبين الرجل في كل شيء ، ودفع المرأة إلى المناداة بقضايا تحرير المرأة كما يسمونها ، وفيها أيضاً الاختلاط فمعظم البلاد العربية التعليم فيها مختلط إلا ما قل فالشاب بجانبه فتاة ، هذا التعليم المختلط سبب كبير من أسباب تحلل المرأة ، ومن ثم من أسباب تغريب المرأة

    3. ومن أساليبهم التأليف في موضوع المرأة وإجراء الأبحاث والدراسات التي تُمْلاُ بالتوصيات والمقترحات والحلول في زعمهم لقضايا المرأة ومشاكلها تقول إحداهن في رسالتها للدكتوراه والتي عنوانها : ( التنمية الاقتصادية وأثرها في وضع المرأة ) تقول وهي تعد المبادئ الإسلامية التي هي ضد مصلحة المرأة كما تزعم : إن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل ، وقوامه الرجل على المرأة ثم تعد الحجاب من المشاكل التي هي ضد مصلحة المرأة ثم تشن هجوماً على هيئات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر و لا ننسى الكذب المتواصل حتى يصبح حقيقة يصدقها الناس مثل الترويج اليومي عبر وسائل الإعلام لأكذوبة أن المرأة مظلومة ولا تأخذ حقوقها وأن الرجل متسلط عليها ، وقد يكون هناك ظلم نعم ولكن لما يأتي التمثيل للظلم والتسلط يمثلون بما هو من ديننا وبما هو حفظ لكرامة المرأة وصيانتها فتدعوا تلكم الوسائل المرأة إلى التمرد والعصيان والخروج بغير اذن الزوج والولي وأن هذا الفعل هو الحل الناجح لأخذ حقوقها،ومن الكذب افتعال قصص غير واقعية ومكذوبة والبناء عليها وتسويقها وترويجها ومن ثم الدعوة إلى التحلل والتفلت انطلاقا من هذه القصص المكذوبة فاذا غاب الرقيب والحسيب فماذا يمكن ان تتصوروا أن تفعل هذه الوسائل .

    4. ومن أساليبهم عقد المؤتمرات النسائية أو المؤتمرات التي تعالج موضوع المرأة ، أو إقامة لقاءات تعالج موضوعاً من المواضيع التي تهم المرأة سواء كان موضوعاً تعليمياً أو تربوياً أو غير ذلك ، ففي هذه المؤتمرات واللقاءات تطرح دراسات وأفكاراً ومقترحات تغريبية كمؤتمر تونس 1982 وغيره كثير .
    وقد عقد المؤتمر الإقليمي الرابع للمرأة في الخليج والجزيرة العربية في 15/2/1976 م، في إحدى دول الخليج وكان التركيز على ما يسمى بقضية تحرير المرأة وأصدر قرارات منها :
    أ- لابد من مراجعة قوانين الأحوال الشخصية في ضوء التحولات الاقتصادية والاجتماعية لدول المنطقة ومحاولة الدفع بدراسة قانون الأحوال الشخصية العربية الموحدة – يريد إيجاد قانون علماني والأحوال الشخصية في مصطلحهم يراد بها مسائل النكاح والطلاق - .
    ب- التأكيد على أهمية وضرورة النظر في الكتب والمناهج التربوية عند تناولها لقضية المرأة بما يضمن تغيير النظرة المتخلفة لأدوارها في الأسرة والعمل .
    ثم تتابع هذه الدراسة فتقول : إن القوانين والأنظمة التي كانت تخضع لها الأسرة قبل ألف عام ( لاحظ قبل ألف عام) ما تزال تطبق على العلاقات الأسرية في عصرنا الحاضر دون النظر إلى مدى ملائمتها لنا .
    ما هي القوانين التي من ألف عام ؟ إنها شريعة الإسلام .
    فهؤلاء النسوة من نساء الخليج يردن تغيير الشريعة الإسلامية التي تطبق على المرأة من ألف عام .

    5. ومن وسائلهم في تغريب المرأة المسلمة إبتعاثها للخارج وهذا حصل كثيراً في كثير من بلدان المسلمين وإن كان يختلف من بلد إلى بلد قلة وكثرة ، وحينما تذهب امرأة مسلمة إما لم تدرس شيئاً عن الدين كما في بعض البلدان العربية والإسلامية ، أو ليس معها محرم ، ثم ترمى في ذلك المجتمع المتحلل ، فماذا تتصور لها ؟ وماذا تتوقع لها أن تفعل ؟ ، إنه أمر خطير إذا كان الشاب المسلم يُخشى عليه من الذوبان فيذهب كثيرون مسلمون ويرجعون منحرفين ، فما بالك بفتاة تذهب في بحر متلاطم من الفساد والإفساد .
    ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء
    فإذا رجعت هذه الفتاة المبتعثة كانت رسول شر للعالم الغربي من أجل تغريب المسلمات ونقلهن من التمسك بالشرع والخلق الإسلامي إلى التمسك بالمناهج والأفكار والآراء الغربية ، كما فعل ، وكثير من المستغربات هن من هذا النمط الذي أشبع بالثقافة الغربية في غياب علم بالدين واعتقاد به مما أدى إلى استغرابها – أي كونها متبعة للغرب في نمط حياتها - .
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  6. #6
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    6. ومن أساليب العلمانيين : التعسف في استخدام المنصب ، فقد تجد أحدهم في منصب ما ، ثم بعد ذلك يبدأ يصدر قوانين أو قرارات يمنع فيها الحجاب ، أو يفرض فيها الاختلاط ، أو يمنع عقد ندوات ونشاطات إسلامية ، أو يفرض فيها اختلاطا في مجالات معينة ، وبالتالي يحصل احتكاك الفتاة بالشاب ، ومن ثم يسهل هذا الأمر ، وكلما كثر الإمساس قل الإحساس ، ثم بعد ذلك تتجاوز الحواجز الشرعية وتبتعد عن حياتها تذوب كما ذاب غيرها .

    7. ومن أساليبهم أيضاً : العمل والتوظيف غير المنضبط ، يعني إما باختلاط بتوظيف الرجال والنساء سواسية أو بتوظيف المرأة في غير مجالها ، ويكون هذا على طريقة التدرج ، على الطريقة التي يسميها الشيخ محمد قطب : بطيء ولكنه أكيد المفعول . وعلى طريقة فرض الأمر الواقع ومن ذلك أيضاً المشاركة والاختلاط في الأندية ، ندية ترفيه أو أندية اجتماعية أو غير ذلك ، بل لقد وصل الفساد وعدم الحياء ببعضهن إلى المجاهرة بالتدخين أمام الآخرين ، وليس ذلك في غرف القهوة والمطاعم فحسب ، بل على المكاتب الرسمية .

    8. الدعوة إلى إتباع الموضة والأزياء وإغراق بلاد المسلمين بالألبسة الفاضحة ، ومسألة الموضة كما سبق ذكره والأزياء مسألة خطيرة ، فإن اللباس من شعارات الأمم ، وكل أمة لها لباس يخصها ، صحيح أن الإسلام لم يعين للرجل أو المرأة لباساً معيناً لا يجوز له أن يلبس إلا هو ، لكنه وضع الضوابط الشرعية في لباس المرأة وليس فيه تشبه فلا بأس من أي لباس مادام مباحاً ، أما إذا لبست المرأة المسلمة لباساً غربياً تقليداً للغربيات ، وتشبهاً بهن ، وإتباعا لهن ، وأخذا بالموضات كما هو حاصل فهذه المحظور الذي نخشاه ، وإن التشبه في الظاهر يؤدي إلى تشبه في الباطن ، وإلى تأثر بالأخلاق والعادات والعقائد ولذا فإن المرأة المسلمة مطالبة بالابتعاد عن اتباع الغرب في موضاتهم وأزيائهم ، ولنعلم جميعاً أن المستفيد من ذلك هم تجار اليهود الذين يملكون بيوت الأزياء ومحلات صناعة الألبسة في باريس وفي لندن وفي غيرها .
    كما أن من خطط العلمانيين إغراق بلاد المسلمين بالألبسة الفاضحة والقصيرة ، فأحدنا لا يستطيع أن يجد لابنته الصغيرة ، لباس ساتراً فضفاضاً إلا بشق الأنفس ، ولذا فنحن بحاجة إلى حماية لدين المستهلك مثل حماية المستهلك من جشع التجار فيحمى المستهلك من الغزو التغريبي للمرأة المسلمة في لباسها وفي لباس ابنتها ، وعلى التجار المسلمين أن يفرضوا ويشترطوا اللباس المقبول عند المسلمين الذي لا يحمل صوراً ولا كتابات وليس بلباس فاضح ولا بضيق ولا بكاشف ، والشركات الصانعة إنما تريد المال ولأجله تصنع لك أي شيء تريد فإذا ترك لها الحبل على الغارب صنعت ما يضر بأخلاق المسلمين .

    9. ومن أساليبهم القديمة والتي وجدت في مصر وفي العراق وفي لبنان وفي غيرها :
    إنشاء التنظيمات والجمعيات والاتحادات النسائية ، فقد أنشأ الاتحاد النسائي في مصر قديماً جداً على يد هدى شعراوي كما سبق وذلك بدعم غربي سافر ، وكذلك أنشئت الجمعيات النسائية في العراق وفي غيره في وقت مبكر من الحملة التغريبية ثم تبعتها البلاد العربية الأخرى ، هذه الاتحادات النسائية والتنظيمات والجمعيات ظاهرها نشر الوعي الثقافي والإصلاح وتعليم المرأة المهن كالتطريز والخياطة وغير ذلك ، ولكن قد يكون باطنها سما زعافا فتعلم المرأة الأفكار والقيم الغربية الخبيثة التي تنقلها من الفكر الإسلامي النير المستبصر إلى الفكر المظلم من الغرب الكافر ، ولا ينكر أنه يوجد بعض الجمعيات التي تعمل بجد لتحقيق مصلحة المرأة على ضوء الإسلام الصحيح والتي نرجو الله – عز وجل – أن يوفقها لسلوك الطريق المستقيم ، وإذ نقول هذا نسأل المولى أن يمن على جميع الاتحادات والتنظيمات النسائية في العالم الإسلامي بالرجوع إليه – سبحانه – والرجوع بالمرأة المسلمة إلى الصواب الذي أراد الله – عز وجل – أن تسير عليه .

    10. ومن أخبث أساليبهم وهي التي يثيرونها دائماً على صفحات الجرائد والمجلات وغيرها التظاهر بالدفاع عن حقوق المرأة وإثارة قضايا تحرر المرأة خاصة في الأوقات الحساسة التي تواجهها الأمة ، وإلقاء الشبهات ، فمرة يلقون قضية تحرير المرأة ومساواتها بالرجل ، ومرة يبحثون في موضوع التعليم المختلط وتوسيع مجال المشاركة في العمل المختلط وغير ذلك ، قد يتم ذلك باسم الدين ، وقد يتم ذلك باسم المصلحة ، وقد يتم ذلك بعبارات غامضة وهذه طريقة المنافقين التخفي خلف العبارات الغامضة الموهمة في كثير من الأحيان .

    11. ومن أخبث طرقهم ووسائلهم : شن هجوم عنيف على الحجاب والمتحجبات وعلى العفاف والفضيلة وتمجيد الرذيلة في وسائل الإعلام بأنواعها وفي غيرها أيضاً ، سواء كان في المنتديات والأندية الثقافية والأدبية ، أو كان في الجلسات الخاصة وفي غيرها ، و تشويه الحق وأهله وتصويره بصور منفرة والإعلاميون يعرفون أن هذه الوسيلة من أكثر الوسائل تأثيرا في النفوس فيربط بين التخلف والحجاب وبين التشدد والتزمت والدين ، وبين النفاق والكذب وبين الحجاب والعفة وهكذا مما ينطبع في أذهان المراهقات والأطفال بأن الحجاب هو نفاق وتزمت فتجد الصغيرة تكره الحجاب وتغطية الوجه بناء على ماترسب عندها في وعيها من الصورة الذهنية التي رسمها هذا الإعلام الفاجر والله المستعان .
    فهذه جريدة الوطن الكويتية في يوم السبت 19 صفر 1414هـ تكتب مقالاً بعنوان ( نحن بين الحجاب والسفور ) وهو مقال يقطر سماً وخبثاً ، والمقال بيد كاتب كويتي يقول : اختلفت الأقاويل في الحجاب والسفور ، فمنهم من يؤيده ، ومنهم من يعارضه ، فملؤوا صفحات الجرائد المحلية بآراء متضاربة فيها مندفع اندفاع كلياً نحو التحرر من الكابوس الثقيل وهو الحجاب ، والفئة الأخرى وهي التي تمثل الرجعية البغيضة تعارض بقوة شديدة السفور وتعتقد بل تجزم أنه سوف يفضي إلى نتائج مريعة تصيب المجتمع بأمراض جسيمة – ثم يقول برأيه التافه الساقط – وكل هذا وذاك لن يقف في الطريق ، ولن يحد من قوة التيار ، فالسفور آت لا محالة على فترات متتابعة شاءت التقاليد أم أبت .
    نسأل الله عز وجل – أن يرده من الضلال إلى الهدى ومن الخطأ إلى الصواب .
    وقد تولى كبر هذا الهجوم العنيف على الحجاب والمحجبات المجلات والجرائد المصرية والمجلات والجرائد الكويتية ، حتى كتب رئيس تحرير مجلة مصرية مشهورة يقول : إن المحجبات أو اللاتي تبن من الممثلات وتمسكن بالحجاب يعطين أموالاً من دولة أجنبية . وقد رد عليه مجموعة من هؤلاء التائبات على صفحات مجلة المجتمع وقلن فيه : إنهن رجعن إلى الله – عز وجل – وتركن ذلك العفن الفني إلى غير رجعة ، وإنهن قبضن من الله وعداً بأن من تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى غفر الله له وأدخله الجنة .

    12. ومن أساليب العلمانيين أيضاً تمجيد الفاجرات من الغربيات والممثلات والراقصات والمغنيات وغيرهن ، فتذكر بأنها النجمة الفلانية ، وأنها الشهيرة فلانة ، وأنها الرائدة في مجال كذا ، وأنها التي ينبغي أن تحتذي ، وأنها القدوة في مجال كذا ، وأنها حطمت الرقم القياسي في الألعاب الفلانية أو الطريقة الفلانية ، وهذه الصحف ، وهذه الكتابات العلمانية توهم المرأة المسلمة بأن هذا هو الحق وهذا هو الطريق الذي ينبغي أن تسلكه ، فتتمنى أن تكون مثلها وتحاول أن تتشبه بها ، ولهذا ضاق صدر أولئك بتلك الفنانات التائبات لأنهن سيمثلن قدوة مضادة لما يريدون . وإذا شئت أن تعلم صدق هذا الكلام من كذبه اسأل الصغيرات عن أبرز أسماء المغنيات والممثلاث وقصات شعورهن وإذا اتجهت للمراهقات اسألهن عن تفاصيل حياة فلانة وفلانة من المغنيات والممثلات وتجرباتهن الغرامية واللقطات المخلة بالآداب ، واسألوا الهيئات والمعلمات عن اللقطات الفاضحة التي تتداول بين أيدي الشباب والبنات في البلوتوثات للمغنيات والممثلات ، وفي المقابل تغيب النساء الجادات العاملات المثقفات في بلادنا ولا يبرزن بل يغيبن وهذه والله عين الخيانة التي يمارسها الإعلام .

    13. ومن أساليبهم : الترويج للفن والمسرح والسينما ، وهذا من أخطر الأساليب العلمانية التي نجح العلمانيون في إغواء المرأة المسلمة من خلالها ، فهم قد ينشرون قصصاً لبعض الكاتبات ويقولون بقلم القاصة فلانة ، وأحياناً ينشرون قصيدة للشاعرة فلانة ،ومرة أخرى ينشرون مقالة للأديبة فلانة ، وكذلك ينشرون دعاية لمعارض تشكيلية تقيمها الفنانة فلانة ، وقد يدعونها للمشاركة في التمثيل أو في المسرح أو غير ذلك مما يؤدي إلى أن تبهر هذه الفتاة وتغير أفكارها وينغسل عقلها ، ومن ثم تكون داعية للتغريب وللعلمنة ولتحلل المرأة المسلمة ، إذ أنها لابد لها من الانسياق كي تحافظ على مكانتها الوهمية فتنغمس – وهي لا تدري – في ذلك الخبث حتى تصبح لا تدرك خبثه ، ويصبح الطيب خبيثاً لديها ، والعياذ بالله من الانتكاس .

    14. ومن أخبث أساليبهم المنتشرة : استدراج الفتيات المسلمات – خاصة النابغات – للكتابة أو للتمثيل أو الإذاعة لاسيما إذا كن متطلعات للشهرة أو للمجد أو لغير ذلك فتدعى هذه الفتاة للكتابة في الصحيفة وتمجد كتاباتها ، وقد تكتب قصة ثم يأتي مجموعة من الفنانين أو من الحداثيين أو من غيرهم فيقومون بتحليل هذه القصة وفي أثناء هذا التحليل ، يلقون في أرواع الناس أن هذه القاصة قد وصلت إلى المراتب العليا في هذا المجال وأنها أصبحت من الرائدات في مجال القصة ، ويلقون عليها هالة عظيمة – والشواهد معروفة – فتندفع بعض الفتيات المغرورات للكتابة والاتصال بهؤلاء من أجل أن ينشروا لهن ما يكتبن ، وقد يقوم بعضهم بكتابة مقالات بأسماء نسائية مستعارة ، ومثل هذا كثير من أجل إيقاع النساء المسلمات في حبائل هؤلاء الشياطين .

    15. ومن أساليبهم أيضاً : تربية البنات الصغيرات على الرقص والموسيقى والغناء من خلال المدارس والمراكز وغيرها ، ثم إخراجهن في وسائل الإعلام فتجد فتيات في عمر الزهور يخرجن للرقص والغناء وهن يتمايلن وقد لبسن أجمل حلل الزينة ، فكيف يا ترى سيكون حال هذه الفتاة إذا كبرت ! إلى أين ستتجه إن لم تتداركها عناية الله ورحمته ؟والتالي يكون ذلك سبباً من أسباب اجتذاب عدد آخر من الفتيات اللاتي يتمنين أن يفعلن مثل هذه التي ظهرت على أنها نجمة ثم قد تكون في المستقبل مغنية أو ممثلة شهيرة ، عافانا الله والمسلمين

    16. ومن وسائلهم إشاعة روح جديدة لدى المرأة المسلمة تمسخ شخصيتها من خلال إنشاء مراكز يسمونها مراكز الطبيعي للسيدات ، وقد قامت مجلة الدعوة مشكورة بكتابة تقرير عن هذه المراكز في عدد 1328 الصادر في 3/8/1412 هـ ، إذ زارت إحدى الكاتبات بعضا من هذه المراكز وكتبت تقول : في ظل التغيرات والمستجدات التي تظهر بين وقت وآخر ظهر تغير سلبي وهو افتتاح مراكز تسمى مراكز العلاج الطبيعي للسيدات ، والحقيقة أن هذا المركز يخفي ورائه كثير من السلبيات من أبرزها فتح المجال للنساء لممارسة الألعاب الرياضية مقابل قيمة مالية ، وذلك بدعوى إيجاد وسيلة جديدة تمضي فيها المرأة وقتها وتجعلها تحافظ على رشاقة جسمها – كل مبطل يغلف دعواه بالإصلاح ويزخرف القول – قالت : ومع أن هذا سبب مرفوض أيضاً إلا أن هذه المراكز قد تؤدي إلى صرف اهتمامات المرأة المسلمة المحافظة على دينها وتغيير واجهة اهتماماتها وواجباتها الشرعية . ثم تمضي الأخت فتقول : ولمعرفة واقع تلك المراكز وما يدور فيها وما تقدمه لمرتادها قمت بزيارة بعضها والاتصال بالبعض الآخر منها كأي امرأة أخرى تسأل عنها قبل الالتحاق بها وذلك في محاولة للوصول للحقائق الكاملة ومعرفة ما يدور فيها ، وخلاصة التقرير :
    - انتشار اللباس الغير ساتر في هذه المراكز ، بل واشتراطه .
    - قيام بعض المراكز بتعيين أطباء من الرجال لابد من مرور المتدربات عليهم .
    - انتشار الموسيقى الغربية في هذه المراكز ومن شروط بعض المراكز عدم اعتراض المتدربة على ذلك .
    - وضع حمامات جماعية للسونا تلبس فيها النساء ملابس داخلية فقط ، ويكن مجتمعات داخله .
    - انتشار هذه المراكز حتى في الفنادق والكوافيرات والمشاغل وتقديمها كخدمة مشتركة .
    وكل هذا نمط جديد لم نعرفه من قبل ولو قامت النساء بعملهن في بيوتهن لما احتجن لهذا ، والله المستعان .
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  7. #7
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    17. ثم أختم هذه الأساليب بهذا الأسلوب الخطير وهو إشاعة الحدائق والمطاعم المختلطة للعائلات والتي انتشرت مؤخراً :
    فقد زار بعض الأخوة بعضا من المطاعم والحدائق العائلية والتي فيها محاذير كثيرة وفتح بها أبواب للشياطين جديدة ، مع أنها دخيلة على نمط الحياة الإسلامية وهي سمة غربية بحتة ، وبدأ النسوة يرتدنها إما منفردات أو يدعو بعضهن بعضا لتناول العشاء أو الغداء – ومن هؤلاء فضيلة الشيخ محمد الفراج جزاه الله تعالى خير الجزاء – ثم كتبوا تقريراً بينوا فيه ما تخفيه هذه المطاعم المختلطة ، وذكروا أن هذه المطاعم يكون فيها اختلاط الشاب بالفتاة ، وأنه قد تدخلها المرأة بدون محرم وجواز المرور بالنسبة للرجل أن يكون معه امرأة سواء كانت خادمة أو كانت طفلة أو غير ذلك ، وبذلك أصبحت مكاناً صالحاً للمواعيد الخبيثة ولغير ذلك ، وذكروا أن هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تواجه من هذه الحدائق وهذه المطاعم مشاكل كبيرة للغاية لأنها يجتمع حولها الشباب وبعضهم قد يدخل وبعضهم قد يبقى خارجها.

    على أية حال ليس ثمة دليل ولا في عصرنا الحاضر على أن وضع المرأة المسلمة في الدول الإسلامية ليس أكثر إرضاء للمرأة من وضعها في كباريهات الغرب .

    لقد أثبتت التجربة الغربية الآثار السلبية لعمل المرأة، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :

    1. فـي الولايات المتحدة دخل المستشفى أكثر من 5600 طفل في عام واحد متأثرين بضرب أمهاتهم العاملات لهم، ومنهم نسبة كبيرة أصيبوا بعاهات.
    2. فـي مؤتمر للأطباء عقد في ألمانيا قال الدكتور كلين رئيس أطباء مستشفى النساء: إن الإحصاءات تبين أن مـن كل ثمانية نساء عاملات تعاني واحدة منهن مرضاً في القلب وفي الجهاز الدموي، ويرجع ذلك ـ في اعتقاده ـ إلى الإرهاق غير الطبيعي الذي تعاني منه المرأة العاملة ـ كما تبين أن الأمراض النسائية التي تتسبب في موت الجنين أو الولادة قبل الأوان قد تعود إلى الوقوف لمدة طويلة أو الجلوس المنحني أمام منضدة العمل أو حمل الأشياء الثقيلة، بالإضافة إلى تضخم البطن والرجلين وأمراض التشوه".
    3. توصلت نتائج دراسات أذاعتها وكالات أنباء غربية في 17/7/1991م إلى أنه خلال العامين السابقين هجرت مئات من النساء العاملات في ولاية واشنطن أعمالهن وعدن للبيت.
    4. نشرت مؤسسة الأم التي تأسست عام 1983م في الولايات المتحدة الأمريكية أن أكثر من 15 ألف امرأة انضممن إلى المؤسسة لرعايتهن بعد أن تركن العمل باختيارهن.
    5. في استفتاء نشرته مؤسسة أبحاث السوق عام 1990م، في فرنسا أجري على 2.5 مليون فتاة في مجلة ماري كير كانت هناك نسبة 90% مـنهــن ترغبن العودة إلى البيت لتتجنب التوتر الدائم في العمل ولعدم استطاعتهن رؤية أزواجهن وأطفالهن إلا عند تناول طعام العشاء.
    6. وفي الولايات المتحدة 40% من النساء العاملات، وفي السويد 60% منهن، وفي ألمانيا 30%، وفي الاتحاد السوفييتي (سابقاً) 28% يعانين من التوتر والقلق وأن نسبة 76% من المهدئات تصرف للنساء العاملات.
    7. وفي دول الخليج ظهرت مشكلة من لون آخر فقد زاد عدد المربيات الأجنبيات بسبب عدم تفرغ الأم لرعاية أطفالها، ولو وضعنا فـي الاعتبار أن نسبة كبيرة من هؤلاء المربيات غير مسلمات، وأن معظمهن يمارسن عباداتهن الخاصة أمام أطفال المسلمين، وأسوأ من ذلك أنهن يزاولن علاقات جنسية مع أصدقاء في منازل مخدوميهن بالإضافة إلى احتسائهن للخمر وتدخين السجائر بمصاحبة الأطفال، ومن ذلك ندرك حجم الخطر الذي يهدد الأسرة المسلمة بسبب تحرر المرأة من تعاليم دينها وإهمالها لواجباتها نحو أولادها وبيتها.

    الإعلام وتغريب المرأة المسلمة

    إن الإعلام ليست مجرد وسيلة تنقل للناس الأخبار، وليست محض وسيلة ترفيهية، إنما هو آلة ضخمة تشكل الذهنية، وتصيغ الشخصية، وتوجه الثقافة، وتروج للأفكار والمناهج، وتسهم بصورة أساس في خلق الرأي العام، مما كان له أكبر الأثر في تغريب المرأة المسلمة، والتي تغير وجه حياتها على يد وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، والتي أدرك نابليون بونابارت أثرها على تغيير العادات، فتراه يقول لنائبه كليبر:
    (لقد عولت على أن أرسل إليك فرقة "الكوميدي فرانسز"، وتلك فكرة أحرص عليها، أولا لتسلية جنودنا، وثانيًا لتغيير عوائد هذه البلاد بإثارة عواطفها)
    ويمكننا الآن أن نعرض لبعض وسائل الإعلام وأثرها في تغريب المرأة المسلمة:

    أولًا: الصحف:

    بالرغم من أن الصحف من مجلات وجرائد لم يعد الإقبال على قراءتها كعهدها السابق قبل بزوغ وسائل الإعلام الحديثة، ألا أنها على مر تاريخها قد أثرت في شخصية المرأة، وشكلت ثقافتها واهتماماتها بما يخدم مخطط التغريب، ومن جهة أخرى فما زال لها زوارها وقراؤها، والذين يتأثرون بموادها الخبيثة.

    يقول الشيخ ناصر العمر حفظه الله: (أتعلمون كم يدخل إلى سوقنا في الشهر من الصحافة الماجنة التي تغرب المرأة؟ يدخل إليها أكثر من 40 صحيفة أسبوعيًا أو شهريًا في غلافها فتاة لا تتكرر أبدًا.
    وبلغ عدد الصحف التي تدخل إلى سوقنا شهريًا ما يزيد على خمسة ملايين نسخة شهريًا، وعندما ذكرت هذا الرقم في مناسبة جاء من يقول لي: لعل فيه مبالغة و_سبحان الله_! تقع في يدي إحصائية جديدة قبل أيام قلائل، ويظهر الرقم كالآتي: إحدى المجلات التي تصدر عن هذه الشركة -واحدة فقط- وهي مجلة قصد بها تغريب المرأة، توزع شهريًا أربعمائة وأربعين ألف نسخة، والعجيب أن هذه الإحصائية تقول: هذا هو العدد الذي يشترى،‏ لا العدد الذي يوزع، ولها مجلة أخرى توزع ثلاثمائة وثلاثين ألفًا في شهر واحد، من مؤسسة واحدة تصدر مجلتين، توزع قرابة ثمانمائة ألف لفتياتنا)

    ومحتوى هذه الصحف يبعد كل البعد -فيما ندر- عن الاهتمام بالقضايا التنموية للمرأة، أو النظر إلى مشكلاتها نظرة ترتكز على منهاج الشريعة، وإنما هي في الغالب تتراوح بين صيحات الموضات، وأخبار فنانات السينما وتلميعهن، ومسابقات ملكات الجمال، ونحوه، وبين عرض الأفكار الهدامة، ، وإثارة المرأة إلى المناداة بحريتها- والتي يزعمون أن المرأة فقدتها في ظل الإسلام- والمطالبة بالمساواة مع الرجل، وغير ذلك من الشعارات الوهمية، مما حدا بإحدى صويحبات الأقلام المسمومة وهي تتكلم عن قوامة الرجل مستنكرة أن تقول:
    ( القوامة اليوم لا مبرر لها، لأن هذه القوامة مبنية على المزايا التي كان الرجل يتمتع بها في الماضي في مجال الثقافة والمال، وما دامت المرأة استطاعت اليوم أن تتساوى مع الرجل في كل المجالات، فلا مبرر للقوامة)
    ودائمًا ما تتناول هذه الصحف قضايا المرأة من منظور غربي، وتتخذ من قضايا الختان، والتعدد، والزواج المبكر، وحقوق المرأة، معبرًا لإثارة الصخب، وتنمية نزعة التمرد النسوي، كما لا تغفل عن الاختلاط كضرورة حضارية -بزعمهم- وتروج للعري والتحلل من أي قيود تحت مسمى الحرية.
    وأما عن الصحافة الإلكترونية ومواقع الإنترنت، فبالرغم من وجود مواقع نسائية راقية تخدم قضايا المرأة المسلمة، وبرغم أوجه الاستفادة المتحققة للمرأة، من حيث إثراء الجانب المعرفي، وتخطيها حاجز الجهل بالواقع والأحداث الحالية، إلا أن هناك الكثير من المواقع والصحف الإلكترونية، تمثل عامل هدم لشخصية المرأة المسلمة، بجذبها إلى محاكاة المرأة الغربية، وإثارة المرأة نحو التمرد على أوضاع المجتمع وقيمه.

    ثانيًا: البث المباشر

    وتعد هذه الوسيلة أخطر من سابقتها على المرأة، وأكثر منه دعمًا لخطر التغريب، فلا ريب أن التليفزيون وما تعرضه القنوات الأرضية والفضائية، هو أكبر موجه لعقول المجتمع وتشكيلها، والمرأة- موضوع التناول- هي الأكثر التصاقًا بهذه الوسيلة، التي غدت تبهر المشاهد وتجعله يلهث وراء قنواتها بما تعرضه من مواد مرئية مغرية.
    وإذا ما أخذنا الأفلام المعروضة، كمثال لما تعرضه القنوات على الشاشة الصغيرة، ونظرنا بشيء من الإنصاف إلى ما تتضمنه تلك الأفلام من أفكار ومشاهد، سنرى بوضوح أنها تنحصر فيما يلي:

    1. أفلام تثير عاطفة المرأة نحو إقامة علاقات مع الرجال، فهي تعرض العلاقات في قالب "رومانتيكي" يدغدغ عاطفتها، ويجعلها تسعى لإشباع هذه الرغبة الجامحة في نفسها.
    2. أفلام صاخبة، تشتمل على مشاهد العري والإثارة الجنسية، تعم أغلب نوعيات الأفلام، حتى الكوميدية منها، وصار الجنس مادة أساسية في أي إنتاج سينمائي.
    3. أفلام تصور وتجسد مكانة المرأة في المجتمعات الغربية، فالمرأة بطل رياضي، والمرأة رئيس حكومة، والمرأة مقاتل في الجيش، والمرأة تتناول القضايا التي يعجز عنها الرجال، وهكذا...، مما يشهي المرأة في مجتمعاتنا إلى أن تحظى بهذا القدر من تفاعل المجتمع مع المرأة وتفاعلها معه.
    4. أفلام تثير قضايا تحرير المرأة من ظلم المجتمع الموهوم، وحقها في المساواة بالرجل، وأن لها الحق في الخروج لمعتركات الحياة على غرار الرجل، وأن البيت هو مقبرة المرأة.
    5. أفلام تصور قوة شخصية المرأة وبطشها حيال زوجها، وهو مما يجعل النساء يحاكين تلك النماذج، ويسعين لفرض سلطاتهن في البيت، مما يجعل الكيان الأسري مضطربًا لا ينتج خيرًا، ولا يستقيم أمره.
    6. عرض قضايا الخيانات الزوجية، وتقديم المبررات في قالب درامي، يهون من شأن الخيانة في أعين النساء.
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  8. #8
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    فهذا شيء مما تتضمنه الأفلام المعروضة، ولم نتطرق لبرامج الموضة، وبرامج المرأة عمومًا، والتي يندر أن تكون هادفة إلا فيما ندر.
    ويكفي لمعرفة أثر الشاشة الصغيرة على المجتمع ككل ذلك التقرير من قبل اليونسكو: (إن إدخال وسائل إعلام جديدة -وبخاصة التلفزيون- في المجتمعات التقليدية أدى إلى زعزعة عادات ترجع إلى مئات السنين، وممارسات حضارية كرسها الزمن)
    هذا وقد اكتفينا بذكر أهم هذه الوسائل تأثيرًا، للإشارة إلى خطورة الإعلام غير الهادف على شخصية المرأة، وأنه بهذه الصورة يخدم بقوة مخطط تغريب المرأة المسلمة، مما ينبغي إزاءه النهوض بصورة قوية بالإعلام الإسلامي الهادف، ومن جانب آخر استهداف الدعاة والمصلحين المرأة، كمحور في العمل الإصلاحي، والسعي بطرق ممنهجة لتدعيم الدعوة النسائية والنهوض بها، حتى نأمن على المرأة المسلمة من الأخطار المحدقة بها.

    المرأةُ بين إنصاف الإسلام وإجحاف الغرب

    لقد أَوْلَى الإسلامُ المرأة اهتماماً كبيراً، يتضحُ لنا جلياً من خلال كثير من آيات القرآن الكريم التي أرست قواعدَ الرحمة والمساواة في التعامل مع المرأة بعد الظلم الذي كان يقع عليها قبل الإسلام.

    والمتأمل لهذه الآيات يجدُها صانت ما للمرأة من حقوقٍ ابتداءً من الحفاظ على حقها في الحياة، محارباً عادةَ وأدِ البنات التي كانت سائدة في الجاهلية، ثم حثت على رعايتها وهي طفلة إلى امرأة ثم في مرحلة الشيخوخة، وكذلك المتأمل للسيرة النبوية الشريفة يجدُها جاءت مبينةً ومفصلة لتلك الحقوق الممنوحة للمرأة في ظل الإسلام، وكفانا قولُ عمر بن الخطاب عن مكانة المرأة قبل الإسلام حتى يتضح لنا كيف كانت مهضومةَ الحق ذليلة القدر؛ فقد قال -رضي الله عنه-: "والله إنا كنا في الجاهلية لا نعد النساء أمراً.. حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم".

    وهكذا جاء الإسلام بما يحفظ للمرأة قدرَها بعد أن كانت لا قدر لها، ومن العزة للمرأة في الإسلام أنه لم يأتِ أي من الشرائع الأخرى ولا حتى القوانين المتعددة سواء شرقية أو غربية، لم يأت أي منهم بما جاء به الإسلام..!، وهذا مما يُثير العجب، ويحثنا على التوقف لتأمل حقيقة تلك الدعوات التي ترتقي لمسامعنا من وقت إلى آخر.

    تلك الدعوات التي تنادي بحقوق المرأة، حاملةً فوق عاتقها همومَ المرأة، ومحاولةً رفعَ تلك الهموم عن كاهلها، مطالبةً لها بأقصى حقوق المساواة مع الرجل، والحق في المشاركة الكاملة في شتى مناحي الحياة، ومظهرةً مدى الظلم الواقع على المرأة وبشاعة الحال التي هي عليه.

    ولكن تثور لدينا بعض التساؤلات:

    ما طبيعة وحقيقة تلك الحقوق التي يناودن بها؟
    وما مدى المكاسب التي يسعون لتحقيقها للمرأة؟
    وأي امرأة يعنون..؟! أهي المرأة الغربية أم العربية المسلمة..؟ أم المرأة كجنس بشري بعيداً عن أي معتقدات دينية، أو مسميات لأقطار معينة؟
    وفي الحقيقة لو كانوا يقصدون المرأة نفسها (سواء غربية أو مسلمة) فهذا بهتان عظيم وطمس للحقائق فمنذ متى كانت الاثنتان سواء..؟!
    إنّ لكل منهما مرجعيةً، وبحسب كل مرجعية يتبين مدى الحقوق المشروعة لكل منهما، وعلى هذا يتضح مَن منهما مهضومة القدر، مسلوبة الحق.
    فإن الغرب اعتمد على ما تراءى له في تنظيم الحياة، متخبطين بين عدم الالتزام بدينهم وبين شرائع متضاربة ظالمة وضعتها عقولُهم التي استقت مبادئها من المادة التي يؤمنون بها ويلهثون وراءها، فاصطبغت حياتهم بسماتها من جفاء وقسوة، وذلك أدى إلى إفراد الذات بالنظر، والإشباع بلا حدود لمباهج الدنيا كما يتصورونها، حتى لو كانت على حساب الأخلاق، والفضيلة، والحق.

    أما المرأة المسلمة فمرجعيتُها التي تنظم حياتها هي من لدن الخالق العظيم، العادل الرحيم سبحانه وتعالى (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى) (الأعلى: 2، 3).

    فالذي خلق الإنسان هو الأعلم به، وبحاجاته، وقدراته، ولذا كان من عدل الله -عز وجل- أن أنزل المنهج القويم الذي ينظم حياة هذا الإنسان، ذلك المنهج الذي يراعي طبيعة كل من الرجل والمرأة، ويلبي حاجاتهم المختلفة، بما يضمن لهم حياة سوية كريمة، فهل تستوي المرجعيتان..؟! وهل يستوي السبيل الغث مع المنهج القويم والنهج السليم..؟!

    وعلى هذا نرى أنه من خلط الأمور، ومن الظلم البين في تلك الدعوات والمؤتمرات التي تعقد لهذا الغرض: أن يضع الغربُ المرأتين في بوتقة واحدة، محاولين صهرهما، ثم يدّعون بأنهم رموز العدالة، التي تطالب بحقوق ومساواة المرأة المسلمة -المغلوبة على أمرها- مع تلك المرأة الغربية -صاحبة كل الحقوق- (كما يزعمون).

    وإنَّ هذا الخلطَ يرجع لأحد أمرين أو كليهما:
    أولاً: إما انطلاقاً من رغبتهم الناتجة من حقدهم على المرأة المسلمة، تلك المرأة التي أعياهم الجهد الذي يبذلونه لتدمير حياتها..! وإخراجها من صومعتها بادعاء الحرية في العمل والمساواة مع الرجل، ولننظر إلى أقوال بعض الغربيين -الذين تألموا من انهيار مجتمعاتهم، وحاولوا رصد الحقائق لمعرفة السبب في انهيار الأخلاق لدى الغرب– إذ تقول الدكتورة إيد إيلين: "إنَّ سببَ الأزمات العائلية في أمريكا وسرَّ كثرة الجرائم في المجتمع هو أن الزوجةَ تركت بيتَها لتضاعف دخلَ الأسرة، فزاد الدخلُ وانخفض مستوى الأخلاق"، وقالت أيضاً: "إنَّ التجاربَ أثبتت أن دعوة المرأة إلى (الحريم) هو الطريق الوحيد لإنقاذ الجيل الجديد من التدهور الذي يسير فيه"، وقال أحد أعضاء الكونجرس الأمريكي: "إن المرأة تستطيعُ أن تخدم الدولة حقاً إذا بقيت في البيت الذي هو كيان الأسرة".

    ولننظر إلى هذا التناقض بين ما ينادون به لإصلاح بلدانهم، وبين ما يبذلونه من مساعٍ جادة لإخراج المرأة المسلمة من بيتها، حتى تتجرع مرارةَ ما ارتوت به المرأةُ الغربية، وحتى تبلغ بلدانُنا من الانهيار الاجتماعي، والأسري، والأخلاقي، ما بلغته بلدانُهم، يتضحُ لنا من هذا التناقض النياتُ الحقيقية لمثل هذه الدعوات، والمؤتمرات الدولية التي تنادي بحقوق المرأة.

    ثانياً: قد تنطلق دعوتهم تلك من جهلهم بعظمة الإسلام، وما جاء به من شريعة غرّاء تُقر للمرأة كل حقوقها منذ أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان.
    وبإلقاء نظرة سريعة على بعض القطاف من ثمرات الشريعة الإسلامية الغراء للمرأة المسلمة؛ إذ منحها الشرع الكرامة بمجرد ميلادها مثل الرجل، كما في قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ...) (الإسراء: 7)، وأقر الإسلامُ ما يحفظ على المرأة حرمة نفسها وعقلها ومالها؛ ففي حرمة النفس قال تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) (الإسراء: 33)، أما حفظ المال فجعل لها نصيبًا من الميراث، سواء كانت ابنة، أو زوجة، أو أختًا، أو أمًا، وأما احترام عقلها، فيظهر في أمر الله -سبحانه وتعالى- لرسوله الكريم، بالالتزام بالشورى بين المسلمين على السواء، في قوله سبحانه وتعالى: (... وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ...) (آل عمران: 159).

    أما تلك الدعوة الكاذبة عن المساواة، التي يريدونها للمرأة المسلمة، فأي مساواة أكثر من تلك التي أمر بها الله سبحانه وتعالى.

    فقد سوّى الله سبحانه وتعالى بين الرجل والمرأة في الكرامة، ثم في الخلقة والنشأة كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً) (النساء: 1)، ثم في الحقوق والواجبات في قوله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (البقرة: 228)، ثم أتى الإسلام بحوافزَ لتشجيع الرجال على احترام المرأة والمحافظة عليها وحسن عشرتها، كما شجع الرسول -صلى الله عليه وسلم- الإحسان للمرأة في قوله: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"، هكذا ربط الرسول الكريم صدق إيمان الرجل وحبه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمدى حسن عشرته، ومعاملته مع أهله. فأي غربٍ هذا الذي يمكن أن يأتي بما أتى به الإسلامُ ورسولُ الإسلام من أسوة حسنة في التعامل مع المرأة؟!

    بل نجد أن الإسلام قد كلف الرجل أكثر من ذلك، فأعطى للرجل القوامة تكليفًا لا تشريفًا، تكليف حتى يقوم على رعاية المرأة، ويتفقد احتياجاتها، وأعطاه القوامة في الحياة الزوجية حتى يضمن استقرار البيت كما قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) (النساء: 34).

    وكذلك سوّى الله -سبحانه وتعالى- بين الرجل والمرأة في الحساب والمجازاة على العمل كما قال تعالى: (أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) (آل عمران: 195).
    فأين أدعياءُ حقوق المرأة في الغرب وغيره من كل هذا الخير الذي حظيت به المرأة المسلمة، في ظل الالتزام بتطبيق الإسلام؟!

    بل جاء الإسلامُ حامياً للمرأة محافظاً عليها في جميع مراحل عمرها، من طفولة، وشباب، وهَرَمٍ، سواء كانت ابنة أو زوجة أو أما، فجعل لكل منهن كرامة، وحقا، فجاءت النصوص قرآنية والأحاديث النبوية في الحث على الإحسان إليهن..:

    المرأة (ابنة):
    جاء الإسلامُ بالثواب الجزيل إذا قام عائل البنت على أداء حقها ورعايتها، كما قال صلى الله عليه وسلم: "من كانت له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فعلمهن وأدبهن واتقى الله فيهن، فله الجنة"، فهل بلغ الغربُ هذا الرقي في الحث على الحفاظ على بناتهن؟!

    المرأة (أمًا):
    أمر الله سبحانه وتعالى ببر الأم، والإحسان إليها، والتحذير من عقوقها، وهذا للوالدين على السواء، كما في قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا) (الأحقاف: 15).
    وقد بلغت وصيةُ الرسول الكريم بالأم إلى أن قال: "الزمها فإن الجنة عند رجلها".

    هذا ما أتى به الإسلام للمرأة الأم، من علو مكانة، وعظم شأن حتى جعلها طريقًا للجنة، فبماذا أتى الغربُ للأمهات المسنات؟ غير إلقائهن في دور المسنات، تلك العدوى غير الأخلاقية التي انتقلت لبلداننا، واقتدى بها أبناؤنا، عندما جفت الرحمةُ من قلوبهم، بعدما ارتووا من المدنية والحضارة الغربية، بكل مساوئها في عصر الجهالة الحديثة، فيا ليتهم كانوا رجعيين مثلما ينعتوننا.

    المرأة (زوجةً):
    تلك المرحلة التي تتفتح فيها زهورُ الأنوثة، أتى الإسلامُ بما يحافظ عليها ويصونها، من أمر بغض البصر، وعدم اتباع خطوات الشيطان، وعدم الاقتراب من الزنا، وجعل الطريق الوحيد للاستمتاع بالمرأة هو الزواج، تلك العلاقة العفيفة التي تحفظ للمرأة كرامتها، وتحفظ المجتمع من الانحلال الخلقي وآثاره المدمرة.

    وقد جعل الله -سبحانه وتعالى- الزواج آية من آياته، وحدد المنهج القويم لحماية المرأة داخل الأسرة، كما في قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) (الروم: 21).

    وأقر الله -عز وجل- للمرأة (الحق المعنوي)؛ وذلك في التشاور معها، وأخذ رأيها بأن تنكح برضاها، كما قال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: "الثيب أحق بنفسها من وليها؛ والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها" (صحيح مسلم).

    وكذلك حق الصداق، وهو (حق مادي) كما قال تعالى: (وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) (النساء: 4).

    أما الغرب.. فيتعامل مع المرأة كسلعة، ليس لها كرامة، كما تدل على ذلك الإحصاءات التي تتناولها الصحفُ والدراسات الاجتماعية التي تبين ارتفاعَ نسب قضايا الضرب، والاعتداء، وقضايا الاغتصاب، وكذلك ليس للمرأة ذمة مالية مستقلة –كما للمرأة في الإسلام– بل حياة مدنية مشتركة (أي شراكة بين الزوجين).
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  9. #9
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    وفي الغرب أيضا.. يقع على المرأة عبءٌ ظالم، فهي مطالبة بالعمل، ومجبرة عليه، حتى تستطيع أن توفرَ لنفسها لقمةَ العيش، وإن لم تستطع فالشارعُ أولى بها، وتصبح سلعة في بيوت الدعارة، حتى توفر لقمتها.

    أما المرأة في الإسلام فهي مسؤولة من أبيها، ثم أخيها، ثم زوجها، ثم ابنها، بالقدر الذي يضمن لها حياة كريمة.

    والقارئ للسيرة النبوية الشريفة، والعهد النبوي في صدر الإسلام، سوف تتضح له الحقائقُ عن مكانة المرأة في الإسلام، تلك الحقبة التي تمثل أروع المثل لمكانة المرأة المسلمة، وعظم شأنها، ومكانتها، واشتراكها في كل مجالات الحياة، إذ كانت تشارك جنباً إلى جنب مع الرجل في بناء المجتمع المسلم، في الحياة السياسية، والاقتصادية، والجهادية، والاجتماعية، والنماذج على ذلك كثيرة.. منها:

    اشتراك المرأة في البيعة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- والهجرة للحفاظ على دينها، وتحمل مشاقها كالرجل، والمشاركة في الغزوات (كأم عمارة في غزوة أحد)، واشتراكها مع الرجل في التكاليف الشرعية، من عبادات، ومعاملات، وحدود.
    هذه هي صورة المرأة المسلمة، المتمسكة بدينها، وشرعها، المساعدة في بناء مجتمعها، العاملة لنهضة أمتها، فهي لم تشكُ مما تشكو منه نساء العالم؛ لأنها لم تفتقر إلى ما افتقرت إليه هؤلاء النساء.

    وللإنصاف.. إن كانت هناك بعضُ المشكلات في العالم الإسلامي تجاه المرأة، فهذا يرجعُ إلى عدم تطبيق الشريعة الإسلامية في كثير من هذه البلدان، أو يرجع إلى الخطأ في التطبيق أحياناً. وهنا نقول: إن الجهود البشرية التي تخطئ ليست حجة على الإسلام، ولكن الإسلام وشريعته هو الحجة على المسلمين، وعلى الإنسانية جمعاء.

    الاختـــلاط

    الحمد لله العليم بخلقه ، القائل في محكم كتابه: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك: 14) . الرحيم بهم ، ون رحمته أنزل شريعته ناصحة لهم ، ومُصلحة لمفاسدهم ، ومُقوّمة لاعوجاجهم ، ومن ذلك ما شرع من التدابير الوقائية ، والإجراءات العلاجية التي تقطع دابر الفتنة بين الرجال والنساء ، وتُعين على اجتناب المُوبقات رحمةً بهم ، وصيانة لأعراضهم ، وحماية لهم من خزي الدنيا وعذاب الآخرة .
    وبيَّن لهم أن غايةَ الشيطان في هذا الباب أن يُوقع النوعين في حضيض الفحشاء!! لكنه يسلك في تزيينها ، والإغراء بها مسلك التدرج , عن طريق خطوات يقود بعضها إلى بعض ، وتُسلم الواحدة منها إلى الأخرى ، وهي المعنيَّة بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) (النور: 21).
    والصلاة والسلام على الصادق الأمين , المبعوث رحمةً للعالمين ، القائل: " ما تركت بعدي فتنةً هي أضر على الرجال من النساء " .
    والقائل: " فاتقوا الدنيا ، واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " ، الذي حذرنا من خطوات الشيطان إلى إشاعة الفساد , خصوصًا ما أضلَّ به كثيراً من العباد من تزيين التبرج ، وإشاعة الفاحشة ، وإطلاق البصر إلى ما حـرَّم الله ، ومصافحة النساء الأجنبيات ، وسفر المرأة بدون مَحرَم ، وخروجها متطيبة متعطرة , وخضوعها بالقول للرجال ، وخلوتها بهم واختلاطها معهم.
    وحول هاتين الأخريين: الخُلوة ، والاختلاط تدور هذه الرسالة تذكرةً لمن كان له قلب , أو ألقى السمعَ وهو شهيد , وتبصرة لمن خاف عذاب الآخرة ، (ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ) (هود: 103)

    أولاً: الخلوة

    ما هي الخلوة المحرمة ؟
    هي أن ينفرد رجل بامرأة أجنبية عنه ، في غيبة عن أعين الناس ، وهي من أفعال الجاهلية , وكبائر الذنوب .
    ما هو الدليل على تحريمها ؟
    * ما رواه ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: سمعت النبي صل الله عليه و سلم يخطب يقول: " لا يخلُونَّ رجلٌ بامرأة إلا ومعها ذو محرم ".
    * وما رواه عامر بن ربيعة- رضي الله عنه- أن رسول الله قال: " ألا لاَ يخلُونَّ رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان " ، وهذا يعم جميع الرجال , ولو كانوا صالحين أو مسنين, وجميع النساء , ولو كنَّ صالحات أو عجائز .

    وعن جابر- رضي الله عنه- أن النبي صل الله عليه و سلم قال: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها , فإن ثالثهما الشيطان " .
    وعنه –رضي الله عنه-أيضاً عن النبي صل الله عليه و سلم قال: " لا تلجُو على المغيبات , فإن الشيطان يجري من أحدكم مجرى الدم " .
    أي: لا تدخلوا على النساء اللاتي غاب أزواجهن , بسفر ونحوه .
    وقد تكون القرابة إلى المرأة أو زوجها سبيلاً إلى سهولة الدخول عليها أو الخلوة بها , كابن العم وابن الخال مثلاً , ولذلك حذرنا النبي من ذلك لأنه من مداخل الشيطان , ومسارب الفساد .
    فعن عقبة بن عامر-رضي الله عنه-أن رسول الله قال: " إياكم والدخول على النساء , فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله ! أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت " .
    والحمو هو قريب الزوج , الذي لا يحل للمرأة , كأخيه وابن عمه , فبينَّ النبي أنه يفسد الحياة الزوجية , كما يُفسد الموت البدن .
    قال الأبِّي-رحمه الله-: (( لا تُعرِّضُ المرأةُ نفسَها بالخلوة مع أحد , وإن قلّ الزمن , لعدم الأمن لاسيما مع فساد الزمن , والمرأة فتنة , إلا فيما جُبلت عليه النفوس من النفرة من محارم النسب )) ا.هـ.
    فالحمكة من تحريم الخلوة هي: سد الذّريعة إلى الفاحشة أو الاقتراب منها , حتى يظل المرء واقفاً على مسافة بعيدة قبل أن يفضي إلى حدود الجريمة الأصلية , (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا) (البقرة: 187) .

    ثانياً: الاختلاط

    ماهو الاختلاط ؟
    هو اجتماع الرجل بالمرأة التي ليست بمحرم له اجتماعاً يؤدي إلى ريبة , أو: هو اجتماع الرجال بالنساء غير المحارم في مكان واحد , يمكنهم فيه الاتصال فيما بينهم بالنظر , أو الإشارة , أو الكلام , أو البدن من غير حائل أو مانع يدفع الريبة والفساد .

    ما هي أدلة تحريم الاختلاط ؟
    أولاً: من القرآن الكريم:
    قول الله سبحانه وتعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) (الأحزاب:33) , فخير حجاب للمرأة بيتها .
    وقوله جلَّ وعلا: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) (الأحزاب: 53) .
    ثانياً: من السنة الشريفة:
    قول رسول الله: " المرأة عورة , فإذا خرجت استشرفها الشيطان , وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في قعر بيتها " .
    وعن أبي أسيد , مالك بن ربيعة-رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله , يقول وهو خارج من المسجد , وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق: " استأخِرن , فليس لكنّ أن تَحققن الطريق , عليكن بحافات الطريق , فكانت المرأة تلصقُ بالجدار , حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به " .
    ومعنى تَحْقُقْنَ: أي تذهبن في حاق الطريق , وهو الوسط , كما في حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- قال رسول الله: " ليس للنساء وسط الطريق " .

    وقد أفرد صل الله عليه و سلم في المسجد باباً خاصًّا للنساء يدخلن , ويخَرجن منه , لا يُخالطهن , ولا يُشاركهن فيه الرجال .
    فعن نافع عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله قال: " لو تركنا هذا الباب للنساء ؟ قال نافع: فلم يدخل منه ابنُ عمر حتى مات " .
    وعن نافع مولى ابن عمر-رضي الله عنهما- قال: (( كان عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-ينهى أن يُدخَل المسجد من باب النساء )) .
    ومن ذلك: تشريعه للرجال إماماً ومؤتمين ألاَّ يخرجوا فور التسليم من الصلاة , إذا كان بالصفوف الأخيرة بالمسجد نساء , حتى يخرجن , وينصرفن إلى دورهن قبل الرجال , لكي لا يحصل الاختلاط بين الجنسين-ولو بدون قصد- إذا خرجوا جميعاً .
    قال أبو داود في " سننه ": ( باب إنصراف النساء قبل الرجال من الصلاة ) , ثم ساق حديث أم سلمة-رضي الله عنها-قالت: " كان رسول الله صل الله عليه و سلم , إذا سلم مكث قليلاً , وكانوا يرون أن ذلك كيما يَنفذ النساء قبل الرجال " .
    ورواه البخاري أيضاً , وفيه:
    قال ابن شهاب: " فُترى-والله أعلم-لكي ينفذ من ينصرف من النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم " أي الرجال .
    وعن أم سلمة-رضي الله عنها- قالت: " كانَ يُسلِّم فينصرفُ النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله " .

    وروي النسائي: " أن نساء كنَّ إذا سلّمن قمنَ , وثبت رسول الله , ومن صلى من الرجال ما شاء الله , فإذا قام رسول الله, قام الرجال " .
    قال الحافظ ابن حجر: " وفي الحديث... كراهة مخالطة الرجال للنساء في الطرقات , فضلاً عن البيوت " اهـ .
    وعن أم حميد الساعدية , أنها جاءت إلى رسول الله صل الله عليه و سلم فقالت: يا رسول الله إني أحبُّ الصلاة معك !! فقال: " قد علمت أنكِ تُحبّين الصلاة معي , وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك , وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في دارك , وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك , وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي " .
    وعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-أن رسول الله قال: " لا تمنعوا النساء أن يخرجن إلى المساجد , وبيوتهن خير لهن " .
    وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله: " خير صفوف الرجال أولها , وشرّها آخرها , وخير صفوف النساء آخرها , وشرّها أولها " .
    وهذا كله في حال العبادة والصلاة التي يكون فيها المسلم أو المسلمة أبعد ما يكون عن وسوسة الشيطان وإغوائه , فكيف بما عداها ؟! .

    عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: " شهدت الفطر مع النبي, وأبي بكر , وعمر , وعثمان-رضي الله عنهم- يصلون قبل الخطبة , ثم يخطب بعد , خرج النبي كأني أنظر إليه حين يُجَلِّسُ بيده , ثم أقبل يشقهم حتى جاء النساء ". الحديث
    وفي رواية مسلم: " يُجَلِّسُ الرجال بيده " , وذلك كي لا يختلطوا بالنساء .
    ولقد حرصت الصحابيات على عدم الاختلاط حتى في أشدّ المساجد زحاماً , وفي أشد الأوقات زحامًا , موسم الحج بالمسجد الحرام .
    فلقد كانت أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها- تطوف محجوزاً بينها وبين الرجال بثوب , لا تخالطهم , فقالت لها امرأة: " انطلقي نستلم يا أم المؤمنين " تعني: هيَّا نقبل الحجر الأسود , فقالت لها: عنكِ وأبت, يعني حتى لا تخالط الرجال .
    وكانت النساء في عهده صل الله عليه و سلم , إذا أردن دخول الكعبة المشرفة , يقفن إلى أن يخرج الرجال , ثم يدخلن إذا خرجوا .
    ودخلت على عائشة-رضي الله عنها- مولاة لها , فقالت لها: " يا أمّ المؤمنين , طُفْتُ بالبيت سبعاً , واستلمتُ الركن مرتين أو ثلاثاً " , فقالت لها عائشة-رضي الله عنها-: لا آجَرَكِ الله , تدافعين الرجال ؟! ألا كبَّرتِ , ومررتِ ؟
    وعن إبراهيم النخعي , قال: " نهى عمر أن يطوف الرجال مع النساء , قال: فرأى رجلاً معهن فضربه بالدِّرِّة , والدِّرِّة: التي يُضربُ بها .
    ولقد حطَّ الله عن النساء الجمعة , والجماعة , والجهاد , وجعل جهادهن لا شوكة فيه , وهو الحج المبرور , من أجل أن أفضل أحوالهن الستر والقرار في البيوت , وأداء رسالتهن السامية من وراءِ الحجاب .
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  10. #10
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    من ثمرات الاختلاط :

    قال الإمام ابن القيم الجوزية- رحمه الله-:
    " ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشرّ , وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة , كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة , واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا , وهو من أسباب الموت العام , والطواعين المتصلة " اهـ .
    أضف إلى هذا شيوع الطّلاق , وتفشّي التبرّج بالزينة , وانعدام الغيرة , واضمحلال الحياء , وفساد الأخلاق , وتعسير غضّ البصر , وتيسير زنا العين , والتسبب في بلاء العشق الذي يتلف الدنيا والدين .

    من صور الاختلاط الحرم:
    1. اختلاط الأولاد الذكور والإناث- ولو كانوا إخوة بعد التمييز في المضاجع ، فقد أمر النبي صل الله عليه و سلم ، بالتفريق بينهم في المضاجع .
    فعن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما-قال رسول الله: " مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ، وفرِّقوا بينهم في المضاجع "
    2. اتخاذ الخدم الرجال ، واختلاطهم بالنساء وحصول الخلوة بهن ، رُوى في بعض الآثار أن فاطمة-عليها السلام- لما ناولت ابنها أنسًا قال: " رأيت كفًّا " يعني أنه لم يَرَ وجهًا ، وقد كان أنس-رضي الله عنه- خادماً للنبي وكان يعيش عنده كأحد من أهله .
    3. اتخاذ الخادمات اللائي يبقين بدون محارم ، وقد تحصل بهن الخلوة .
    4. السماح للخطيبين بالمصاحبة والمخالطة التي تجر إلى الخلوة ، ثم إلى ما لا تحمده عقباه ، فيقع العبث بأعراض الناس بحجة التعارف ومدارسة بعضهم بعضًا
    5. استقبال المرأة أقارب زوجها الأجانب ، أو أصدقائه في حال غيابه ، ومجالستهم .
    6. الختلاط في دور التعليم ، كالمدراس والجامعات والمعاهد والدروس الخصوصية .
    7. الاختلاط في الوظائف ، والأندية ، والموصلات ، والأسواق ، والمستشفيات ، والزيارات بين الجيران ، والأعراس ، والحفلات .
    8. الخلوة في أي مكان ولو بصفة مؤقتة كالمصاعد ، والمكاتب ، والعيادات وغيرها .

    فيا أولياء النساء والزوجات والبنات:
    تذكروا: أنكم موقوفون بين يدي الله تعالى غداً ، ومسؤولون عنهن ، قال رسول الله: " الرجل راعٍ على أهله وهو مسؤول عن رعيته " .
    احذروا: " الخلوة ، والاختلاط ، والتبرج " فإنها والزنى رفيقان لا يفترقان ، وصنوان لا ينفصمان غالباً .
    واعلموا: أن الستر والصيانة هما أعظم عون على العفاف والحصانة ، وأن احترام القيود التي شرعها الإسلام في علاقة الجنسين هو صمام الأمن من الفتنة والعار ، والفضيحة والخزي .
    احذروا: أجهزة الفساد السمعية منها والبصرية التي تغزوكم في عقر داركم ، وهي تدعو نسائكم وأبناءكم إلى الافتتان ، وتُضعفُ منهم الإيمان ، وقد قيل: حسبك من شرٍّ سماعُه ، فكيف رؤيته؟! صونوا بناتكم وزوجاتكم ولا تتهاونوا فتعرضوهن للأجانب .

    إن الرجال الناظرين إلى النسا مثل السباع تطوف باللحمان .
    إن لم تصن تلك اللحوم أسودها أُكـلت بلا عوضٍ ولا أثمان .

    إن الأعراض إذا لم تُصنْ بهذه الحصون والقلاع ، ولم تحصن بالأسوار والسدود ، فتسقط-لا محالة- أمام هذه الهجمة الشرسة ، ويقع المحظور ، ولا ينفع حينئذ بكاء ولا ندم ، والتبعة كل التبعة ، واللوم أولاً وأخيراً على وليِّ البنت الذي ألقى الحبل على غاربه ، وأرخى لابنته العنان

    إن جعبة الباحثين والدارسين لظاهرة الاختلاط حافلة بالمآسي المخزية ، والفضائح المشينة ، التي تمثل صفعة قوية في وجه كل من يجادل في الحق بعدما تبين .
    وإن الإحصائيات الواقعية في كل البلاد التي فيها الاختلاط ناطقة بل صارخة بخطر الاختلاط على الدنيا والدين ، لخصها العلامة أحمد وفيق باشا العثماني ، الذي كان سريع الخاطر ، حاضر الجواب عندما سأله بعض عُشَرائه من رجال السياسة في أوربا ، في مجلس بإحدى تلك العواصم قائلاً: ( لماذا تبقى نساء الشرق محتجبات في بيوتهن مدى حياتهن ، من غير أن يخالطن الرجال ، ويغشين مجامعهن؟ ) ..
    فأجابه في الحال قائلاً: ( لأنهن لا يرغبن أن يلدن من غير أزواجهن ) .
    وكان هذا الجواب كصب ماء بارد على رأس هذا السائل ، فسكت على مضض كأنه ألقم الحجر

    ولما وفعت فتنة الاختلاط بالجامعة المصرية ، كان ما كان من حوادث يندى لها الجبين ، ولما سئل " طه حسين " عن رأيه في هذا ، قال: لابد من ضحايا! ، ولكنه لم يبين: "بماذا" تكون التضحية ؟ و" في سبيل ماذا " لابد من ضحايا ؟! .
    وأي ثمرة ممكن أن تكون أغلى وأعز وأثمن من أعراض المسلمين .
    فتبًّا لهؤلاء المستغربين ، وسحقاً سحقاً لعبيد المدنية الزائفة الذين أطلقوا لبناتهم ونسائهم العنان يسافرون دون محرم ، ويخلون بالرجال الأجانب ، مُدَّعين أن الظروف تغيرت ، وأن ما اكتسبته المرأة من التعليم ، وما أخذته من الحرية يجعلها موضع ثقة أبيها وزوجها ، فما هذا إلا فكر خبيث دَلَفَ إلينا ليفسد حياتنا ، وما هي إلا حجج واهية ينطق بها الشيطان على ألسنة هؤلاء الذين يتهاونون في الخلوة والاختلاط الآثم بدعوى أنهم رُبُّوا على الاستجابة لنداء الفضيلة ورعاية الخلق ، مثل قوم وضعوا كمية من البارود بجانب نار متوقدة ، ثم ادعوا أن الانفجار لا يكون لأن على البارود تحذيراً من الاشتعال والاحتراق ... إن هذا خيال بعيد عن الواقع ، ومغالطة للنفس ، وطبيعة الحياة وأحداثها .
    والآن نستطيع- بكل قوة – أن نجزم بحقيقة لا مراء فيها ، وهي أنك إذا وقفت على جريمة فيها نهش العرض ، وذبح العفاف ، وأهدر الشرف ، ثم فتشت عن الخيوط الأولى التي نسجت الجريمة ، وسهَّلت سبيلها ، فإنك حتمًا ستجد أن هناك ثغرة حصلت في الأسلاك الشائكة التي وضعتها الشريعة الإسلامية بين الرجال والنساء ، ومن خلال هذه الثغرة ... دخل الشيطان! وصدق الله العظيم(وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28)) (النساء:27-28) .


    إنْ شِئْتِ

    فامْضِ كَمِثْلِ خَدِيجَة

    كَمِثْلِ نِسَاءِ الكِرَامِ الصّحَـابَة

    بَيْنَكَ وَالطُّهْرِ أَقْوَى وَشِيجَـة

    وَيَعْلُو جَبِينَك نُوُر النَّجَابــَة

    وَإنْ شِئـْتِ

    سَيْراً وَرَاءَ الدُّمَى

    بَقـَدْرٍ رَخِيصٍ أَخَسَّ الهِمـَم

    يَرَاهَا الرّجالُ كَصَيْدٍ كَمـَـا

    يَرَاها الذّئابُ كَلَحْمِ الغَنـَـم!

    وَإِنْ شِئتِ

    كُوني حَلَيلَةَ حُـرِّ

    قَويّ العَزيمَةِ عَالي الجَبيــن

    غَيُورٌ شُجاعٌ بِكَرّ وَفـَــرِّ

    كَرِيمُ الخِصَالِ بمَجـْـدِ وَدِيْن

    وَإنْ شِئْتِ

    لهَثْاً بِجَهـْلٍ وَطَيْشٍ

    وَرَاءَ كَلامِ الهَوَىَ وَالغـَـزَل

    وَعُمْر يَضِيعُ بَأَسْوَءِ عَيـْـشٍ

    سَرَابِ الأَمَانيِ وَزَيْفِ الأَمـَل

    وَإِنْ شِئْتِ

    كُوُنيِ كَـأُمّ الأُسُوُدِ

    وَتَغْرِسُ فِيِهِمْ مَعَانـِي الرّجُوُلَة

    بَعَزْمِ الجّهـَـادِ وَفـَلّ القًيُودِ

    وَتَصْنَعُ جَيلاً عَظيَــمَ البُطُولَة

    وَإِنْ شِئْتِ

    سَعْياً لَنَيْلِ الْوَظِيفَـه

    مِنَ الْصُّبْحِ كَدْحاً وَحَتّى الظَّهِيرَة

    فَتَذْبُلُ طَلْعَةُ وَجْـهٍ لَطِيفــَـه

    وَيَفْسُدُ مِنْكِ صَفَاءُ السـَّـرِيرَة

    وَإِنْ شِئْتِ

    زِيْدِي جمَاَلَ العُيـُون

    وَسِحْرَ الرّمُوُشِ وَحَسْـنَ القَوَام

    بِسِتْرِ الخّمـَارِ لِكَفّ العُيـُـون

    وَحُبّ الصّيـامِ وَطـُولَ القّيَـام

    وَإنْ شِئْتِ

    بـَذْلاً لهَـذاَ الجَمَـال

    وَرِقَّةَ غُنْجٍ ،، ضَيـاءَ الخـُـدُوُد

    لكلِّ وَضِيعٍ خَبيـثِ الخِصـَـال

    وَعَبـْدِ الفَوَاحِشِ مِثْلَ القـُـرُوُد

    وَإنْ شِئْتِ

    حِفْظـاً لِعِرْضٍ رَفِيـْـع

    كَرِيمٍ نَسيِــِـبٍ بَقَدْر عــَـلاَ

    حَياؤُك دِرْعٌ كَحِصـْـنٍ مَنيَــع

    وَإنْ مَالـَـتْ الأَبْصَارُ ... كَلاَّ وَلاَ
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  11. #11
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    الإعلام الغربي والمرأة المسلمة

    كثيرا ما نرى .. ليس في المجتم الغربي فقط بل حتى في مجتمعاتنا... غربيون متزوجون من نساء أسياويات او شرقيات بوجه عام ليس فيهن من الغنى و الجمال ما يدعوا الى الإرتباط بهن ... يا ترى ما السبب ؟؟؟؟

    و الجواب : بإن المرأة في الولايات المتحدة الأمريكية خصوصًا، والغرب عمومًا، أصبحت كالمصارعين، لا في البنية أو الجسم ولكن في الأخلاق، فهي تتعامل مع الرجل بندِّية، ولا يخلو تعاملها من خشونة وعنف، سواء في طريقة التعامل نفسها، أم في الألفاظ والمصطلحات الخارجة التي تستخدمها، فيشعر الرجل بأنه يتعامل مع رجل مثله، رغم ما قد تكون عليه من جمال خلاب، وروعة في الحسن الظاهري..

    من هنا يظهر بوضوح المستقبل الشائه الذي ينتظر المرأة المسلمة في أوطاننا التي يروَّج فيها للنموذج الغربي على أنه النموذج الأمثل الذي ينبغي الاحتذاء به لتصل إليه المرأة المسلمة، ولا يدري هؤلاء ماذا ينتظرهم وينتظر مجتمعاتهم إذا سولت لهم أنفسهم الإخلال بالتركيبة المجتمعية التي خلقها الله تبارك وتعالى وجعلها فطرة يعيش عليها المجتمع البشري والتي تنبني في أصلها على عدم التماثل بين الرجل والمرأة في المميزات والخصائص؛ حيث (ليس الذكر كالأنثى)، ولكن الانفتاح بين الرجل والمرأة، والاختلاط الزائد عن الحد الشرعي، وتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، كل ذلك من شأنه أن يخل بالتركيبة الفطرية للتباين والتمايز بين الجنسين، والتي ينتج عنها بعد ذلك كائنات مشوهة، لا هي رجال ولا هي نساء، حيث نشأت نساء كالمصارعين فيهن من صفات الذكورة كما فيهن من صفات الأنوثة بل قد يزيد، ونشأ رجال مخنثون فيهن من صفات الأنوثة كما فيهن من صفات الذكورة بل قد يزيد، وهذا هو ما دفع الغرب للحديث عما يسمى "الجندر"، أي النوع البشري، وهو بالفعل ما يعبر عن الواقع الحالي في الغرب، حيث سلبوا من الجنسين صفة الأنوثة والذكورة ليدورا من جديد في دائرة مفرغة من اللا هويَّة الإنسانية.

    ويسلك الغرب عدة مسالك في الترويج لمفاهيمه المشوِّهة للإنسان المسلم والشرقي، ومن أخطر تلك المسالك ما يقوم به بنفسه في الخارج أو بأذنابه في الداخل من نشر القنوات التليفزيونية التي تبث المواد الإعلامية الجذابة التي تروج لهذه المبادئ –إن صحت تسميتها مبادئ- من خلال الأفلام والمسلسلات والبرامج، التي لا تكف ليلاً ونهارًا عن تنميط العلاقات غير الشرعية بين الرجال والنساء، وتصويرها على أنها علاقات حب وعشق وغرام بين حبيبين (رجل وامرأة)، يتساكنان مدة تزيد عن الثلاث سنوات في مكان واحد، ويمارسان الزنا في صورة تبادل الحب والعشق، ثم يتفقان في نهاية الأمر على الزواج، تكليلاً لهذه العلاقة "الناجحة"، ليصور كل ذلك على أن هذا هو الأصل في العلاقات بين الرجال والنساء، حتى صارت مثل هذه الأنماط تستعار لتستخدم في مواد إعلامية عربية تنتجها دول مختلفة في العالم الإسلامي!!

    قنوات الأفلام العربية التي تبث المواد الإعلامية الغربية هي صورة من صور هذا الاختراق الذي يسعى الغرب لتنميطه بين شباب وأبناء هذا الجيل من المسلمين، فهذه القنوات تبث خلال اليوم ما لا يقل عن عشرة أفلام، تصب كلها في هذا السياق، وتروج جميعها لهذه الفكرة، التي تقوم في الأساس على مبدأ الحرية الجنسية لدى الطرفين، والتي صارت المرأة من خلالها سلعة رخيصة تستخدم أخسَّ استخدام، للترويج للانحلال، والخروج لمزاحمة الرجل في ميدان عمله، وهذا في الأخير يُلزمها بأن تنشب لها أظفار وأنياب لتستطيع مقاتلة الرجال لتظفر منهم بقطعة لحم تأكل منها وتنفق منها على نفسها وأولادها، وهو الأمر الذي يغنيها عنه العقل والشرع بإلزام الرجل بالإنفاق عليها وعلى أولادها، سواء أكان زوجًا أم أبًا أم أخًا أم غير ذلك.

    عرض هذه المواد الإعلامية بشكل مستمر، يطبع هذه الأنماط في العقل الباطن للإنسان رجلاً كان أو امرأة، ويجعل مثل هذه الصور النمطية الغربية هي الأصل الذي ينبغي أن تسير عليه المجتمعات في العالم، وهذا أمر مجرَّب لا ينكره إلا مكابر، وليس تأثُّر المواد الإعلامية العربية والإسلامية بمثل هذا الطرح إلا نتيجة طبيعية لمثل هذا السحر الذي تمارسه الآلة الإعلامية الغربية وتسخر له كل إمكانياتها.

    هذه هي الصورة المرتقبة لطبيعة العلاقات الإنسانية والأسرية والمجتمعية في الأيام المقبلة إن لم نتدارك أنفسنا بمراجعة أفكارنا ومرتكزاتنا العلمية والعقلية، فإن كان هذا القدر من الانحلال ومسخ الهوية الإنسانية للرجال والنساء لا يرضي العقلاء والمفكرون فعليهم أن يتصدوا لتلك المحاولات، وأن يقفوا إزاءها حائط صد قويًا، وسدًا صلدًا منيعًا، وأما إن حاز هذا السبيل المظلم على قبولهم ورضاهم، واستولى على عقولهم وقلوبهم، فعلى الدنيـــا السلام.

    الجندر: المفهوم والحقيقة والغاية

    خَلَق الله - سبحانه وتعالى - الإنسان مِن ذَكَر وأُنثى؛ ليحقِّقَ التكاملَ بين رُكنَين هامَّين من أركان إعمار هذا الكوْن؛ بل هما الرُّكنان الأساسيَّان اللذان عُمِّر بهما ومن أجْلهما هذا الكونُ وهذه الأرض؛ قال - تعالى سبحانه -: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاء بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة: 22).

    هذا التكامُل ليس حالةً خاصَّة بالإنسان تعْزِله عن سُنَّة الخلق، والسياق الكوني؛ بل هي حالة تنسجم مع ثنائية تعمُّ وتشمل المخلوقاتِ في هذا الكون، والتي يتحقَّق بها التوازن والاتِّزان، فسبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز: (وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (ق: 7)، وتَمضي سُنَّة الله في هذا الكون، وهي تكاد تعمُّ لتشملَ كلَّ المخلوقاتِ في هذا الكون الفسيح، الذي يحمل أعظمَ المعاني على عظمة الخالِق البارئ المصوِّر سبحانه.

    الذي يقول - جلَّ من قائل -: (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الرعد: 3).

    فهذه الثنائية الرائعة تمتدُّ، وتعمُّ وتشمل الوجودَ المادي، والوظائفَ الفسيولوجية، والبيولوجية والفيزيائية للمخلوقات؛ وصولاً إلى أرْقى شكل من أشكال الوجود في هذا الكون، والذي يتربَّع عليه الإنسان بمنظوماته القِيميَّة والاجتماعية والثقافية، والتي تلقَّاها من ربِّ العالمين - سبحانه وتعالى - بمعرفةٍ عجزتِ الملائكة عن الوصول لها؛ (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (البقرة:31).

    هذه المعرفة والإدراك الإيماني السائر على دَرْب الهِداية مُحارَب بغَواية إبليس اللعين؛ عدوِّ الإنسان، الذي أقسم حسدًا وحِقدًا على الإنسان ليُحيدَه عن طريق الصواب، ويأخذه إلى دروب الهلاك، وخزي الدنيا والآخرة يُعمِي بصيرتَه عن الحقيقة القرآنية، ويوهمه بخيالات من الكَذِب الذي يُزيِّنه له بأنَّه حقيقة، ويجملها بكلِّ ما يملك من زُخرف فكري كاذب، فيضل الإنسان، ويظلُّ يُكابِر ويقدِّم خِدْماتِه لولي نعمته إبليس اللعين، ويتحوَّل من خاضع للضلالة إلى شخص مفتون بها، ويُضلُّ بها كثيرًا من الناس؛ ليبوءَ بذنبه وذنوبهم.

    الرجل والمرأة هما ذكر وأنثى من ناحية التعريف الجِنسي ، يتم وصفُ الصِّفات البيولوجية والفسيولوجية لكلٍّ منهما، وهي صفات واضحة وثابتة، ولا يمكن العبثُ بهما، عِلمًا بأنَّه كانت هناك محاولاتٌ للتغيير في هذه الفسيولوجية بالنسبة للرجل والمرأة، فكانت النتيجةُ إنتاجَ مسوخ بشرية من المتحوِّلين جنسيًّا أو المتحولات.

    وأمام هذا العجز في التغيُّر فيما خَلَق ربُّ العالمين الذكر والأنثى، وقف دعاة المساواة المطْلقة بين الرجل والمرأة عاجزين أمامَ هذه الحقيقة الواضحة، غير القابلة للتغيير والعبث، ظهر في السبعينيات مِن هذا القرن مصطلحُ النوع الاجتماعي، أو الجندر، ومفهوم الجندر Gender كلمة إنجليزية تنحدر من أصل لاتيني، وتعني في الإطار اللغوي Genus ؛ أي: (الجنس من حيثُ الذكورة والأنوثة)، وإذا استعرْنا ما ذكرتْه (آن أوكلي) التي أدخلتِ المصطلح إلى عِلم الاجتماع، سنجد أنَّها توضح أنَّ كلمة Sex ؛ أي: الجنس، تشير إلى التقسيم البيولوجي بين الذكر والأنثى، بينما يشير النوع Gender إلى التقسيمات الموازية وغير المتكافئة (اجتماعيًّا إلى الذكورة والأنوثة)، ولديها كتاب عن هذا عنوانه (الجنس والنوع والمجتمع، عام 1972م).

    بشكل أكثر وضوحًا، فإنه كما أوضحْنا: أنَّ الفروق الفسيولوجية بين الرجل والمرأة لا يمكن إنكارُها، كما لا يمكن العبث بها، وبالتالي فهي تقف كعلامة استفهام كبيرة أمامَ دعاة المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة.

    ومِن هنا تمَّ التركيز على (الجندر)، أو النوع الاجتماعي؛ لأنَّه يوضِّح الفروق بين الرجل والمرأة على صعيد الدور الاجتماعي، والمنظور الثقافي والوظيفة، تلك الفروق النابعة كنِتاج لعوامل دِينيَّة وثقافيَّة، وسياسية واجتماعية؛ أي: إنها فروق صَنَعها البشر عبرَ تاريخهم الطويل، حسب مفهوم (الجندر).

    ومن هنا؛ إذا عجز البشر عن إزالة الفروق البيولوجية، فمِن الممكن إزالةُ الفروق النوعية (الجندرية) بين الرجل والمرأة، وذلك مِن خلال برامجَ تنمويةٍ تعمل على تغيير قِيمي وبنيوي داخلَ المجتمع، يكفل إزالةَ هذه الفروق.

    ومِن القضايا التي تحاول البرامجُ (الجندرية) التصدِّي لها: الوظيفة الاجتماعية للرجل والمرأة، على افتراض أنَّ الرجل يُهيمِن على المرأة، ويمارس قوَّة اجتماعيَّة وسياسية عليها ضِمنَ مصطلح المجتمع الذُّكوري، وبالتالي يجب منحُ المرأة قوَّة سياسيَّة واجتماعيَّة واقتصادية تساوي القوةَ الممنوحة للرجل في جميع المستويات حتى في الأسرة.

    وقد عَرَّفت الموسوعة البريطانية (الجندر):
    "هي شعور الإنسان بنفسِه كذَكَر أو أنثى... ولكن هناك حالاتٌ لا يرتبط فيها شعور الإنسان بخصائصه العضوية، ولا يكون هناك توافُق بين الصِّفات العضوية وهُويته الجندرية، إنَّ الهُوية الجندرية ليستْ ثابتة بالولادة؛ بل تؤثِّر فيها العوامل النفسية والاجتماعية بتشكيل نواة الهُوية الجندرية، وتتغيَّر وتتوسع بتأثير العوامل الاجتماعية، كلما نما الطفل".

    (الجندر) حسب تعريف منظمة الصحة العالمية:
    "هو المصطلح الذي يُفيد استعماله وصفَ الخصائص التي يحملها الرجل والمرأة كصِفات مركبة اجتماعية، لا علاقة لها بالاختلافات العُضوية".

    وكما جاءت في (المادة الخامسة) من (السيداو)، وهي المادة التي تطالب - وبشدة - بتغيير الأنماط الاجتماعيَّة والثقافية لدَور كلٍّ من الرجل والمرأة؛ بهدف تحقيق القضاء على التحيُّزات والعادات العُرفية.

    وقد ورد تعريف (الجندر)، حسبَ المنشور في أحد المواقع النسوية العربية على الشبكة الإلكترونية كما يلي: "النوع الاجتماعي (الجندر): يتعلق بالأدوار المحدَّدة اجتماعيًّا لكلٍّ من الذكر والأنثى، وهذه الأدوار تكتسب بالتعليم وتتغيَّر مع مرور الزمن، وتختلف اختلافًا واسعًا داخلَ الثقافة الواحدة، ومِن ثقافة لأخرى، وهذا المصطلح يشير إلى الأدوار والمسؤوليات التي يُحدِّدها المجتمع للمرأة والرجل، وهو يعني أيضًا: الصورة التي ينظر بها المجتمعُ للمرأة والرجل، وهذا ليس له عَلاقة بالاختلافات الجسديَّة (البيولوجية والجنسية).

    هذا؛ ويتمُّ تبديلُ مصطلح منْح المرأة القوَّة power بمصطلح تمكين
    empower mednt ؛ لتوصيف الأنشطة المتعلِّقة بإزالة الاختلافات الاجتماعيَّة والثقافيَّة والوظيفيَّة كافَّة بين الرجل والمرأة.
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  12. #12
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    ونحو تحقيق إزالة الفروق الوظيفية بين الرجل والمرأة، فإنَّ الأمومة تأخذ حيزًا كبيرًا عند الجندريين، فعالمة الاجتماع (أوكلي) تقول: "إنَّ الأمومة خُرافة، ولا يوجد هناك غريزة للأمومة، وإنما ثقافة المجتمع هي التي تصنع هذه الغريزة؛ ولهذا نجد أنَّ الأمومة تعتبر وظيفةً اجتماعية.

    وهنا يظهر مصطلح "الصحة الإنجابية"، وهو - حسب المنظور الجندري - ليس كالمفهوم العالمي له، والهادف إلى معالجة الإشكاليات الناتِجة من وظيفة المرأة كأمٍّ على مستوى الإنجاب، والتي قد تقف عائقًا أمام ممارستها لدَوْرها الجندري المساوي لدور الرجل، ومِن هذه الإشكاليات الحملُ والرَّضاعة، وغيرها من الوظائف الفسيولوجية للمرأة، كما أنَّ هذا المفهوم أثار ضجَّة على مستوى عِدَّة مؤتمرات بهذا الخصوص، حيث أبدتْ بعض الدول المشارِكة تحفُّظاتٍ عليه، عندما وُجِد بأنَّه يشرع الإجهاض.

    وكما جاء في التقرير الذي أعدتْه (لجنة المرأة) التابعة للأمم المتحدة؛ لمناقشته في اجتماعها المنعقِد في 12مارس2004م، الذي ناقش محورين خاصَّين باشتراك الرِّجال والصِّبية في تفعيل مساواة النوع Gender Equality ، وأيضًا استخدام اتفاقيات السلام في تفعيل مساواة النوع.

    وقد لوحظ أنَّ الترجمة العربية للتقرير لم تشتملْ على البنود الخاصة بالاعتراف الرسمي بـ(الشذوذ وحماية حقوق الشواذ)؛ بل والسعي لقَبولهم مِن قِبل المجتمع، وتشجيع الشباب على ممارسة الزِّنا والجهر به، واعتبار ذلك تعبيرًا عن (المشاعر)، ودعمًا لتعليم الممارسة الجنسيَّة بمختلف أشكالها الطبيعيَّة والشاذَّة.

    انظروا على سبيل المثال كتاب "الأسرة وتحديات المستقبل" من مطبوعات الأمم المتحدة (صفحة: 36 - 42)، وفيه يجد الباحثُ الاجتماعي أنَّ الأسرة يمكن تصنيفها إلى 12 شكلاً ونمطًا، ومنها أُسر الجنس الواحد؛ أي: أُسر الشواذ.

    وبالتالي فإنَّ ذلك نتاجٌ طبيعي لأنشطة الجندريين التي تهدف إلى إزالة الاختلافات الثقافية، والاجتماعية، والوظيفية، بين الرجل والمرأة، تحتَ شعارات المساواة، وتمكين المرأة، وتمكين الشباب...إلخ.

    هذه الدعوات والبرامج مهما كانت أهدافُها وغاياتها، إلاَّ أنَّها تتنافَى والفطرةَ التي خلق الله عليها الإنسان رجلاً وامرأة، وتصطدم - وبشكل سافر - بعقيدتنا ودِيننا الذي نؤمن به، تلك العقيدة التي ترتكز على أنَّ الإنسان الذي خَلقَه الله ربُّ العالمين مِن زوجين اثنين؛ آدم وحواء - جزءٌ من الثنائية المتناغمة في هذا الكون، والذي يحقِّق بها التوازن، والثبات والأعمار.

    هذه الحقيقة التي أقرَّها الله في شريعته، وأنزلها على أنبيائه الذين علَّموها للبشر، شرائع ونواميس تنظِّم الحياة الإنسانية، وتُحافِظ على إنسانية الإنسان الذي كرَّمه الله، وأمر الملائكة بالسجود له، وتتكفَّل له بطريق الخير والسعادة في الدنيا والآخرة؛ (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (البقرة: 136).

    هذا الدِّين الذي نؤمِن به رجالاً ونساءً جَعَل العلاقة بينهما علاقةَ مودة ورحمة وسكن، تُبنَى فيه الأُسرة التي هي النواة الأولى في بناء الفرْد والمجتمع، والدولة والأمَّة، ونؤمِن بأنَّ كل ما جاء به هذا الدِّين هو حقٌّ، وإن لم يكن لنا فيه نفع ظاهر، فإنَّ الله - سبحانه وتعالى - له فيه حِكمة قد لا ندركها كبَشَر في مكانٍ ما وزمان ما؛ قال - سبحانه وتعالى -: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) (النساء: 34)، فهم قوَّامون على النساء، ولكن بضوابط وضَعَها الشرع؛ حفاظًا على هذه المرأة، التي هي مخلوقة من مخلوقات ربِّ العالمين، حالُها كحال الرجل، فكيف يظلم الله مخلوقًا خَلَقه؟!

    فإذا كان الرجل قوَّامًا على المرأة، فإنَّ النساء كُرِّمن بسورة خاصَّة بهنّ، فيها من الضوابط والأحكام ما فيه؛ حفاظًا على كرامة المرأة وإنسانيتها، وحقوقها الاقتصادية والاجتماعية والشرعيَّة.

    هذا الدِّين الذي أقرَّ الاختلاف ليس تفضيلاً للرجل على المرأة، بل تفضيل لكلٍّ منهما على الآخر في كلِّ مجال من مجالات الاختلاف؛ قال تعالى (وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) (النساء: 32).

    هذا الدِّين الذي أقرَّ الاختلافات بين الرِّجال والنساء، ونهانا عنها تربيةً لنا رجالاً ونساء؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لَعَن الله المتشبهين من الرِّجال بالنساء، والمتشبهاتِ من النساء بالرجال)).

    وهذا الدِّين الذي أوصانا بالنِّساء خيرًا، فجعل مَن يكرمهنَّ هو الكريم، وأمرنا بالرِّفق بالقوارير، فقد كان آخِرُ كلام نبينا الحبيب - صلوات الله عليه وسلم -: ((أوصيكم بالنِّساء خيرًا)).

    فإذا كانت الدعوات الكاذبة لأصحاب الفِكر الفاسد، والقلوب الخَرِبة، والنفسيات المشوهة، ذكورًا وإناثًا، وإن حاولوا أن يُغلِّفوها بغلاف من الزيف، ويُزيِّنوها بدعوات كاذبة، وشعارات رنانة؛ بدعوى السعي للدِّفاع عن حرية المرأة، أو تخليصها مِن ظُلم يقع عليها، أو تفعيل دورها في المجتمع....إلخ، وهي دعواتٌ كاذبة، تُغطَّى بستار من الضلالة، الغاية النهائية للمروِّجين والمروِّجات لأفكار (الجندر) بكل ما يحمل من تقليعات ومسميات من جندرة اللغة، وجندرة السياسة، وجندرة الأدب، وجندرة الأُسرة، وجندرة الاقتصاد...إلخ، مما أفرزته العقلياتُ المريضة، والنفسيات المشوهة المسيطرة في مؤتمرات بِكين والقاهرة، وصنعاء وروما، من أفكار رفضتها معظمُ الدول المشارِكة في هذه المؤتمرات؛ لأنَّها تتنافَى والفطرة.

    ونرفضها نحن بقلوبنا، بعقولنا، بألسنتنا، وبكلِّ ما أوتينا من قوَّة؛ لأنها إذا كانت تتنافى مع الفطرة، فهي تصطدم بمعتقداتنا ودِيننا الإسلامي، وقِيَمِنا الأصيلة.

    وهو رفضٌ لا يحمل شبهةَ الوقوف في وجه حقوق المرأة؛ بل هو رفضٌ يحافظ على المرأة، ويضعها في المكانة السامية التي اصطفاها لها ربُّ العالمين، بأقدس رسالة، وهي الأمومة التي رفعتْ درجتَها في الدِّين والدنيا ثلاثة أضعاف درجةِ الرجل؛ ((قال: أمك، ثم مَن؟ قال: أمك، ثم مَن؟ قال: أمك، ثم مَن؟ قال: أبوك))، هذا الاصطفاء الذي لم يقف عائقًا في وجه المرأة لأن تكونَ شاعرة وفارسة وممرِّضة، فتحتَ جناح هذا الدِّين ترعرعت النِّساء، وسجلنَ للتاريخ أسمى أمثلة، وفي شتَّى المجالات، في التمريض كانت الصحابية رُفيدة، ونَسِيبة بنت كعب الفارسة، عنها يقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما التفتُّ يومَ أُحد يمينًا ولا شِمالاً إلاَّ وأراها تقاتل دوني))، وفي الطبِّ كانت الطبيبة المداوية الشِّفاء بنت عبدالله، وعلى هُدَى القرآن الكريم ودَرْب المصطفى إلى يومِنا هذا، كم مِن نَسيبة بنت كعب، وكم من الشفاء بنت عبدالله، ترعرعن في كنف أُسرة قامتْ على أساس مِنَ السكن والسكينة، وكان بين ركنيها - الرجل والمرأة - المودة والرحمة، وليس الصِّراع القائم على مفاهيمَ تناحرية مِن منطلق اعتقاد المرأة بأنَّ دورها في الأسرة عِبارةٌ عن اضطهاد لها، ويجب أن تُصارِع مضطهدَها؛ لتنتصرَ عليه، وإن لزم الأمرُ تبحث عن القوَّة والتمكين من خارج الأُسرة، والجندريون جاهزون!!

    قضية التمييز ضد المرأة والصبغة الدولية:

    أول اهتمام أخذ الطابع الدولي للمساواة بين الرجال والنساء كان في ميثاق الأمم المتحدة، الذي أبرم في سان فرانسيسكو في 26/6/1945م، والذي نص على عدم التفرقة بين الناس، بسبب الجنس. وفي عام 1948م صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي تنص المادة الثانية منه على أن: (لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولاسيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي؛ سياسياً وغير سياسي، أو الأصل الوطني، أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر).

    وفي عام 1951م أُبرمت اتفاقية المساواة في الأجور بين العمال والعاملات، ثم الاتفاقية الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة عام 1952م، ثم جاء العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية عام 1966م، فالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في نفس العام، وتلاهما الإعلان الخاص بالقضاء على التمييز ضد المرأة سنة 1967م، ثم جاء إعلان طهران لحقوق الإنسان عام 1968م؛ وجميع هذه الاتفاقيات والمعاهدات لم تكن ملزمة، كما أنها لم تُخصص للمرأة.

    ومنذ عام 1975م بدأ عقد المؤتمرات المتخصصة في قضايا المرأة، كما بدأت مقرراتها تأخذ منحى إلزامياً، فكان أول هذه المؤتمرات:
    1975: المؤتمر العالمي الأول للمرأة (مؤتمر مكسيكو تحت إشراف الأمم المتحدة للمرأة: المساواة والتنمية والسلم)، واعتمدت فيه خطة عمل للأعوام 1976- 1985م، واعتبرت الجمعية العامة للأمم المتحدة ذلك العام عام المرأة الدولي.

    1979م: اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو): خرج المؤتمرون بما يعرف باتفاقية سيداو، والتي تتضمن ثلاثين مادة، وردت في ستة أجزاء، للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، على أن يبدأ نفاذها في 3 سبتمبر 1981م. وجاءت هذه الاتفاقية لأول مرة بصيغة ملزمة قانونياً للدول التي توافق عليها؛ إما بتصديقها أو بالانضمام إليها. وحددت الأمم المتحدة العام2000م موعداً نهائياً لتوقيع جميع الدول عليها.

    وتعد هذه الاتفاقية من أخطر الاتفاقيات المتعلقة بالمرأة لعدة أسباب منها:

    - أنها تعد الدين شكلاً من أشكال التحيز ضد المرأة.
    - أن فيها رسماً لنمط الحياة في مجالاتها المختلفة سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وغير ذلك؛ بناء على الثقافة الغربية القائمة على المساواة المطلقة بين الجنسين، دون اعتبار لخصوصية أي منهما، والحرية التامة للأفراد دون مراعاة لأي قيمة خلقية، أو إنسانية.

    1983م: المؤتمر العالمي تحت إشراف الأمم المتحدة للمرأة: المساواة والتنمية والسلم في كوبنهاجن- الدنمرك.

    1985م: المؤتمر العالمي لاستعراض وتقييم منجزات تحت إشراف الأمم المتحدة للمرأة: المساواة والتنمية والسلم في نيروبي- كينيا، والذي عرف باسم: استراتيجيات نيروبي المرتقبة للنهوض بالمرأة من 1986م إلى 2000م.

    1995م: المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة في بكين- الصين، والذي تميز عن غيره من المؤتمرات بجرأته على الأخلاق، ودعوته الصريحة للحرية الجنسية (بما فيها ما يسمى زواج المثلين)، والتنفير من الزواج المبكر، والعمل على نشر وسائل منع الحمل، والحد من خصوبة الرجال، وتحديد النسل، والسماح بالإجهاض المأمون، والتركيز على التعليم المختلط بين الجنسين وتطويره، وكذلك التركيز على تقديم الثقافة الجنسية للجنسين في سن مبكرة حتى اضطرت إحدى الدول الغربية وهي السويد للتحفظ على بعض البنود.
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  13. #13
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    أما المرأة المسلمة فقد خصت بعدة مؤتمرات لتسريع تفعيل تغريبها منها:

    1. عقد مؤتمرات قمة للمرأة على مستوى قرينات رؤساء وملوك الدول العربية: وقد عقدت ثلاث قمم الأولى في القاهرة بمصر، والثانية في عمان بالأردن، والثالثة ببيروت. وقد انبثق عنها عدة مؤتمرات إقليمية ناقشت كل منها موضوعاً خاصاً، كالمرأة والإعلام، والمرأة والتعليم، والمرأة والتنمية،...إلخ.

    2. إنشاء مؤسسات خاصة بشئون المرأة على مستوى أعلى مثل: المجلس القومي للمرأة بمصر، المجلس الأعلى لشؤون المرأة في بعض دول الخليج كالبحرين وقطر.

    3. إنشاء مكتب كبير منسقي قضايا المرأة الدولية بوزارة الخارجية الأمريكية والذي تقول رئيسته إبريل بالمرلي في كلمة لها بعنوان (النساء في مجتمع عالمي): "حدد مكتبي ثلاثة مجالات عامة للسياسة سوف نستهدفها في جهودنا القادمة، وهذه المجالات هي:
    - المشاركة السياسية للمرأة.
    - المشاركة الاقتصادية للمرأة.
    - الاتصال والتواصل مع النساء في الدول التي يشكل المسلمون غالبية سكانها."

    وتلخص أهداف المكتب فيما يلي:

    - دفع عجلة مفهومات حقوق المرأة الإنسانية، وتمكين النساء ومنحهن سلطة؛ كعنصرين مهمين في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
    - دمج هذا الهدف في السياسات، وتحويله إلى جزء من مؤسساتها عن طريق الدبلوماسية العامة، وبرامج التبادل المحلية والدولية، وتدريب العاملين في السلك الخارجي( الدبلوماسي).
    - تشجيع الحرية، والأسواق الحرة، عبر برامج تروج لقضايا المرأة.
    - إنشاء تحالفات مع الحكومات الأخرى، والمؤسسات الدولية، والمنظمات غير الحكومية المحلية والخارجية، والقطاع الخاص؛ لصيانة هذه المصالح.

    وتعدد بعض إنجازاتهم فتقول: "وقد كان بعض أهم ما قمنا به حتى الآن دورنا القيادي في قضايا المرأة الأفغانية البالغة الأهمية، والتي تحظى باهتمام واسع عن طريق العمل مع الحكومة الأفغانية، وإنشاء المجلس النسائي الأمريكي - الأفغاني. وعلاوة على ذلك؛ زودنا المشرعين الأمريكيين بمعلومات حيوية - تقريرنا الشامل للكونغرس - عن دعم الولايات المتحدة للنساء والأطفال واللاجئين الأفغان".

    بجانب هذه المؤتمرات التي تخصصت في قضايا المرأة فقد عقدت الأمم المتحدة مؤتمرات خاصة بالسكان، غير أنها ناقشت بعض القضايا المتعلقة بالمرأة، وبالعقد الأممي الخاص بها، وهي:-

    "19-30 أغسطس 1974م: المؤتمر العالمي الأول للسكان ببخارست – رومانيا، وقد اعتمدت في هذا المؤتمر خطة عمل عالمية، جاء فيها:-
    - الدعوة إلى تحسين دور المرأة ودمجها الكامل في المجتمع.
    - الدعوة إلى مساواة المرأة بالرجل.
    - الدعوة إلى تحديد النسل، وتخفيض المرأة لمستوى خصوبتها.

    6-14 أغسطس 1984م: المؤتمر الدولي المعني بالسكان في مكسيكو سيتي - المكسيك، وقد جاء في هذا المؤتمر:
    - الدعوة إلى إعطاء المرأة حقوقها المساوية لحقوق الرجل في جميع مجالات الحياة.
    - الدعوة إلى رفع سن الزواج، وتشجيع التأخر في الإنجاب.
    - إشراك الأب في الأعباء المنزلية، وإشراك المرأة في المسؤولية على الأسرة!
    - الإقرار بالأشكال المختلفة والمتعددة للأسرة.
    - الدعوة إلى التثقيف الجنسي للمراهقين والمراهقات.
    - الإقرار بالعلاقات الجنسية خارج نطاق الأسرة.
    - تقديم الدعم للزناة والزواني، بتقديم الدعم المالي، وتوفير السكن المناسب لهم!

    ويبدو أن المؤتمرين لم يسمعوا بالملايين من اللاجئين والنازحين والمشردين والمرضى المعوزين ومن هم تحت خط الفقر، لذا لم يجدوا حرجاً في إحداث مصرف لدولارات المنظمات الدولية، فجعلوها في جيوب الساقطين والساقطات، بعد أن كفلوا لهم من التشريعات ما يجعلهم في عداد الآدميين، الذين تصح لهم الصدقات!

    ثم عقد في:
    5-13 سبتمبر 1994م: المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، في القاهرة - بمصر. وقد نوقشت في هذا المؤتمر قضايا شبيهة تماماً بالقضايا التي سبق ذكرها في المؤتمر الرابع للمرأة ببكين، الذي عقد بعده بعام.

    كما عقدت مؤتمرات أخرى للأمم المتحدة نوقشت فيها بعض قضايا المرأة، ومنها:
    1990م: المؤتمر العالمي لتوفير التعليم للجميع في جومتيان-تايلند، والذي تم فيه الإعلان العالمي لتوفير التعليم للجميع، وأشار هذا المؤتمر إلى أن هناك 60 مليون بنت (من بين 100مليون) محرومة من التعليم الابتدائي. كما أن ما يزيد على ثلثي الأميين بين البالغين في العالم (وعددهم 960 مليون) من النساء، وهن من سكان الدول النامية، لاسيما في أفريقيا، وبعض الدول العربية.

    1990م: مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل في نيويورك - الولايات المتحدة الأمريكية، والذي أكد على ما ورد في اتفاقية حقوق الطفل، والتي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1989م، ومن ذلك: حق الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين، والدعوة إلى سلب ولاية الآباء على الأبناء، وذلك من خلال الدعوة إلى تمكين الطفل من الحصول على المعلومات والمواد من شتى المصادر الوطنية والدولية، ولاسيما تلك التي تستهدف تعزيز رفاهيته الاجتماعية، والروحية، والمعنوية، وصحته الجسدية والعقلية. كما أكد المؤتمر على أهمية حضانة الطفل لتيسير عمل المرأة.

    1992م: المؤتمر العالمي للبيئة والتنمية في ريودي جانيرو- البرازيل، والذي دعي فيه إلى:
    - حقوق النساء في التحكم في قدرتهن على الإنجاب.
    - تحديد النسل.
    - إنشاء مرافق صحية وقائية وعلاجية لرعاية صحية تناسلية مأمونة وفعالة.
    - تحسين مركز النساء الاجتماعي والاقتصادي، ومن ذلك وضع استراتيجيات للقضاء على العقبات الدستورية، والقانونية، والإدارية، والثقافية، والسلوكية، والاجتماعية، والاقتصادية، التي تحول دون مساواة المرأة بالرجل.
    - مشاركة المرأة بصورة كاملة في التنمية المستدامة، وفي الحياة العامة.

    1993م: المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في فيينا - النمسا، أو ما يسمى إعلان وبرنامج عمل فينا، والذي حث على تمكين المرأة من التمتع الكامل- وعلى قدم المساواة - بجميع حقوق الإنسان السياسية، والاقتصادية، والقانونية، والاجتماعية، والثقافية، وغيرها من الحقوق، وأن يكون هذا الأمر أولوية من أولويات الحكومات والأمم المتحدة. كما طالب المؤتمرُ الأمم المتحدة بالتصديق العالمي من قبل جميع الدول على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بحلول عام 2000م.

    1993م: إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القضاء على العنف ضد النساء.

    1995م: مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية في كوبنهاجن - الدنمرك، والذي اعترف فيه بأشكال الأسرة المختلفة، والدعوة إلى الإنصاف والمساواة بين المرأة والرجل؛ ومن ذلك إسقاط قوامة الرجل على المرأة داخل مؤسسة الأسرة، ودعوة الرجل لتحمل الأعباء المنزلية، ودعوة المرأة للخروج للمساهمة في سوق العمل، وكذلك إزالة القيود المفروضة على المرأة في وراثة الممتلكات.

    1996م: مؤتمر الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل الثاني ) في استنبول - تركيا، والذي دعا إلى كفالة مشاركة النساء - مشاركة تامة وعلى قدم المساواة مع الرجال - في الحياة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية. والالتزام بالمساواة بين الجنسين في تنمية المستوطنات البشرية، وبإدماج الاعتبارات المتعلقة بنوع الجنس في التشريعات، والسياسات، والبرامج والمشاريع المتصلة بالمستوطنات البشرية، عن طريق التحليل الذي يراعي نوع الجنس.كما اعترف بالأشكال المختلفة للأسرة. ودعا المؤتمر إلى إجراء إصلاحات تشريعية وإدارية؛ من أجل الحصول الكامل - وعلى قدم المساواة - على الموارد الاقتصادية، بما في ذلك الميراث، والائتمان. وأكد على تنفيذ توصيات المؤتمر الرابع للمرأة في بكين 1995م.

    2000م: مؤتمر الأمم المتحدة للمرأة: المساواة والتنمية والسلام في القرن الحادي والعشرين، في نيويورك - الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تضمنت وثيقته التحضيرية ما يلي:
    - الدعوة إلى الحرية الجنسية والإباحية للمراهقين والمراهقات.
    - تشجيع جميع أنواع العلاقات الجنسية.
    - تهميش دور الزواج في بناء الأسرة.
    - إباحة الإجهاض.
    - تشجيع المرأة على رفض الأعمال المنزلية، بحجة أنها أعمال بغير أجر!
    - المطالبة بإنشاء محاكم أسرية لمحاكمة الأزواج الذين يغتصبون زوجاتهم!
    - إباحة الشذوذ الجنسي والدعوة إلى مراجعة ونقض القوانين التي تجرمه.
    - محاولة فرض مفهوم المساواة المطلقة في العمل، وحضانة الأطفال، والأعمال المنزلية، والحقوق، وغير ذلك.
    - المطالبة بإلغاء التحفظات التي أبدتها بعض الدول الإسلامية على وثيقة مؤتمر بكين 1995م.
    - وأهم هدف للمؤتمر هو: الوصول إلى صيغة نهائية ملزمة للدول بشأن القضايا المطروحة على أجندته، والتي صدرت بحقها توصيات ومقررات في المؤتمرات الدولية السابقة، تحت إشراف الأمم المتحدة.

    عقدت عدة مؤتمرات إقليمية لمتابعة توصيات مؤتمر بكين، والتمهيد للمؤتمر التنسيقي الدولي لمتابعة تطبيق قرارات المؤتمرات الدولية للمرأة، وقد عقدت عدة مؤتمرات إقليمية لتحقيق هذا الهدف:-
    نوفمبر 1999م: مؤتمر تونس، لدول المغرب العربي.

    نوفمبر 1999م: المؤتمر النسائي الأفريقي السادس في أديس أبابا- إثيوبيا، نظمه المركز الأفريقي التابع للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية.

    مارس 2000م: مؤتمر المرأة الخليجية في البحرين والذي نظمته جمعية فتاة البحرين تحت شعار (الفرص، والمعوقات، والأدوار المطلوبة).

    مارس 2000م: بكين+5 في نيويورك- الولايات المتحدة، وقد أدخلت فيه بعض التعديلات على وثيقة مؤتمر بكين".

    8-10يوليو 2004م: المنتدى الإقليمي العربي: دعوة للسلام في بيروت- لبنان، وقد نظمته المفوضية الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) التابعة للأمم المتحدة، ودعت له أكثر من 400 امرأة عربية بين وزيرة، وبرلمانية، وعضوات في مجالس الشورى، وممثلات لجهات غير حكومية، بالإضافة لبعض الشخصيات الدولية التي من شأنها إثراء الحوار، والاتحادات المتخصصة، والمنظمات غير الحكومية التي تنتمي للجنة الاستشارية للإسكوا، والمانحين، ومراكز البحوث، والمتخصصين في قضايا المرأة، وقد نظمت فيه أربع دورات:
    - دورة للبرلمانيات لمناقشة دور المرأة في التشريع والحياة السياسية.
    - دورة للوزيرات والتنفيذيات لمناقشة دور المرأة في الحياة العامة.
    - دورة للمفكرات والإعلاميات لمناقشة دور المرأة في التعليم والإعلام.
    - دورة لممثلي المنظمات المدنية بما فيها الاتحادات والروابط والأحزاب السياسية لمناقشة دور المرأة السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المجتمع المدني.
    وقد ضمنت توصيات هذه الدورات ضمن مقررات إعلان بيروت.

    أغسطس 2005م: بكين+10 للتضامن من أجل المساواة بين الجنسين، والتنمية، والسلام في بكين- الصين، والذي أمه ممثلون للحكومات، والمنظمات غير الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني. خرج المجتمعون بإعلان بكين + 10 الذي شدد على ضرورة الإسراع في تنفيذ إعلان بكين وبرنامج العمل المصاحب له، وإعلان الألفية، والأهداف التنموية للألفية، وسيداو.
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  14. #14
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    بعد كل هذا لعاقل أن يسأل: أحقٌّ ما يزعمه هؤلاء من أن الانتصاف للمرأة، وانتزاع حقوقها، ومحاربة العادات والتقاليد التي تجور عليها، هو الدافع وراء كل هذه المؤتمرات والندوات، وورش العمل ، والمنظمات، والمفوضيات أم أن قضيتها مجرد (ساتر) لتحقيق مآرب أخرى؟

    ولم تتعامى هذه المؤتمرات عن النتائج الوبيلة لدعاوى التحرير في كثير من بلاد الله؟

    ولم تسعى لفرض نمط واحد على كل المجتمعات، رغم اختلاف مشكلات النساء فيها؟

    ولم لا تراعي الفروق الثقافية والدينية بين المجتمعات، في تحديد ما يعتبر ظلماً، وما يعتبر واجباً دينياً، ما دامت نساء ذلك المجتمع يدنَّ بذلك الدين؟

    ألا يعد فرض ثقافة واحدة على كل العالم إرهاباً حضارياً، وتمييزاً ثقافياً؟

    بإمكاننا أن نقول: إن كل مؤتمر من هذه المؤتمرات، وما يترتب عليه من مقررات ما هو إلا خطوات في طريق تغريب المجتمعات كافة، وحملها على تبني الثقافة الغربية في شتى مناحي الحياة بالترغيب تارة، وبالترهيب تارات. وهي بذلك غزو صريح يستهدف الدين والثقافة، وأقل ما يجب على المسلم والمسلمة تجاهه أن يعرفا ما يراد بهما، ويسعيا لصده بتوعية أبناء أمتهما ما استطاعا إلى ذلك سبيلا، وبث الثقافة الإسلامية في صفوف المجتمع ليستمسك بدينه على هدى وبصيرة فلا تصده عنه شبهة، وتربية الأجيال على الاستمساك بحبل الله فلا ترضى بالحياة إلا في ظل الإسلام.

    إتفاقية سيداو

    بدأت المخططات الدولية المتعلقة بالمرأة منذ عام 1949م. مع أول المؤتمرات العالمية الذي جاء يدعو إلى عدم التمييز بين الناس جميعاً، ليس فقط بين النساء والرجال بل أيضاً بين العبيد والأحرار، ففكرة المؤتمرفى ذلك الزمان مقبولة تقوم على إثبات حق الناس في التساوي في الكرامة والحقوق وغيرها .

    "تتطلب الاتفاقية من الدول الأعضاء اتخاذ جميع التدابير المناسبة لتغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة للقضاء على الممارسات والعادات العرفية القائمة على الأفكار الدونية أو الفوقية لأحد الجنسين أو على الأدوار النمطية للمرأة."بمعنى آخر أنها تدعو إلى عدم التمييز بين المرأة والرجل في مجالات العمل، فالمرأة تستطيع أن تقوم بكل الأعمال التي يقوم بها الرجل، مهما كانت شاقة، مما يعطيها الحق أن تحصل على فرص التوظيف والأجر نفسها التي يحصل عليها الرجل
    وفى المجال الصحي ومن الأساليب التي اعتمدتها الاتفاقية من أجل العمل على خفض خصوبة النساء وبالتالى الحد من الانجاب المتكرر ادراج ما يسمى ببرامج الصحة الانجابية والتى للاسف الشديد دخلت لكل البلاد على انها برامج صحية باسماء رنانة خصوصا ما يسمى بالامومة الآمنة او السالمة والتى تدعو الى حصر عدد الولادات للامهات على اقل عددية ممكنة والسعى الى تقديم خدمات موانع الحمل المختلفة على اوسع مجال ممكن بكافة اشكالها بما يسمى بالجنس الآمن _ آمن من الأمراض التناسلية و الإيدز والحمل غير المرغوب فيه _ وللاسف الشديد لأى إمرأة كانت مراهقة , متزوجة ’ ارملة , عازبة .. حتى تكون فى امان من الحمل غير المرغوب فيه خصوصا ً للامهات المراهقات والعازبات والذى ينتج عن طريق الزنا ((لا تعتبر اتفاقية التمييز الزنى أمراً مشيناً على المرأة إلا في حالة حصل الأمر بالإكراه ، أما إذا حصل الأمر برضى الطرفين، فهو حق مشروع ومطالب به لتعلقه بالحرية الشخصية للأفراد، ويظهر دعم الاتفاقية للزنى بدفاعها عن حقوق المراهقين الجنسية وما يتعلق بها من حرية في الممارسة دون رقابة الأهل، وبحقهم في الحصول على المعلومات والخدمات التي تساعدهم على فهم حياتهم الجنسية، والتي تحرص مثل هذه الاتفاقيات على حمايتها من جهة، ولكونه يساعد على منع الزواج المبكر الذي تدعو الاتفاقية إلى تجنبه . )) و الذى ينتج عن طريق الزواج العرفى المنتشر حاليا الذى احل لهم كبديل للزواج المبكر . كما توجد أجندة اخرى للصحة الانجابية بجانت الجنس الآمن كإباحة الاجهاض وتقنينه وجعله حق من حقوق المرأة بمسمى الاجهاض الآمن .
    إن الهدف المستتر للدعوة إلى تحديد النسل هو الحد من تكاثر السكان في الدول النامية تكاثراً كبيراً يؤدي في المستقبل إلى تكوين كتلة بشرية كبيرة يمكن أن تقلب موازين القوى وتشكل خطراً على الدول الكبرى المسيطرة على زمام العالم.

    أما المجال القانوني فإنه يطالب بإعطاء المرأة الأهلية القانونية المماثلة لأهلية الرجل، مما يجعلها تستطيع مباشرة عقودها بنفسها ومن بين هذه العقود عقد الزواج الذي كما هو معلوم هو من العقود المدنية في الغرب، والمقصود بذلك طبعاً التشريعات الدينية التي تفرض الولاية في الزواج وتجعل شهادة المرأة كشهادة رجلين في بعض الحالات , و إبطال حكم الإسلام في قسمة الميراث بين الذكر والأنثى، محاولين بذلك إلغاء تشريع سماوي وارد ومفروض في قوله تعالى : (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيباً مفروضاً ) ، كما أنهم يحاولون إلغاء التحديد الشرعي لهذا النصيب الذي بيَّنه الله تعالى بقوله : ( للذكر مثل حظ الأنثين ) .
    ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن قاعدة التنصيف في الإرث التي يعترض عليها البعض ليست قاعدة مطردة ، لأن هناك حالات يتساوى فيها الذكر والأنثى كما في حال تساوي نصيب الأب وهو مذكر مع نصيب الأم وهي أنثى في ميراث ابنهما إضافة إلى أن هناك بعض حالات يتجاوز فيها نصيب المراة نصيب الرجل.
    يذكر أن مئة وستا وثمانين دولة صدقت على اتفاقية سيداو، أما أكبر الدول التي لم تصدق حتى الآن إيران , سويسرا والصومال والسودان والولايات المتحدة.

    مؤتمر بكين .. خطوات نحو الوراء

    نبذة تاريخية:

    وثيقة بكين الخاصة بالمرأة هي وثيقة تدعو إلى فتح الطريق على مصراعيه للإباحيّة الجنسيّة ، وإطلاق الحرية التامة للحمل خارج إطار الزواج والإجهاض وزواج المثليين، وهدم الأسرة بأركانها الفطرية.

    إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تم إرساؤه عام 1948م يمثل البذرة الأولى لمرجعية "أيدلوجية المرأة الجديدة" التي طرحت موضوع "الأسرة والمرأة قضية عالمية" منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، لكن ضجيج القضايا السياسية والاقتصادية على دول العالم الثالث في هذا الوقت غطّى على الجانب الاجتماعي والثقافي المتصل بالأسرة والمرأة والأحوال الشخصية؛ فمنذ عام 1950م حاولت الأمم المتحدة عقد الدورة الأولى لمؤتمراتها الدولية حول المرأة والأسرة بعنوان " تنظيم الأسرة"، لكن الحكومة المصرية في العهد الملكي قاومته بقوة، وأخفق المؤتمر الذي كان يترأسه ماركسيٌّ صهيوني، ثم عاودت الأمم المتحدة مرة ثانية تطلعها في بناء المرجعية النسوية الجديدة، فعقدت مؤتمراً في المكسيك عام 1975م، ودعت فيه إلى حرية الإجهاض للمرأة، والحرية الجنسية للمراهقين والأطفال، وتنظيم الأسرة لضبط عدد السكان في العالم الثالث، وأخفق هذا المؤتمر أيضاً، ثم عُقد مؤتمر في "نيروبي" عام 1985م بعنوان: "استراتيجيات التطلع إلى الأمام من أجل تقدم المرأة" ثم كان مؤتمر القاهرة للسكان والتنمية الذي عُقد في سبتمبر 1994م، وأخيراً كان مؤتمر المرأة في بكين الذي عُقد عام 1995م تحت عنوان: "المساواة والتنمية والسلم"، وهو المؤتمر الذي ختمت به الأمم المتحدة القرن الماضي، وانتهت إلى الشكل النهائي للمرجعية الجديدة والبديلة التي يُراد فرضها على العالم والتي تهدف بكلمة واحدة إلى "عولمة المرأة". وتعتبر جميع المؤتمرات السابقة إرهاصات حقيقية لما يصبون إليه من رسم أيدلوجية موحّدة للمرأة في جميع أنحاء العالم .. ثم كانت الولادة لطفلهم الأشقر الجميل(مؤتمر بكين) الذي طالما قد حلموا به وهاهم في طور الاعتناء البالغ فيه حتى يكبر ويترعرع ويفرضوا سيادته على العالم .

    أبرز دعوات مؤتمر بكين :

    وبعد هذه اللمحة التاريخية الخاطفة فما أبرز أفكار "مؤتمر بكين"؟ بعد العودة إلى نص الوثيقة الختامية لمؤتمر بكين، والوثيقة المعدّة لمؤتمر بكين والتي تقع في (177) صفحة و (362) مادة تجد الوثيقة تدعو إلى نزعات متعددة وتتضمن هذه النزعة فرض فكرة حق الإنسان في تغيير هويته الجنسية ( من ذكر إلى أنثى ومن أنثى إلى ذكر أو أن يختار أن يكون بينهما؛ لأن الوثيقة تقرّ الاعتراف بالشواذ) ولك أن تتخيل ما يتبع ذلك من تغيير في الأدوار المترتبة على الفرد، ومن ثَمَّ الاعتراف رسمياً بالشواذ والمخنثين، والمطالبة بإدراج حقوقهم الانحرافية ضمن حقوق الإنسان، ومنها حقهم في الزواج وتكوين أسر، والحصول على أطفال بالتبني أو تأجير البطون .

    وتطالب الوثيقة بحق المرأة والفتاة في التمتع بحرية جنسية آمنة مع من تشاء وفي أي سن تشاء، وليس بالضرورة في إطار الزواج الشرعي، مع تقرير الإباحية الجنسية، وإلزام جميع الدول بالموافقة على ذلك، مع المطالبة بسن القوانين التي يُعاقب بها كل من يعترض على هذه الحرية، حتى ولو كان المعترض أحد الوالدين، وهذا استدعى كذلك الدعوة لتقليص ولاية الوالدين وسلطتهما على أبنائهما، حتى ولو كانت تلك الممارسات في داخل البيت الذي تعيش به الأسرة، فللفتاة والفتى أن يرفع الأمر إلى السلطات التي ستلزم بسن قوانين تعالج أمثال هذه الشكاوى؛ فالمهم هو تقديم المشورة والنصيحة لتكون هذه العلاقات (الآثمة) مأمونة العواقب سواء من ناحية الإنجاب أو من ناحية الإصابة بمرض الإيدز .
    وتطالب الوثيقة الحكومات بالاهتمام بتلبية الحاجات التثقيفية والخدمية للمراهقين ليتمكنوا من معالجة الجانب الجنسي في حياتهم معالجة إيجابية ومسؤولة، وتطالب بحق المراهقات الحوامل في مواصلة التعليم دون إدانة لهذا الحمل السِّفَاح، فالوثيقة تدعو إلى سن قوانين للتعامل مع حمل السّفاح، لتكون وثيقة دخول الحامل للمستشفى هو كونها حاملاً دون أدنى مساءلة حول حملها بغير زوج، ثم تخيير الفتاة بين رغبتها في الإجهاض، أو إن شاءت أن تبقيه فتلزم سلطات الرعاية الاجتماعية برعايتها، وإن لم ترد تربيته فتدفع به لدور الرعاية

    تحليل لعبارات الوثيقة :
    ولا تتحدث "وثيقة بكين" عن الزواج من حيث إنه رباط شرعي يجمع الرجل والمرأة في إطار اجتماعي هو الأسرة؛ وإنما ترى أن الزواج المبكر يعوق المرأة، ومن ثَمَّ فهي تطالب برفع سن الزواج وتحريم الزواج المبكر.
    وبالتأمل والتحليل لبعض ألفاظ الوثيقة نجدها تخاطب المرأة الفرد، وليست المرأة التي هي نواة الأسرة؛ فالمرأة العاملة هي المرأة المعتبرة. أمَّا المرأة العاملة داخل البيت ـ ربة الأسرة ـ فيُنظر إليها باعتبارها متخلفة وخارج السياق الدولي الجديد؛ لأنها لا تمارس عملاً بمقابل، ولأنها ربطت نفسها بالزوج والأولاد والأسرة، ولذا فعبارة: "الأمومة" لم ترد سوى ست مرات؛ بينما كلمة "جندر" والتي تعني نوع جاءت ستين مرة، وجاءت كلمة "جنس" في مواضع كثيرة جداً.

    وأما كلمة "الزَّوج" لم تذكر ولا مرة، لأن الوثيقة لا تعترف بالزواج وتعتبره جناية على المرأة، وتسمي العملية الجنسية بين الزوجين بـِ (الاغتصاب الزوجي ( وذُكر بدلاً من "الزوج" كلمة أوسع وأعم Partner ، أي الزَّميل أو الشَّريك؛ فالعلاقة الجنسية علاقة بين طرفين تدين لكل منهما استقلاليته الجنسية، والحقوق الإنجابية حقوق ممنوحة للأفراد والمتزوجين على السواء .

    ولم ترد كلمة "الوالدين" إلا مصحوبة بعبارة "أو كل من تقع عليه "مسؤولية الأطفال مسؤولية قانونية" في إشارة إلى مختلف أنواع الأسر المثلية ( ذكر وذكر أو أنثى وأنثى أو حتى الشواذ)؛ لأن الوثيقة تعترف بهذه الأسر المثلية وتدعو إليها.
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  15. #15
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    والمثير أن تستخدم الوثيقة كلمة (المساواة) للتعبير عن إزالة الاختلافات بين الرجل والمرأة حتى ولو كانت اختلافات بيولوجية، وتستخدم (التنمية) للتعبير عن الحرية الجنسية والانفلات الأخلاقي، وتستخدم كلمة (السلم) لمطالبة الحكومات بخفض نفقاتها العسكرية، وتحويل الإنفاق إلى خطط التخريب والتدمير للأيديولوجية النسوية الجديدة؛ إذ تلزم مقررات بكين الحكومات المحلية بتنفيذ الأهداف الاستراتيجية للنظام العالمي الجديد فيما يتصل بإقرار الأيديولوجية النسوية الجديدة، وذلك بمساعدة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي .

    هذه هي المفردات الجديدة والمقررات التي يسعى النظام العالمي الجديد لفرضها أيديولوجية كونية على العالم. وبالطبع فإنه يستهدف من وراء ذلك ضرب مواطن القوة في الحضارات المختلفة معه .

    كيف تعامل العالم مع الوثيقة ؟
    إن من يتأمل في تلك المقررات بعين العقل والبصيرة فإنه لا يكاد يصدق أنه يوجد ثلاثة أشخاص من البشر قد يتفقون عليها ويقرونها لشناعتها وخطرها، بل لو حُدثنا عن أنها في أمة سابقة لاعتبرناها أمراً عجباً، والمرء يعجب أعظم العجب عندما يتيقن أن تلك المقررات والدعوات تتداعى دول عدة لإقرارها ... دولٌ نالت حظاً كبيراً من فهم السنن الكونية في هذه الحياة ... وهاهم يشاهدون أعظم العبر وأبلغ النذر في خطئهم، و خطر دعواتهم الإباحية بما رأوه من الأرقام المتصاعدة لصرعى الأمراض الجنسية التي أُعيوا أن يجدوا لها طباً أو شفاءً ...
    فكيف تعمى بصائرهم عن وهاد السفاح و مزالق مخالفة الفطرة ؟!
    ولكن ذلك العجب يتلاشى حين نتأمل قول أصدق القائلين وأحكم الحاكمين والخبير بما في صدور العالمين؛ إذ قال سبحانه: (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً) )سورة الفرقان:44( وإنه لعارٌ على الإنسانية إلى قيام الساعة أن يكون فيهم من تُبجل إنجازاتهم وتُعدد مخترعاتهم مما فتح الله به عليهم ثم ينتكسون تلك الانتكاسة الكبرى في هـدم الأخلاق وإلغاء الكرامة الإنسانية وإهدار معالمها .
    والطامة الكبرى أن وثيقة بكين التي أصبحت "مقررات بكين" وقّعت عليها (183) دولة لتصبح أساس المرجعية الكونية البديلة، والتوصيات والوثائق التي توقع عليها الـدول والحكومات الأعضاء في الأمم المتحدة تعتبر ملزمة لها، كما أن الأمم المتحدة تقوم بكل هيئاتها ومؤسساتها بتنفيذ ما جاء في توصيات هذه المؤتمرات الدولية ووثائقها، بما في ذلك المراقبة والمتابعة لمدى التزام الدول والحكومات بها، كما أن المنظمات غير الحكومية الممثلة في الأمم المتحدة تمثل قوة ضغط في دولها لمراقبة التزام هذه الدول بقرارات الأمم المتحدة وتوصياتها ومتابعة ذلك.
    ولا تكتفي الأمم المتحدة بذلك وإنما تعقد مؤتمرات مع الأطراف الحكومية والمنظمات غير الحكومية كل سنة أو سنتين باسم مؤتمر السكان أو التنمية أو غيرها من الشعارات البرّاقة، وذلك للتأكد من الالتزام الحكومي بالمرجعية الكونية البديلة والخضوع للنظام العالمي الجديد، أي أن هناك آلية دولية لها طابع الفرض والإلزام والمتابعة تتدخل في الشؤون الداخلية للدول لتطلب منها الالتزام بما وقّعت عليه، وهذه الآلية يمكن أن تمارس الإرهاب بفرض العقوبات الدولية على الدول التي ترى الأمم المتحدة أنها غير ملتزمة، كما أن هذه الآلية تمارس الإغراء بمنح معونات أو قروض أو ما شابه، إذا التزمت بمقررات الشرعية الجديدة .

    الإسلام عائق في تنفيذ الوثيقة :
    كما أن خطر هذه الأيديولوجية البديلة يتمثل أيضاً في اقتحام مناطق كان يُنظر إليها باعتبارها خاصة أو شخصيـة، ويُنظّم أوضاعها بشكل أساسٍ الدين والتقاليد والأعراف المحلية والثقافات الخاصة، أي أن الاقتحام والهدم لهذه الأيديولوجية ينال مناطق متصلة بالهوية والثقافة والوجود، وهي محور الكيان الإنساني والوجود البشري، ويقف وراء هذه الأيديولوجية فكر شيطاني يريد أن يجعل من الأخلاق فوضى ومن الفاحشة شيوعاً وذيوعاً .

    وبالنسبة للحضارة الإسلامية فلا يزال الدين الإسلامي يمثل مرجعية للناس ونظاماً لحياتهم خاصة في مسائل الأسرة والأحوال الشخصية وفي مسائل الفكر والثقافة والاعتقاد، وهو ما يزعج الأمم المتحدة والغرب؛ إذ إن المسلمين يمثلون ملياراً ونصف مليار نسمة تقريباً، والعالم الإسلامي بإمكاناته وثرواته وأهله يهدد النظام العالمي الجديد بفقدان سيطرته عليه ما بقي الإسلام حاكماً للجوانب الاجتماعية والثقافية وللهويّة؛ ولذا لا بد من تسديد الضرب إلى الصميم للقضاء على الهوية الإسلامية، وعلى النظم الاجتماعية التي أثبتت أنها القلعة التي حمت العالم الإسلامي من السقوط والانهيار، وهكذا فإن الصراع مع الغرب انتقل من السياسي والاقتصادي إلى الديني والثقافي والاجتماعي المتصل بالهوية والوجود؛ وهو ما يتطلب وعياً جديداً وأدوات جديدة؛ كما يتطلب يقظة ومقاومة في صميم الأيديولوجية وتستمد الأيديولوجية الجديدة جذورها الفكرية من الماركسية الحديثة حيث تعتبر أن خطأ الماركسية القديمة هو اللجوء إلى الأساليب الاقتصادية لبناء مجتمع "لا طبقي"؛ بينما ترى الأيديولوجية الحديثة أن اللجوء إلى الأسالـيـب الاجـتماعية هو السبيل الوحيد لمجتمع خالٍ من الطبقات والميول الطبقية، وتمثل "الأسرة" والأمومة في نظر "الماركسية الحديثة" تمثل السبب وراء نظام طبقي جنسي يقهر المرأة لا يرجع إلا لدورها في الحمل والأمومة .
    وتمثل توصيات المؤتمرات الدولية والمعاهدات والاتفاقيات العالمية المرجعية العالمية الجـديـدة التي يمكن وصفها بأنها "أيديـولوجية نسوية" لها قوة الأيديولوجيات السياسية التي عرفها القرن الماضي ثم انهارت وخبت وماتت .
    وكما كان يحدث بالنسبة للأيديولوجيات السياسية والفكرية فإن الأيديولوجية النسوية الجديدة يُراد لها أن يكون معتنقوها في كل العالم وفي كل الدول والشعوب وفي كل الأعمال؛ فإنها الوسيلة الجديدة لغزو العالم وشعوبه، وهي الدين الجديد الذي يُراد للعالم أن يتوحّد خلفه ويدين به، ويريد أن يفرض هذا الدين والأيديولوجية بالقوة على العالم كله بحيث تكون هناك قوة عالمية واحدة ومرجعية كونية واحدة وإنسان عالمي واحد، وتنهار كل الحدود والقيود والحصون أمام هذه القوة العالمية الجديدة والمنفردة بحيث تصبح إرادتها ورغباتها ومصالحها مُسلَّماً بها ومُرحَّباً بقدومها بلا أي عوائق من الدين أو اللغة أو اللون أو الجنس أو القومية أو الثقافة.
    أي أن المرجعية الكونية الجديدة هي بديل لكل ما عرفته الأمم والأجناس البشرية مـن ثقافات وتاريخ وصراعات وأفكار؛ بحيث يغدو كل هذا ذكرى بلا قيمة ولا معنى، وتصبح القيمة والمعنى في المرجعية الكونية البديلة والجديدة التي يتحوَّل فيها البشر جميعاً عبيداً للإله الذي قررها، وهو النظام العالمي الجديد.

    الشرائع السماوية ترفض الانحلال :
    ومع تقديم الوثيقة وإلزام الدول بتنفيذها فهم على علم تام بما سيحدث لها من معارضات؛ فقد ربطوا هذه الانحرافات التي يُروّجون لها بالديمقراطية والازدهار، وذكروا أنهم سيُجابهون أياً من "رجال الدين" ممن تسوِّل له نفسه الاعتراض على هذه المطالب، أو رفض تعديل التَّعاليم الدِّينية كي تتماشى مع مخططهم؛ ولذلك فقد أشارت الوثيقة بوضوح إلى أن الدين يقف عائقاً أمام تحقيق هذه المقررات، فناشدت الوثيقة المؤسسات الدينية لكي تساعد على تحويل مقررات مؤتمر بكين إلى واقع بمعنى أن تصبح المؤسسات الدينية إحدى أدوات المرجعية الكونية الجديدة التي يتبناها النظام العالمي ويسعى لفرضها على العالم
    وأما عن ردات الفعل الدينية فقد حدث ما تنبأت به الوثيقة؛ لأن كثيراً مما أتت به وثيقة بكين لا يقرّ به العاقل وجميع الشرائع السماوية ترفضه تماماً.
    فالأزهر الشريف أبدى رفضه لمقررات المؤتمر، بل وحتى الكنيسة الشرقية والفاتيكان انزعجوا من المؤتمر واعترضوا على بنوده، وقد صدر بشأنه قرار من المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – ومما ذكر ابن باز في بيانه بعد أن تحدّث أنه اطلع عليه كاملاً وعلى مقرراته فقال:" والآن يأتي مؤتمر بكين، وقد تبنّت مسودة الوثيقة المقدمة للمؤتمر من الأمانة العامة لهيئة الأمم المتحدة على مبادئ كفرية، وأحكام ضالّة في سبيل تحقيق ذلك، منها: الدعوة إلى إلغاء أي قوانين تميز بين الرجل والمرأة على أساس الدين، والدعوة إلى الإباحية باسم: الممارسة الجنسية المأمونة، وتكوين الأسرة عن طريق الأفراد، وتثقيف الشباب والشابات بالأمور الجنسية، ومكافحة التمييز بين الرجل والمرأة، ودعوة الشباب والشابات إلى تحطيم هذه الفوارق القائمة على أساس الدين، وأن الدين عائق دون المساواة... إلى آخر ما تضمنته الوثيقة من الكفر، والضلال المبين، والكيد للإسلام وللمسلمين، بل للبشرية جمعاء، وسلخها من العفة، والحياء، والكرامة؛ لهذا فإنه يجب على ولاة أمر المسلمين، ومن بسط الله يده على أي من أمورهم- أن يقاطعوا هذا المؤتمر، وأن يتخذوا التدابير اللازمة لمنع هذه الشرور عن المسلمين، وأن يقفوا صفاً واحداً في وجه هذا الغزو الفاجر، وعلى المسلمين أخذ الحيطة والحذر من كيد الكائدين، وحقد الحاقدين" ا.هـ
    وقد قامت اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل بإصدار تقرير يوضح التصور الإسلامي لما ورد في "وثيقة بكين" وسُمي بـ "التقرير البديل"، وهو يرفض إجمالاً: كل ما يدعو إلى الحرية الجنسية والإباحية، وكل أنواع العلاقات الجنسية خارج إطار الأسرة، وكان لهذا التقرير أصداء واسعة خاصة بعد أن تمّ توزيعه في بعض المؤتمرات التي عُقدت وطرحت الرؤية الإسلامية للمرأة بشكل جلي واضح، وكيف أن الإسلام حفظ لها كامل حقوقها ورفعها عن الدنس والرجس .

    وها هو العالم الغربي في أوروبا يواجه حالة من العقم، إذ أدّى الانحلال الأخلاقي والشذوذ إلى عدم تعويض الأجيال العجوز بأجيال جديدة من المواليد، كما أن مؤسسة الأسرة تواجه الانقراض هناك، حيث ترتفع نسب الطلاق والامتناع عن الزواج، كما ترتفع نسبة الأولاد غير الشرعيين، وترتفع نسب الإلحاد، والمثير أن ذلك كله يتناسب تناسباً طردياً في حالة الدول ذات الوضع الرفاهي الأعلى، وفي أمريكا حيث يتمرد المهاجرون من آسيا والشرق الأوسط ودول أمريكا اللاتينية على برامج تنظيم الأسرة، وهو ما يحافظ على إبطاء شيخوخة المجتمع الأمريكي، وأظن أن الدمار الذي أصاب الغرب يريد أن يشاركه فيه العالم كله خاصة المسلمين
    إذن:
    إن الإنسان: الرجل، والمرأة، والأطفال، والأسرة هم المقصودون بالهجمة العالمية الجديدة وهم المقصودون بالمرجعية الكونية البديلة للنظام العالمي الجديد، وعلى عالمنا الإسلامي أن ينتفض ويستيقظ؛ فإن وجودنا مرتـبــط بمدى ارتباطنا بكلمة: "مسلمين" اسماً وفعلاً؛ وإلاَّ فالاستبدال كما قال ـ تعالى ـ: (وإن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ). )سورة محمد: 83(.
    وما ينبغي علينا أن نفعله لمواجهة هذا الخطر الذي يهدّد كياننا الأسري يتلخّص في: إعطاء المرأة كامل حقوقها التي منحها إياها الإسلام، والنظر إليها نظرة الإسلام الصحيحة؛ فالقصور الموجود حالياً في مجتمعاتنا الإسلامية هو الذي أوجد فيها ثغرات نفذوا إلينا من خلالها، وإنها مسؤولية دينية علينا نحن المسلمين،وهي المبادرة تجاه الإنسانية لإنقاذها من هذا التيه والانفلات والفوضى الجنسية التي تفرضها عليها الصهيونية العالمية؛ فنحن لو أنصفنا المرأة، وأعطيناها كامل حقوقها في الإسلام نكون قد أعطينا للإنسانية النموذج الأمثل الذي يُحتذى به .
    وفي هذا السياق فإن الجدير بأمة الإسلام أن تفيق من غفوتها، وتقوم من كبوتها، وألاّ تغتر بتلك الدعوات الآثمة، وأن تحذر من أن يُمّرر عليها ذلك من خلال الوسائل الإعلامية التي تخدم توجهات تلك المؤتمرات عبر زمرة الفن الرخيص وتجار الغرائز، وليحذر أولئك المهرولون في ركابهم من أن يكونوا شؤماً على أمة الإسلام بما قد تتلقفه قلوبهم من تلك الأباطيل؛ فيوحي إليهم الشيطان بإحلاله في بلاد الإسلام، وخاصة وسائل الإعلام في بلاد الإسلام والإعلاميين والمثقفين الذين يرومون التحديث والتجديد؛ فإن كثيراً منهم قد طالت معاناة الأمة من إفكهم و تلبيسهم وهرطقاتهم التي يتلقفونها من الشرق والغرب، ويودّون إحلالها بين المسلمين بدلاً من شريعة رب العالمين بدعواتهم التي راموا من ورائها تغريب الأمة وتغريرها، وعمدوا من خلالها لتحريض المرأة ودعوها لنبذ العفة والفضيلة، وتباكوا على المتمسكين بالوحيين ورموهم بالتهم والأباطيل، والتي بدت في كتاباتهم، وفي لحن القول مما تنطق به أفواههم، فالعودة العودة إلى حياض النجاة، والتمسك بشرع خالقنا فبه فلاحنا ونجاحنا بإذن ربنا .

     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  16. #16
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    ماذا حدث في مؤتمر ( بكين + 15 ) ؟!

    يقول البرفيسور" ريتشارد ويلكنز- رئيس المركز الدولي للسياسات الأسرية" : ( إنّ المجتمع الغربي قد دخل دوامة الموت ، ويريد أن يجرّ العالم وراءه ) ، الأمر الذي يتضح جلياً من خلال ما تنادي به الاتفاقيات الدولية من شعاراتٍ لمصطلحاتٍ براقةٍ في حين أنّ مضامينها تدخل في الدوامة التي أشار إليها البرفيسور ريتشارد

    ومن هذه المصطلحات " المساواة التامة بين الرجل والمرأة ، تمكين المرأة ، التمييز ضد المرأة ... " حيث تسعى هيئة الأمم المتحدة جاهدة لجعل هذه الاتفاقيات مرجعية عالمية موحدة ، متجاهلة بدورها الأديان ، والقيم ، وفي هذا الشأن عقد مؤتمر ( بكين +15 ) في الفترة من 1-12 مارس 2010م ، حيث تمَّ في بدايته اعتماد الإعلان السياسي من قبل لجنة مركز المرأة ، والذي تتعهد فيه جميع الوفود الرسمية بالتطبيق الشامل لاتفاقيات المرأة ، وفي مقدمتها ( اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة – سيداو ) ، التي صادقت عليها جميع الدول بما فيها العربية والإسلامية باستثناء السودان و أمريكا وإسرائيل ! مما يوحي بازدواجيةٍ صارخةٍ للمعايير ، فما تنادي به أمريكا عبر هذه الاتفاقيات وتلزم به جميع الدول لا تصادق عليه كونه يتعارض مع ثقافتها !
    ولعلي أوجز أخطر ما جاء في التقرير فيما يلي :

    1. الإصرار على تطبيق مساواة الجندر ( Gender Equality ) الذي يعني إلغاء كافة الفروق بين الرجل والمرأة ، ويشمل الفروق في الأدوار ، والتقنينات ، كما يشمل الاعتراف بالشواذ ومنحهم كافة الحقوق من باب المساواة ! ، وإدماج منظور الجندر في التعليم من خلال برامج تعليم الجنس التي تشمل الممارسات الشاذة باعتبارها آمنة ! ويعود أصل هذه الكلمة لامرأة صهيونية تدعى " بالا بندوك " ، وهي أول من طالب بنشر الشذوذ والاعتراف به في الكونجرس ، وقد راوغت الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي في طرح مفهوم الجندر ، من خلال رفضها لتعريف مصطلحه ، وقامت بترجمته ترجمةً مغلوطةً في النسخ العربية إلى المساواة بين الجنسين - والأمم المتحدة كما هو معروف لا تعترف إلا بالنسخة الإنجليزية فقط - وإذا ما انتشر المصطلح وتمّ تداوله انتقل إلى المرحلة الثانية وهي التعريف الحقيقي له وتطبيقه .

    2. اعتبار اتفاقية ( السيداو ) الإطار العام لتعريف حقوق الإنسان للمرأة ، والمطالبة الصريحة والملحة بالتساوي المطلق في التقنينات الخاصة بالأسرة في الزواج ، والطلاق ، والميراث ، وجميع الأحكام المتعلقة بالأسرة ، حيث تعد هذه المطالبة وسيلة ملتوية للالتفاف على التحفظات السابقة التي وضعتها الدول بعد مصادقتها على اتفاقية السيداو ، وذلك من خلال إعادة صياغة البنود المتحفظ عليها على شكل بنود جديدة في الوثائق السنوية الجديدة ! ( الفقرات 287-289-295).

    3. الإلحاح الشديد على ضرورة تقديم خدمات الصحة الإنجابية للمراهقين ، حيث تشمل التدريب على استخدام وسائل منع الحمل ، وتوفيرها لهم بالمجان أو بأسعار رمزية ، ومن ثمَّ تقنين الإجهاض للتخلص من الحمل غير المرغوب !

    4. الاستنكار الشديد لاختصاص المرأة برعاية المنزل والأطفال والزوج ،وتسميته بالتقسيم الجندري للعمل داخل الأسرة ، والمطالبة بالقضاء عليه ، وذلكَ تحت ذريعة ارتباط المرأة بالفقر عند قيامها بهذه الأدوار غير مدفوعة الأجر ، في حين أنَّ الرجال يعدون أغنياء لقيامهم بأعمال مدفوعة الأجر !

    وفي نهاية المؤتمر أعلنت هيئة الأمم المتحدة إنشاء هيئة جديدة خاصة بمساواة الجندر تجمع تحتها كل هيئات الأمم المتحدة المعنية بذلك ، ورصدت ( بليون ) دولار لتأسيس تلك الهيئة، وذلكَ لضمان نفوذ واسع وتأثير أكبر كونها تتبع الأمين العام مباشرة ، وبالتالي ستتيح مساحة كبرى للمنظمات النسوية غير الحكومية في اتخاذ القرارات والعمل ! (اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل 3/2010م ).

    ويعد مدخل التمكين (Empowerment ) أحدث المناهج المستخدمة في الاتفاقيات الدولية لإدماج المرأة في التنمية، ووسيلة لتحقيق أهداف ( الجندر) ، في حين أنّ تمكين المرأة في المنظور الإسلامي هو تمكين للأسرة والمجتمع (د.نورة العدوان ،3، 1425هـ) ، وقد أكدَّ الإعلان الإسلامي لدور المرأة في تنمية المجتمع الصادر في 29/9/2000م على أنَّ من أهداف الإسلام بناء مجتمع يكون فيه لكل من الرجل والمرأة دور متكامل في عملية البناء والتنمية ، وقد أعطى الإسلام المرأة حقوقها كاملة على أساس ينسجم مع دورها الرئيس في الحياة ( د.فؤاد العبدالكريم، مجلة البيان ، 2005م ) .

    وفي ردٍ على هذه الاتفاقيات الدولية التي تستهدف المرأة باعتبارها حجر الزاوية في الأسرة ، تمَّ إعداد ( ميثاق الأسرة في الإسلام ، 1430هـ) من قبل نخبةٍ من العلماء المسلمين ، وبإشراف من اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل ، وقد تمت ترجمته إلى ست لغات حية ، وتسعى اللجنة لتعميمه على دول العالم ، حيث يعد مرجعية تشريعية لقوانين الأسرة المستمدة من الكتاب والسنة ، ويوضح أهم العلاقات ، والحقوق ، والواجبات الأسرية لكل من الرجل والمرأة .

    يجب أن تتضافر الجهود التوعوية والحذر من نشر وتداول المصطلحات المنبثقة عن هذه الاتفاقيات ، والتبصر في أهدافها ، واستراتيجيات تطبيقها ، وعدم الانسياق خلف بريق ألفاظها ، ونشر ذلك في المحيط الخاص والعام ، فليستحث كلّ غيور همته ، وصاحب القلم كلمته في سبيل ذلك ما استطاع .

    مؤتمر بكين +15.. عندما يتعولم الانحلال

    أولت الدول الغربية المرأة في المجتمعات الإسلامية عناية خاصة، وعملت على تحدي الدول والحكومات والشعوب في فرض نمط حياتها، وعولمة الرذيلة التي تفشت بها، وتبديل الطبيعة النسائية في المجتمعات العربية والإسلامية وهدم نظام الأسرة، فإن كانت الحكومات قد رضخت للضغوط الغربية نظرًا لما يجتاح الأمر من سراديب السياسة، ومغاليق ملفات الـ"سري جدًّا"، إلا أن الشعوب الواعية لم ترضخ لمثل هذه الضغوط الصريحة، بل قاومتها قدر ما استطاعت، لكن المحاولات الغربية لم تكفّ أو تتوقف حينًا من الزمن، بل غيرت من لونها وشكلها كما تتلون الحرباء.

    وأدرك الغرب أن الهجمات الصريحة التي تحمل الصبغة العدوانية تجاه الإسلام أو المسلمين أو المرأة تحديدًا ونظام الأسرة؛ ليست على قدر المستوى من النجاح الذي تأتي به الأساليب الملتوية التي تلعب من وراء الكواليس، وتلبس لباس الحق في الوقت الذي تتلبس فيه بالباطل من داخلها، فعمدت إلى مصطلحات خدّاعة: من أمثال مؤتمرات المرأة وتنظيم الأسرة ومقاومة العنف الأسري ضد المرأة والحرية الجنسية والصحة الإنجابية وما شابهها من المصطلحات التي تخفي في طياتها حية رقطاء تنفث سُمًّا في الدسم.

    يأتي مؤتمر "بكين +15" و الذي عقد بمدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، في إطار سلسلة من المؤتمرات والتآمرات التي تحيكها الدول الغربية بمساعدة الأمم المتحدة على المرأة المسلمة في العالم.
    ويأتي المؤتمر بعد مرور خمسة عشر عامًا على صدور وثيقة بكين في العام 1995م التي روّجت لمفهوم "الجندر" الذي يعني إلغاء الفوارق بين الجنسين، حيث تضمنت الوثيقة مئة وعشرين بندًا من ضمنها: إباحة الشذوذ، وشرعنة ممارسة الزنا ـ أو ما يسمونه الجنس خارج نطاق الأسرة ـ إضافة إلى إباحة عمليات الإجهاض، وتطالب بالحريات الجنسية للمراهقين، وتلزم الدول الـ138 الموقِّعة عليها بضرورة رعاية الدولة "للمراهقين الناشطين جنسيًّا"، وتعليم الجنس للأطفال والمراهقين من خلال وسائل الإعلام والتعليم، وتدريبهم على تفادي حدوث الحمل، أو الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًّا وعلى رأسها الإيدز.
    وبالنظر إلى المؤتمرات التي عقدتها الأمم المتحدة في هذا الإطار على مدى القرن السابق والحالي، نجد أن هناك جهودًا حثيثة ذات زخم كبير تؤكد على فكرة هيمنة الحضارة المعاصرة ذات البعد الغربي فكريًا وثقافيًا وسلوكيًا، وقد أدى ذلك إلى قيام محاولات عديدة للسعي إلى تسويق قيم الحضارة المعاصرة، من خلال ترويج فكرة العولمة ـ خاصة في جانبها الاجتماعي والسلوكي.

    وقامت الأمم المتحدة بأنشطة متعددة في هذا المجال؛ وذلك بعقد الندوات والمؤتمرات العالمية، واستصدار الصكوك والمواثيق حيال العديد من القضايا الاجتماعية، مثل: قضايا التنمية الاجتماعية، والسكان، والمرأة، من أجل فرض القيم ونظام الحياة الغربيين، وكانت المرأة هي المستهدَف الأساس من هذه المؤتمرات والمواثيق والصكوك الأممية، سواء أكان ذلك بشكل مباشر من خلال إقامة المؤتمرات وتوصياتها الخاصة بالمرأة، أو بشكل غير مباشر من خلال اللعب على وتر الأسرة والعلاقات المجتمعية والأنماط السلوكية الخاصة بالأفراد في المجتمع.

    محو التميز الحضاري وعولمة القيم الغربية المنحلة:
    لم تكتف الدول الغربية بضياع نسائها بين براثن الخروج للعمل ومخالطة ذئاب بشرية تستعملها سلعة رخيصة في الإعلان بإظهار جسدها، أو ضياعهن بالممارسة الجنسية الحرة ـ الزنا ـ خارج نطاق الأسرة مع الزميل أو الصديق، أو ضياعهن وأبنائهن من خلال هجر المنزل، وتربية أبنائهن الذين يشبُّون على ما شب عليه الأمهات والآباء، ولكنها عمدت إلى تدويل مثل هذه الثقافات وعولمتها على بقية شعوب العالم، حتى تصير مسخًا لا هوية لها إلا ما يرسمه لها الغرب بفرشاته القذرة التي ما فتئت ترسم بألوان باهتة حياة معتنقي مثل هذه الأفكار.

    لقد كانت المطالبات النسوية فيما قبل تأخذ منحى مقبولاً قيميًا ومجتمعيًا، عندما تطالب بما تدعي أنه من حقوقها التي أسقطتها الممارسات المجتمعية الخاطئة، أما المؤتمرات الأخيرة فقد بدأت تأخذ منحى آخر، عندما شرعت في نقض وهدم قيم المجتمع، ورفض أنظمة الزواج والأسرة والقيم والتعاليم والتقاليد التي تحكمها، سواء في الغرب أم في الشرق، داعية إلى إسقاطها، وإحلال الحب الحر وغير ذلك من أشكال التحلل من القيم محلها.

    نظرة شرعية:
    أما النظرة الشرعية إلى مثل هذه المؤتمرات التي تهدف في المقام الأول إلى ضرب المجتمع الإسلامي في نواته الأساسية ـ المرأة والأسرة ـ فقد جوبهت هذه المؤتمرات باستنكار وإدانة شديدين من المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي عامة والعربي خاصة؛ بالإضافة إلى زخم غير عادي من الباحثين والكتاب والمثقفين الذين أكدوا على خطورة هذه المؤتمرات على المجتمع المسلم، واستهدافها للب المجتمع وأساسه، فيما طالبت غالبية عظمى من العلماء والمثقفين والباحثين بضرورة مقاطعتها للأسباب سالفة الذكر.

    دعوة اليونسكو لتدريس الجنس في المدارس

    يعد اليونسكو أحد المنظمات التابعة لهيئة الأمم المتحدة والسياسة التي تسعى هيئة الأمم المتحدة إلى تعميمها -عبر منظماتها وهيئاتها العديدة- بهذا الشأن واضحة جدًا في اتفاقياتها الصادرة بشأن المرأة والطفل، مثل اتفاقية سيداو، ووثيقة بكين، ووثيقة القاهرة للسكان، واتفاقية الطفل وغيرها.
    وكلها -بدون استثناء- تطالب بتدريس الثقافة الجنسية في المدارس للأطفال والمراهقين لتعليمهم ما تطلق عليه بالجنس الآمن، أي كيفية ممارسة العلاقة الجنسية بدون حدوث الحمل، أو انتقال للأمراض التناسلية وعلى رأسها مرض الإيدز.
    وأول شرط لهذه "الثقافة" أن تكون المدارس مختلطة وأن يتلقى الأولاد والبنات هذه الثقافة في فصل واحد، حيث يتدربون على كيفية استخدام الواقيات الذكرية والأنثوية.
    ومن ثم احتوت اتفاقية سيداو (اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة) -وهي اتفاقية ملزمة للحكومات التي وقعت عليها- على بند ينص على ضرورة جعل المدارس مختلطة بحجة المساواة التامة بين الذكور والإناث وبالتالي يتم التدريب في وجود الجنسين معًا.
    ثم يتم توزيع وسائل منع الحمل عليهم من واقيات وحبوب وغيرها؛ لضمان استخدامها عند الممارسة، ضمن ما يسمى بخدمات الصحة الإنجابية، ومن خدمات الصحة الإنجابية الإجهاض كوسيلة للتخلص من الحمل (غير المرغوب فيه) وتسعى هيئة الأمم المتحدة سعيًّا حثيثًا لتمرير تلك الأجندة بمختلف الطرق والوسائل وممارسة الضغوط الشديدة على الحكومات لتطبيق تلك الأجندة وربط التطبيق بالمنح والمساعدات؛ لإجبارها على التنفيذ.
    وتعتبر المؤتمرات الدولية التي تعقد بشكل دائم ودوري وسيلة من وسائل الضغط على الحكومات ومتابعتها في التطبيق، بحيث يتم مطالبة الحكومات بتقديم تقارير دورية عن مدى التزامها بتنفيذ تلك الأجندة ، وغير خاف على كل إنسان عاقل ما أدت اليه مثل تلك الثقافة الخبيثة من ضياع للأجيال في المجتمعات الغربية ..والآن جاء الدور علينا .. وكما تنشر الحكومات الغربية في بلادنا الفيروسات والأمراض الخبيثة .. تنشر كذلك الثقافة الخبيثة، وتضغط علينا لنتجرعها رغم أنوفنا .. بدعوى أننا وقَّعنا على اتفاقيات دولية وعلينا الالتزام بتلك الاتفاقيات.. وإلا حرمنا من المعونات وتعرضها للفقر والجوع.
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  17. #17
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    فصرنا كالأيتام على موائد اللئام ... فهل سنستمر في المشاهدة والحسرة ؟ أم سننفض عنا غبار الغفلة، وننتفض غيرة على أعراضنا وأبنائنا .. رافضين لتلك الثقافة الخبيثة، ومتمسكين بثقافتنا الإسلامية الأصيلة، التي وضعت حلاً واحدًا لكل تلك المشكلات .. ألا وهو العفة .. والتربية الإسلامية السليمة منذ الصغر.. من تفريق في المضاجع، وغض للبصر، وتعلم لآداب الاستئذان، والتزام بالحجاب، وتشجيع الزواج وتيسير سبله... إلخ من القواعد الإسلامية الأصيلة التي من شأنها أن تحفظ الشباب من الانزلاق إلى مستنقع الرذيلة، وتفريغ الشهوات في الحرام.
    فهلاّ نعود إلى نبع الإسلام الصافي .. ننهل منه .. ونربي أبناءنا على تعاليمه لننجو بهم من الهلاك المحقق إذا ما تبعنا أولئك القوم إلى جحر الضب!؟

    ميــراث الــمــرأة

    صحيح وحق أن آيات الميراث فى القرآن الكريم قد جاء فيها قول الله سبحانه وتعالىللذكر مثل حظ الأنثيين) ؛ لكن كثيرين من الذين يثيرون الشبهات حول أهـلية المرأة فى الإسـلام ، متخـذين من التمايز فى الميراث سبيلاً إلى ذلك لا يفقـهون أن توريث المـرأة على النصـف من الرجل ليس موقفًا عامًا ولا قاعدة مطّردة فى توريث الإسلام لكل الذكور وكل الإناث. فالقرآن الكريم لم يقل: يوصيكم الله فى المواريث والوارثين للذكر مثل حظ الأنثيين.. إنما قال: (يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين).. أى أن هذا التمييز ليس قاعدة مطّردة فى كل حـالات الميراث ، وإنما هو فى حالات خاصة ، بل ومحدودة من بين حالات الميراث.

    بل إن الفقه الحقيقى لفلسفة الإسلام فى الميراث تكشف عن أن التمايـز فى أنصبة الوارثين والوارثات لا يرجع إلى معيار الذكورة والأنوثة.. وإنما لهذه الفلسفة الإسلامية فى التوريث حِكَم إلهية ومقاصد ربانية قد خفيت عن الذين جعلوا التفاوت بين الذكور والإناث فى بعض مسائل الميراث وحالاته شبهة على كمال أهلية المرأة فى الإسلام. وذلك أن التفاوت بين أنصبة الوارثين والوارثات فى فلسـفة الميراث الإسلامى ـ إنما تحكمه ثلاثة معايير:

    أولها: درجة القرابة بين الوارث ذكرًا كان أو أنثى وبين المُوَرَّث المتوفَّى فكلما اقتربت الصلة.. زاد النصيب فى الميراث.. وكلما ابتعدت الصلة قل النصيب فى الميراث دونما اعتبار لجنس الوارثين..

    فالأم والزوجة والإبنة ، والأخوات الشقيقات والأخوات لأب وبنات الإبن والجدة ، لهنَّ نصيب مفروض من التركة .
    قال تعالى : (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً))النساء/7( ، وبهذا المبدأ أعطى الإسلام منذ أربعة عشر قرناً حق النساء في الإرث كالرجال ، أعطاهنَّ نصيبـًا مفروضـًا ، وكفى هذا إنصافـًا للمرأة حين قرر مبدأ المساواة في الاستحقاق ، والإسلام لم يكن جائرًا أو مجاوزًا لحدود العدالة ، ولا يحابي جنسـًا على حساب جنس آخر حينما جعل نصيب المرأة نصف نصيب الرجل ، كما في قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً))النساء/11 )

    وثانيها: موقع الجيل الوارث من التتابع الزمنى للأجيال.. فالأجيال التى تستقبل الحياة ، وتستعد لتحمل أعبائها ، عادة يكون نصيبها فى الميراث أكبر من نصيب الأجيال التى تستدبر الحياة. وتتخفف من أعبائها ، بل وتصبح أعباؤها ـ عادة ـ مفروضة على غيرها ، وذلك بصرف النظر عن الذكورة والأنوثة للوارثين والوارثات.. فبنت المتوفى ترث أكثر من أمه ـ وكلتاهما أنثى ـ.. وترث البنت أكثر من الأب ! – حتى لو كانت رضيعة لم تدرك شكل أبيها.. وحتى لو كان الأب هو مصدر الثروة التى للابن ، والتى تنفرد البنت بنصفها ! ـ.. وكذلك يرث الابن أكثر من الأب ـ وكلاهما من الذكور..

    وفى هذا المعيار من معايير فلسفة الميراث فى الإسلام حِكَم إلهية بالغة ومقاصد ربانية سامية تخفى على الكثيرين !..

    وهى معايير لا علاقة لها بالذكورة والأنوثة على الإطلاق..

    فالتشريع الإسلامي وضعه رب العالمين الذي خلق الرجل والمرأة ، وهو العليم الخبير بما يصلح شأنهم من تشريعات ، وليس لله مصلحة في تمييز الرجل على المرأة أو المرأة على الرجل ، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ))فاطر/15) .

    وثالثها: العبء المالى الذى يوجب الشرع الإسلامى على الوارث تحمله والقيام به حيال الآخرين.. وهذا هو المعيار الوحيد الذى يثمر تفاوتاً بين الذكر والأنثى.. لكنه تفـاوت لا يفـضى إلى أى ظـلم للأنثى أو انتقاص من إنصافها.. بل ربما كان العكس هو الصحيح !..

    ففى حالة ما إذا اتفق وتساوى الوارثون فى درجة القرابة.. واتفقوا وتساووا فى
    موقع الجيل الوارث من تتابع الأجيال - مثل أولاد المتوفَّى ، ذكوراً وإناثاً - يكون تفاوت العبء المالى هو السبب فى التفاوت فى أنصبة الميراث.. ولذلك ، لم يعمم القرآن الكريم هذا التفاوت بين الذكر والأنثى فى عموم الوارثين ، وإنما حصره فى هذه الحالة بالذات ، فقالت الآية القرآنية: (يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين).. ولم تقل: يوصيكم الله فى عموم الوارثين.. والحكمة فى هذا التفاوت ، فى هذه الحالة بالذات ، هى أن الذكر هنا مكلف بإعالة أنثى ـ هى زوجه ـ مع أولادهما.. بينما الأنثـى الوارثة أخت الذكرـ إعالتها ، مع أولادها ، فريضة على الذكر المقترن بها.. فهى ـ مع هذا النقص فى ميراثها بالنسبة لأخيها ، الذى ورث ضعف ميراثها ، أكثر حظًّا وامتيازاً منه فى الميراث.. فميراثها ـ مع إعفائها من الإنفاق الواجب ـ هو ذمة مالية خالصة ومدخرة ، لجبر الاستضعاف الأنثوى ، ولتأمين حياتها ضد المخاطر والتقلبات.. وتلك حكمة إلهية قد تخفى على الكثيرين..

    فقد حفظ الإسلام حق المرأة على أساس من العدل والإنصاف والموازنة ، فنظر إلى واجبات المرأة والتزامات الرجل ، وقارن بينهما ، ثم بين نصيب كل واحدٍ من العدل أن يأخذ الابن " الرجل " ضعف الإبنة " المرأة " للأسباب التالية :

    1. فالرجل عليه أعباء مالية ليست على المرأة مطلقـًا .
    فالرجل يدفع المهر ، يقول تعالى : (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً)(النساء/4) ، نحلة : أي فريضة مسماة يمنحها الرجل المرأة عن طيب نفس كما يمنح المنحة ويعطي النحلة طيبة بها نفسه ، والمهر حق خالص للزوجة وحدها لا يشاركها فيه أحد فتتصرف فيه كما تتصرف في أموالها الأخرى كما تشاء متى كانت بالغة عاقلة رشيدة .

    2. والرجل مكلف بالنفقة على زوجته وأولاده ؛ لأن الإسلام لم يوجب على المرأة أن تنفق على الرجل ولا على البيت حتى ولو كانت غنية إلا أن تتطوع بمالها عن طيب نفس
    يقول الله تعالى : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا…)(الطلاق/7) ، وقوله تعالى : (…وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ …)(البقرة/233) .
    وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حجة الوداع عن جابر رضي الله عنه : " اتقوا الله في النساء فإنهنَّ عوان عندكم أخذتموهنَّ بكلمة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولهنَّ عليكم رزقهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف " .
    والرجل مكلف أيضـًا بجانب النفقة على الأهل بالأقرباء وغيرهم ممن تجب عليه نفقته ، حيث يقوم بالأعباء العائلية والالتزامات الاجتماعية التي يقوم بها المورث باعتباره جزءًا منه أو امتدادًا له أو عاصبـًا من عصبته ، ولذلك حينما تتخلف هذه الاعتبارات كما هي الحال في شأن توريث الإخوة والأخوات لأم ، نجد أن الشارع الحكيم قد سوَّى بين نصيب الذكر ونصيب الأنثى منهم في الميراث قال تعالى : (…وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ…)(النساء/12) .
    فالتسوية هنا بين الذكور والإناث في الميراث ، لأنهم يدلون إلى الميت بالأم ، فأصل توريثهم هنا الرحم ، وليسوا عصبةً لمورثهم حتى يكون الرجل إمتدادًا له من دون المرأة ، فليست هناك مسؤوليات ولا أعباء تقع على كاهله .
    بينما المرأة مكفية المؤونة والحاجة ، فنفقتها واجبة على ابنها أو أبيها أو أخيها شريكها في الميراث أو عمِّها أو غيرهم من الأقارب .

    مما سبق نستنتج أن المرأة غمرت برحمة الإسلام وفضله فوق ما كانت تتصور بالرغم من أن الإسلام أعطى الذكر ضعف الأنثى ـ فهي مرفهة ومنعمة أكثر من الرجل ، لأنها تشاركه في الإرث دون أن تتحمل تبعات ، فهي تأخذ ولا تعطي وتغنم ولا تغرم ، وتدخر المال دون أن تدفع شيئـًا من النفقات أو تشارك الرجل في تكاليف العيش ومتطلبات الحياة ، ولربما تقوم بتنمية مالها في حين أن ما ينفقه أخوها وفاءً بالالتزامات الشرعية قد يستغرق الجزء الأكبر من نصيبه في الميراث.

    وهنا يجب أن يكون السؤال : لماذا أنصف الله المرأة ؟
    والإجابة : لأن المرأة عرض فصانها ، إن لم تتزوج تجد ما تنفقه ، وإن تزوجت فهذا فضل من الله .
    وتفوق الرجل على المرأة في الميراث ليس في كل الأحوال ، ففي بعض الأحوال تساويه ، وفي بعض الأحيان قد تتفوق المرأة على الرجل في الميراث ، وقد ترث الأنثى والذكر لا يرث .

    وإذا كانت هذه الفلسفة الإسلامية فى تفاوت أنصبة الوارثين والوارثات وهى التى يغفل عنها طرفا الغلو ، الدينى واللادينى ، الذين يحسبون هذا التفاوت الجزئى شبهة تلحق بأهلية المرأة فى الإسلام فإن استقراء حالات ومسائل الميراث ـ كما جاءت فى علم الفرائض (المواريث) ـ يكشف عن حقيقة قد تذهل الكثيرين عن أفكارهم المسبقة والمغلوطة فى هذا الموضوع.. فهذا الاستقراء لحالات ومسائل الميراث ، يقول لنا:

    1 ـ إن هناك أربع حالات فقط ترث فيها المرأة نصف الرجل.

    2 ـ وهناك حالات أضعاف هذه الحالات الأربع ترث فيها المرأة مثل الرجل تماماً.

    3 ـ وهناك حالات عشر أو تزيد ترث فيها المرأة أكثر من الرجل.

    4 ـ وهناك حالات ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال.

    أى أن هناك أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل ، أو أكثر منه ، أو ترث هى ولا يرث نظيرها من الرجال ، فى مقابلة أربع حالات محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل..

    متى تحصل المرأة على نصف نصيب الرجل ؟

    المرأة لا تحصل على نصف نصيب الرجل إلا إذا كانا متساويين في الدرجة ، والسبب الذي يتصل به كل منهما إلى الميت .
    فمثلاً : الإبن والبنت … والأخ والأخت ، يكون نصيب الرجل هنا ضعف نصيب المرأة ، قال تعالى : (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْن…)(النساء/11) .
    وقال تعالى : (…وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(النساء/176)

    متى تتساوى المرأة والرجل في الميراث

    1. في ميراث الأب والأم فإن لكل واحد منهما السدس ، إن كان للميت فرع وإرث مذكر وهو الابن وإبن الإبن وإن سفل .
    كما في قوله تعالى : (…وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَد…)(النساء/11)
    2. ويكون ميراث الأخوة لأم ـ ذكرهم وأنثاهم ـ سواءٌ في الميراث ، فالذكر يأخذ مثل نصيب الأنثى في حالة إذا لم يكن للميت فرع وارث مذكر ذكراً أو مؤنثاً ، أو أصل وارث مذكراً " الأب أو الجد وإن علا " ، كما قال تعالى : ( …وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ…)(النساء/12)
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  18. #18
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    متى تتفوق المرأة على الرجل في الميراث

    هناك صور من الميراث تأخذ فيه المرأة أضعاف الرجل ، كما في قوله تعالى : (…فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ )(النساء/11) .
    فهنا الأب يأخذ السدس ، وهو أقل بكثير مما أخذت البنت أو البنات ، ومع ذلك لم يقل أحد إن كرامة الأب منقوصة بهذا الميراث .
    وقد تتفوق المرأة على الرجل في الميراث إذا كانت في درجة متقدمة كـ " البنت مع الأخوة الأشقاء ، أو الأب والبنت مع الأعمام " .

    متى ترث الأنثى ولايرث الذكر ؟

    وقد ترث الأنثى والذكر لا يرث في بعض الصور :
    مثال : مات شخص عن ابن ، وبنت ، وأخوين شقيقين ، فما نصيب كل منهم ؟
    الحل : الابن والبنت : لهما التركة كلها للذكر مثل حظ الأثنيين .
    الأخوان الشقيقان : لا شيء لهما لحجبهما بالفرع الوارث المذكر ، وهنا نجد أن الأنثى " البنت " ترث ، والذكر " الأخ الشقيق " لا يرث

    تلك هى ثمرات استقراء حالات ومسـائل الميراث فى عـلم الفرائض (المواريث) ، التى حكمتها المعايير الإسلامية التى حددتها فلسفة الإسلام فى التوريث.. والتى لم تقف عند معيار الذكورة والأنوثة ، كما يحسب الكثيرون من الذين لا يعلمون !..

    الــتــعــدد

    تعدد الزوجات من النظم التي تعرضت لهجمات المستشرقين الشرسة في إطار حملات مسعورة لم تتوقف أبدا للطعن في الإسلام العظيم و رسوله الأمين (صلى الله عليه وسلم) .

    والحملة على التعدد بدأها اليهود مبكرا في عهد الرسول عليه الصلاة و السلام .

    عن عمر مولى غفرة : (( قالت اليهود لما رأت الرسول (صلى الله عليه وسلم) يتزوج النساء : انظروا إلى هذا الذي لا يشبع من الطعام ، ولا والله ماله همة إلا النساء )) ، وحسدوه لكثرة نسائه وعابوه بذلك .. وقالوا – لعنهم الله – (( لو كان نبيا ما رغب في النساء .. وكان أشدهم في ذلك حيى بن أخطب ، فكذبهم الله تعالى وأخبرهم بفضله وسعته على نبيه ، ونزل قوله سبحانه : (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ) – يعنى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) – ( فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب و الحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ) يعني سبحانه ما آتى داود وسليمان عليهما السلام ، فقد تزوج كلاهما أكثر مما تزوج نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) ، وكان لكل منهما من الجواري ما لم يمتلك مثله رسولنا عليه السلام .

    وعلى مر العصور ظل أعداء هذا الدين في الداخل و الخارج يحاولون الانتقاص من مبدأ التعدد ، واتخاذه ذريعة للتشكيك في القرآن الكريم والرسول العظيم والشريعة الغراء .

    ووصل الأمر بإحدى الدول الإسلامية إلى حظر تعدد الزوجات واعتباره جريمة يعاقب عليها ، على غرار الدول الغربية !!
    ولكن وسائل الإعلام المختلفة لم تتوقف عن مهاجمة التعدد الشرعي والسخرية منه ، والتندر على معددي الزوجات في الأفلام والمسلسلات الساقطة التي تقوم في ذات الوقت بتزيين الفواحش ، وتعرض اتخاذ العشيقات على أنه أمر كوميدي للتسلية والفكاهة والتبسيط !!!

    أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم، وبين طياته أسباب سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة،وجاءت السنة النبوية المطهرة، مكمّلة لمقومات السعادة البشرية،وأحل الله جل وعلا الطيبات،وحرّم الخبائث،وكل ما أحله الله تعالى لا بد وأنه يعود بالمنفعة للفرد أو المجتمع المسلم،ومن الأشياء التي أباحها الله للإنسان هو تعدد الزوجات،هذا النظام الاجتماعي الذي تنظر إليه سائر الأمم بأنه نظام غير إنساني ومهين للمرأة،ولكن الإسلام نظر إليه من زاوية أخرى تحفظ للمرأة عزتها وكرامتها،فبينما ينظر الغرب للمرأة بأنها كالسلعة التي تباع وتشترى وتنتقل من رجل إلى آخر دون قيد أو شرط،كان للمرأة المسلمة التعامل الإسلامي المناقض،فالإسلام اعتبرها كالدرة المكنونة،والجوهرة المصونة التي لا سبيل إلى امتهان كرامتها،ولا طريق إلى النيل من عزتها،فالإسلام كفل لها الأسلوب الإنساني الصحيح للعيش في سلام في كنف زوج مسلم أياً كان ترتيبها لديه،كأن تكون زوجته الوحيدة أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة.

    في الآونة الأخيرة كانت هناك بعض التجاوزات من قبل بعض المعددين، فكانت الفرصة سانحة للبعض هداه الله بأن يجعل هناك رابط مبالغ فيه بين تعدد الزوجات والظلم، وهذا هو الخطأ بعينه،فليس كل معدد ظالم، وليس كل من لم يعدد عادل مع زوجته الوحيدة، فالله عز وجل عندما أباح التعدد جعل العدل شرطاً له، وعندما يتجاوز أحدهم هذا الشرط من تلقاء نفسه فلماذا نلقي بالتبعية على النظام دون الشخص الظالم؟؟ ولماذا يعاب نظام مجتمعنا بأمس الحاجة إليه بسبب بضعة أشخاص ينساقون وراء أهواءهم؟؟

    يركز بعضهم على ظلم المعدد لإحدى زوجاته، ويتناسى هؤلاء ظلم غير المعدد لوالدته وعقوقه لها،وظلمه لأخته بعضلها،ولابنته بأخذ راتبها،وغير ذلك من أنواع الظلم التي تقع على المرأة،فيكون التركيز على الظلم الذي يحدث حال التعدد، فتكون النتيجة لذلك تنفير أفراد المجتمع من هذا النظام،ونقول هنا الرجل الظالم سيكون ظالماً أياً كان وضعه الاجتماعي،والرجل العادل سيكون أيضاً عادلاً أياً كان وضعه الاجتماعي،والظالم دائماً يتبع هواه فيظلم من يكون في ولايته،وليس شرطاً أن تكون المظلومة زوجة لمعدد،فكم من رجل ظلم زوجته وهو غير معدد،وكم من آخر أعطاها كامل حقوقها وله غيرها أكثر من زوجة.

    لا تفتأ الأصوات المغرضة تهاجم أنظمة ديننا الإسلامي، وتتبعها مع بالغ الأسف أصوات من بني جلدتنا تنعق دونما تفكير، تطعن هذه الأصوات فيما أباحه الإسلام،وتتجاهل تماماً أثره الكبير على أفراد المجتمع،فالظروف تتغير من وقت إلى آخر، وأفراد المجتمع المسلم تعتريهم ظروف تجعلهم بأمس الحاجة إلى هذه الأنظمة، وعندما يقع خطأ ما يهب الجهلاء لمهاجمة النظام دون النظر إلى المتسبب في هذا الخطأ، فالله سبحانه وتعالى عندما أباح التعدد جعل العدل شرطاً لذلك،ويأتي في هذا الزمان من يخل بهذا الشرط،ويأتي بالحجج والبراهين الملتوية التي تبرر ظلمه،ويأتي الناس بدورهم فلا يذكرون الظالم بشيء، بل يلبسون النظام العادل الذي أباحه الله ما ليس فيه من ظلم وتقصير.

    ولا ننسى في هذا المقام من أن نذكر بأن الله سبحانه وتعالى قد جعل مجرد الخوف من عدم العدل كافياً لابتعاد الرجل عن خوض تجربة التعدد،فكان الإقدام لمن لدية ثقة ومقدره،أما غير ذلك فلا مجال،ومع ذلك نرى نماذج من الرجال تقدم مع عدم المقدرة،وبعد ذلك تكون الضحية إحدى الزوجات،فإن وجد ضغوطات بعد الزواج وصعوبات مادية واجتماعية،كان الظلم أيسر الطرق لديه لتجاوز متاعبه،وإن استمر الحال فسيقارن بين زوجاته ليحتفظ بإحداهن، ويستبعد الأخرى، لتنظم إلى قائمة المطلقات امرأة جديدة.

    فبدلاً من تأكيد فكرة الظلم في أذهان الناس وخاصة مجتمع النساء،فلماذا لا يتكاتف الجميع لمحاربة ظاهرة الظلم المتفشية في المجتمع عموماً،والضغوطات التي تقع على المرأة غالباً من قبل الرجل؟؟؟

    وفي الآونة الاخيرة خرجت الكثير من الكتب التى تذم تعدد الزوجات وتقول أنه دعوة ذكورية بحتة ، وتفضيل للرجل على المرأة ، وقهر للمرأة ، وأن الإسلام أخذ التعدد من العادات الجاهلية البالية ولكن الإسلام شرعن تلك العادات الجاهلية بدلا من أن يزجرها !
    وراح أهل الضلال يسخرون من علماء الإسلام الذين اجتهد بعضهم ووضع أسبابا لتعدد الزوجات مثل : مرض الزوجة وعقم الزوجة .... الخ
    وتساءلوا – كما أوحى إليهم شيطانهم - : ماذا لو كان الزوج عقيم أو مريض ، هل تعدد المرأة الأزواج ؟!
    وأخذوا يُحللون ويدّعون أن المرأة يسوؤها أن ترى زوجها فى حضن أخرى غيرها ، مثلما يسوء الرجل أن يرى زوجته فى حضن آخر غيره ، وراحوا يسردون المشاكل التى تقع بين الزوجات المشتركات فى رجل واحد ( الضرائر) .
    وزادوا ، فادعوا كذبا وزورا أن الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم رفض أن يُطبق مبدأ التعدد على ابنته فاطمة الزهراء رضى الله عنها وأرضاها حينما أراد على بن أبى طالب رضى الله عنه أن يتزوج عليها !
    وجعل البعض من نفسه عالماً وفقيها وأخذ يُفسر آيات الله وفق هواه ومزاجه ويقول أن الله قال أننا لن نعدل ، وأمرنا بواحدة فى حالة عدم تحقق العدل ، وأن الآية أباحت التعدد من أجل الإقساط فى اليتامى ، إذا فلا يجوز التعدد لأى سبب آخر ، لأن القرآن حدد السبب وهو الإقساط فى اليتامى ، أما من يقول بأنه تزوج من أجل التناسل أو أى شئ فالآية لا تُبيح له ذلك !!!
    ومن وسط هذا الكلام نجد النصارى يُبشرون بعقيدتهم و يقولون : تعالوا إلى شريعة المحبة وشريعة الزوجة الواحدة :

    ((ولِذلِكَ يترُكُ الرَّجلُ أباهُ وأُمَّهُ ويتَّحِدُ باَمرأتِهِ، فيصيرانِ جسَدًا واحدًا )) ( تكوين : إصحاح 2 : 24 (( .
    ))وقالَ: لذلِكَ يَترُكُ الرّجُلُ أباهُ وأُمَّهُ ويَتَّحِدُ باَمرأتَهِ، فيَصيرُ الاثنانِ جسَدًا واحدًا؟ فلا يكونانِ اثنينِ، بل جسَدٌ واحدٌ. وما جمَعَهُ الله لا يُفرَّقُهُ الإنسانُ". )) ( متى إصحاح 19 : 5 - 6 )) .

    ونقول : نحمد الله على نعمة الإسلام العظيم وعلى نعمة العقل السليم التى منحها لنا رب العالمين ، بعيداً عن السفهاء والمأجورين من عبيد الشهوات والمحاربين للإسلام .
    يقول الحق سبحانه وتعالى :
    ((وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ)) (النساء : 3 )
    وإني أتساءل أين فى الآية الكريمة ما يُفيد أن الله قال : لا تتزوجوا إلا امرأة واحدة فقط ؟
    أين فى الآية الكريمة ما يقول أن الله حرم التعدد ؟؟
    أين فى الآية الكريمة ما يُشير إلى التقييد ؟؟
    أين فى الآية الكريمة ما يُفيد أن الله يقول : خذوا رأى نسائكم قبل الزواج من أخرى ؟!
    أين فى الآية الكريمة ما يقول أن التعدد يكون لمرض الزوجة أو أنها عاقر ؟؟
    أين الهلوسات التى يتحدث بها أنصار تبادل الزوجات وتعدد الأزواج واختلاط الأنساب ؟؟
    أين فى الآية ما يقول أنه لا تعدد إلا من أجل اليتيمات ؟؟

    الآية واضحة وضوح الشمس ولا تحتاج أن يكون مفسرها من " وادى عبقر " ، فالمقصود أيها الرجال إذا خفتم ألا تعدلوا فى زواج اليتيمات ، فتزوجوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع .
    لكن الآية تُحدد لنا شرطاً وحيداً للتعدد ألا وهو " العدل " بين الزوجات .
    أما من زعموا بأن الآية اشترطت الزواج من اليتيمة ، نورد لهم حديث الإمام البخارى :

    ((حدثنا علي: سمع حسان بن إبراهيم: عن يونس بن يزيد: عن الزهري قال:
    أخبرني عروة: أنه سأل عائشة عن قوله تعالى(وأن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أوما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا). قالت: يا بن أختي، اليتيمة تكون في حجر وليها، فيرغب في مالها وجمالها، يريد أن ينتقص صداقها، فنهوا عن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن فيكملوا الصداق، وأمروا بنكاح من سواهن من النساء. )) ( 4777 ) .
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  19. #19
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    والمقصود من الآية الكريمة أنه إذا خفتم من الظلم مع اليتيمات ، فخافوا منه مع الزوجات الكثيرات .
    قال ابن كثير في تفسير هذه الآية التي نصت على إباحة تعدد الزوجات: أي أنه إذا كان تحت حجر أحدكم يتيمة وخاف ألا يعطيها مهر مثلها فليعدل إلى ما سواها من النساء فإنهن كثير ولم يضيق الله عليه .
    وروى أبو جعفر محمد بن جرير في تفسيره عن ربيعة في معنى الآية ، قال تعالى عن اليتامى : اتركوهن فقد أحللت لكم أربعا .. وقال أبو جعفر أيضا نقلا عن آخرين : انكحوا غيرهن من الغرائب اللواتي أحلهن الله لكم وطيبهن من واحدة إلى أربع ، فإن خفتم أن تظلموا إذا تزوجتم من الغرائب أكثر من واحدة ، فتزوجوا منهن واحدة فقط ، أو ما ملكت أيمانكم .. وقال آخرون : بل معنى ذلك النهي عن نكاح ما فوق الأربع حرصا على أموال اليتامى أن يتلفها الأولياء ، وذلك أن قريشا – في الجاهلية – كان الواحد منهم يتزوج العشرة من النساء أو أكثر أو أقل ، فإذا أنفق ماله كله على زوجاته العشر و صار معدما تحول إلى مال اليتامى فأنفقه على نسائه أو تزوج به أخريات فنهاهم الله تعالى عن ذلك .

    يستفاد من نص الآية الكريمة وأقوال المفسرين أن الله تعالى أحل للمسلم من زوجة إلى أربع .. فلا تجوز الزيادة على أربع في وقت واحد ، فإذا خاف الزوج أن يظلم إذا تزوج أكثر من واحدة فإن عليه أن يكتفي بزوجة واحدة فقط .

    وكذلك إذا خاف ألا يعدل إن تزوج ثلاثة فعليه الاكتفاء باثنين .. وإذا خاف زوج الثلاث الظلم إن تزوج بالرابعة فعليه الاقتصار على الثلاث فقط .

    والشريعة الغراء تحظر حتى الزواج بواحدة فقط إذا خاف الزوج أن يظلمها .. فالإسلام العظيم حريص على العدل في كل الظروف و الأحوال .

    وهناك إجماع بين العلماء على عدم جواز الجمع بين أكثر من أربع زوجات وإذا كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) قد جمع بين تسع زوجات ، فهذا حكم خاص به عليه الصلاة السلام ، ولا يجوز القياس عليه أو تعميمه .
    قال الإمام الشافعي – رحمه الله – في مسنده : (( وقد دلت سنة النبي صلى الله عليه وسلم المبينة عن الله تعالى أنه لا يجوز لأحد غير رسول الله أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة ))

    و نصوص السنة القاطعة وعمل الصحابة والتابعين ، تفيد اقتصار المسلم على أربع فقط ، كما أجمع علماء من السلف والخلف على أنه لا يجوز لغير النبي (صلى الله عليه وسلم) الزيادة على أربع زوجات . ونشير هنا إلى حديث الإمام البخاري – رحمه الله – ( كما رواه مالك والنسائي والدارقطنى ) ، أن غيلان الثقفي قد أسلم وله عشر زوجات فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) : ( اختر منهن أربعا وفارق سائرهن ) .

    وكذلك حديث أبى داود أن حارث بن قيس الأسدى قال : أسلمت وعندي ثمان نسوة ، فذكرت ذلك للنبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : ( اختر منهن أربعا)

    وقال ابن كثير موضحا معنى { مثنى وثلاث ورباع } : انكحوا من شئتم من النساء إن شاء أحدكم اثنين وإن شاء ثلاثا وإن شاء أربعا ، كما قال تعالى : ( جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع ) أي منهم من له جناحان ، ومنهم من له ثلاثة أجنحة ، ومنهم من له أربعة أجنحة .. والمقام هنا كما يقول ابن عباس – رضي الله عنه – وجمهور العلماء وهو مقام امتنان وإباحة ، فلو كان يجوز للرجال الجمع بين أكثر من أربع زوجات لذكره تعالى

    أما الآية الكريمة التى يستخدمها هؤلاء كمبرر لمنع التعدد ، وهى قول الحق سبحانه وتعالى :

    ((وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا )) ( النساء : 129 ) .
    فيقولون : هنا أخبر الله بعدم العدل وبما أنه قال سابقاً إن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ، إذا التعدد مستحيل ومحرم !!
    فهل العدل فى هذه الآية غير العدل فى الآية الأولى ؟
    ولفهم هذه الآية الكريمة لابد أن نستعرض قول المصطفى صلى الله عليه وسلم ، حيث كان يُقسّم بين زوجاته بالسوية ، ثم يقول :
    (( اللهم هذا قسمى فيما أملك فلا تلمنى فيما تملك ولا أملك)) (رواه الإمام أحمد وأهل السنن ) .
    يقصد الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله هو الذى يملك القلوب بين يديه ، وهو الذى يعلم بما تُخفى الصدور .
    إذاً فالمقصود من العدل بين النساء فى الآية الأولى هو العدل من حيث النفقة والمعاملة الحسنة والرعاية والمسئولية الكاملة ، أما استحالة العدل فى الآية الثانية فهى المشاعر ، أى أن يكون الزوج يميل لزوجة معينة عن باقى زوجاته ، ولهذا جاء تعقيب الحق سبحانه وتعالى للتدليل على أن المقصود فى الآية هنا هو عدم العدل فى المشاعر :
    ((فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ))
    أى أن ميل الزوج كل الميل إلى واحدة يجعل الأخرى كالمعلقة ، لذلك نجد الرسول صلى الله عليه وسلم يُحذر من هذا الميل الذى يتحول إلى ظلم وإجحاف لحق واحدة تُصبح كالمعلقة ، فيقول :
    (( من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما ، جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط )) (رواه أحمد وأصحاب السنن ) .
    وتعدد الزوجات ليس بدعة أتى بها الإسلام ، بل إنه كان مباحاً فى جميع الشرائع ، حتى الديانات الوثنية .
    فعن تعدد الزوجات فى كتاب النصارى المقدس ، فحدث ولا حرج :
    جاء عن سليمان عليه السلام وعدد زوجاته : (( وكانَ لَه سَبْعُ مئةِ زَوجةٍ مِنَ الأميراتِ وثَلاثُ مئةِ جاريةٍ )) ( ملوك الأول إصحاح 11 :3 ) .
    نرى سليمان يُعدد ألف زوجة وليس أربعة !!
    جاء عن يعقوب : ((وقامَ في اللَّيلِ، فأخذَ اَمرَأَتَيهِ وجارِيَتَيهِ وبنيهِ الأَحَدَ عشَرَ وعَبَرَ مخاضَةَ يبُّوقَ، )) ) تكوين إصحاح 32 : 23 ) .
    إبراهيم عليه السلام كان له أربع زوجات
    داود عليه السلام كان له تسع زوجات بالإضافة للسرارى
    وقد يعترض بعض النصارى ويقول إن هذا الكلام وارد فى العهد القديم أى قبل عصر " النعمة " !!
    ونقول : من الذى أوحى بهذا الكلام الذى جاء قبل عصر " النعمة " ؟! أهو الله أم الشيطان ؟!
    وهل الله يتقلب مع العصور ، فهذا عصر الظلم ، وهذا عصر الخطيئة ، وهذا عصر النعمة ؟؟!! وتعالى الله عما يقولون علواً كبيرا .
    والكنائس نفسها كانت تُبيح تعدد الزوجات حتى القرن السابع عشر الميلادى
    يقول المؤرخ " وستر مارك " : (( إن تعدد الزوجات باعتراف الكنيسة بقى إلى القرن السابع عشر وكان يتكرر كثيرا فى الحالات التى لا تُحصيها الكنيسة والدولة )) .

    إذا ينبغى على من ينبحون بالليل والنهار ويحدثونا عن الزوجة الواحدة التى تصبح هى والرجل جسدا واحد ، عليهم أن يكفوا عن نباحهم وأن ينظروا لواقع الأمر .
    ثم إن التعدد هو نداء الفطرة السليمة ، لذلك نجد النصارى فى عذاب دائم ومستمر بسبب عدم حل إشكالية الزواج بأكثر من واحدة .
    تأملوا معى هذا النص فى إنجيل متى ، ومدى الظلم الذى يوجد به :
    (( إن من طلق امرأته إلا بسبب الزنا و تزوج بأخرى يزني و الذي يتزوج بمطلقة يزني ))) إصحاح 19)

    ومعاذ الله أن يكون هذا شرع الله ، فشرع الله لا يأمر بدفن المطلقة وهى على قيد الحياة ، ولا يأمر الرجل أن يعيش أسود أيام حياته مع امرأة يستحيل العيش معها ، ولا يدفع المطلقة دفعاً نحو الزنا والبغاء ، إذ ماذا ستفعل المطلقة بعد تحريم الزواج عليها ؟!

    لقد جاء الإسلام العظيم ليُنظم فوضى الزواج التى كانت منتشرة فى المجتمعات الجاهلية ، ومنح المرأة حقوقها ، ورفع الظلم عنها ، ونظم تعدد الزوجات الذى كان منتشراً بلا عدد محدد ، فالإسلام لم يبتدع تعدد الزوجات بل سبقه اليهود والنصارى والجاهليين والوثنيين ، وليس معنى ذلك أن نقول أن الرسول وافق معتقدات كانت موجودة ، بل التعدد هو شرع الله ، ولكن الناس هم من غيّروا فيه وأضافوا عليه وجعلوه بلا عدد محدد ، مثل مبالغة العهد القديم أن سليمان عليه السلام تزوج من ألف امرأة !

    أما قولهم الإفك بأن المرأة يحق لها التعدد مثلما يُعدد الرجل .
    نقول : البعض يعترض على تحريم تعدد الأزواج والقول بأنه يؤدى إلى اختلاط الأنساب ، فيقولون ماذا لو تم الاتفاق بين الأزواج والزوجة على عدم الإنجاب ؟! فما هو المانع وقتها من أن تعدد المرأة وتقترن بأربعة رجال تتنقل بين أحضانهم

    نقول : أن المانع أن تُعدد الزوجة الأزواج هو ما يُصيبها من أمراض خبيثة تنخر فى جهازها التناسلى نتيجة لهذا الفعل المشين ، وهذه إحدى الحكم من تحريم تعدد الأزواج ، ولنا فى مرض الإيدز خير مثال على ما نقول ، إذ أنه يُصيب دائماً من تجامع عدة أشخاص ولنا أن نتخيل أن نساء المجتمع عددن الأزواج وعقّمن أنفسهن ، فوقتها سيمتلئ المجتمع بالأمراض وسينقطع النسل من الأرض ، ويهلك الناس ! تماماً مثل الشواذ جنسياً الذين لا ينتج عن علاقتهم الآثمة أى نسل ، ففى أى شرع هذا السخف والتهريج ؟؟

    ثم إن من يقولون بأن الأزواج متفقون على عدم الإنجاب فهذا غير مقبول عقلاً على الإطلاق
    يقول الإمام ابن القيم رحمه الله :
    (( و أما قوله " و أنه أباح للرجل أن يتزوج بأربع زوجات و لم يبح للمرأة أن تتزوج بأكثر من زوج واحد "))

    فذلك من كمال حكمة الله تعالي و إحسانه و رحمته بخلقه و رعايته لمصالحهم ، و يتعالي سبحانه عن خلاف ذلك و ينزه شرعه أن يأتي بغير هذا ، و لو أبيح للمرأة أن تكون عند زوجين فأكثر لفسد العالم و ضاعت الأنساب و قتل الأزواج بعضهم بعضًا ، و عظمت البلية و اشتدت الفتنة ، و قامت سوق الحرب على ساق ، و كيف يستقيم حال امرأة فيها شركاء متشاكسون ؟ و كيف يستقيم حال الشركاء فيها
    فمجئ الشريعة بما جاءت به من خلاف هذا من أعظم الأدلة على حكمة الشارع و رحمته و عنايته بخلقه .

    فإن قيل : فكيف روعي جانب الرجل ، و أطلق له أن يسيم طرفه و يقضي وطره ، و ينتقل من واحدة إلي واحدة بحسب شهوته و حاجته و داعي المرأة داعيه و شهوتها شهوته ؟
    قيل : لما كانت المرأة عادتها أن تكون محجوبة من وراء الخدور محجوبة في ركن بيتها ، و كان مزاجها أبرد من مزاج الرجل و حركتها الظاهرة و الباطنة أقل من حركته ، و كان الرجل قد أعطي من القوة و الحرارة أكثر مما أعطيته المرأة ، و بلي بما لم تبل به ، أطلق له من عدد المنكوحات ما لم يطلق للمرأة ، و هذا مما خص الله به الرجال و فضلهم به علي النساء كما فضلهم عليهن بالرسالة و النبوة و الخلافة و الملك و الإمارة و ولاية الحكم و الجهاد و غير ذلك ، و جعل الرجال قوامين على النساء ساعين في مصالحهن ، يدأبون في أسباب معيشتهن و يركبون الأخطار و يجوبون القفار ، و يعرضون أنفسهم لكل بلية و محنة في صالح الزوجات ، و الرب تعالى شكور حليم ، فشكر لهم ذلك و جبرهم بأن مكنهم ما لم يمكن منه الزوجات .
    و أنت إذا قايست بين تعب الرجال و شقائهم و كدهم و صبهم في مصالح النساء و بين ما ابتلي به النساء من الغيرة ، وجدت حظ الرجال من تحمل ذلك التعب و النصب و الدأب أكثر من حظ النساء من تحمل الغيرة ، فهذا من كمال عدل الله و حكمته و رحمته فله الحمد كما هو أهله .
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  20. #20
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    و أما قول القائل " إن شهوة المرأة تزيد على شهوة الرجل "
    فليس كما قال ، و الشهوة منبعها الحرارة ، و أين حرارة الأنثي من حرارة الذكر ؟! )) ( إعلام الموقعين عن رب العالمين ج2 ص 103 ).
    أما عن المشاكل التى تحدث بين الزوجات ، فتنتج عن طبع النساء الغلاب والذى يوجد به الغيرة وحب الاستئثار بالرجل ، ثم ينتج عن التربية الخاطئة التى نشأت عليها وعلّمتها أن تعدد الزوجات حرام ومكروه ويجلب الخراب والدمار !! .

    بالنسبة لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه رفض أن يتزوج الإمام علىّ رضى الله عنه على ابنته فاطمة الزهراء رضى الله عنها فالعلة تُعرف من سياق الحديث :
    روى البخاري في صحيحه عن المسور بن مخرمة قال : إن عليا خطب بنت أبي جهل فسمعت بذلك فاطمة فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك ، وهذا علي ناكح علي بنت أبي جهل ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته حين تشهد يقول ( أما بعد ، أنكحت أبا العاص بن الربيع فحدثني وصدقني ، وان فاطمة بضعة مني ، واني اكره أن يسوءها والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله عند رجل واحد ، فترك علي الخطبة (
    وفي رواية للشيخين عن المسور أيضا : فان ابنتي بضعة مني يريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها )
    وفي رواية جاءت في منهاج السنة لابن تيمية ، والمنتقى من منهاج الاعتدال للذهبي : أنه صلى الله عليه وسلم قال : إن بني هاشم بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب وإني لا آذن ثم لا آذن ثم لا آذن ، ثم لا آذن ، إنما فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها ، إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم .
    وفي رواية ) إني أخاف أن تفتن في دينها . . . وإني لست أُحل حراما ، ولا أُحرم حلالا ، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل واحد أبدا (
    ومجمل هذه الأحاديث تتحدث عن خشية رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنته الأثيرة والمحببة إلى قلبه ، وخوفه عليها أن تُفتتن فى دينها وأن يؤذيها أهل أبى جهل أكبر أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم .
    فالرسول لم يعص كلام الله بتعدد الزوجات ، وكلامه واضح بأنه لا يُحل الحرام ولا يُحرم الحلال ، وإنما منع حدوث فتنة كبيرة قد تنتج عن إيذاء ابنته البتول رضى الله عنها .
    وما يوضح أن هذا الزواج كان مثار سخط ولغط هو اعتراف الإمام علي رضى الله عنه بنفسه أنه أخطأ ، فذهب مسارعاً إلى ريحانة رسول الله ليعتذر لها قائلا ً :
    (( هبيني أخطأت في حقك يا فاطمة، فمثلك أهل للعفو و المغفرة )) وسامحته السيدة فاطمة الزهراء قائلة له " غفر الله لك يابن العم "
    ولنفرض جدلاً أن الرسول لم يقبل بزواج الإمام علي على ابنته ، فما المانع أن يكون ذلك من خصائص بنات الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ ألم يُحرم الله أن يتزوج أحداً من نساء النبى صلى الله عليه وسلم ؟
    ((وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا )) ( الأحزاب : 53 ) .
    وحكمة تحريم زواج نساء النبى من أى شخص ، أنهن أمهات المؤمنين :
    ((النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ )) ( الأحزاب : 6 )
    فهل يحق لأحد أن يتزوج من أمه ؟!

    مما سبق يتضح لنا أن جميع حجج الداعين لتحريم التعدد ، جميعها حجج واهية ولا تستقيم مع واقع ، فالواقع يشهد بازدياد نسبة العنوسة فى المجتمع وكذلك المطلقات والأرامل ، وبدون التعدد ستلجأ المحرومات من الزواج إلى ما يحرمه الشرع ، مما يترتب عليه فساد المجتمعات ، وظهور فوضى يصعب السيطرة عليها .
    و يبقى أن نذكر أنه إذا اشترطت المرأة في عقد الزواج ألا يتزوج عليها ، فإن على الزوج احترام العقد وعدم الاقتران بأخرى إلا برضا الزوجة الأولى وتنازلها عن الشرط .. ففي الحديث الشريف : ( إن أحق الشروط أن توفوا ما استحللتم به الفروج ) (رواه البخاري ومسلم) .. ومعنى الحديث الواضح أن الشروط المدرجة في عقد الزواج هي أولى الشروط بالاحترام والالتزام .

    رأي الشيخ سيد قطب

    وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع . فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم . ذلك أدنى ألا تعولوا). . - سورة النساء - 3

    وهذه الرخصة في التعدد , مع هذا التحفظ عند خوف العجز عن العدل , والاكتفاء بواحدة في هذه الحالة , أو بما ملكت اليمين . .

    هذه الرخصة - مع هذا التحفظ - يحسن بيان الحكمة والصلاح فيها . في زمان جعل الناس يتعالمون فيه على ربهم الذي خلقهم , ويدعون لأنفسهم بصرا بحياة الإنسان وفطرته ومصلحته فوق بصر خالقهم سبحانه ! ويقولون في هذا الأمر وذاك بالهوى والشهوة , وبالجهالة والعمى . كأن ملابسات وضرورات جدت اليوم , يدركونها هم ويقدرونها ولم تكن في حساب الله - سبحانه - ولا في تقديره , يوم شرع للناس هذه الشرائع !!!

    وهي دعوى فيها من الجهالة والعمى , بقدر ما فيها من التبجح وسوء الأدب , بقدر ما فيها من الكفر والضلالة ! ولكنها تقال , ولا تجد من يرد الجهال العمي المتبجحين المتوقحين الكفار الضلال عنها ! وهم يتبجحون على الله وشريعته , ويتطاولون على الله وجلاله , ويتوقحون على الله ومنهجه , آمنين سالمين غانمين , مأجورين من الجهات التي يهمها أن تكيد لهذا الدين !

    وهذه المسألة - مسألة إباحة تعدد الزوجات بذلك التحفظ الذي قرره الإسلام - يحسن أن تؤخذ بيسر ووضوح وحسم ; وأن تعرف الملابسات الحقيقية والواقعية التي تحيط بها . .

    لقد جاء الإسلام , وتحت الرجال عشر نسوة أو أكثر أو أقل - بدون حد ولا قيد - فجاء ليقول للرجال:إن هناك حدا لا يتجاوزه المسلم - هو أربع - وإن هناك قيدا - هو إمكان العدل - وإلا فواحدة . .أو ما ملكت أيمانكم . .

    جاء الإسلام لا ليطلق , ولكن ليحدد . ولا ليترك الأمر لهوى الرجل , ولكن ليقيد التعدد بالعدل . وإلا امتنعت الرخصة المعطاة !

    إن الإسلام نظام للإنسان . نظام واقعي إيجابي . يتوافق مع فطرة الإنسان وتكوينه , ويتوافق مع واقعه وضروراته , ويتوافق مع ملابسات حياته المتغيرة في شتى البقاع وشتى الأزمان , وشتى الأحوال .

    إنه نظام واقعي إيجابي , يلتقط الإنسان من واقعه الذي هو فيه , ومن موقفه الذي هو عليه , ليرتفع به في المرتقى الصاعد . في غير إنكار لفطرته أو تنكر ; وفي غير إغفال لواقعه أو إهمال ; وفي غير عنف في دفعه أو اعتساف !

    إنه نظام لا يقوم على الحذلقة الجوفاء ; ولا على التظرف المائع ; ولا على "المثالية " الفارغة ; ولا على الأمنيات الحالمة , التي تصطدم بفطرة الإنسان وواقعه وملابسات حياته , ثم تتبخر في الهواء !

    وهو نظام يرعى خلق الإنسان , ونظافة المجتمع , فلا يسمح بإنشاء واقع مادي , من شأنه انحلال الخلق , وتلويث المجتمع , تحت مطارق الضرورة التي تصطدم بذلك الواقع . بل يتوخى دائما أن ينشىء واقعا يساعد على صيانة الخلق , ونظافة المجتمع , مع أيسر جهد يبذله الفرد ويبذله المجتمع .

    فإذا استصحبنا معنا هذه الخصائص الأساسية في النظام الإسلامي , ونحن ننظر إلى مسألة تعدد الزوجات . . فماذا نرى ?

    نرى . . أولا . . أن هناك حالات واقعية في مجتمعات كثيرة - تاريخية وحاضرة - تبدو فيها زيادة عدد النساء الصالحات للزواج , على عدد الرجال الصاحلين للزواج . . والحد الأعلى لهذا الاختلال الذي يعتري بعض المجتمعات لم يعرف تاريخيا أنه تجاوز نسبة أربع إلى واحد . وهو يدور دائما في حدودها .

    فكيف نعالج هذا الواقع , الذي يقع ويتكرر وقوعه , بنسب مختلفة . هذا الواقع الذي لا يجدي فيه الإنكار ?

    نعالجه بهز الكتفين ? أو نتركه يعالج نفسه بنفسه ? حسب الظروف والمصادفات

    إن هز الكتفين لا يحل مشكلة ! كما أن ترك المجتمع يعالج هذا الواقع حسبما اتفق لا يقول به إنسان جاد , يحترم نفسه , ويحترم الجنس البشري !

    ولا بد إذن من نظام , ولا بد إذن من إجراء . .

    وعندئذ نجد أنفسنا أمام احتمال من ثلاثة احتمالات:

    1. أن يتزوج كل رجل صالح للزواج امرأة من الصالحات للزواج . . ثم تبقى واحدة أو أكثر - حسب درجة الاختلال الواقعة - بدون زواج , تقضي حياتها - أو حياتهن - لا تعرف الرجال !

    2. أن يتزوج كل رجل صالح للزواج واحدة فقط زواجا شرعيا نظيفا . ثم يخادن أو يسافح واحدة أو أكثر , من هؤلاء اللواتي ليس لهن مقابل في المجتمع من الرجال . فيعرفن الرجل خدينا أو خليلا في الحرام والظلام !

    3. أن يتزوج الرجال الصالحون - كلهم أو بعضهم - أكثر من واحدة . وأن تعرف المرأة الأخرى الرجل ,زوجة شريفة , في وضح النور لا خدينة ولا خليلة في الحرام والظلام !

    الاحتمال الأول ضد الفطرة , وضد الطاقة , بالقياس إلى المرأة التي لا تعرف في حياتها الرجال . ولا يدفع هذه الحقيقة ما يتشدق به المتشدقون من استغناء المرأة عن الرجل بالعمل والكسب . فالمسألة أعمق بكثير مما يظنه هؤلاء السطحيون المتحذلقون المتظرفون الجهال عن فطرة الإنسان . وألف عمل , وألف كسب لا تغني المرأة عن حاجتها الفطرية إلى الحياة الطبيعية . . سواء في ذلك مطالب الجسد والغريزة , ومطالب الروح والعقل , من السكن والأنس بالعشير . . والرجل يجد العمل ويجد الكسب ; ولكن هذا لا يكفيه فيروح يسعى للحصول على العشيرة , والمرأة كالرجل - في هذا - فهما من نفس واحدة !

    والاحتمال الثاني ضد اتجاه الإسلام النظيف ; وضد قاعدة المجتمع الإسلامي العفيف ; وضد كرامة المرأة الإنسانية . والذين لا يحفلون أن تشيع الفاحشة في المجتمع , هم أنفسهم الذين يتعالمون على الله , ويتطاولون على شريعته . لأنهم لا يجدون من يردعهم عن هذا التطاول . بل يجدون من الكائدين لهذا الدين كل تشجيع وتقدير !

    والاحتمال الثالث هو الذي يختاره الإسلام . يختاره رخصة مقيدة . لمواجهة الواقع الذي لا ينفع فيه هز الكتفين ; ولا تنفع فيه الحذلقة والادعاء . يختاره متمشيا مع واقعيته الإيجابية , في مواجهة الإنسان كما هو - بفطرته وظروف حياته - ومع رعايته للخلق النظيف والمجتمع المتطهر , ومع منهجه في التقاط الإنسان من السفح , والرقي به في الدرج الصاعد إلى القمة السامقة . ولكن في يسر ولين وواقعية !

    ثم نرى . . ثانيا . . في المجتمعات الإنسانية . قديما وحديثا . وبالأمس واليوم والغد . إلى آخر الزمان . واقعا في حياة الناس , لا سبيل إلى إنكاره كذلك أو تجاهله .

    نرى أن فترة الإخصاب في الرجل تمتد إلى سن السبعين أو ما فوقها . بينما هي تقف في المرأة عند سن الخمسين أو حواليها . فهناك في المتوسط عشرون سنة من سني الإخصاب في حياة الرجل لا مقابل لها في حياة المرأة . وما من شك أن من أهداف اختلاف الجنسين ثم التقائهما , امتداد الحياة بالإخصاب والإنسال , وعمران الأرض بالتكاثر والانتشار . فليس مما يتفق مع هذه السنة الفطرية العامة أن نكف الحياة عن الانتفاع بفترة الإخصاب الزائدة في الرجال . ولكن مما يتفق مع هذا الواقع الفطري أن يسن التشريع - الموضوع لكافة البيئات في جميع الأزمان والأحوال - هذه الرخصة - لا على سبيل الإلزام الفردي , ولكن على سبيل إيجاد المجال العام الذي يلبي هذا الواقع الفطري , ويسمح للحياة أن تنتفع به عند الاقتضاء . . وهو توافق بين واقع الفطرة وبين اتجاه التشريع ملحوظ دائما في التشريع الإلهي . لا يتوافر عادة في التشريعات البشرية , لأن الملاحظة البشرية القاصرة لا تنتبه له , ولا تدرك جميع الملابسات القريبة والبعيدة , ولا تنظر من جميع الزوايا , ولا تراعي جميع الاحتمالات .
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  21. #21
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    ومن الحالات الواقعية - المرتبطة بالحقيقة السالفة - ما نراه أحيانا من رغبة الزوج في أداء الوظيفة الفطرية , مع رغبة الزوجة عنها - لعائق من السن أو من المرض - مع رغبة الزوجين كليهما في استدامة العشرة الزوجية وكراهية الانفصال - فكيف نواجه مثل هذه الحالات ?

    نواجهها بهز الكتفين ; وترك كل من الزوجين يخبط رأسه في الجدار ?! أو نواجهها بالحذلقة الفارغة والتظرف السخيف ?

    إن هز الكتفين - كما قلنا - لا يحل مشكلة . والحذلقة والتظرف لا يتفقان مع جدية الحياة الإنسانية ,ومشكلاتها الحقيقية . .

    وعندئذ نجد أنفسنا - مرة أخرى - أمام احتمال من ثلاثة احتمالات:

    1. أن نكبت الرجل ونصده عن مزاولة نشاطه الفطري بقوة التشريع وقوة السلطان ! ونقول له:عيب يا رجل ! إن هذا لا يليق , ولا يتفق مع حق المرأة التي عندك ولا مع كرامتها !

    2. أن نطلق هذا الرجل يخادن ويسافح من يشاء من النساء !

    3. أن نبيح لهذا الرجل التعدد - وفق ضرورات الحال - ونتوقى طلاق الزوجة الأولى . .

    الاحتمال الأول ضد الفطرة , وفوق الطاقة , وضد احتمال الرجل العصبي والنفسي . وثمرته القريبة - إذا نحن أكرهناه بحكم التشريع وقوة السلطان - هي كراهية الحياة الزوجية التي تكلفه هذا العنت , ومعاناة جحيم هذه الحياة . . وهذه ما يكرهه الإسلام , الذي يجعل من البيت سكنا , ومن الزوجة أنسا ولباسا .

    والاحتمال الثاني ضد اتجاه الإسلام الخلقي , وضد منهجه في ترقية الحياة البشرية , ورفعها وتطهيرها وتزكيتها , كي تصبح لائقة بالإنسان الذي كرمه الله على الحيوان !

    والاحتمال الثالث هو وحده الذي يلبي ضرورات الفطرة الواقعية , ويلبي منهج الإسلام الخلقي , ويحتفظ للزوجة الأولى برعاية الزوجية , ويحقق رغبة الزوجين في الإبقاء على عشرتهما وعلى ذكرياتهما , وييسر على الإنسان الخطو الصاعد في رفق ويسر وواقعية .

    وشيء كهذا يقع في حالة عقم الزوجة , مع رغبة الزوج الفطرية في النسل . حيث يكون أمامه طريقان لا ثالث لهما:

    1. أن يطلقها ليستبدل بها زوجة أخرى تلبي رغبة الإنسان الفطرية في النسل .

    2. أو أن يتزوج بأخرى , ويبقي على عشرته مع الزوجة الأولى .

    وقد يهذر قوم من المتحذلقين - ومن المتحذلقات - بإيثار الطريق الأول . ولكن تسعا وتسعين زوجة - على الأقل - من كل مائة سيتوجهن باللعنة إلى من يشير على الزوج بهذا الطريق ! الطريق الذي يحطم عليهن بيوتهن بلا عوض منظور - فقلما تجد العقيم وقد تبين عقمها راغبا في الزواج - وكثيرا ما تجد الزوجة العاقر أنسا واسترواحا في الأطفال الصغار , تجيء بهم الزوجة الأخرى من زوجها , فيملأون عليهم الدار حركة وبهجة أيا كان ابتئاسها لحرمانها الخاص .

    وهكذا حيثما ذهبنا نتأمل الحياة الواقعية بملابساتها العملية , التي لا تصغي للحذلقة , ولا تستجيب للهذر , ولا تستروح للهزل السخيف والتميع المنحل في مواضع الجد الصارم . . وجدنا مظاهر الحكمة العلوية , في سن هذه الرخصة , مقيدة بذلك القيد:

    (فانكحوا ما طاب لكم من النساء - مثنى وثلاث ورباع - فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) فالرخصة تلبي واقع الفطرة , وواقع الحياة ; وتحمي المجتمع من الجنوح - تحت ضغط الضرورات الفطرية والواقعية المتنوعة - إلى الانحلال أو الملال . . والقيد يحمي الحياة الزوجية من الفوضى والاختلال , ويحمي الزوجة من الجور والظلم ; ويحمي كرامة المرأة أن تتعرض للمهانة بدون ضرورة ملجئة واحتياط كامل . ويضمن العدل الذي تحتمل معه الضرورة ومقتضياتها المريرة .

    إن أحدا يدرك روح الإسلام واتجاهه , لا يقول:إن التعدد مطلوب لذاته , مستحب بلا مبرر من ضرورة فطرية أو اجتماعية ; وبلا دافع إلا التلذذ الحيواني , وإلا التنقل بين الزوجات , كما يتنقل الخليل بين الخليلات . إنما هو ضرورة تواجه ضرورة , وحل يواجه مشكلة . وهو ليس متروكا للهوى , بلا قيد ولا حد في النظام الإسلامي , الذي يواجه كل واقعيات الحياة .

    فإذا انحرف جيل من الأجيال في استخدام هذه الرخصة . إذا راح رجال يتخذون من هذه الرخصة فرصة لإحالة الحياة الزوجية مسرحا للذة الحيوانية . إذا أمسوا يتنقلون بين الزوجات كما يتنقل الخليل بين الخليلات . إذا أنشأوا "الحريم" في هذه الصورة المريبة . . فليس ذلك شأن الإسلام ; وليس هؤلاء هم الذين يمثلون الإسلام . . إن هؤلاء إنما انحدروا إلى هذا الدرك لأنهم بعدوا عن الإسلام , ولم يدركوا روحه النظيف الكريم . والسبب أنهم يعيشون في مجتمع لا يحكمه الإسلام , ولا تسيطر فيه شريعته . مجتمع لا تقوم عليه سلطة مسلمة , تدين للإسلام وشريعته ; وتأخذ الناس بتوجيهات الإسلام وقوانينه , وآدابه وتقاليده .

    إن المجتمع المعادي للإسلام المتفلت من شريعته وقانونه , هو المسؤول الأول عن هذه الفوضى . هو المسؤول الأول عن "الحريم" في صورته الهابطة المريبة . هو المسؤول الأول عن اتخاذ الحياة الزوجية مسرح لذة بهيمية . فمن شاء أن يصلح هذه الحال فليرد الناس إلى الإسلام , وشريعة الإسلام , ومنهج الإسلام ; فيردهم إلى النظافة والطهارة والاستقامة والاعتدال . . من شاء الاصلاح فليرد الناس إلى الإسلام لا في هذه الجزئية ولكن في منهج الحياة كلها . فالإسلام نظام متكامل لا يعمل إلا وهو كامل شامل . .

    والعدل المطلوب هو العدل في المعاملة والنفقة والمعاشرة والمباشرة . أما العدل في مشاعر القلوب وأحاسيس النفوس , فلا يطالب به أحد من بني الإنسان , لأنه خارج عن إرادة الإنسان . . وهو العدل الذي قال الله عنه في الآية الأخرى في هذه السورة: ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء - ولو حرصتم - فلا تميلوا كل الميل , فتذروها كالمعلقة . . هذه الآية التي يحاول بعض الناس أن يتخذوا منها دليلا على تحريم التعدد . والأمر ليس كذلك . وشريعة الله ليست هازلة , حتى تشرع الأمر في آية , وتحرمه في آية , بهذه الصورة التي تعطي باليمين وتسلب بالشمال ! فالعدل المطلوب في الآية الأولى ; والذي يتعين عدم التعدد إذا خيف ألا يتحقق ; هو العدل في المعاملة والنفقة والمعاشرة والمباشرة , وسائر الأوضاع الظاهرة , بحيث لا ينقص إحدى الزوجات شيء منها ; وبحيث لا تؤثر واحدة دون الأخرى بشيء منها . . على نحو ما كان النبي صل الله عليه و سلم وهو أرفع إنسان عرفته البشرية , يقوم به . في الوقت الذي لم يكن أحد يجهل من حوله ولا من نسائه , أنه يحب عائشة - رضي الله عنها - ويؤثرها بعاطفة قلبية خاصة , لا تشاركها فيها غيرها . . فالقلوب ليست ملكا لأصحابها . إنما هي بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء . . وقد كان صل الله عليه وسلم يعرف دينه ويعرف قلبه . فكان يقول:" اللهم هذا قسمي فيما أملك , فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " . .

    ونعود فنكرر قبل أن نتجاوز هذه النقطة , أن الإسلام لم ينشىء التعدد إنما حدده . ولم يأمر بالتعدد إنما رخص فيه وقيده . وأنه رخص فيه لمواجهة واقعيات الحياة البشرية , وضرورات الفطرة الإنسانية . هذه الضرورات وتلك الواقعيات التي ذكرنا بعض ما تكشف لنا حتى الآن منها . وقد يكون وراءها غيرها تظهره أطوار الحياة في أجيال أخرى , وفي ظروف أخرى كذلك . كما يقع في كل تشريع أو توجيه جاء به هذا المنهج الرباني , وقصر البشر في فترة من فترات التاريخ , عن استيعاب كل ما وراءه من حكمة ومصلحة .فالحكمة والمصلحة مفترضتان وواقعتان في كل تشريع إلهي , سواء أدركهما البشر أم لم يدركوهما , في فترة من فترات التاريخ الإنساني القصير , عن طريق الإدراك البشري المحدود !

    أن ما وقع في بعض العصور من الاستكثار من الإماء - عن طريق الشراء والخطف والنخاسة وتجميعهن في القصور , واتخاذهن وسيلة للإلتذاذ الجنسي البهيمي , وتمضية الليالي الحمراء بين قطعان الإماء , وعربدة السكر والرقص والغناء . . إلى آخر ما نقلته الينا الأخبار الصادقة والمبالغ فيها على السواء . . أما هذا كله فليس هو الإسلام . وليس من فعل الإسلام , ولا إيحاء الإسلام . ولا يجوز أن يحسب على النظام الإسلامي , ولا أن يضاف إلى واقعه التاريخي . .

    إن الواقع التاريخي "الإسلامي" هو الذي ينشأ وفق أصول الإسلام وتصوراته وشرعته وموازينه . هذا وحده هو الواقع التاريخي "الإسلامي" . . أما ما يقع في المجتمع الذي ينتسب إلى الإسلام , خارجا على أصوله وموازينه , فلا يجوز أن يحسب منه , لأنه انحراف عنه .

    إن للإسلام وجوده المستقل خارج واقع المسلمين في أي جيل . فالمسلمون لم ينشئوا الإسلام , إنما الإسلام هو الذي أنشأ المسلمين . الإسلام هو الأصل , والمسلمون فرع عنه , ونتاج من نتاجه . ومن ثم فإن ما يصنعه الناس أو ما يفهمونه ليس هو الذي يحدد أصل النظام الإسلامي أو مفهوم الإسلام الأساسي . إلا أن يكون مطابقا للأصل الإسلامي الثابت المستقل عن واقع الناس ومفهومهم , والذي يقاس إليه واقع الناس في كل جيل ومفهومهم , ليعلم كم هو مطابق أو منحرف عن الإسلام .

    إن الأمر ليس كذلك في النظم الأرضية التي تنشأ ابتداء من تصورات البشر , ومن المذاهب التي يضعونها لأنفسهم - وذلك حين يرتدون إلى الجاهلية ويكفرون بالله مهما ادعوا أنهم يؤمنون به , فمظهر الإيمان الأول بالله هو استمداد الأنظمة من منهجه وشريعته , ولا إيمان بغير هذه القاعدة الكبيرة - ذلك أن المفهومات المتغيرة للناس حينئذ , والأوضاع المتطورة في أنظمتهم , هي التي تحدد مفهوم المذاهب التي وضعوها لأنفسهم , وطبقوها على أنفسهم .

    فأما في النظام الإسلامي الذي لم يصنعه الناس لأنفسهم , إنما صنعه للناس رب الناس وخالقهم ورازقهم ومالكهم . . فأما في هذا النظام فالناس إما أن يتبعوه ويقيموا أوضاعهم وفقه ; فواقعهم إذن هو الواقع التاريخي "الإسلامي" وإما أن ينحرفوا عنه أو يجانبوه كلية , فليس هذا واقعا تاريخيا للإسلام . إنما هو انحراف عن الإسلام !

    ولا بد من الإنتباه إلى هذا الاعتبار عند النظر في التاريخ الإسلامي . فعلى هذا الاعتبار تقوم النظرية التاريخية الإسلامية , وهي تختلف تماما مع سائر النظريات التاريخية الأخرى , التي تعتبر واقع الجماعة الفعلي , هو التفسير العملي للنظرية أو المذهب , وتبحث عن "تطور" النظرية أو المذهب في هذا الواقع الفعلي للجماعة التي تعتنقه , وفي المفهومات المتغيرة لهذه النظرية في فكر الجماعة ! وتطبيق هذه النظرة على الإسلام ينافي طبيعته المتفردة , ويؤدي إلى أخطار كثيرة , في تحديد المفهوم الإسلامي الحقيقي .

    وأخيرا تفصح الآية عن حكمة هذه الإجراءات كلها . . إنها اتقاء الجور وتحقيق العدل:

    (ذلك أدنى ألا تعولوا)

    ذلك . . البعد عن نكاح اليتيمات - إن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى - ونكاح غيرهن من النساء - مثنى وثلاث ورباع - ونكاح الواحدة فقط - إن خفتم ألا تعدلوا - أو ما ملكت أيمانكم . . (ذلك أدنى ألا تعولوا). . أي ذلك أقرب ألا تظلموا وألا تجوروا .
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  22. #22
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    وهكذا يتبين أن البحث عن العدل والقسط , هو رائد هذا المنهج , وهدف كل جزئية من جزئياته . . والعدل أجدر أن يراعي في المحضن الذي يضم الأسرة . وهي اللبنة الأولى للبناء الاجتماعي كله , ونقطة الانطلاق إلى الحياة الاجتماعية العامة , وفيه تدرج الأجيال وهي لدنة رخصة قابلة للتكيف , فإن لم يقم على العدل والود والسلام , فلا عدل ولا ود في المجتمع كله ولا سلام.

    الــشــهـــادة

    من بين اعتراضات المتبجحين على أحكام الله ، الداعين إلى تخدير المرأة .... اعتراضهم على كون شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل .... حيث جعل الإسلام نصاب الشهادة التي تثبت الحقوق لأصحابها شهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين قال تعالى: ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى)(البقرة: من الآية282)

    فيعترض المعترضون بأن هذا انتقاص للمرأة ولكرامتها .... بينما الواضح أن هذا التفاوت لا علاقة له بالإنسانية ولا بالكرامة ولا بالأهلية ، إذ أن هذا الأمر وهو اشتراط اثنتين مع رجل واحد هو أمر خارج عن كرامة المرأة واعتبارها واحترامها ، فالأصل في المرأة القرار في بيتها والقيام عليه وعلى تربية أولادها ورعايتهم ورعاية زوجها وهذا يقتضيها لزوم بيتها في غالب الأوقات.

    فليست المسألة إذا مسألة كرامة وإهانة .. وأهلية وعدم أهلية ، إنما هي مسألة تثبت في الأحكام واحتياط في القضاء بها وهذا كل ما يحرص عليه كل تشريع عادل .....

    في الأمور والميادين التي تقل فيها خبرة المرأة عن الرجل، تكون شهادتها أقل من شهادته.. وحتى لا تهدر شهادتها كلية في هذه الميادين، سمح القرآن بشهادتها، على أن تدعم بشهادة واحدة من بنات جنسها، تذكرها بما تنساه من وقائع الشهادة..
    أما الميادين التي تختص بالمرأة، والتي تكون خبرتها فيها أكثر، فإن شهادتها فيها تكون أعلى، وأحيانًا ضعف شهادة الرجل..
    بل إن شهادتها تعتمد حيث لا تعتمد شهادة الرجل في بعض هذه الميادين..

    و أما جعل شهادة المرأتين بشهادة رجل واحد فذلك ليس مطرداً في سائر الشهادات ، فشهاداتها الأربع في اللعان تعدل شهادات زوجها.

    و قد يجعل الشارع شهادة المرأة معتبرة في بعض المسائل و لا يقبل فيها شهادة الرجال كالأمور النسائية التي لا يطلع عليها الرجال عادة كحيضة المطلقة و طهرها في قوله ( و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء و لا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله و اليوم الآخر ) .

    فيما جعل القرآن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل في المسائل التي لا تضبطها النساء عادة كما في بعض المعاملات المالية و التجارية كحفظ الدين الذي نصت عليه آية الدين.

    و عليه فإن جعل شهادتها بنصف شهادة الرجل ليس إجحافاً بحقها أو استهانة بمقامها و إنسانيتها ، و إنما هو مراعاة لقدراتها و مواهبها. و إلا فإن أهليتها كأهلية الرجل تماماً في كثير من المعاملات كالبيع و الشفعة و الإجارة و الوكالة و الشركة و الوقف و العتق…..

    والذين يظنون أن آية سورة البقرة (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه، وليكتب بينكم كاتب بالعدل، ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئًا، فإن كان الذي عليه الحق سفيهًا أو ضعيفًا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل، واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا، ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرًا أو كبيرًا إلى أجله، ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها، وأشهدوا إذا تبايعتم، ولا يضار كاتب ولا شهيد، وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم، واتقوا الله ويعلمكم الله، والله بكل شيء عليم. وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبًا فرهان مقبوضة، فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه، ولا تكتموا الشهادة، ومن يكتمها فإنه آثم قلبه، والله بما تعملون عليم) –البقرة: 282، 283-..

    الذين يظنون أن هذه الآية –282- تجعل شهادة المرأة نصف شهادة الرجل بإطلاق، وفي كل الحالات مخطئون وواهمون..
    فهذه الآية تتحدث عن دين خاص، في وقت خاص، يحتاج إلى كاتب خاص، وإملاء خاص، وإشهاد خاص..
    وهذه الآية –في نصها- استثناء (.. إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها)..
    ثم إنها تستثنى من هذه الحالة الخاصة الإشهاد على البيوع، فلا نقيدها بما قيدت به حالة هذا الدين الخاص..
    ثم إنها تتحدث، مخاطبة، لصاحب الدين، الذي يريد أن يستوثق لدينه الخاص هذا بأعلى درجات الاستيثاق.. ولا تخاطب الحاكم –القاضي- الذي له أن يحكم بالبينة واليمين، بصرف النظر عن جنس الشاهد وعدد الشهود الذين تقوم بهم البينة.. فللحاكم –القاضي- أن يحكم بشهادة رجلين.. أو امرأتين –أو رجل وامرأة.. أو رجل واحد.. أو امرأة واحدة.. طالما قامت البينة بهذه الشهادة..

    ومن يرد الاستزادة من الفقه الإسلامي في هذه القضية –التي يجهلها الكثيرون- فعليه أن يرجع إلى آراء شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الإمام ابن قيم الجوزية في كتابه (الطرق الحكمية في السياسة الشرعية) ص 103، 104 طبعة القاهرة سنة 1977م. ففيه – وفق نص ابن تيمية- وأن ما جاء عن شهادة المرأة في آية سورة البقرة، ليس حصرًا لطرق الشهادة "وطرق الحكم التي يحكم بها الحاكم، وإنما ذكر لنوعين من البينات في الطرق التي يحفظ بها الإنسان حقه.. فالآية نصيحة لهم وتعليم وإرشاد لما يحفظون به حقوقهم، وما تحفظ به الحقوق شيء وما يحكم به الحاكم شيء، فإن طرق الحكم أوسع من الشاهدين والمرأتين..".

    ولقد قال الإمام أحمد بن حنبل إن شهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين فيما هو أكثر خبرة فيه، وأن شهادة المرأة تعدل شهادة رجلين فيما هي أكثر خبرة فيه من الرجل..

    فالباب مفتوح أمام الخبرة، التي هي معيار درجة الشهادة، فإذا تخلفت خبرة الرجل في ميدان تراجع مستوى شهادته فيه.. وإذا تقدمت وزادت خبرة المرأة في ميدان ارتفع مستوى شهادتها فيه.. وليس هناك في الفقه الإسلامي تعميم وإطلاق في هذا الموضوع، إذ الشهادة سبيل للبينة التي يحكم الحاكم –القاضي- بناء عليها، بصرف النظر عن جنس الشهود وعددهم..

    ولو فقه الداعون إلى تاريخية وتاريخانية آيات الأحكام في القرآن حقيقة هذه الأحكام التي توهموا الحاجة إلى تجاوزها –فقالوا بتاريخية ووقتية معاني نصوصها القرآنية- لأدركوا أن وقوف النص القرآني عند كليات وفلسفات وقواعد ونظريات التشريع، مع ترك تفصيلات التشريع لاجتهادات الفقهاء، هو الذي جعل أحكام القرآن الكريم في المعاملات –فضلاً عن العبادات.. والقيم والأخلاق- صالحة لكل زمان ومكان، فكانت شريعته آخر وخاتم الشرائع السماوية، دونما حاجة إلى هذه "التاريخية.. والتاريخانية" التي استعاروها من الفكر الغربي، دونما إدراك لخصوصية النص الإسلامي، وتميز مسيرة الفقه الإسلامي والحضارة الإسلامية.. ولو أنهم فقهوا حقيقة الأمثلة التي توهموها دواعي لهذه التاريخية –من مثل ميراث المرأة.. وشهادتها- لكفونا مئونة هذا الجهد في كشف هذه الشبهات!..

    إن الذين أثاروا أن الإسلام قد انتقص من أهلية المرأة ، بجعل شهادتها على النصف من شهادة الرجل: ( فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ) قد خلطوا بين " الشهادة " وبين " الإشهاد " الذى تتحدث عنه هذه الآية الكريمة.. فالشهادة التى يعتمد عليها القضاء فى اكتشاف العدل المؤسس على البينة ، واستخلاصه من ثنايا دعاوى الخصوم ، لا تتخذ من الذكورة أو الأنوثة معيارًا لصدقها أو كذبها ، ومن ثم قبولها أو رفضها.. وإنما معيارها تحقق اطمئنان القاضى لصدق الشهادة بصرف النظرعن جنس الشاهد ، ذكرًا كان أو أنثى ، وبصرف النظر عن عدد الشهود.. فالقاضى إذا اطمأن ضميره إلى ظهور البينة أن يعتمد شهادة رجلين ، أو امرأتين ، أو رجل وامرأة ، أو رجل وامرأتين ، أو امرأة ورجلين ، أو رجل واحد أو امرأة واحدة.. ولا أثر للذكورة أو الأنوثة فى الشهادة التى يحكم القضاء بناءً على ما تقدمه له من البينات..
    أما آية سورة البقرة ، والتى قالت: ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) فإنها تتحدث عن أمر آخر غير" الشهادة " أمام القضاء.. تتحدث عن " الإشهاد " الذى يقوم به صاحب الدين للاستيثاق من الحفاظ على دَيْنه ، وليس عن " الشهادة " التى يعتمد عليها القاضى فى حكمه بين المتنازعين.. فهى - الآية - موجهة لصاحب الحق الدَّيْن وليس إلى القاضى الحاكم فى النزاع.. بل إن هذه الآية لا تتوجه إلى كل صاحب حق دَيْن ولا تشترط ما اشترطت من مستويات الإشهاد وعدد الشهود فى كل حالات الدَّيْن.. وإنما توجهت بالنصح والإرشاد فقط النصح والإرشاد إلى دائن خاص ، وفى حالات خاصة من الديون ، لها ملابسات خاصة نصت عليها الآية.. فهو دين إلى أجل مسمى.. ولابد من كتابته.. ولابد من عدالة الكاتب. ويحرم امتناع الكاتب عن الكتابة..ولابد من إملاء الذى عليه الحق.. وإن لم يستطع فليملل وليه بالعدل.. والإشهاد لا بد أن يكون من رجلين من المؤمنين.. أو رجل وامرأتين من المؤمنين.. وأن يكون الشهود ممن ترضى عنهم الجماعة.. ولا يصح امتناع الشهود عن الشهادة.. وليست هذه الشروط بمطلوبة فى التجارة الحاضرة.. ولا فى المبايعات..
    ثم إن الآية ترى فى هذا المستوى من الإشهاد الوضع الأقسط والأقوم.. وذلك لا ينفى المستوى الأدنى من القسط..
    قال ابن تيمية فيما يرويه عنه ويؤكد عليه ابن القيم:
    قال عن " البينة " التى يحكم القاضى بناء عليها.. والتى وضع قاعدتها الشرعية والفقهية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: " البينة على المدعى ، واليمين على المدعى عليه " رواه البخارى والترمذى وابن ماجه:
    " إن البينة فى الشرع ، اسم لما يبيّن الحق ويظهره ، وهى تارة تكون أربعة شهود ، وتارة ثلاثة ، بالنص فى بينة المفلس ، وتارة شاهدين ، وشاهد واحد ، وامرأة واحدة ، وتكون نُكولاً (الامتناع عن اليمين) ، ويمينًا، أو خمسين يميناً أو أربعة أيمان ، وتكون شاهد الحال.
    فقوله صلى الله عليه وسلم: " البينة على المدعى " ، أى عليه أن يظهر ما يبيّن صحة دعواه ، فإذا ظهر صدقه بطريق من الطرق حُكِم له.. " فكما تقوم البينة بشهادة الرجل الواحد أو أكثر ، تقوم بشهادة المرأة الواحدة ، أو أكثر، وفق معيار البينة التى يطمئن إليها ضمير الحاكم - القاضى -..
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  23. #23
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    ولقد فصّل ابن تيمية القول فى التمييز بين طرق حفظ الحقوق ، التى أرشدت إليها ونصحت بها آية الإشهاد - الآية 282 من سورة البقرة وهى الموجهة إلى صاحب " الحق الدَّين " وبين طرق البينة ، التى يحكم الحاكم القاضى بناء عليها.. وأورد ابن القيم تفصيل ابن تيمية هذا تحت عنوان ( الطرق التى يحفظ بها الإنسان حقه ).. فقال:
    " إن القرآن لم يذكر الشاهدين ، والرجل والمرأتين فى طرق الحكم التى يحكم بها الحاكم ، وإنما ذكر النوعين من البينات فى الطرق التى يحفظ بها الإنسان حقه ، فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذى عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئاً فإن كان الذى عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء ).. فأمرهم ، سبحانه ، بحفظ حقوقهم بالكتاب ، وأمر من عليه الحق أن يملى الكاتب ، فإن لم يكن ممن يصح إملاؤه أملى عنه وليه ، ثم أمر من له الحق أن يستشهد على حقه رجلين ، فإن لم يجد فرجل وامرأتان ، ثم نهى الشهداء المتحملين للشهادة عن التخلف عن إقامتها إذا طُلبوا لذلك ، ثم رخّص لهم فى التجارة الحاضرة ألا يكتبوها ، ثم أمرهم بالإشهاد عند التبايع ، ثم أمرهم إذا كانوا على سفر ولم يجدوا كاتباً ، أن يستوثقوا بالرهان المقبوضة.
    كل هذا نصيحة لهم ، وتعليم وإرشاد لما يحفظون به حقوقهم ، وما تحفظ به الحقوق شئ وما يحكم به الحاكم ( القاضى ) شئ ، فإن طرق الحكم أوسع من الشاهد والمرأتين ، فإن الحاكم يحكم بالنكول ، واليمين المردودة ولا ذكر لهما فى القرآن وأيضاً: فإن الحاكم يحكم بالقرعة بكتاب الله وسنة رسوله الصريحة الصحيحة.. ويحكم بالقافة (مفردها قائف هو الذى يعرف الآثار آثار الأقدام ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه) بالسنة الصريحة الصحيحة التى لا معارض لها ويحكم بالقامة (الأيمان ، تقسم على أهل المحلة الذين وجد المقتول فيهم) بالسنة الصحيحة الصريحة ، ويحكم بشاهد الحال إذا تداعى الزوجان أو الصانعان متاع البيت والدكان ، ويحكم ، عند من أنكر الحكم بالشاهد واليمين بوجود الآجر فى الحائط ، فيجعله للمدعى إذا كان جهته وهذا كله ليس فى القرآن ، ولا حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أحد من أصحابه..
    فإن قيل: فظاهر القرآن يدل على أن الشاهد والمرأتين بدلٌ عن الشاهدين ، وأنه لا يُقْضَى بهما إلا عند عدم الشاهدين.
    قيل: القرآن لا يدل على ذلك ، فإن هذا أمر لأصحاب الحقوق بما يحفظون به حقوقهم ، فهو سبحانه أرشدهم إلى أقوى الطرق ، فإن لم يقدروا على أقواها انتقلوا إلى ما دونها.. وهو سبحانه لم يذكر ما يحكم به الحاكم ، وإنما أرشدنا إلى ما يحفظ به الحق ، وطرق الحكم أوسع من الطرق التى تُحفظ بها الحقوق "

    وبعد إيراد ابن القيم لهذه النصوص نقلاً عن شيخه وشيخ الإسلام ابن تيمية علق عليها ، مؤكداً إياها ، فقال: " قلت ( أى ابن القيم ): وليس فى القرآن ما يقتضى أنه لا يُحْكَم إلا بشاهدين ،أو شاهد وامرأتين ، فإن الله سبحانه إنما أمر بذلك أصحاب الحقوق أن يحفظوا حقوقهم بهذا النِّصاب ، ولم يأمر بذلك الحكام أن يحكموا به ، فضلاً عن أن يكون قد أمرهم ألا يقضوا إلا بذلك. ولهذا يحكم الحاكم بالنكول ، واليمين المردودة ، والمرأة الواحدة ، والنساء المنفردات لا رجل معهن ، وبمعاقد القُمُط (مفردها قمط بكسر القاف وسكون الميم: ما تشد به الإخصاص ومكونات البناء ولبناته) ، ووجوه الآجرّ ، وغير ذلك من طرق الحكم التى تُذكر فى القرآن..فطرق الحكم شئ ، وطرق حفظ الحقوق شئ آخر ، وليس بينهما تلازم ، فتُحفظ الحقوق بما لا يحكم به الحاكم مما يعلم صاحب الحق أنه يحفظ به حقه ، ويحكم الحاكم بما لا يحفظ به صاحب الحق حقه ، ولا خطر على باله.. "

    فطرق الإشهاد ، فى آية سورة البقرة التى تجعل شهادة المرأتين تعدل شهادة رجل واحد هى نصيحة وإرشاد لصاحب الدَّين ذى الطبيعة الخاصة -.. وليست التشريع الموجه إلى الحاكم القاضى والجامع لطرق الشهادات والبينات.. وهى أيضاً خاصة بدَيْن له مواصفاته وملابساته ، وليست التشريع العام فى البينات التى تُظهر العدل فيحكم به القضاة..
    وبعد هذا الضبط والتمييز والتحديد.. أخذ ابن تيمية يعدد حالات البينات والشهادات التى يجوز للقاضى الحاكم الحكم بناء عليها.. فقال: " إنه يجوز للحاكم – ( القاضى ) – الحكم بشهادة الرجل الواحد إذا عرف صدقه فى غير الحدود ، ولم يوجب الله على الحاكم ألا يحكم إلا بشاهدين أصلاً ، وإنما أمر صاحب الحق أن يحفظ حقه بشاهدين ، أو بشاهد وامرأتين ، وهذا لا يدل على أن الحاكم لا يحكم بأقل من ذلك ، بل قد حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بالشاهد واليمين ، وبالشاهد فقط ، وليس ذلك مخالفاً لكتاب الله عند من فهمه ، ولا بين حكم الله وحكم رسوله خلاف.. وقد قبل النبى صلى الله عليه وسلم شهادة الأعرابى وحده على رؤية هلال رمضان ، وتسمية بعض الفقهاء ذلك إخباراً ، لا شهادة ، أمر لفظى لا يقدح فى الاستدلال ، ولفظ الحديث يردّ قوله ، وأجاز صلى الله عليه وسلم شهادة الشاهد الواحد فى قضية السَّلَب (هو متاع القتيل وعدته ، يأخذه قاتله.. وفى الحديث: " من قتل قتيلاً فله سَلَبُه) ، ولم يطالب القاتل بشاهد آخر ، واستحلفه ، وهذه القصة (وروايتها فى الصحيحين) صريحة فى ذلك.. وقد صرح الأصحاب: أنه تُقبل شهادة الرجل الواحد من غير يمين عند الحاجة ، وهو الذى نقله الخِرَقى (334 هجرية 945م ) فى مختصره ،فقال: وتِقبل شهادة الطبيب العدل فى الموضحة (هى الجراحات التى هى دون قتل النفس) إذا لم يقدر على طبيبين ، وكذلك البيطار فى داء الدابة.."

    وكما تجوز شهادة الرجل الواحد فى غير الحدود.. وكما تجوز شهادة الرجال وحدهم في الحدود ، تجوز عند البعض شهادة النساء وحدهن فى الحدود.. وعن ذلك يقول ابن تيمية ، فيما نقله ابن القيم: " وقد قبل النبى صلى الله عليه وسلم شهادة المرأة الواحدة فى الرضاع ، وقد شهدت على فعل نفسها ، ففى الصحيحين عن عقبة ابن الحارث: " أنه تزوج أم يحيى بنت أبى إهاب ، فجاءت أَمَةٌ سوداء ، فقالت: قد أرضعتكما. فذكرتُ ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم ، فأعرض عنى ، قال: فتنحيتُ فذكرتُ ذلك له ، قال: فكيف ؟ وقد زعمتْ أنْ قد أرضعتكما ! ".
    وقد نص أحمد على ذلك فى رواية بكر بن محمد عن أبيه ، قال: فى المرأة تشهد على مالا يحضره الرجال من إثبات استهلال الصبى (هو أن يحدث منه ما يدل على حياته ساعة الولادة من رفع صوت أو حركة عضو أو عين ، وهو شرط لتمتعه بحقوق الأحياء)، وفى الحمّام يدخله النساء ، فتكون بينهن جراحات.
    وقال إسحاق بن منصور: قلتُ لأحمد فى شهادة الاستدلال: " تجوز شهادة امرأة واحدة فى الحيض والعدة والسقط والحمّام ، وكل مالا يطلع عليه إلا النساء ".
    فقال: "تجوز شهادة امرأة إذا كانت ثقة ، ويجوز القضاء بشهادة النساء منفردات فى غير الحدود والقصاص عند جماعة من الخَلَف والسلف ". وعن عطاء (27-114 هجرية /647 732م ) أنه أجاز شهادة النساء فى النكاح. وعن شريح (78 هجرية / 697م ) أنه أجاز شهادة النساء فى الطلاق. وقال بعض الناس: تجوز شهادة النساء فى الحدود. وقال مهنا: قال لى أحمد بن حنبل: قال أبو حنيفة: تجوز شهادة القابلة وحدها ، وإن كانت يهودية أو نصرانية.."
    ذلك أن العبرة هنا فى الشهادة إنما هى الخبرة والعدالة ، وليست العبرة بجنس الشاهد ذكراً كان أو أنثى ففى مهن مثل الطب.. والبيطرة.. والترجمة أمام القاضى.. تكون العبرة "بمعرفة أهل الخبرة "

    بل لقد ذكر ابن تيمية فى حديثه عن الإشهاد الذى تحدثت عنه آية سورة البقرة أن نسيان المرأة ، ومن ثم حاجتها إلى أخرى تذكرها (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) ليس طبعًا ولا جبلة فى كل النساء ، وليس حتمًا فى كل أنواع الشهادات.. وإنما هو أمر له علاقة بالخبرة والمران ، أى أنه مما يلحقه التطور والتغيير.. وحكى ذلك عنه ابن القيم فقال:
    " قال شيخنا ابن تيمية ، رحمه الله تعالى: قوله تعالى: ( فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) فيه دليل على أن استشهاد امرأتين مكان رجل واحد إنما هو لإذكار إحداهما للأخرى ، إذا ضلت ، وهذا إنما يكون فيما فيه الضلال فى العادة ، وهو النسيان وعدم الضبط.. فما كان من الشهادات لا يُخافُ فيه الضلال فى العادة لم تكن فيه على نصف الرجل.."
    فحتى فى الإشهاد ، يجوز لصاحب الدَّيْن أن يحفظ دَينه وفق نصيحة وإرشاد آية سورة البقرة بإشهاد رجل وامرأة ، أو امرأتين ، وذلك عند توافر الخبرة للمرأة فى موضوع الإشهاد.. فهى فى هذا الإشهاد ليست شهادتها دائماً على النصف من شهادة الرجل..

    ولقد كرر ابن القيم وأكد هذا فى كتابه " إعلام الموقعين عند رب العالمين" أثناء حديثه عن " البينة " وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: " البينة على المدعى واليمين على من أنكر " خلال شرحه لخطاب عمر بن الخطاب إلى أبى موسى الأشعرى فى قواعد القضاء وآدابه - قال: " إن البينة فى كلام الله ورسوله ، وكلام الصحابة اسم لكل ما يبين الحق.. ولم يختص لفظ البينة بالشاهدين.. وقال الله فى آية الدَّيْن: (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ) فهذا فى التَّحمل والوثيقة التى يحفظ بها صاحب المال حقه ، لا فى طرق الحكم وما يحكم به الحاكم ، فإن هذا شئ وهذا شئ ، فذكر سبحانه ما يحفظ به الحقوق من الشهود ، ولم يذكر أن الحكام لا يحكمون إلا بذلك.. فإن طرق الحكم أعم من طرق حفظ الحقوق.. وقال سبحانه(ممن ترضون من الشهداء ) لأن صاحب الحق هو الذى يحفظ ماله بمن يرضاه.. ".

    وعلل ابن تيمية حكمة كون شهادة المرأتين فى هذه الحالة تعدلان شهادة الرجل الواحد ، بأن المرأة ليست مما يتحمل عادة مجالس وأنواع هذه المعاملات.. لكن إذا تطورت خبراتها وممارساتها وعاداتها ، كانت شهادتها حتى فى الإشهاد على حفظ الحقوق والديون مساوية لشهادة الرجل.. فقال:
    " ولا ريب أن هذه الحكمة فى التعدد هى فى التحمل ، فأما إذا عقلت المرأة ، وحفظت وكانت ممن يوثق بدينها فإن المقصود حاصل بخبرها كما يحصل بأخبار الديانات ، ولهذا تُقبل شهادتها وحدها فى مواضع ، ويُحكم بشهادة امرأتين ويمين الطالب فى أصح القولين ، وهو قول مالك وأحد الوجهين فى مذهب أحمد.. "

    والمقصود أن الشارع لم يَقِف الحكم فى حفظ الحقوق البتة على شهادة ذكرين ، لا فى الدماء ولا فى الأموال ولا فى الفروج ولا فى الحدود.. وسر المسألة ألا يلزم من الأمر بالتعدد فى جانب التحمل وحفظ الحقوق الأمر بالتعدد فى جانب الحكم والثبوت ، فالخبر الصادق لا تأتى الشريعة برده أبداً.

    فالمقام مقام استيثاق على الحقوق ، لا مقام قضاء بها. والآية ترشد إلى أفضل أنواع الاستيثاق الذى تطمئن به نفوس المتعاملين على حقوقهم.
    وليس معنى هذا أن شهادة المرأة الواحدة أو شهادة النساء اللاتى ليس معهن رجل ، لايثبت بها الحق ، ولا يحكم بها القاضى ، فإن أقصى ما يطلبه القضاء هو " البينة ".
    وقد حقق العلامة ابن القيم أن البينة فى الشرع أعم من الشهادة ، وأن كل ما يتبين به الحق ويظهره ، هو بينة يقضى بها القاضى ويحكم. ومن ذلك: يحكم القاضى بالقرائن القطعية ، ويحكم بشهادة غير المسلم متى وثق بها واطمأن إليها.

    واعتبار المرأتين فى الاستيثاق كالرجل الواحد ليس لضعف عقلها ، الذى يتبع نقص إنسانيتها ويكون أثراً له ، وإنما هو لأن المرأة ليس من شأنها الاشتغال بالمعاملات المالية ونحوها من المعاوضات ، ومن هنا تكون ذاكرتها فيها ضعيفة ، ولا تكون كذلك فى الأمور المنزلية التى هى شغلها ، فإنها فيها أقوى ذاكرة من الرجل ، ومن طبع البشر عامة أن يقوى تذكرهم للأمور التى تهمهم ويمارسونها ، ويكثر اشتغالهم بها.
    والآية جاءت على ما كان مألوفاً فى شأن المرأة ، ولا يزال أكثر النساء كذلك ، لا يشهدن مجالس المداينات ولا يشتغلن بأسواق المبايعات ، واشتغال بعضهن بذلك لا ينافى هذا الأصل الذى تقضى به طبيعتها فى الحياة.
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  24. #24
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    وإذا كانت الآية ترشد إلى أكمل وجوه الاستيثاق ، وكان المتعاملون فى بيئة يغلب فيها اشتغال النساء بالمبايعات وحضور مجالس المداينات ، كان لهم الحق فى الاستيثاق بالمرأة على نحو الاستيثاق بالرجل متى اطمأنوا إلى تذكرها وعدم نسيانها على نحو تذكر الرجل وعدم نسيانه.

    هذا وقد نص الفقهاء على أن من القضايا ما تقبل فيه شهادة المرأة وحدها ، وهى القضايا التى لم تجر العادة بإطلاع الرجال على موضوعاتها ، كالولادة والبكارة ، وعيوب النساء والقضايا الباطنية.

    وعلى أن منها ما تقبل فيه شهادة الرجل وحده ، وهى القضايا التى تثير موضوعاتها عاطفة المرأة ولا تقوى على تحملها ، على أنهم قدروا قبول شهادتها فى الدماء إذا تعينت طريقاً لثبوت الحق واطمئنان القاضى إليها. وعلى أن منها ما تقبل شهادتهما معاً.

    ومالنا نذهب بعيداً ، وقد نص القرآن على أن المرأة كالرجل سواء بسواء فى شهادات اللعان ، وهو ما شرعه القرآن بين الزوجين حينما يقذف الرجل زوجه وليس له على ما يقول شهود (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين * والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين * ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين * والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين )
    أربع شهادات من الرجل ، يعقبها استمطار لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، ويقابلها ويبطل عملها ، أربع شهادات من المرأة يعقبها استمطار غضب الله عليها إن كان من الصادقين.. فهذه عدالة الإسلام فى توزيع الحقوق العامة بين الرجل والمرأة ، وهى عدالة تحقق أنهما فى الإنسانية سواء..

    هكذا وضحت صفحة الإسلام.. وصفحات الاجتهاد الإسلامى فى قضية مساواة شهادة المرأة وشهادة الرجل ، طالما امتلك الشاهد أو الشاهدة مقومات ومؤهلات وخبرة هذه الشهادة.. لأن الأهلية الإنسانية بالنسبة لكل منهما واحدة ، ونابعة من وحدة الخلق ، والمساواة فى التكاليف ، والتناصر فى المشاركة بحمل الأمانة التى حملها الإنسان ، أمانة استعمار وعمران هذه الحياة.

    وأخيراً وليس آخراً فإن ابن القيم يستدل بالآية القرآنية: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً ). على أن المرأة كالرجل فى هذه الشهادة على بلاغ الشريعة ورواية السنة النبوية.. فالمرأة كالرجل فى " رواية الحديث " ، التى هى شهادة على رسول الله صلى الله عليه وسلم..
    وإذا كان ذلك مما أجمعت عليه الأمة ، ومارسته راويات الحديث النبوى جيلاً بعد جيل " والرواية شهادة " فكيف تقبل الشهادة من المرأة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تقبل على واحد من الناس ؟.. إن المرأة العدل ( بنص عبارة ابن القيم ) كالرجل فى الصدق والأمانة والديانة

    ذلكم هو منطق شريعة الإسلام وكلها منطق وهذا هوعدلها بين النساء والرجال وكلها عدل وكما يقول ابن القيم:" وما أثبت الله ورسوله قط حكماً من الأحكام يُقطع ببطلان سببه حسًّا أو عقلاً ، فحاشا أحكامه سبحانه من ذلك ، فإنه لا أحسن حكمًا منه سبحانه وتعالى ولا أعدل. ولا يحكم حكماً يقول العقل: ليته حكم بخلافه ، بل أحكامه كلها مما يشهد العقل والفِطَر بحسنها ، ووقوعها على أتم الوجوه وأحسنها ، وأنه لا يصلح فى موضعها سواها "

    الـنـسـاء نـاقـصـات عـقـل وديـن

    المصدر الحقيقى لهذه الشبهة هو العادات والتقاليد الموروثة ، والتى تنظر إلى المرأة نظرة دونية.. وهى عادات وتقاليد جاهلية ، حرر الإسلام المرأة منها.. لكنها عادت إلى الحياة الاجتماعية ، فى عصور التراجع الحضارى مستندة كذلك إلى رصيد التمييز ضد المرأة الذى كانت عليه مجتمعات غير إسلامية ، دخلت فى إطار الأمة الإسلامية والدولة الإسلامية ، دون أن تتخلص تماماً من هذه المواريث.. فسرعة الفتوحات الإسلامية التى اقتضتها معالجة القوى العظمى المناوئة للإسلام قوى الفرس والروم وما تبعها من سرعة امتداد الدولة الإسلامية ، قد أدخلت فى الحياة الإسلامية شعوباً وعادات وتقاليد لم تتح هذه السرعة للتربية الإسلامية وقيمها أن تتخلص تلك الشعوب من تلك العادات والتقاليد ، والتى تكون عادة أشد رسوخاً وحاكمية من القيم الجديدة.. حتى لتغالب فيه هذه العادات الموروثة العقائد والأنساق الفكرية والمثل السامية للأديان والدعوات الجديدة والوليدة ، محاولة التغلب عليها !.

    ولقد حاولت هذه العادات والتقاليد بعد أن ترسخت وطال عليها الأمد ، فى ظل عسكرة الدولة الإسلامية فى العهدين المملوكى والعثمانى أن تجد لنظرتها الدونية للمرأة " غطاء شرعيًّا " فى التفسيرات المغلوطة لبعض الأحاديث النبوية وذلك بعد عزل هذه الأحاديث عن سياقها ، وتجريدها من ملابسات ورودها ، وفصلها عن المنطق الإسلامى منطق تحرير المرأة كجزء من تحريره للإنسان ، ذكراً كان أو أنثى هذا الإنسان فلقد جاء الإسلام ليضع عن الناس إصرهم والأغلال التى كانت عليهم ، وليحيى ملكات وطاقات الإنسان مطلق جنس ونوع الإنسان وليشرك الإناث والذكور جميعاً فى حمل الأمانة التى حملها الإنسان ، وليكون بعضهم أولياء بعض فى النهوض بالفرائض الاجتماعية ، الشاملة لكل ألوان العمل الاجتماعى والعام..

    لكن العادات والتقاليد الجاهلية فى احتقار المرأة ، والانتقاص من أهليتها ، وعزلها عن العمل العام ، وتعطيل ملكاتها وطاقاتها الفطرية قد دخلت فى حرب ضروس ضد القيم الإسلامية لتحرير المرأة.. وسعت إلى التفسيرات الشاذة والمغلوطة لبعض الأحاديث النبوية والمأثورات الإسلامية كى تكون " غطاءً شرعياً " لهذه العادات والتقاليد..

    فبعد أن بلغ التحرير الإسلامى للمرأة إلى حيث أصبحت به وفيه:

    طليعة الإيمان بالإسلام.. والطاقة الخلاقة الداعمة للدين ورسوله صلى الله عليه وسلم كما كان حال أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضى الله عنها.. حتى لقد كان عام وفاتها عام حزن المسلمين ورسول الإسلام ودعوة الإسلام..
    وطليعة شهداء الإسلام.. كما جسدتها شهادة سمية بنت خياط ، أم عمار بن ياسر
    وطليعة المشاركة فى العمل العام السياسى منه ، والشورى ، والفقهى ، والدعوى ، والأدبى ، والاجتماعى. بل والقتالى - كما تجسدت فى كوكبة النخبة والصفوة النسائية التى تربت فى مدرسة النبوة..

    بعد أن بلغ التحرير الإسلامى للمرأة هذه الآفاق.. أعادت العادات والتقاليد المرأة أو حاولت إعادتها إلى أسر وأغلال منظومة من القيم الغريبة عن الروح الإسلامية.. حتى أصبحت المفاخرة والمباهاة بأعراف ترى:

    أن المرأة الكريمة لا يليق بها أن تخرج من مخدعها إلا مرتان: أولاهما: إلى مخدع الزوجية.. وثانيتهما: إلى القبر الذى تُدفن فيه !..
    فهى عورة ، لا يسترها إلا " القبر " !.

    وإذا كان الإسلام قد حفظ حياتها من الوأد المادى (القتل) فإن المجد والمكرمات فى تلك العادات هى فى موتها !
    وشوراها شؤم يجب اجتنابها.. وإذا حدثت فلمخالفتها ، وللحذر من الأخذ بها !.
    والأكثر خطورة من هذه الأعراف والعادات والتقاليد ، التى سادت أوساطا ملحوظة ومؤثرة فى حياتنا الاجتماعية ، إبان مرحلة التراجع الحضارى ، هى التفسيرات المغلوطة لبعض المرويات الإسلامية بحثاً عن مرجعية إسلامية وغطاء شرعى لقيم التخلف والانحطاط التى سادت عالم المرأة فى ذلك التاريخ.. لقد كان الحظ الأوفر فى هذا المقام للتفسير الخاطىء الذى ساد وانتشر لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى رواه البخارى ومسلم عن نقص النساء فى العقل والدين.. وهو حديث رواه الصحابى الجليل أبو سعيد الخدرى رضى الله عنه فقال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أضحى أو فِطْر إلى المصلى فمرّ على النساء ، فقال:
    - " يا معشر النساء ، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن ".
    - قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله ؟.
    - قال: " أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل " ؟.
    - قلن: بلى.
    - قال: " فذلك من نقصان عقلها. أليس إذا حاضت لم تصلّ ولم تصم ؟ ".
    - قلن: بلى.
    - قال: " فذلك من نقصان دينها ".

    ذلكم هو الحديث الذى اتّخذَ تفسيره الملغوط ولا يزال " غطاء شرعيًّا " للعادات والتقاليد التى تنتقص من أهلية المرأة.. والذى ينطلق منه البعض فى " جهادهم " ضد إنصاف المرأة وتحريرها من أغلال التقاليد الراكدة.. وينطلق منه المتغربون وغلاة العلمانيين فى دعوتهم إلى إسقاط الإسلام من حسابات تحرير المرأة ، وطلب هذا التحرير فى النماذج الغربية الوافدة..
    الأمر الذى يستوجب إنقاذ المرأة من هذه التفسيرات المغلوطة لهذا الحديث.. بل إنقاذ هذا الحديث الشريف من هذه التفسيرات !..
    وذلك من خلال نظرات فى " متن " الحديث و " مضمونه " نكثفها فى عدد من النقاط:

    أولاها: أن الذاكرة الضابطة لنص هذا الحديث قد أصابها ما يطرح بعض علامات الاستفهام.. ففى رواية الحديث شك من الرواى حول مناسبة قوله.. هل كان ذلك فى عيد الأضحى ؟ أم فى عيد الفطر؟.. وهو شك لا يمكن إغفاله عند وزن المرويات والمأثورات.

    وثانيتها: أن الحديث يخاطب حالة خاصة من النساء ، ولا يشرّع شريعة دائمة ولا عامة فى مطلق النساء.. فهو يتحدث عن "واقع " والحديث عن " الواقع " القابل للتغير والتطور شىء ، والتشريع " للثوابت " عبادات وقيمًا ومعاملات شىء آخر..

    فعندما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم " إنا أمة أُمية ، لا نكتب ولا نحسب ". رواه البخارى ومسلم والنسائى وأبو داود والإمام أحمد فهو يصف " واقعاً " ، ولا يشرع لتأييد الجهل بالكتابة والحساب ، لأن القرآن الكريم قد بدأ بفريضة " القراءة " لكتاب الكون ولكتابات الأقلام (اقرأ باسم ربك الذى خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذى علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم) ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم الذى وصف " واقع " الأمية الكتابية والحسابية ، وهو الذى غير هذا الواقع ، بتحويل البدو الجهلاء الأميين إلى قراء وعلماء وفقهاء ، وذلك امتثالاً لأمر ربه ، فى القرآن الكريم ، الذى علمنا أن من وظائف جعل الله سبحانه وتعالى القمر منازل أن نتعلم عدد السنين والحساب (هو الذى جعل الشمس ضياء والقمر نوراًوقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون ). فوصف " الواقع " – كما نقول الآن مثلاً: " نحن مجتمعات متخلفة " لا يعنى شرعنة هذا " الواقع " ولا تأييده ، فضلاً عن تأبيده ، بأى حال من الأحوال.

    وثالثتها: أن فى بعض روايات هذا الحديث وخاصة رواية ابن عباس رضى الله عنهما ما يقطع بأن المقصود به إنما هى حالات خاصة لنساء لهن صفات خاصة ، هى التى جعلت منهن أكثر أهل النار ، لا لأنهن نساء ، وإنما لأنهن كما تنص وتعلل هذه الرواية " يكفرن العشير " ، ولو أحسن هذا العشير إلى إحداهن الدهر كله ، ثم رأت منه هِنَةً أو شيئاً لا يعجبها ، كفرت كفر نعمة بكل النعم التى أنعم عليها بها ، وقالت بسبب النزق أو الحمق أو غلبة العاطفة التى تنسيها ما قدمه لها هذا العشير من إحسان: " ما رأيت منك خيراً قط " ! رواه البخارى ومسلم والنسائى ومالك فى الموطأ..
    فهذا الحديث إذن وصف لحالة بعينها ، وخاص بهذه الحالة.. وليس تشريعاً عامًّا ودائماً لجنس النساء..

    ورابعتها: أن مناسبة الحديث ترشح ألفاظه وأوصافه لأن يكون المقصود من ورائها المدح وليس الذم.. فالذين يعرفون خُلق من صنعه الله على عينه ، حتى جعله صاحب الخُلق العظيم(وإنك لعلى خلق عظيم)
    والذين يعرفون كيف جعل الرسول صلى الله عليه وسلم من " العيد " الذى قال فيه هذا الحديث " فرحة " أشرك فى الاستمتاع بها مع الرجال كل النساء ، حتى الصغيرات ، بل وحتى الحُيَّض والنفساء !.. الذين يعرفون صاحب هذا الخلق العظيم ، ويعرفون رفقه بالقوارير ، ووصاياه بهن حتى وهو على فراش المرض يودع هذه الدنيا.. لا يمكن أن يتصوروه صلى الله عليه وسلم ذلك الذى يختار يوم الزينة والفرحة ليجابه كل النساء ومطلق جنس النساء بالذم والتقريع والحكم المؤبد عليهن بنقصان الأهلية ، لنقصانهن فى العقل والدين !..
    وإذا كانت المناسبة يوم العيد والزينة والفرحة لا ترشح أن يكون الذم والغم والحزن والتبكيت هو المقصود.. فإن ألفاظ الحديث تشهد على أن المقصود إنما كان المديح ، الذى يستخدم وصف " الواقع " الذى تشترك فى التحلى بصفاته غالبية النساء.. إن لم يكن كل النساء..
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  25. #25
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    فالحديث يشير إلى غلبة العاطفة والرقة على المرأة ، وهى عاطفة ورقة صارت " سلاحاً " تغلب به هذه المرأة أشد الرجال حزماً وشدة وعقلاً.. وإذا كانت غلبة العاطفة إنما تعنى تفوقها على الحسابات العقلية المجردة والجامدة ، فإننا نكون أمام عملة ذات وجهين ، تمثلها المرأة.. فعند المرأة تغلب العاطفة على العقلانية ، وذلك على عكس الرجل ، الذى تغلب عقلانيته وحساباته العقلانية عواطفه.. وفى هذا التمايز فقرة إلهية ، وحكمة بالغة ، ليكون عطاء المرأة فى ميادين العاطفة بلا حدود وبلا حسابات.. وليكون عطاء الرجل فى مجالات العقلانية المجردة والجامدة مكملاً لما نقص عند " الشق اللطيف والرقيق ! "..

    فنقص العقل الذى أشارت إليه كلمات الحديث النبوى الشريف هو وصف لواقع تتزين به المرأة السوية وتفخر به ، لأنه يعنى غلبة عاطفتها على عقلانيتها المجردة.. ولذلك ، كانت " مداعبة " صاحب الخُلق العظيم الذى آتاه ربه جوامع الكلم للنساء ، فى يوم الفرحة والزينة ، عندما قال: لهن: " إنهن يغلبن بسلاح العاطفة وسلطان الاستضعاف أهل الحزم والألباب من عقلاء الرجال ، ويخترقن بالعواطف الرقيقة أمنع الحصون !:
    - " ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن "
    فهو مدح للعاطفة الرقيقة التى تذهب بحزم ذوى العقول والألباب.. ويا بؤس وشقاء المرأة التى حرمت من شرف امتلاك هذا السلاح الذى فطر الله النساء على تقلده والتزين به فى هذه الحياة ! بل وأيضاً يا بؤس أهل الحزم والعقلانية من الرجال الذين حرموا فى هذه الحياة من الهزيمة أمام هذا السلاح.. سلاح العاطفة والاستضعاف !..

    وإذا كان هذا هو المعنى المناسب واللائق بالقائل وبالمخاطب وبالمناسبة وأيضاً المحبب لكل النساء والرجال معاً الذى قصدت إليه ألفاظ " نقص العقل " فى الحديث النبوى الشريف.. فإن المراد " بنقص الدين " هو الآخر وصف الواقع غير المذموم ، بل إنه الواقع المحمود والممدوح !..

    فعندما سألت النسوة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المقصود من نقصهن فى الدين ، تحدث عن اختصاصهن " برخص " فى العبادات تزيد على " الرخص " التى يشاركن فيها الرجال.. فالنساء يشاركن الرجال فى كل " الرخص " التى رخّص فيها الشارع من إفطار الصائم فى المرض والسفر.. إلى قصر الصلاة وجمعها فى السفر.. إلى إباحة المحرمات عند الضرورات.. إلخ.. إلخ ثم يزدن عن الرجال فى " رخص" خاصة بالإناث ، من مثل سقوط فرائض الصلاة والصيام عن الحيَّض والنفساء.. وإفطار المرضع ، عند الحاجة ، فى شهر رمضان.. إلخ.. إلخ..

    وإذا كان الله سبحانه وتعالى يحب أن تُؤتَى رخصه كما يحب أن تُؤتَى عزائمه ، فإن التزام النساء بهذه " الرخص " الشرعية هو الواجب المطلوب والمحمود ، وفيه لهن الأجر والثواب.. ولا يمكن أن يكون بالأمر المرذول والمذموم.. ووصف واقعه فى هذا الحديث النبوى مثله كمثل وصف الحديث لغلبة العاطفة الرقيقة الفياضة على العقلانية الجامدة ، عند النساء ، هو وصف لواقع محمود.. ولا يمكن أن يكون ذمًّا للنساء ، ينتقص من أهلية المرأة ومساواتها للرجال ، بأى حال من الأحوال.

    إن العقل ملكة من الملكات التى أنعم الله بها على الإنسان ، وليس هناك إنسان رجلاً كان أو امرأة يتساوى مع الآخر مساواة كلية ودقيقة فى ملكة العقل ونعمته.. ففى ذلك يتفاوت الناس ويختلفون.. بل إن عقل الإنسان الواحد وضبطه ذكراً كان أو أنثى يتفاوت زيادة ونقصاً بمرور الزمن ، وبما يكتسب من المعارف والعلوم والخبرات.. وليست هناك جبلة ولا طبيعة تفرق بين الرجال والنساء فى هذا الموضوع..

    وإذا كان العقل فى الإسلام هو مناط التكليف ، فإن المساواة بين النساء والرجال فى التكليف والحساب والجزاء شاهدة على أن التفسيرات المغلوطة لهذا الحديث النبوى الشريف ، هى تفسيرات ناقصة لمنطق الإسلام فى المساواة بين النساء والرجال فى التكليف.. ولو كان لهذه التفسيرات المغلوطة نصيب من الصحة لنقصت تكاليف الإسلام للنساء عن تكليفاته للرجال ، ولكانت تكاليفهن فى الصلاة والصيام والحج والعمرة والزكاة وغيرها على النصف من تكاليف الرجال !.
    ولكنها " الرخصة "، التى يُؤجر عليها الملتزمون بها والملتزمات ، كما يُؤجرون جميعاً عندما ينهضون بعزائم التكاليف.. إن النقص المذموم فى أى أمر من الأمور هو الذى يمكن إزالته وجبره وتغييره ، وإذا تغير وانجبر كان محموداً.. ولو كانت " الرخص " التى شرعت للنساء بسقوط الصلاة والصيام للحائض والنفساء مثلاً نقصًا مذمومًا ، لكان صيامهن وصلاتهن وهن حُيّض ونفساء أمرًا مقبولاً ومحمودًا ومأجورًا.. لكن الحال ليس كذلك ، بل إنه على العكس من ذلك.

    وأخيرًا ، فهل يعقل عاقل.. وهل يجوز فى أى منطق ، أن يعهد الإسلام ، وتعهد الفطرة الإلهية بأهم الصناعات الإنسانية والاجتماعية صناعة الإنسان ، ورعاية الأسرة ، وصياغة مستقبل الأمة إلى ناقصات العقل والدين ، بهذا المعنى السلبى ، الذى ظلم به غلاة العلمانيين الإسلام ، ورسوله الكريم ، الذى حرر المرأة تحريره للرجل ، عندما بعثه الله بالحياة والإحياء لمطلق الإنسان (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) فوضع بهذا الإحياء ، عن الناس كل الناس ما كانوا قد حُمِّلوا من الآصار والأغلال (الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوباً عندهم فى التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التى كانت عليهم..)

    إنها تفسيرات مغلوطة ، وساقطة ، حاول بها أسرى العادات والتقاليد إضفاء الشرعية الدينية على هذه العادات والتقاليد التى لا علاقة لها بالإسلام.. والتى يبرأ منها هذا الحديث النبوى الشريف..

    وإذا كان لنا فى ختام إزالة هذه الشبهة أن نزكى المنطق الإسلامى الذى صوبنا به معنى الحديث النبوى الشريف ، وخاصة بالنسبة للذين لا يطمئنون إلى المنطق إلا إذا دعمته وزكته " النصوص " ، فإننا نذكر بكلمات الإمام ابن القيم ، التى تقول: " إن المرأة العدل كالرجل فى الصدق والأمانة والديانة "

    وإذا كانت المرأة مسئولة مسئولية خاصة فيما يختص بعبادتها ونفسها ، فهى فى نظر الإسلام أيضاً مسئولة مسئولية عامة فيما يختص بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والإرشاد إلى الفضائل ، والتحذير من الرذائل. وقد صرح القرآن بمسئوليتها فى ذلك الجانب ، وقرن بينها وبين أخيها الرجل فى تلك المسئولية ، كما قرن بينها وبينه فى مسئولية الانحراف عن واجب الإيمان والإخلاص لله وللمسلمين (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ) (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون * وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هى حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم)

    فليس من الإسلام أن تلقى المرأة حظها من تلك المسئولية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وهى أكبر مسئولية فى نظر الإسلام على الرجل وحده ، بحجة أنه أقدر منها عليها ، أو أنها ذات طابع لا يسمح لها أن تقوم بهذا الواجب ، فللرجل دائرته ، وللمرأة دائرتها ، والحياة لا تستقيم إلا بتكاتف النوعين فيما ينهض بأمتهما ، فإن تخاذلا أو تخاذل أحدهما انحرفت الحياة الجادة عن سبيلها المستقيم..

    والإسلام فوق ذلك لم يقف بالمرأة عند حد اشتراكها مع أخيها الرجل فى المسئوليات جميعها خاصها وعامها بل رفع من شأنها ، وكرر تلقاء تحملها هذه المسئوليات احترام رأيها فيما تبدو وجاهته ، شأنه فى رأى الرجل تماماً سواءً بسواء. وإذا كان الإسلام جاء باختيار آراء بعض الرجال ، فقد جاء أيضاً باختيار رأى بعض النساء.

    وفى سورة المجادلة احترم الإسلام رأى المرأة ، وجعلها مجادلة ومحاورة للرسول ، وجمعها وإياه فى خطاب واحد(والله يسمع تحاوركما) وقرر رأيها ، وجعله تشريعاً عامًّا خالداً.. فكانت سورة المجادلة أثراً من آثار الفكر النسائى ، وصفحة إلهية خالدة نلمح فيها على مر الدهور صورة احترام الإسلام لرأى المرأة ، فالإسلام لا يرى المرأة مجرد زهرة ، ينعم الرجل بشم رائحتها ، وإنما هى مخلوق عاقل مفكر ، له رأى ، وللرأى قيمته ووزنه.

    وليس هناك فارق دينى بين المرأة والرجل فى التكليف والأهلية ، سوى أن التكليف يلحقها قبل أن يلحق الرجل ، وذلك لوصولها - بطبيعتها - إلى مناط التكليف ، وهو البلوغ ، قبل أن يصل إليه الرجل

    هكذا تضافرت الحجج المنطقية مع نصوص الاجتهاد الإسلامى على إزالة شبهة الانتقاص من أهلية المرأة ، بدعوى أن النساء ناقصات عقل ودين..
    وهكذا وضحت المعانى والمقاصد الحقة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذى اتخذت منه التفسيرات المغلوطة " غطاءً شرعيًّا " للعادات والتقاليد الراكدة ، تلك التى حملها البعض من الغلاة على الإسلام ، زوراً وبهتانًا.. والتى حسبها غلاة العلمانيين ديناً إلهيًّا ، فدعوا - لذلك - إلى تحرير المرأة من هذا الإسلام !.
    لقد صدق الله العظيم إذ يقولسنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد )

    إننا نلح منذ سنوات طوال وقبلنا ومعنا الكثيرون من علماء الإسلام ومفكريه على أن هذا الدين الحنيف إنما يمثل ثورة كبرى لتحرير المرأة ، لكن الخلاف بيننا وبين الغرب والمتغربين هو حول " نموذج "هذا التحرير.. فهم يريدون المرأة ندًّا مساوياً للرجل.. ونحن مع الإسلام نريد لها " مساواة الشقين المتكاملين ، لا الندين المتماثلين ".. وذلك ، لتتحرر المرأة ، مع بقائها أنثى ، ومع بقاء الرجل رجلاً ، كى يثمر هذا التمايز الفطرى بقاء ، ويجدد القبول والرغبة والجاذبية والسعادة بينهما سعادة النوع الإنسانى.

    ونلح على أن هذا " التشابه.. والتمايز " بين النساء والرجال ، هو الذى أشار إليه القرآن الكريم عندما قرن المساواة بالتمايز ، فقالت آياته المحكمات: (ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة) (وليس الذكر كالأنثى)

    أحـوال الـنـســاء فـي الـجـنـة

    لقد كثرت أسئلة النساء عن أحوالهن في الجنة وماذا ينتظرهن فيها أحببت أن أجمع عدة فوائد تجلي هذا الموضوع لهن مع توثيق ذلك بالأدلة الصحيحة وأقوال العلماء فأقول مستعينا بالله :

    1. لا ينكر على النساء عند سؤالهن عما سيحصل لهن في الجنة من الثواب وأنواع النعيم ، لأن النفس البشرية مولعة بالتفكير في مصيرها ومستقبلها ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينكر مثل هذه الأسئلة من صحابته عن الجنة وما فيها ومن ذلك أنهم سألوه صلى الله عليه وسلم : ( الجنة وما بنائها ؟ ) فقال صلى الله عليه وسلم : ( لبنة من ذهب ولبنة من فضة ...) إلى آخر الحديث .
    ومرة قالوا له : ( يا رسول الله هل نصل إلى نسائنا في الجنة ؟ ) فأخبرهم بحصول ذلك.

    2. أن النفس البشرية – سواء كانت رجلا أو امرأة – تشتاق وتطرب عند ذكر الجنة وما حوته من أنواع الملذات وهذا حسن بشرط أن لا يصبح مجرد أماني باطلة دون أن نتبع ذلك بالعمل الصالح فإن الله يقول للمؤمنين :
    ( وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ) الزخرف آية 72.
    فشوّقوا النفس بأخبار الجنة وصدّقوا ذلك بالعمل .

    3. أن الجنة ونعيمها ليست خاصة بالرجال دون النساء إنما هي قد ( أعدت للمتقين ) – آل عمران آية 133-من الجنسين كما أخبرنا بذلك تعالى قال سبحانه : ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ) – النساء آية 124- .

    4. ينبغي للمرأة أن لا تشغل بالها بكثرة الأسئلة والتنقيب عن تفصيلات دخولها للجنة : ماذا سيعمل بها ؟ أين ستذهب ؟ إلى آخر أسئلتها .. وكأنها قادمة إلى صحراء مهلكة !ويكفيها أن تعلم أنه بمجرد دخولها الجنة تختفي كل تعاسة أو شقاء مر بها .. ويتحول ذلك إلى سعادة دائمة وخلود أبدي ويكفيها قوله تعالى عن الجنة : ( لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين ) – الحجر آية48-
    وقوله : ( وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون ) – الزخرف آية 71- . ويكفيها قبل ذلك كله قوله تعالى عن أهل الجنة : ( رضي الله عنهم ورضوا عنه ) – المائدة 119-.

    5. عند ذكر الله للمغريات الموجودة في الجنة من أنواع المأكولات والمناظر الجميلة والمساكن والملابس فإنه يعمم ذلك للجنسين ( الذكر والأنثى ) فالجميع يستمتع بما سبق .
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  26. #26
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    ويتبقى : أن الله قد أغرى الرجال وشوقهم للجنة بذكر ما فيها من ( الحور العين ) و ( النساء الجميلات ) ولم يرد مثل هذا للنساء .. فقد تتساءل المرأة عن سبب هذا
    والجواب :
    أن الله : ( لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون ) – الأنبياء 23- ولكن لا حرج أن نستفيد حكمة هذا العمل من النصوص الشرعية وأصول الاسلام فأقول :
    - أن من طبيعة النساء الحياء – كما هو معلوم – ولهذا فإن الله – عزوجل – لا يشوقهن للجنة بما يستحين منه .
    - أن شوق المرأة للرجال ليس كشوق الرجال للمرأة – كما هو معلوم – ولهذا فإن الله شوّق الرجال بذكر نساء الجنة مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ) – أخرجه البخاري –
    أما المرأة فشوقها إلى الزينة من اللباس والحلي يفوق شوقها إلى الرجال لأنه مما جبلت عليه كما قال تعالى ( أومن ينشأ في الحلية ) – الزخرف آية 18-
    - قال الشيخ ابن عثيمين : إنما ذكر – أي الله عزوجل – الزوجات للأزواج لأن الزوج هو الطالب وهو الراغب في المرأة فلذلك ذكرت الزوجات للرجال في الجنة وسكت عن الأزواج للنساء ولكن ليس مقتضى ذلك أنه ليس لهن أزواج .. بل لهن أزواج من بني آدم .

    6. المرأة لا تخرج عن هذه الحالات في الدنيا فهي :
    - إما أن تموت قبل أن تتزوج .
    - إما أن تموت بعد طلاقها قبل أن تتزوج من آخر .
    - إما أن تكون متزوجة ولكن لا يدخل زوجها معها الجنة – والعياذ بالله –
    - إما أن تموت بعد زواجها .
    - إما أن يموت زوجها وتبقى بعده بلا زوج حتى تموت .
    - إما أن يموت زوجها فتتزوج بعده غيره .

    هذه حالات المرأة في الدنيا ولكل حالة ما يقابلها في الجنة :

    1. فأما المرأة التي ماتت قبل أن تتزوج فهذه يزوجها الله – عزوجل – في الجنة من رجل من أهل الدنيا لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما في الجنة أعزب ) – أخرجه مسلم – قال الشيخ ابن عثيمين : إذا لم تتزوج – أي المرأة – في الدنيا فإن الله تعالى يزوجها ما تقر بها عينها في الجنة .. فالنعيم في الجنة ليس مقصورا على الذكور وإنما هو للذكور والإناث ومن جملة النعيم : الزواج .
    2. ومثلها المرأة التي ماتت وهي مطلقة.
    3. ومثلها المرأة التي لم يدخل زوجها الجنة . قال الشيخ ابن عثيمين : فالمرأة إذا كانت من أهل الجنة ولم تتزوج أو كان زوجها ليس من أهل الجنة فإنها إذا دخلت الجنة فهناك من أهل الجنة من لم يتزوجوا من الرجال . أي فيتزوجها أحدهم .
    4. وأما المرأة التي ماتت بعد زواجها فهي – في الجنة – لزوجها الذي ماتت عنه 5. وأما المرأة التي مات عنها زوجها فبقيت بعده لم تتزوج حتى ماتت فهي زوجة له في الجنة .
    6. وأما المرأة التي مات عنها زوجها فتزوجت بعده فإنها تكون لآخر أزواجها مهما كثروا لقوله صلى الله عليه وسلم : ( المرأة لآخر أزواجها ) – سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني .
    ولقول حذيفة – رضي الله عنه – لامرأته : ( إن شئت أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تزوجي بعدي فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا فلذلك حرم الله على أزواج النبي أن ينكحن بعده لأنهن أزواجه في الجنة ( .

    مسألة: قد يقول قائل : إنه قد ورد في الدعاء للجنازة أننا نقول ( وأبدلها زوجا خيرا من زوجها ) فإذا كانت متزوجة .. فكيف ندعوا لها بهذا ونحن نعلم أن زوجها في الدنيا هو زوجها في الجنة وإذا كانت لم تتزوج فأين زوجها ؟

    والجواب كما قال الشيخ ابن عثيمين : إن كانت غير متزوجة فالمراد خيرا من زوجها المقدر لها لو بقيت وأما إذا كانت متزوجة فالمراد بكونه خيرا من زوجها أي خيرا منه في الصفات في الدنيا لأن التبديل يكون بتبديل الأعيان كما لو بعت شاة ببعير مثلا ويكون بتبديل الأوصاف كما لو قلت ك بدل الله كفر هذا الرجل بإيمان وكما في قوله تعالى : ( ويوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ) – سورة إبراهيم آية 48- والأرض هي الأرض ولكنها مدت والسماء هي السماء لكنها انشقت .

    7. ورد في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم للنساء : ( إني رأيتكن أكثر أهل النار ...) وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم : ( إن أقل ساكني الجنة النساء ) –أخرجه البخاري ومسلم – وورد في حديث آخر صحيح أن لكل رجل من أهل الدنيا ( زوجتان ) أي من نساء الدنيا .
    فاختلف العلماء – لأجل هذا – في التوفيق بين الأحاديث السابقة : أي هل النساء أكثر في الجنة أم في النار ؟
    فقال بعضهم : بأن النساء يكن أكثر أهل الجنة وكذلك أكثر أهل النار لكثرتهن . قال القاضي عياض : ( النساء أكثر ولد آدم .(
    وقال بعضهم : بأن النساء أكثر أهل النار للأحاديث السابقة . وأنهن – أيضا – أكثر أهل الجنة إذا جمعن مع الحور العين فيكون الجميع أكثر من الرجال في الجنة
    الحاصل : أن تحرص المرأة أن لا تكون من أهل النار .

    8.إذا دخلت المرأة الجنة فإن الله يعيد إليها شبابها وبكارتها لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الجنة لايدخلها عجوز .... إن الله تعالى إذا أدخلهن الجنة حولهن أبكارا ) .

    9. ورد في بعض الآثار أن نساء الدنيا يكن في الجنة أجمل من الحور العين بأضعاف كثيرة نظرا لعبادتهن الله

    10. قال ابن القيم ( إن كل واحد محجور عليه أن يقرب أهل غيره فيها ) أي في الجنة .

    وبعد : فهذه الجنة قد تزينت لكن معشر النساء كما تزينت للرجال ( في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) فالله الله أن تضعن الفرصة فإن العمر عما قليل يرتحل ولا يبقى بعده إلا الخلود الدائم ، فليكن خلودكن في الجنة – إن شاء الله – واعلمن أن الجنة مهرها الإيمان والعمل الصالح وليس الأماني الباطلة مع التفريط وتذكرن قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها : ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت ) .

    واحذرن - كل الحذر – دعاة الفتنة و( تدمير ) المرأة من الذين يودون إفسادكن وابتذالكن وصرفكن عن الفوز بنعيم الجنة . ولا تُغررن بعبارات وزخارف هؤلاء المتحررين والمتحررات من الكتاب والكاتبات ومثلهم أصحاب ( القنوات ) فإنهم كما قال تعالى : ( ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء )

    عــمــل الــمــرأة

    المرأة والرجل شريكان في صنع الحياة السليمة المنسجمة للمجتمع. وهما معا يكمل احدهما الآخر ليأتي المجتمع المتسق السليم بما يقتضيه ذلك من عمل نافع مشروع ودؤوب لا ينقطع. بل أنهما معا منوط بهما أن يعملا في جد واهتمام وإخلاص ليتحقق للفرد والأسرة والجماعة كل أسباب السعادة والائتلاف والرخاء.

    وهذه حقيقة أساسية مستبينة لا ينكرها ولا يتجاوزها عاقل منصف. ومع ذلك فانه يتظاهر كثيرا من الفارغين والمنافقين والسذج في عصرنا الراهن بأنهم احرص الناس على حرية المرأة في العمل ليكون من حقها أن تعمل وتتكسب لتملك المال ومثل هذه الثرثرة من الكلام كثير. وهو كلام يتردد من خلال المقالات والخطابات والمؤتمرات، وربما تضمن ذلك في بعض الأحيان إشارة من غمز مقصود يساء به إلى الإسلام. وأمثال هؤلاء من أولى اللغط والثرثرة وفارغ الكلام كثر . وذلك من جملة القدر المكتوب للاسلام ان تتناوشه سهام الجهالة والمماكرة والنفاق في كل زمان .مع ان كل ذي علم مستنير وطبع سوى وضمير يؤمن ببراءة الاسلام من كل ما ينسب اليه من كذب وافتراء وتضليل عن حق المراة في العمل. والاسلام مبرأ على الدوام من اقاويل المبطلين الذين لا يزداد الاسلام بتخريصهم وافتراءاتهم عليه الا رسوخا وثباتا وشيوعا .

    اما المراة والعمل فذلكم في شريعة الاسلام من حيث الجملة والعموم جائز وحاصل . فمن ذا الاكتساب يمنع المراة من العمل ان استطاعت ذلك وكان لديها من المتسع والقدرة على الاكتساب وتحصيل الرزق .

    على ان الاسلام دين العدل والرحمة والاعتدال . وهو بطبيعته مناف لكل صور الافراط مثلما هو مناف للتفريط . فليس من الاسلام ان تشيع الفوضى ويطلق التحرر في السلوك من غير ضباط ولا اتزان ، لان ذلك صنو الاباحية التي يريدها الغربيون الذين تنشأوا على اباحية دارون وفرويد ويريدها كذلك اتباعهم من اللاهثين في بلادنا الذين يجمحون وراءهم خفافا مقلدين حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلوه وراءهم وذلك في تبعية ذميمة واحساس خسيس بالنقص .
    على ان يجب التمييز من اجل العمل – بين المراة ذات الزوج والاولاد ، والاخرى غير المتزوجة . اما ذات الزوج والاولاد فانها يناط بها قبل كل شيء اعظم عمل واشرف وجيبه واشدها خطورة وقداسة . وتلكم هي رعاية الاولاد . لا جرم ان الاولاد هم خلاصة ما يبتغيه الناس والافراد في حياتهم الدنيوية . اليس الاولاد بطفولتهم البرئية وفتوتهم الغضة وشبابهم المفتول اغلى واحلى من المال ؟ لا ريب انهم اغلى واحلى بكثير بالرغم من حب الانسان الشديد للمال . ورعاية الاولاد من حيث تنشئتهم وتربيتهم ليكونوا سالمين اسوياء امر مضن وبالغ الصعوبة .وهو يقتضي جهدا عظيما وموصولا من الابوين والام خاصة . وغني عن البيان مدى حاجة الاطفال الكبرى لامهم في المرحلة الاولى من سنى حياتهم . وهذه الفترة الزمنية الاولى من حياة الاطفال يتفق العلماء والدارسون واهل التربية على انها بالغة الاهمية والخطورة . بل ان فترة الطفولة من حياة الاولاد ، هي المجال الذي تتخلق فيه اسباب العقد النفسية والشذوذ للانسان . فما يجده الاطفال في سنى حياتهم الاولى من ظواهر الايلام والقسوة والحرمان والتجبر وغير ذلك من وجوه القمع والتخويف والفظاظة والايذاء - ما يلبث ان يرقد ويستنيم في عقله الباطن ( اللاشعور ) فيظل على حالة من الجثوم والرقود حتى اذا انقضت الطفولة وولت بدأت هذه الاعراض المستكنة المستنيمة في اللاشعور بالتململ لتظهر على السطح من نفس الانسان وهو الشعور بادية للعيان وذلك على اشكال شتى من الامراض النفسية التي يظل يعاني منها الانسان ويكابد طيلة حياته سواء في الشباب او الكهولة .

    وعلى هذا فان رعاية الطفل في باكورة حياته امر خطير وجلل. بل انها المنطلق الاساسي الذي تنبعث منه طواهر الصحة النفسية للانسان كسلامة الطبع والاعصاب واستواء النفس والشخصية . او نقيض ذلك من الامراض على اختلاف انواعها ومسمياتها وهو ما يفضي الى خلل في السلوك لدى الانسان و إضطراب ظاهر في شخصيته نتيجة للاختلال في جهازه النفسي . اما السبب المباشر والاكبر لكل هاتيك الامراض والمثالب النفسية والمعضلات الشخصية هو الاساءة الى الاطفال في بداية حياتهم الاولى ، افلا نستيقن بعد هذا ان رعاية المراة لاولادها درءا لما ذكرناه من سوء العواقب امر واجب وشديد الاهمية . بل ان ذلك اجدر بالاهتمام والتركيز من الحرص على التكسب وجمع المال . ولسوف يجاب عن ذلك بان المرأة حيث ان الاشراف على الاولاد او الاضطلاع بخدمتهم وتربيتهم في البيت يمكنها ان تعول في ذلك كله على الخادمة في البيت لتقوم مقامها تماما . او ان تعول على بيوت الحضانة فتضطلع بالقيام على الاطفال . ومهما يكن من اجابات او ردود فان الام لا يمكن الاستغناء عنها البتة . بل ان الخادمات وبيوت الحضانة التي تعتني بالاطفال ، لا تجزئ عن مقام الام ولو بمعشار . فمؤسسات الرعاية والعناية بالطفل لا تقدم غير المقتضيات المادية كالطعام والشراب والتنظيف .

    ومعلوم ان الطفل اشد حاجة للعاطفة والرافة ورقة القلوب كحاجته للطعام والشراب او اكثر . ومثل هذه الظواهر من حرارة العاطفة وصدق القلب والضمير وعظيم التحمل والصبر لا يتحقق للطفل على التمام الا في كنف امه . اذا حرم الطفل من هاتيك المقومات الاساسية النفسية في الصغر فلسوف يبوء في مقتبل العمر بمختلف العقد وامراض النفس واضطراب الشخصية والاعصاب . ومن الحق الذي لا ريب فيه ان واجب التريبة والتهذيب للانسان في مرحلة الطفولة شاقة وعسيرة ومضنية .وهي لا يطيقها او يقوى على احتمالها باخلاص وصدق وامانة الا ذو عزم وهمة . او ذو قلب غض رحيب تتقاطر منه نداوة الرافة والاشفاق والتحنان . ومثل هاتيك الخصائص الكبريات لا يتجلى الا في الام . ومن اجل ذلك فان النبي صلى الله عليه وسلم يستوصي بالامهات خيرا اكثر مما يستوصي بمن سواهن ، اذ يقول : " ان الله تعالى يوصيكم بامهاتكم ثلاثا . ان الله تعالى يوصيكم بابائكم مرتين . ان الله يوصيكم بالاقرب فالاقرب " .

    ومما هو جدير ذكره هنا ان المرأة ذات الاسرة والاولاد والاطفال ان كان لديها متسع وطاقة للعمل فليس عليها من باس او غضاضة في ان تعمل لتستزيد من الرزق فتعين زوجها او اهلها على العيش في خير . لا مانع للمراة في ظل الاسلام ان تعمل وتستزيد من الرزق واسباب العيش كي تعين زوجها واولادها واهلها ان المت بهم حاجة اوعوز . وذلك اذا ما روعيت جملة اعتبارات اثناء العمل فتظل محفوفة بالتكريم والاجلال والمهابة .
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  27. #27
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    اما الاعتبار الاول : فهو اجتناب مواقع الرجال و التزام المراة العاملة بالزي الشرعي وهو ان تلبس اللباس الساتر الفضفاض غير القصير ولا الشفيف ولا الضيق الواصف . وذلك على سبيل الدراء للفتنة والبعد عن احتمالات اللمز التي يصوبها اليها الفارغون من خفاف الرجال . ومن شان الرجال ودابهم في الغالب ان ينظروا للمراة ذات الزي الشرعي الشامل بمنظار الاحترام والتقدير والاستحياء مما يصدهم بالضرورة عن التحرش بها بشيء من الاشارة او اللمز او الثرثرة . لكنها اذا تبرجت تبرج الجاهلية فتجردت من الزي الذي كتبه الاسلام عليها لتخرج في زينتها وتبرجها . فلا جرم ان تكون بذلك سببا مباشرا للاثارة والفتنة فتكون بذلك هدفا للثرثارين واللامزين ، واولئك جميعا يرمونها بسهام التجريح والتطاول والاساءة اليها بسقط الكلام الهابط واللغو المسف . وذلك ما لا يرضى به الاسلام للمرأة التي كتب لها ان تصان بسياج من الرعاية والتكريم والتبجيل ، فلاينال من سمعتها وكرامتها الفارغون بالسنتهم السليطة الحداد التي تنزف بذاءة وفحشاء .
    وكذلك لا يرضى الاسلام للمجتمع ان تثار فيه اسباب الغواية والفتنة فيستشاط بها الرجال ويلغط بها المراهقون والشباب لغط المتهيج المحموم .
    فان وجب على المراة ان تتزيين بزي الاسلام من اللباس لدى الخروج فما يراد بذلك ان يمسها شيء من ضيق او حرج . وانما المراد ان تحاط باغشية كثاف من التقدير والاحترام فتنتزع لنفسها فيضا من استحياء الناظرين واجلالهم وذلك عن طواعية واحترام . ويراد كذلك ان تغيض عن اعين الرجال ظواهر الاغراء والاغواء فلا يجنحوا اوتلين اعصابهم واراداتهم . فاذا ما تحقق ذلك صارت الاوضاع الاجتماعية على خير حال من الاتزان والاستقامة ، وغاضت بذلك اسباب الجنوح والاسترخاء وتوتر الاعصاب وفي الكتاب الحكيم تذكير للمرأة ان تتزيين بزي الاسلام في اللباس لدى الخروج وهو قوله سبحانه : ( يايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلبيهن ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ) أي كيلا يؤذيهن المتطاولون من خفاف الرجال والمنافقين ، وهم كثيرون فانهم يتطاولون عليهن بفاحش القول وبذي الكلام .

    اما الاعتبار الثاني: فهو عدم الخلوة وهو ان تختلي المراة بالرجل في مكان محكم الاغلاق كيلا يراهما اذ ذاك احد .لا جرم ان هذه خلوة منهي عنها شرعا . ولقد حذر النبي صلى الله علية وسلم من مغبة الخلوة لما يجرجر اليه ذلك من مخاطر الفتنة وسوء العواقب فقال عليه الصلاة والسلام : " من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يخلون بامراة ليس بينها وبينه محرم . وفي حديث اخر عنه صلى الله عليه وسلم " اياك والخلوة بالنساء والذي نفسي بيده ما خلا رجل بامراة الا ودخل الشيطان بينهما.

    والخلوة بين الرجل والمراة وما تفضي اليه من سوء العواقب والمشكلات حقيقة لايجحدها الاغافل جاهل اومكابر عنيد انها حقيقة اظهرتها الاحداث والواقائع المشهودة احداث ووقائع مريبة تطفو على سطح الواقع فيدركها الناس وتتناقلها الاخبار والالسن . وعقب ذلك تشيع الفتنة والشهوات وتغشى المجتمع موجه من الظنون والاقاويل . كل هاتيك العواقب الوخيمة والاجواء المحمومة قد حال الاسلام دون وقوعها وذلك عن طريق الوقاية وهي الحيلولة دون الخلوة التي يتصدر فيها الشيطان جلسة المختليين الاثنين فيسول لها الافتتان والتحرش .

    وعلى هذا فان الخلوة بين الذكر والانثى حرام في شريعة الاسلام الا ان يكون بينهما محرم فتغيض بوجوده كل بواعث الفتنة وترقد بسببه كوامن النزوة وطيش العواطف .

    اما الاعتبار الثالث : فهو مجانية الاسباب التي تورث الفتنة كالاختلاط بالرجال لغير حاجة معتبره . فان الاختلاط في الغالب يثير كوامن الغريزة لدى الجنسين . وبذلك فانه لاحاجه للمجتمع الرصين السليم من العبث والخلخلة لمثل هذا الاختلاط المطلق الذي تتلاحم فيه الاجساد في الجيئة والذهاب ، في القيام والقعود . وذلكم هو المجتمع الاسلامي المصون المتماسك الذي يصنعه الاسلام بعقيدته واخلاقه وتعاليمه . انه المجتمع المتطهر من كل ادناس الفواحش والرذيلة والمبرأ من كل الوان الرجس والعهر والخيانة التي تتلطخ بها المجتمعات المادية الاباحية .

    اما المجالات التي يمكن للمراة ان تعمل فيها فلا يمسها فيها باس اوحرج فهي كثيرة ومختلفة منها التعليم ، وذلك ان البنات يجب في حقهن ان يتعلمن فياخذن بحظهن من زاد العلم والمعرفة . وفي الحديث " طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة " فلا مناص اذن من ان يضطلع بتعليمهن نساء من جنسهن فهن اصلح لذلك وانفع .ومنها التطبيب لتضطلع بدورها في تطبيب النساء ومعالجتهن من الامراض .فان عز في النساء من تقوم بمثل هذه الواجب فقد جاز للرجال حينئذ ان يقوموا بذلك في حال الضرورة. ومنها التجارية ذلك ان المراة تملك المال ولها كامل الحق في التصرف فيه كيف تشاء فهي بذلك تتجر بمالها من اجل تنميته واستثماره وذلك بمختلف الوجوه من البيوت كالمضاربات والشركات والمزارع وعقود الصرف وغير ذلك من وجوه المعاملات المالية والتجارية المباحة .وقد سبقت النساء في هذا المجال من التجارة خير نساء العالمين بعد مريم البتول وتلكم هي المراة المكرمة المثلى زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد رضى الله عنها ومنها اعمار الارض للاستفادة من خيراتها وثمراتها وذلك بفلاحتها وزراعتها وبما يتبع ذلك من قطاف وحصاد وجذاذ والمرأة في مثل هذه الاعمال معوان صادق للرجل فتعينه وتبذل له المساعدة تسهيلا له وعونا على الاستفادة وجني المحصول . وثمة عمل للمراة اخر يصبح لزاما عليها في كثير من الظروف التي تدلهم فيها الخطوب من حول المسلمين فتحيط بهم الاهوال والمخاطر بسبب العدوان من المشركين الظالمين فلا يجد المسلمون حينئذ مناصا عن خوض الحرب ومقاتلة المعتدين . وفي مثل هذه الحال من اعتداء الظالمين على المسلمين يصبح الجهاد مفروضا على المسلمين كافة سواء فيهم الرجال والنساء وللمرأة دورها الظاهر في ساحات القتال بما بتذل من خدمات جليلة مؤثرة كحمل العتاد والذخائر ونقلها الى العساكر .وكذلك نقل الادوية والاغذية والماء للجند وابعاد الجرحى والشهداء من ارض المعركة . وكذلك اطلاق النار بانفسهن على المعتدين لردعهم ودفع شرهم عن المسلمين . وغير ذلك مما يناط بالمرأة عمله في ساحة الجهاد . وهذه الاعمال جديرة بالاهتمام والتعظيم لفرط اهميتها وعظيم تاثيرها على مصير المعركة مع الاشرار المتربصين .
    وفي دور النساء في القتال روى انس رضى الله عنه :" لما كان يوم احد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم ولقد رايت عائشة بنت ابي بكر وام سليم وانهما لمشمرتان ارى خدم سوقهما تنقلان القرب على متونهما ثم تفرغانها في افواه القوم ثم ترجعان فتملانها تجيئان فتفرغانها في افواه القوم. وعنه قال " كان النبي صلى الله عليه وسلم يغزو بام سليم ونسوة من الانصار معه فيسقين الماء ويداوين الجرحى "
    وقالت الربيع بنت معوذ " كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم فنسقي القوم ونخدمهم ونرد الجرحى الى المدينة "
    وقالت ام عطية رضى الله عنها : "غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع غزوات اخلفهم في رحالهم فاصنع لهم الطعام واداوي الجرحى واقوم على المرضى " .

    وخلاصة المسالة ان المراة منوط بها اعمال كثيرة تؤديها للمجتمع ، كالاتجار بالمال وفلاحة الارض باعمارها واستثمارها .وكذلك اشغال الوظائف المعقولة التي تليق بانوثتها كالتعليم والتطبيب وغيرهما . وياتي في طليعة ذلك كله اسهامها في ساحات القتال مع الرجال دفعا لعدوان المعتدين .وبذلك فان المرأة تناط بها اعمال كثيرة لتؤدي دورها البارز في بناء المجتمع الاسلامي فيكون مجتمعا رصين البنيان قوي الاركان .

    فلا مجال بعد ذلك لجاهل مخدوع او لمغرض متربص ان يصطنع من الكلام الملفق المغرض ليسيء به الى الاسلام فيهذي ان المراة في ظل الاسلام رهينة الاحتباس في البيت ولا يجوز لها ان تعمل .ومثل هذا الكلام المطلق خاطئ يهذي به الذين يبتغون الاساءة الى دين الله . هذا الدين المميز المفضال الذي يرعى المرأة بكل اسباب الرعاية ويحيطها من ظواهر التكريم والاجلال ما ليس له في تاريخ المجتمعات والفلسفات نظير .وخير دليل على صدق هذه الحقيقة قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حق النساء : " ان الله يوصيكم بالنساء خيراً فانهن امهاتكم وبناتكم وخالاتكم"

    الــقــوامــة

    يقول المتقولون على الإسلام: إن الإسلام يجعل الرجل قواماً على المرأة (الرجال قوامون على النساء) ، قد فرض وصايته عليها ، وسلبها بذلك حريتها وأهليتها ، وثقتها بنفسها.

    ونقول: ليس الأمر كما يرون ويفهمون من القوامة ، فليس قوامة الرجل في الإسلام قوامة السطوة والاستبداد والقوة والاستعباد ، ولكنها قوامة التبعات ، والالتزامات والمسؤوليات ، قوامة مبينة على الشورى والتفاهم على أمور البيت والأسرة ، قوامة ليس منشؤها تفضيل عنصر الرجل على عنصر المرأة ، وإنما منشؤها ما ركب الله في الرجل من ميزات فطرية ، تؤهله لدور القوامة لا توجد في المرأة ، بينما ركب في المرأة ميزات فطرية أخرى ، تؤهلها للقيام بما خلقت من أجله ، وهو الأمومة ورعاية البيت وشؤونه الداخلية.

    فهو أقوم منها في الجسم ، وأقدر على الكسب والدفاع عن بيته وعرضه ، لا شك في ذلك ، وهو أقدر منها على معالجة الأمور ، وحل معضلات الحياة بالمنطق والحكمة وتحكيم العقل ، والتحكم بعواطفه لا شك في ذلك أيضاً ، والأمومة والبيت في حاجة إلى نوع آخر من الميزات الفطرية ، في حاجة إلى العاطفة الدافقة والحنان الدافئ ، والإحساس المرهف ، لتضفي على البيت روح الحنان والحب ، وتغمر أولادها بالعطف والشفقة.

    وإذا سألنا هؤلاء المدعين: أيهما أجدر أن تكون له القوامة بما فيها من تبعات: الفكر والعقل ، أم العاطفة والانفعال؟ لا شك أنهم يوافقوننا أن الفكر هو الأجدر ، لأنه هو الذي يستطيع تدبير الأمور ، بعيداً عن الانفعال الحاد الذي كثيراً ما يلتوي بالتفكير ، فيحيد به عن الصراط المستقيم ، فالرجل بطبيعته المفكرة لا المنفعلة ، وبما هيأه الله له من قدرة على الصراع واحتمال أعصابه لنتائجه وتبعاته ، أصلح من المرأة في أمر القوامة على البيت ، بل إن المرأة نفسها ، لا تحترم الرجل الذي تسيّره ، فيخضع لرغباتها بل تحتقره بفطرتها ، ولا تقيم له أي اعتبار.

    والرجل أيضاً أب الأولاد ، وإليه ينتسبون ، وهو المسؤول عن نفقتهم ورعاية سائر شئونهم ، وهو صاحب المسكن ، عليه إيجاده وحمايته ونفقته.

    ونسأل هؤلاء أيضاً ، أليس من الإنصاف والعدل أن يكون من حُمّل هذه التبعات وكُلف هذه التكاليف من أمور البيت وشئونه ، أحق بالقوامة والرياسة ، ممن كُفلت لها جميع أمورها ، وجعلت في حل من جميع الالتزامات؟ لا شك أن المنطق وبداهة الأمور ، يؤيدان ذلك.

    فرياسة الرجل إذاً ، إنما نشأت له في مقابل التبعات التي كلف بها ، وما وهبه الله من ميزات فطرية ، تجعله مستعداً للقوامة.

    ثم إن القوامة التي جعلها الإسلام للرجل ، لا استبداد فيها ، ولا استعباد للمرأة ، بل هي مبينة على الشورى والتفاهم بين الشريكين.

    وقد نبه الإسلام الرجال لذلك ، ووجههم إلى تحقيق معنى القوامة التي يعنيها قال الله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف) ، وقال صلى الله عليه وسلم: (خيرك خيركم لأهله) ، ويُشعر الرجال أن النساء بحاجة إلى الرعاية ، لا إلى التسلط والتشدد: (استوصوا بالنساء خيراً ، فإنهن عوان عندكم) ، قال هذا في حجة الوداع ، وهو من آخر ما قال صلى الله عليه وسلم عن النساء ، ويقول صلى الله عليه وسلم: (خياركم ، خياركم لنسائهم) ، ويوصيهم بالصبر والاحتمال ، والصبر والاحتمال من مقومات القوامة (لا يفرك مؤمن مؤمنة ، إن كره منها خُلقاً ، رضي منها آخر).

    يقول سيد قطب -‏‎ ‎رحمه الله - : " إن الأسرة هي المؤسسة الأولى في الحياة الإنسانية ، وإذا كانت ‏المؤسسات الأخرى الأقل شأناً ، والأرخص سعراً كالمؤسسات المالية والتجارية والصناعية لا يوكل ‏أمرها - عادةً - إلا لأكفأ المرشحين لها ، فأولى أن تُتبع هذه القاعدة في مؤسسة الأسرة التي تُنشيء ‏أثمن عناصر الكون ‏‎…‎العنصر الإنساني.. والمنهج الرباني يراعي هذا ويراعي به الفطرة ، ‏والإستعدادات الموهوبة لشطري النفس لأداء الوظائف المنوطة بكل منهما وفق هذه الإستعدادات ، ‏كما يراعي به العدالة في توزيع الأعباء على شطري النفس الواحدة ".‏

    ‏ قال صلى الله عليه وسلم : " من عال ابنتين أو ثلاث بنات أو أختين أو ثلاث أخوات حتى يبلغن أو ‏يموت عنهن أنا وهو كهاتين وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى "‏
    كما أنه صلى الله عليه وسلم أعطى للأم 75% من حسن صحبة الأبناء وأبقى 25% فقط للرجال ‏عندما سأله رجل عن أحق الناس بحسن صحابته فكرر " أمك " ثلاث مرات .‏
    وقوامة الرجل على المرأة سبب من أسباب مضاعفة ما يرثه الرجل -في بعض الحالات - عما ترثه المرأة
    فما ترثه هي تتصرف به كما تشاء
    بينما الرجل مكلف بالإنفاق على نفسه وعلى كل من يعول من زوجة وأبناء ووالدين وإخوة وأخوات.......
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  28. #28
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    وخلاصة القول: أن نظرية الإسلام في المرأة أنها إنسان قبل كل شيء ، والإنسان له حقوقه الإنسانية ، وأنها شقيقة الرجل ، خلقت من نفس عنصره الذي خلق منه ، فهو وهي سيان في الإنسانية ، (إنما النساء شقائق الرجال) ، هكذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقول الله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً).

    وإذا استشعر الزوج ذلك ، وامتثل ما أمره الله ، وأمره رسوله به ، لا شك أنه سينصف المرأة ، ومن شذ عن ذلك ، واستبد ، وتعالى ، وجار على المرأة ، فإن الإسلام لا يرضى منه ذلك ، ولا يؤخذ الإسلام بجريرة الشواذ ، العاصين لأوامره ولا يمكن أن يحكم على الإسلام وصلاحه بأفعالهم.

    الـمـسـاواة بـيـن الـمـرأة والـرجـل

    من النظريات التي بنى عليها المجتمع الغربي الحديث المساواة بين الرجل والمرأة ، المساواة في كل شيء ، في الحقوق والواجبات ، وفي الالتزامات والمسؤوليات ، فيقوم الجنسان بأعمال من نوع واحد ، وتقسم بينهما واجبات جميع شعب الحياة بالتساوي.

    وبسبب هذه الفكرة الخاطئة للمساواة ، انشغلت المرأة الغربية ، بل انحرفت عن أداء واجباتها الفطرية ووظائفها الطبيعية ، التي يتوقف على أدائها بقاء المدنية ، بل بقاء الجنس البشري بأسره ، واستهوتها الأعمال والحركات السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، وجذبتها إلى نفسها بكل ما في طبعها وشخصيتها من خصائص ، وشغلت أفكارها وعواطفها شغلاً ، أذهلها عن وظائفها الطبيعية ، حتى أبعدت من برنامج حياتها ، القيام بتبعات الحياة الزوجية ، وتربية الأطفال وخدمة البيت ، ورعاية الأسرة ، بل كُرّه إلى نفسها كل هذه الأعمال ، التي هي وظائفها الفطرية الحقيقية ، وبلغ من سعيها خلف الرجل طلباً للمساواة إلى حد محاكاته في كل حركاته وسكناته ، لبس الرجل القصير من اللباس فلبست المرأة مثله ، ونزل البحر فنزلته ، وجلس في المقهى والمنتزه فجلست مثله بدافع المساواة ، ولعب الرياضة فلعبت مثله ، وهكذا.

    وكان من نتيجة ذلك أن تبدد شمل النظام العائلي في الغرب الذي هو أساس المدنية ودعامتها الأولية ، وانعدمت – أو كادت – الحياة البيتية ، التي تتوقف على هدوئها واستقرارها قوة الإنسان ، ونشاطه في العمل ، وأصبحت رابطة الزواج - التي هي الصورة الصحيحة الوحيدة لارتباط الرجل والمرأة ، وتعاونهما على خدمة الحياة والمدنية - أصبحت واهية وصورية في مظهرها ومخبرها.

    وجاء التصوير الخاطئ للمساواة بين الرجال والنساء بإهدار الفضائل الخلقية ، التي هي زينة للرجال عامة ، وللنساء خاصة فقاد المرأة إلى التبذل وفساد الأخلاق ، حتى عادت تلك المخزيات التي كان يتحرج من مقارفتها الرجال من قبل ، لا تستحي من ارتكابها بنات حواء في المجتمع الغربي الحديث.

    هكذا كان تصورهم الخاطئ للمساواة ، وهكذا كانت نتائجه على الحياة ، وعلى كل مقومات الحياة الفاضلة ، والعجيب أن يوجد في عالمنا الإسلامي اليوم من ينادي بهذه الأفكار ، ويعمل على نشرها وتطبيقها في مجتمعنا الإسلامي ، على الرغم مما ظهر واتضح من نتائجها ، وآثارها السيئة المدمرة ، ونسي أولئك أو تناسوا أن لدينا من مباديء ديننا ومقومات مجتمعنا وموروثات ماضينا ما يجعلنا في غنى عن أن نستورد مبادئ وتقاليد وأنظمة لا تمت إلى مجتمعنا المسلم بصلة ، ولا تشده إليها آصرة ، ولا يمكن أن ينجح تطبيقها فيه ، لأن للمجتمع المسلم من الأصالة والمقومات ، وحرصه عليها ما يقف حائلاً دون ذلك التطبيق ، أو على الأقل كمال نجاحه ، كما نسي أولئك المنادون باستيراد هذه النظم والنظريات ، ونسي معهم أولئك الواضعون لهذه النظم من الغربيين أو تناسوا الفروق الجوهرية الدقيقة العميقة التي أوجدها الخالق سبحانه بين الذكر والأنثى من بني البشر مما يتعذر بل يستحيل تطبيق نظرية المساواة الكاملة بين الذكر والأنثى في جميع الحقوق والواجبات والالتزامات والمسؤوليات.

    وهاهم ينادون بالمساواة بين المرأة والرجل بينما القرآن الكريم يقرر خلاف ذلك فيقول تبارك وتعالى نقلاً لكلام امرأة عمران: (فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم).

    وهاهي شهادة من أحد مفكري الغرب واضعي نظرية المساواة ، يقول كاريل في كتابه (الإنسان ذلك المجهول)

    ( إن ما بين الرجل والمرأة من فروق ، ليست ناشئة عن اختلاف الأعضاء الجنسية ، وعن وجود الرحم والحمل ، أو عن اختلاف في طريقة التربية ، وإنما تنشأ عن سبب جد عميق ، هو تأثير العضوية بكاملها بالمواد الكيماوية ، ومفرزات الغدد التناسلية ، وإن جهل هذه الوقائع الأساسية هو الذي جعل رواد الحركة النسائية يأخذون بالرأي القائل: بأن كلا من الجنسين الذكور والإناث يمكن أن يتلقوا ثقافة واحدة وأن يمارسوا أعمالاً متماثلة ، والحقيقة أن المرأة مختلفة اختلافاً عميقاً عن الرجل ، فكل حُجَيرة في جسمها تحمل طابع جنسها ، وكذلك الحال بالنسبة إلى أجهزتها العضوية ، ولا سيما الجهاز العصبي ، وإن القوانين العضوية (الفيزيولوجية) كقوانين العالم الفلكي ، ولا سبيل إلى خرقها ، ومن المستحيل أن نستبدل بها الرغبات الإنسانية ، ونحن مضطرون لقبولها كما هي في النساء ، ويجب أن ينمين استعداداتهن في اتجاه طبيعتهن الخاصة ، ودون أن يحاولن تقليد الذكور ، فدورهن في تقدم المدنية أعلى من دور الرجل ، فلا ينبغي لهن أن يتخلين عنه)

    ويقول الأستاذ المودودي: (... فهذا علم الأحياء ، قد أثبتت بحوثه وتحقيقاته أن المرأة تختلف عن الرجل في كل شيء ، من الصورة والسمت ، والأعضاء الخارجية ، إلى ذرات الجسم والجواهر الهيولينية (البروتينية) لخلاياه النسيجية ، فمن لدن حصول التكوين الجنسي في الجنين يرتقي التركيب في الصنفين في صورة مختلفة ، فهيكل المرأة ونظام جسمها ، يركب تركيباً تستعد به لولادة الولد وتربيته ، ومن التكوين البدائي في الرحم إلى سن البلوغ ، ينمو جسم المرأة ، وينشأ لتكميل ذلك الاستعداد فيها ، وهذا هو الذي يحدد لها طريقها في أيامها المستقبلة).

    وإذا تقرر هذا الاختلاف الدقيق في التكوين بين الذكر والأنثى ، فمن الطبيعي والبديهي أن يكون هناك اختلاف في اختصاص كل منهما في هذه الحياة ، يناسب تكوينه وخصائصه التي ركبت فيه ، وهذا ما قرره الإسلام وراعاه ، عندما وزع الاختصاصات على كل من الرجل والمرأة ، فجعل للرجل القوامة على البيت ، والقيام بالكسب والإنفاق ، والذود عن الحمى ، وجعل للمرأة البيت ، تدبر شئونه ، وترعى أطفاله ، وتوفر فيه السكينة والطمأنينة ، هذا مع تقريره أن الرجل والمرأة من حيث إنسانيتها على حد سواء ، فهما شطران متساويان للنوع الإنساني ، مشتركان بالسوية في تعمير الكون ، وتأسيس الحضارة ، وخدمة الإنسانية ، كل في مجال اختصاصه ، وكلا الصنفين قد أوتي القلب والذهن ، والعقل والعواطف ، والرغبات والحوائج البشرية ، وكل منهما يحتاج إلى تهذيب النفس ، وتثقيف العقل ، وتربية الذهن ، وتنشئة الفكر ، لصلاح المدنية وفلاحها ، حتى يقوم كل منهما بنصيبه من خدمة الحياة والمدنية ، فالقول بالمساواة من هذه الجهات صواب لا غبار عليه ، ومن واجب كل مدنية صالحة أن تعني بالنساء عنايتها بالرجال ، في إيتائهن فرص الارتقاء والتقدم ، وفقاً لمواهبهن وكفاءتهن الفطرية.

    ثم إن ما يزعمون أنه مساواة بين الرجل والمرأة ، ويحاولون إقناع المرأة بأن القصد منه مراعاة حقوقها ، والرفع من مكانتها ، إنما هو في الحقيقة عين الظلم لها ، والعدوان على حقوقها ، وذلك لأنهم بمساواة المرأة بالرجل في الأعباء والحقوق ، حملوها أكثر مما حمَّلوا الرجل ، فمع ما خصصت له المرأة من الحمل والولادة ، والإرضاع وتربية الأطفال ، ومع ما تتعرض له في حياتها ، وما تعانيه من آلام الحمل والولادة ، ومع قيامها على تنشئة أطفالها ، ورعاية البيت والأسرة ، مع تحملها لهذا كله ، يحمّلونها زيادة على ذلك ، مثل ما يحمل الرجل من الواجبات ، ويجعلون عليها مثل ما عليه من الالتزامات التي أعفي الرجل لأجل القيام بها من جميع الالتزامات ، فيفرض عليها أن تحمل كل التزاماتها الفطرية ، ثم تخرج من البيت كالرجل لتعاني مشقة الكسب ، وتكون معه على قدر المساواة في القيام بأعمال السياسة والقضاء ، والصناعات ، والمهن ، والتجارة ، والزراعة ، والأمن ، والدفاع عن حوزة الوطن.

    وليس هذا فحسب ، بل يكون عليها بعد ذلك ، أن تغشى المحافل والنوادي ، فتمتع الرجل بجمال أنوثتها ، وتهيئ له أسباب اللذة والمتعة.

    وليس تكليف المرأة بالواجبات الخارجة عن اختصاصها ظلماً لها فحسب ، بل الحقيقة أنها ليست أهلاً كل الأهلية ، للقيام بواجبات الرجال ، لما في حياتها من المؤثرات والموانع الطبيعية التي تؤثر على قواها العقلية والجسمية ، والنفسية ، وتمنعها من مزاولة العمل بصفة منتظمة ، وتؤثر على قواها وهي تؤديه.

    ثم إن قيام المرأة بتلك الأعمال ، فيه مسخ لمؤهلاتها الفطرية والطبيعية ، يقول (ول ديوارنت) مؤلف قصة الحضارة:

    (إن المرأة التي تحررت من عشرات الواجبات المنزلية ونزلت فخورة إلى ميدان العمل بجانب الرجل ، في الدكان والمكتب ، قد اكتسبت عادته وأفكاره وتصرفاته ، ودخنت سيجاره ، ولبست بنطلونه).

    وفي هذا خطر كبير ، يؤدي إلى انحطاط المدنية والحضارة الإنسانية ، ثم ما هي المنفعة والفائدة التي تحقق للمدنية والحضارة من قيام المرأة بأعمال الرجال؟ إن فيها كل المضرة والمفسدة ، لأن الحضارة والحياة الإنسانية ، حاجتهما إلى الغلظة والشدة والصلابة ، مثل حاجتهما إلى الرقة واللين والمرونة ، وافتقارها إلى القواد البارعين والساسة والإداريين ، كافتقارها إلى الأمهات المربيات ، والزوجات الوفيات ، والنساء المدبرات لا غنى للحياة عن أحدهما بالآخر.

    فماذا في المساواة – بمفهومهم – من محاسن ، تجنيها المرأة والمجتمع؟ وما هو عذر أولئك المنادين بالمساواة ، بعد أن دُحضت حجتهم؟ ، نحن لا نشك أنهم يدركون – أو عقلاؤهم على الأقل – كل الموانع الفطرية ، والطبيعية والعقلية ، والجسمية الحائلة دون مساواة المرأة بالرجل ، ومقتنعون بها كل الاقتناع ، ولكن اللهفة الجنسية المسعورة لا تستطيع الصبر على رؤية الطُّعم المهدِّئ لحظة من الزمن ، فاصطنعت هذه الشعارات كي تضمن وجود المرأة أمامهم في كل وقت ، وفي كل مكان في البيت وفي المكتب وفي المصنع وفي الشارع وفي كل مكان يتجه إليه الرجل ، أو يوجد فيه ، ليروي غُلَّته ويطفئ حرقته الجنسية البهيمية.

    والمرأة بما تحس به في قرارة نفسها من ضيق بالأنوثة ، مع تصور الرفعة في مكانة الرجل ، تندفع وراء هذه الشعارات ، دون روية أو تمحيص لها ، تنشد إشباع رغبتها ، في أن تكون رجلاً لا أنثى ، فإذا أبت الطبيعة (طبيعتها) عليها ذلك فلا أقل من أن تكون رجلاً ، يقيم مضطراً في جسم أنثى ، وعليها أن تعمل على إرضاء هذا النزوع في نفسها بكل وسيلة ، وأن تحقق لهذا الكائن المتمرد في صدرها كل ما يرضيه من شارات الرجل الطبيعي.

    ولا نعلم أيظل هذا الاندفاع من المرأة إلى محاكاة الرجال ، بعد أن ظهرت الآن لوثة التخنث والخنفسة بين الشباب فانعكست الأمور ، وانقلبت المفاهيم ، وتغيرت معايير الأشياء أم لا؟ فما كان سبَّة في الماضي ، صار مصدر فخر واعتزاز الآن.

    قبل مواصلة بحثنا هنا يجب أن أوضح بعض النقاط العامة :
    1. إن الإسلام نظام عالمي لكل الأزمنة والأمكنة وأي إساءة في استخدام هذا التشريع لا تعود للتشريع نفسه وإنما تعود للأشخاص الذين يسيئون فهمه أو يجهلون أحكامه، "فالإسلام أقام دعامته الأولى في أنظمته على يقظة ضمير المسلم واستقامته ومراقبته لربه، وقد سلك لذلك سبلاً متعددة تؤدي، إذا روعيت بدقة وصدق، إلى يقظة ضمير المسلم وعدم إساءته ما وُكِلَ إليه من صلاحيات وأكبر دليل على ذلك أن الطلاق لا يقع عندنا في البيئات المتدينة تديناً صحيحاً صادقاً إلا نادراً، بينما يقع في غير هذه الأوساط لا فرق بين غنيِّها وفقيرها".

    من هنا فإن إساءة استعمال التشريع الرباني لا يقتضي إلغاءه وإعادة النظر فيه وإنما يقتضي منع تلك الإساءة عبر تنشيط الوازع الديني الذي يؤدي إلى ذلك.

    2. إن فتح باب الاجتهاد الذي يتستر وراءه البعض هو أمر غير مقبول لكون الذين يدعون لهذا المطلب أصحاب أهواء يفتقدون لأدنى صفات المجتهد من جهة ولكونهم يهدفون إلى ضرب النصوص الشرعية الثابتة في القرآن والسنة خدمة لمصالح غربية معلنة في إعلانات عالمية، تهدف إلى تقويض عرى الأسرة الإسلامية من جهة أخرى،
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  29. #29
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    أما المطالبة بالمساواة في الحقوق بين المرأة والرجل التي يدعو إليها بعض دعاة التحرر من أتباع الإعلانات العالمية فيعود لجهلهم بحقوق المرأة في الإسلام وتجاهلهم للاختلافات البيولوجية بين الرجل والمرأة مما دفعهم إلى اعتبار أن العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة تماثل لا علاقة تكامل، فتجدهم يصدِّقون ما يقوله غيرهم عن حرمان المرأة في الإسلام من حقوقها، أو يصدقون ما يقوله المستشرقون من ضرورة تأويل النصوص التي لا تتوافق مع الواقع الراهن رافعين بذلك شعار "تاريخية النصوص" أو شعار "التعبير عن واقع حال" بهدف تحويل المضامين وإلباسها اللباس الغربي.

    ضــرب الــزوجــة

    يستند الداعون إلى إبطال صيغة الضرب الموجودة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة إلى أن قاعدة حق تأديب المرأة "ولا سيما ضربها هي عبارة تاريخية كان لها فعالية جمّة لنقل الذهنية الجاهلية من قتل المرأة إلى التساؤل حول ضربها" وليست قاعدة شرعية.

    وللرد على هذا الأمر نورد في البداية بعض الآيات والأحاديث التي ذكرت هذا الأمر، ثم نورد بعد ذلك الرد إن شاء الله تعالى، يقول عز وجل:

    (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) (النساء ـ 34)

    ويقول عليه الصلاة والسلام في حَجَّة الوداع: (‏‏ ‏ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن‏‏ عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير‏ ‏مبرح ‏ ‏فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ألا إن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن) (سنن الترمذي)

    والملاحظ أن هؤلاء الأشخاص تحت شعار إنسانية المرأة وكرامتها يأخذون من الآية ما يريدون فقط وهي كلمة الضرب، وينسون التسلسل الذي ورد في الآية حيث ورد في البداية مدحٌ للمرأة المؤمنة الحافظة لحدود الزوج، ومن ثَمَّ ورد ذكر الناشز، فالكلام إذاً يتعلق بنوع خاص من النساء وليس كل النساء، والمعروف أن طبائع الناس تختلف من شخص لآخر وما ينفع الواحد لا ينفع الثاني، ومن عدالة الإسلام أنه أورد العلاج لكل حالة من الحالات، فما دام "يوجد في هذا العالم امرأة من ألف امرأة تصلحها هذه العقوبة، فالشريعة التي يفوتها هذا الغرض شريعة غير تامة، لأنها بذلك تُؤثِر هدم الأسرة على هذا الإجراء وهذا ليس شأنه شريعة الإسلام المنزلة من عند الله".

    والواقع أن "التأديب لأرباب الشذوذ والانحراف الذين لا تنفع فيهم الموعظة ولا الهجر أمر تدعو إليه الفِطَر ويقضي به نظام المجتمع، وقد وَكَلته الطبيعة من الأبناء إلى الآباء كما وكلته من الأمم إلى الحكام، ولولاه لما بقيت أسرة ولا صلحت أمة. وما كانت الحروب المادية التي عمادها الحديد والنار بين الأمم المتحضرة الآن إلا نوعاً من هذا التأديب في نظر المهاجمين وفي تقدير الشرائع لظاهرة الحرب والقتال".

    قال تعالى: (فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) (الحجرات ـ 9).

    إضافة إلى ذلك فإن الضرب الوارد في الآية مشروط بكونه ضرباً غير مبرح وقد فسر المفسرون الضرب غير المبرح بأنه ضرب غير شديد ولا شاق، ولا يكون الضرب كذلك إلا إذا كان خفيفاً وبآلة خفيفة، كالسواك ونحوه.

    ولا يكون القصد من هذا الضرب الإيلام وإطفاء الغيظ ولكن التأديب والإصلاح والتقويم والعلاج، والمفترض أن التي تتلقى الضرب امرأة ناشز، لم تنفع معها الموعظة والهجر، لذلك جاء الضرب الخفيف علاجاً لتفادي الطلاق، خاصة أن نشوز بعض النساء يكون عن غير وعيٍ وإدراكٍ لعواقب خراب البيوت وتفتت الأسرة.

    إن سعي بعض الداعين لإبطال مفعول آية الضرب تحت حجة المساواة لن يفيد في إيقاف عملية الضرب إذ إن المرأة ستبقى تُضرب خِفْية كما يحصل في دول العالم الغربي الحافل بالقوانين البشرية التي تمنع الضرب، وتشير إحدى الدراسات الأميركية التي أجريت عام 1987 إلى أن 79% من الرجال يقومون بضرب النساء… (هذا عام 87 فكيف النسبة اليوم) ويقدر عدد النساء اللاتي يُضربن في بيوتهن كل عام بستة ملايين امرأة.

    فإذا كان هذا العدد في تزايد في تلك الدول التي تحرّم الضرب، فلماذا لا يوجد في بيئاتنا الإسلامية هذا العدد مع أن شريعتنا تبيح الضرب؟ أليس لأن قاعدة السكن والمودة هي الأساس بينما العظة والهجران والضرب هي حالات شاذة تُقَدَّر بضوابطها وكما قال تعالى في نهاية الآية: (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً).

    صـيـغـة الـطـلاق الـمـعـطـاة لـلـرجـل

    يعترض كثير من المعاصرين على كون الطلاق بيد الرجل ويرون في التشريع التونسي حلاً حيث جاءت المادة 31 منه لتقول: "إن المحكمة هي التي تعلن الطلاق بناء لطلب أحد الزوجين بسبب ما حصل له من ضرر ويُقضى لمن تضرر من الزوجين بتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الناجم عن الطلاق".

    ويرى أنصار هذا القانون "أنه أكثر ملائمة باعتباره أكثر إنصافاً. إنه يحرر المرأة من حق يتمسك به الزوج، أصبح جائراً جداً بحقها".

    والواقع أن هذه الطروحات حول الطلاق لا تخرج كثيراً عن ما يدعو إليه علماء الغرب وأتباعهم من الكتاب الذين يريدون بذلك تنفيذ القانون المدني الفرنسي، وهنا من المفيد الإشارة إلى النقاط التالية:

    1. إن قبول الزوجين الارتباط الإسلامي يفرض عليهما الالتزام بأحكام الشرع التي لا تخلو من بعض الحقوق التي يمكن للزوجة الخائفة على نفسها من الزوج أن تحمي بها نفسها كأن تجعل العصمة بيدها وأن تشترط في عقد الزواج شروطاً خاصة.

    2. إن حصر الإسلام الطلاق في يد الزوج إنما يعود لعدة أسباب أهمها كونه المتضرر الأول من الطلاق من الناحية المادية فهو الذي يجب عليه المهر والنفقة لمطلقته ولعياله طوال فترة العدة والحضانة، هذا الأمر يجعله أكثر ضبطاً لنفسه من المرأة التي قد لا يكلفها أمر رمي يمين الطلاق شيئاً.

    3. إن حصر الطلاق بيد الزوج وعدم إعلانه للقاضي إلا في حالات قصوى إنما يعود لمبدأ التستر الذي يدعو إليه الإسلام لأن "معظم أسباب الطلاق تتمثل في أمور لا يصح إعلانها، حفاظاً على كرامة الأسرة وسمعة أفرادها ومستقبل بناتها وبنيها".

    كما أن حصر الطلاق بيد القاضي أمر أثبتت التجارب عدم جدواه وذلك من نواح عدة منها:

    1. الفشل في التقليل من نسب الطلاق وهذا أمر أثبتته إحصائيات الطلاق التي سجلت في تونس حيث أن العدد لم ينقص بل على العكس من ذلك فلقد ارتفع ارتفاعاً ملحوظاً " رغم أن المبرر الذي قُدِّم لانتزاع سلطة الطلاق من يد الزوج وإيكاله إلى القاضي هو حماية الأسرة بإتاحة فرصة للقاضي ليراجع فيها الزوجين ويحاول الصلح بينهما، فإن الواقع يثبت أن نسبة المصالحات الناجحة ضئيلة جداً، فمن بين 1417 قضية طلاق منشورة في المحكمة الابتدائية بتونس في الموسم القضائي 80-81 لم يتم المصالحة إلا في عشر منها، بينما كان الاعتقاد أن تعدد الزوجات وجعل العصمة الزوجية بيد الرجل وعدم تغريمه لفائدة الزوجة هي الأسباب الرئيسية للطلاق وأن القضاء عليها سيقلل من نسب الطلاق، والإحصائيات تثبت أن شيئاً من ذلك لم يحدث".

    2. لجوء بعض المحاكم الغربية التي تتوكل بنفسها أمور الطلاق في محاولة منها إلى خفض نسبة الطلاق إلى رفض التطليق إذا لم يكن بسبب الزنا لذلك كثيراً ما يتواطأ الزوجان " فيما بينهما على الرمي بهذه التهمة ليفترقا، وقد يلفقان شهادات ووقائع مفتعلة لإثبات الزنا حتى تحكم المحكمة بالطلاق.

    فأي الحالتين أكرم وأحسن وأليق بالكرامة؟ أن يتم الطلاق بدون فضائح؟ أم أن لا يتم إلا بعد الفضائح؟".

    زيـنـة الـمـرأة...الـمـوضـة

    اهتم الإسلام بزينة المرأة المسلمة اهتمامًا كبيرًا، ورخص لها من الزينة أكثر مما رخصه للرجل كالحرير والذهب، لأن الزينة أمر فطري بالنسبة لها، وتلبية لنداء الأنوثة لديها، ومع اهتمام الإسلام بالزينة فإنه لم يتركها عبثًا، ولكن وضع القيود، والشروط، والقواعد، والضوابط في اللباس والحلي والطيب ونحو ذلك.

    ولكن الذي يؤسف له اليوم أن بعض فتياتنا المسلمات لم يعدن متقيدات بتعاليم الإسلام في موضوع الزينة واللباس، وأصبحت قضية التقليد طريقًا سارت عليه تحت مسمى 'الموضة'

    1. عوامل انتشار الموضة:

    - وسائل الإعلام لها دور كبير في انتشار الموضة بين الفتيات وإبراز المشاهير فيها على أنهم أهل للاقتداء بما في ذلك ملابسهم.

    - هناك جزء من المسئولية يقع على التجار وأصحاب المحلات في تسلل أزياء الموضة إلى بلاد المسلمين.

    - الترف والبذخ الذي تعيشه بعض المجتمعات وسذاجة عقول بعض النساء اللواتي لا يهمهن إلا اسم الماركة.

    - كما تلعب التنشئة الاجتماعية دورًا مهمًا في بلورة شخصية الفتاة واختياراتها واتجاهاتها، فالأسرة التي تهمل الفتاة وتترك لها الباب مفتوحًا على مصراعيه والأسرة التي تعتمد الكبت والقهر أسلوبًا في التربية يدفعان الفتاة إلى التعويض عبر المؤثرات الخارجية، وتصبح مجرد تابع ومقلد، وتختلط لديها المعايير السلوكية فتؤثر على اتجاهاتها النفسية وبالتالي على أفكارها وآرائها.

    - إذا تحول الاهتمام لدى الفتاة من المهم إلى الثانوي، ومن الجوهري إلى الشكلي فإنها تجري وراء الموضة.

    2. الموضة..ومرض التقليد وحكم الشرع في ذلك:

    أصبحت قضية التقليد طريقًا سارت عليه بعض الفتيات تحت مسمى الموضة، ولقد زحفت هذه الموضة لتمتد على مناحي الحياة لتشمل الأزياء والأحذية وتصفيفات الشعر وماكياج الوجه.

    ليس هذا فقط بل بدأت الموضة ترتبط بالحمية وتخسيس الجسم بين الفتيات لتقليد عارضات الأزياء اللاتي تظهرن في مجلات الموضة في منتهى الرشاقة، مما يثير في نفسية الفتاة الإحساس بالعجز عن التشبه بهن.

    إن من مواصفات الزي الشرعي الذي يجب أن تتعود عليه الفتاة ألا يشبه لباس الرجال أو لباس الكافرات، ومن أسوأ الفتن التي تهدد مجتمعات المسلمين التشبه بالكفار، حيث إن التشبه الظاهري يتسرب تدريجيًا إلى القلب والعياذ بالله ـ فيكون كبيرة، والتشبه بالكافرات يدل على ضعف الهوية، وعدم الثقة بالنفس، ورؤية أن ما عند الكفار من الدنيا خير وهو ليس كذلك.

    وقد نهانا الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن التشبه فقال: 'من تشبه بقوم فهو منهم'.

    ومن مواصفات الزي الشرعي أيضًا ألا يكون لباس شهرة، وثوب الشهرة هو الثوب الذي يقصد بلبسه الاشتهار بين الناس كالثوب النفيس الغالي الذي يلبسه صاحبه تفاخرًا بالدنيا وزينتها.
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

  30. #30
    تاريخ الانضمام
    30/08/2007
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    1,595

    افتراضي

    يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - (من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة). (حسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، رقم 3399).

    فلا بد أن تعي الفتاة المسلمة خطورة هذا الأمر، وأن تراعي عند اختيارها ملابسها ألا تكون غريبة الألوان، غالية الأثمان، لافتة للأنظار، وكذلك في اختيار القصات والتسريحات، فتختار ما يناسب أذواق المسلمين وعاداتهم، لأن مخالفة ملبوس الناس يدعو إلى التعجب، فيجعل اللباس لباس شهرة.

    3. الموضة وتفسير الطب النفسي..

    يفسر الدكتور على الحرجان اختصاصي الطب النفسي شغف النساء بالموضة بأنه نابع من حس داخلي بقيم الجمال والأشياء الجديدة، لكنه قد يتحول إلى خلل عند رغبة بعض النساء في مواكبة الموضة واقتناء كل ما هو جديد وعصري دون أن تمتلك السيولة المادية، وهذه تعرف بالشخصية 'النرجسية' التي تحب أن تكون حديث الآخرين.

    وهناك بعض النساء يشعرن بالنقص ويندفعن وراء الموضة بشكل مرضي لتغطية هذا النقص، فيقضين ساعات طويلة في السوق للتبضع والشراء وتغطية لبعض الجوانب في شخصيتها.

    وتفسر الاختصاصية الاجتماعية فوزية العقيل التسابق المحموم بين الفتيات لمسايرة الموضة بأنهن يجدن في الموضة وما يصاحب عارضات الأزياء من وهج الأضواء طموحًا يسعيه للانتماء إليه، ونموذجًا مثاليًا يشبع حاجات لديهن، كما لا نستطيع أن نغفل عامل الغيرة والتنافس بين النساء الذي يدفع المرأة إلى تقليد امرأة أخرى تحظى بالإعجاب والإطراء من الناس، وأحيانًا كثيرة تتجاوز التقليد إلى الابتكار والبحث عن كل ما هو غريب ولافت للنظر أكثر. (مجلة الأسرة ـ العدد 109)

    4. الموضة.. والهزيمة النفسية:

    من يتتبع أمر هذه الموضة من مبدئها إلى منتهاها يجدها شرًا في شر، وأن الهدف منها هو تحطيم المرأة ماديًا عن طريق استنزاف أموالها، وإضاعة وقتها فيما لا يضر ولا ينفع، وتحطيمها معنويًا وذلك لغير القادرات واللاتي لا يملكن من المال ما يحقق رغباتهن في الجري وراء الموضة فيصبن بالإحباط والعقد النفسية.

    فضلاً عن أن فيها نوعًا من العبودية لغير الله - تعالى - لأنها تقود صاحبتها عند الإسراف فيها إلى عبودية شهواتها، وتقديس جسدها وهذا له أثر مدمر على الأسرة والمجتمع.

    وهذا التشبه يدفع إلى فتنة الحياة الدنيا ومظاهرها، ويقعد المنافسين وراء عادات الأجنبي وأزيائه وأخلاقه عن كثير من الواجبات الدينية، والمسئوليات الاجتماعية، وهو أيضًا من العوامل التي تحطم الشخصية وتستأصل فضيلة الشرف والعفاف لما يؤدي إليه من تفلت للغرائز، وانطلاق للشهوات والملذات.

    إن معركة الموضة من أعتى وأشرس المعارك التي تخوضها المجتمعات، لأنها معركة تخاض بقفازات حريرية، وبعناوين مخادعة، فكل حركاتنا وسكناتنا باتت تخضع لسلطة الموضة ومصممي الأزياء الذين يصممون لنا الملابس، ويحددون وزن الجسم، ويقررون لون الشعر وشكل الأنف، وسماكة الشفاة، وطول الأظافر.

    وها هي دور الأزياء تنتشر في كثير من بلادنا وينظر إليها على أنها سمة للرقي والتطور، وتتهافت الكثير من النساء على تلك الدور للمتابعة ولاقتناء ما لا يتناسب مع معتقداتهم ودينهم

    ومما يؤثر له أن وسائل الإعلام في أكثر الدول العربية تسير على نهج بيوت الأزياء العالمية، وتقلدها تقليد الأعمى، فنجد معظم مجلات المرأة العربية تتبارى في تقديم آخر صيحات الموضة، وتقدم عارضات الأزياء على أنهن النموذج الأرقى في الأناقة والرشاقة والقدوة المثلى.

    واتباع خطوات الموضة فيه إفساد للمجتمع وإضاعة للمال والوقت.

    أما عن إضاعة المال:

    لقد امتن الله على عباده بالمال وجعله قيامًا لمصالحهم، ووضع الضوابط لاستعمال هذا المال، وقد وضع القيود في إنفاقه، قال - تعالى -: (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) (الإسراء /29).

    وفي اتباع خطوات الموضة وقوع في براثن الإسراف والخيلاء الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: (كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة). (أخرجه البخاري )
    وأما عن إضاعة المال:

    فالمسلمة مطالبة بحفظ وقتها، ويجب أن تحفظ عمرها فيما يعود عليها بالنفع في الدين والدنيا، وإضاعة الساعات الطوال أمام المرآة وتسريح الشعر، والجري وراء الموضات، والتسكع بين محلات الأزياء، كل هذا مضيعة للوقت والعمر نهى الشارع عنه لأن الإسلام جعل الزينة وسيلة وليست غاية، وسيلة لتلبية نداء الأنوثة في المرأة، وللظهور أمام زوجها بالمظهر الذي يجلب المحبة ويديم المودة.

    والجري وراء الموضة يدفع إلى فتنة الحياة الدنيا ومظاهرها ويقعد المنافسين وراء عادات الأجنبي وأزيائه وأخلاقه عن كثير من الواجبات الدينية والمسئوليات الاجتماعية، وهي أيضًا من العوامل التي تحطم الشخصية وتستأصل فضيلة الشرف والعفاف، لما يؤدي إليه من تفلت للغرائز وانطلاق للشهوات والملذات.

    5. الموضة... والفرق بين الجمال والأناقة:

    الجمال الطبيعي هو البساطة الإنسانية والفطرة كما خلقها الله - تعالى -، والجمال لا علاقة له بالملابس والماكياج، والجمال المرهف العذب زهيد الثمن تملكه كل فتاة دون أن تضيع وقتها في أسواق الملابس، والتصفح في مجلات الأزياء.

    إنه جمال ينبع من الروح الكبيرة المستوعبة، والذهن المرن والقلب النابض الرقيق، وهو جمال الخلق الكريم والعذوبة والخشوع لله والنزاهة.

    أما التأنق فهو الجمال المصنوع بالوسائل الآلية المصطنعة، فبدلاً من أن تعتمد الفتاة على مرونة ذهنها وسعة ثقافتها، وجمال روحها، تجدها تعتمد على كثرة ملابسها والتصنع في شعرها ولبس الملابس القصيرة التي تبرز أعضاء الجسم.

    وقد تظن المرأة أن تبرجها شيء ظاهري لا يمس عقلها ـ وهي في هذا مخطئة ـ فإن لكل عمل يقوم به الإنسان آثارًا فكرية وروحية بعيدة المدى، فإذا لم يتحكم العقل في سلوكنا تحكم سلوكنا في عقلنا.

    فالتأنق يذل المرأة ويقتل كبريائها، ويشعر المرأة بأن الجمال هو الشيء الذي ينقصها لا الشيء الذي تملكه، فإذا أرادت أن تكون جميلة وجب عليها أن تكافح وتعمل ليل نهار في استكمال ذاتها الناقصة.

    فمبدأ التأنق يقوم على الإقرار بأن المرأة لا تملك جمالاً، وإنما هي ناقصة وعليها أن تصنع الجمال صنعًا.

    فالتأنق إكمال لنقص بخلاف الجمال الذي هو فيض من السحر والعذوبة يتدفق ويغمر الحياة كلها. فالتأنق نقص والجمال فيض وطبيعة.

    ومبدأ التأنق يحرم نساء الطبقة الفقيرة أن يكن جميلات، وبذلك يصبح الجمال حكرًا تملكه الطبقة المرفهة وحدها، فهو ضرب من الطبقية الاجتماعية، بينما الجمال مشاع يملكه الكل ولا يشترى بالمال، والأناقة أيضًا تقضي على الوقت والمال.

    إن الإسلام رفع ذوق المجتمع الإسلامي، وطهر إحساسه بالجمال فلم يعد الطابع الحيواني للجمال هو المستحب بل الطابع الإنساني المهذب، وجمال الكشف الجسدي جمال حيواني يهفو إليه الإنسان بحس الحيوان، أما جمال الحشمة فهو الجمال النظيف الذي يرفع الذوق الجمالي ويجعله لائقًا بالإنسان، ويحيط بالنظافة والطهارة في الحس والخيال.

    6. كيف نواجه طوفان الموضة:

    - تذكري أيتها الفتاة أن التقوى خير لباس. قال - تعالى -: (يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ). (الأعراف: 26).

    قال ابن كثير - رحمه الله تعالى -: 'ولباس التقوى هو الإيمان بالله وخشيته والعمل الصالح والسمت الحسن'. (تفسير ابن كثير 2/ 407 باختصار)

    - تزيني التزين المباح كالتحلي بالذهب والملابس الحسنة الجميلة والعناية بالشعر وتصفيفه وتزيينه بما لا يشتمل على محظور شرعي.

    - اشغلي أوقاتك بما يفيد وخاصة بقراءة الكتب النافعة والاستماع للتسجيلات والأشرطة النافعة.

    - لا داعٍ مطلقًا لتعدد الملابس والفساتين بتكرار المناسبات وتذكري أنك ستسألين يوم القيامة عن قيمة ذلك الفستان من أين أتيت بها؟ وفيم أنفقتها؟

    وتذكري أن هناك من المسلمين والمسلمات من لا يجدون ما يكسون به أجسادهم، فتصدقي لعل الله أن يكسوك من حرير الجنة، وتذكري وأنت تشاهدين أزياء الموضة أن الناس سيخرجون من الدنيا بزي موحد واحد وهو الكفن.

    - العلاج المبكر لما يسمونه بالعصرية والانطلاق والتمرد للفتيات في سن المراهقة، وذلك عن طريق الصداقات مع ذات الأخلاق والدين والأمانة، وتعيش الفتاة مع صديقاتها حياة تتسم بالطاعة، وفي الوقت نفسه حياة كلها انطلاق ومرح مباح، وصدق رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ حيث قال: 'المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل'.

    - أن تعيش الفتاة معنى الآية: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ).

    فالموضوع ليس مشكلة ملابس على الموضة، الموضوع أعمق من هذا، فعلى الأم أن تتفهم طبيعة المرحلة التي تمر بها الفتاة، وبأسلوب الأم الحنون تفهم ابنتها أننا نعيش حياتنا لغرض وهدف وغاية ألا وهي خلافة الله في الأرض، وكل ما يصب في هذا الهدف مما شرعه الله هو طاعة، فالمأكل الحلال طاعة، والملبس الجميل المتناسق في ألوانه وشكله طاعة.

    فـتـاتـنـا الـجـامـعـيـة والـمـهـمـة الـغـائـبـة

    عند إستعراضنا لواقعنا المعاصر يواجهنا سؤال مفاده أين المرأة المسلمة المثقفة؟
    أين فتاتنا الجامعية الواعية؟ وهل قامت بدوها المأمول؟ وماذا قدمت لمجتمعها؟

    وتأتينا الإجابة حين نلقي نظرة شاملة على ساحات الصراع في العالم أجمع، حيث نجد المرأة المثقفة في البلاد الأخرى، قد قامت بدورها، كبر هذا الدور أم صغر فاعلاً كان أم منفعلاً، ضاراً أم نافعاً، لكنه يبقى دور أعطى لها مكانتها وأثبت وجودها وقدرتها على الدفاع عن معتقداتها.

    لكن حين ننتقل إلى الساحة الإسلامية لا نكاد نجد للمرأة المسلمة المثقفة دوراً، على الرغم من أهمية دورها في هذا العصر الحافل بأقسى أنواع الصراعات العقدية، والفكرية، والاجتماعية، والسياسية باختلاف درجاتها، وتباين صورها، وإن كان لها وجود فهو وجود محدود وفي نطاق ضيق لا يؤثر في تحريك عجلة التغيير الاجتماعي نحو الإسلام إلا شيئاً قليلاً. وإن كان للمرأة المسلمة في البلاد الأخرى بعض العذر؛ لأنها تحارب حرباً لا هوادة فيها فإن الفتاة العمانية المثقفة لا عذر لها؛ ذلك أن الجو العام في هذه البلاد مهيأ من الناحية النفسية، والروحية، والفكرية والاجتماعية، على الصعيدين الرسمي والشعبي، والظروف مناسبة. لكن أين هي؟ لماذا لا يكون لها دور فعال في هذا العصر..؟ ما سر غيابها عن ساحة الصراع في هذه المرحلة الحرجة من تأريخ أمتنا.. ؟ لماذا آثرت السلبية..؟ وارتضت أن تقف موقف المتفرجة وكأن الأمر لا يعنيها..!

    مكتفية بالتغني بأمجاد ماضيه، واستعراض الصور المشرقة للمرأة المسلمة في صدر الإسلام.
     التوقيع 
    عقول الرجال على أسنة أقلامهم وليس على أسنة رماحهم

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

الصفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

مواضيع مشابهه

  1. الردود: 67
    آخر مشاركة: 15/04/2011, 01:12 PM

قواعد المشاركة

  • ليس بإمكانك إضافة مواضيع جديدة
  • ليس بإمكانك إضافة ردود
  • ليس بإمكانك رفع مرفقات
  • ليس بإمكانك تحرير مشاركاتك
  •