حصيلة المؤتمر العلمي العالمي الثامن لطلبة الطب بدول مجلس التعاون الخليجي





انطلقت في الـ 28 من شهر يناير الماضي فعاليات المؤتمر العلمي العالمي الثامن لطلبة الطب بدول مجلس التعاون الخليجي بجامعة السلطان قابوس ممثلة بكلية الطب والعلوم الصحية، والتي استمرت فعالياتها إلى الأول من شهر فبراير الحالي، وذلك في ثاني مؤتمر من نوعه تستضيفه جامعة السلطان قابوس بعد المؤتمر الرابع الذي أقيم عام 2006 م. وشارك في المؤتمر أكثر من 1200 طالبٍ وطالبة من كافة دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى بعض المشاركين من مختلف دول العالم، وبعض الوفود الرسمية من الجامعات الخليجية.

هَدَفَ المؤتمر الذي رعى حفل افتتاحه معالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي وزير الصحة إلى تنويع مصادر التعلم لدى طلاب كليات الطب، عن طريق المحاضرات والبحوث العلمية، والتي احتوت على نتائج تفيد الطالب في دراسته الجامعية وما بعد تخرجه، بالإضافة إلى ذلك أقيمت ورش العمل التي تنوعت في مجالاتها وطريقة عرضها. ومما استهدفه المؤتمر - بالإضافة إلى الجانب العلمي - هو مد جسور التواصل والمحبة بين أبناء منطقة الخليج، وزيادة التعاون بينهم في شتى مجالات الحياة، وتعريفهم على ثقافة وتراث سلطنة عمان.

وأكد معالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي وزير الصحة في لقاء معه في حفل الافتتاح على أهمية هذا المؤتمر فقال: "أود ان أبارك لطلاب كلية الطب والعلوم الصحية وجامعة السلطان قابوس هذا التنظيم الرائع وهذا المؤتمر الذي يشارك فيه طلاب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول أخرى. ومما يثلج الصدر أن المواضيع التي ستُناقش خلال المؤتمر هي مواضيع ذات اهمية عالية؛ خاصة وأنها تتعلق بالأمراض المزمنة كضغط الدم والقدم السكرية، ونتمنى لجميع المشاركين مستقبل عملي باهر لخدمه ذويهم ومجتمعاتهم".



اشتمل برنامج حفل الافتتاح على كلمة للدكتور يحيى بن محمد الفارسي، عميد كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة السلطان قابوس، حيث استهل كلمته بما كان يبتدئ به قس بن ساعدة الإيادي حيث قال: ""من عاش مات، ومن مات فات، و كل ما هو آت آت"، بهذه الكلمات كان يصدح قس بن ساعدة الايادي في سوق عكاظ، حيث كانت تجتمع قبائل شبه الجزيرة العربية لتعاطي الشعر والأدب واللغة والثقافة والعلم والحضارة، وما أشبه الليلة بالبارحة، فها هي وفود الخليج وحملة شعلة العلم والنور تجتمع اليوم في عكاظ عمان، في رحاب جامعة السلطان قابوس. فأهلا و سهلا بكم جميعا". وقد أكد في كلمته على النمو والتطور السريعين للعلوم الطبية حيث قال:"الطب يتغير، ويتغير بسرعة. إن قدركم أيها الجيل أنكم وُجدتم في مرحلة حرجة من مراحل تطور الطب المليئة بالاثارة، فالطب أضحى يتغير بشكل لحظي". داعياً طلاب الطب في مختلف دول الخليج إلى مواكبة هذا التطور لرسم البهجة والفرح بين أفراد المجتمع. وذكر في خِضم حديثه بأن الإنسان يبقى كما هو متطلعا إلى الأمل والحب والأمان، ولا يتغير حتى لو تغيرت السنون والأزمنة فقال: "الإنسان هو الإنسان، سيبقى حيثما حل و أينما ارتحل مُتطلعا الى الأمل والحلم و الحب والأمان". وأختتم الدكتور يحيى الفارسي بشعر قس بن ساعدة الإيادي.





تلا كلمة العميد، كلمة ألقاها رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر، الطالب محمد بن سليمان الغافري، حيث تحدث فيها عن الأهمية العلمية التي يحملها هذا المؤتمر وما تحقق في الأعوام السابقة فقال: "حقق المؤتمر في نسخه السابقة جميع الأهداف والتطلعات التي رُسم من أجلها، ونحن اليوم نجني ثمرة هذا الإنجاز وتلك الجهود المبذولة، فعدد المشاركات العلمية يزداد عاما بعد عام، فضلا عن تميزها في الأعوام السابقة. وأكد على أن هذا المؤتمر غرس في نفوس طلاب الطب في دول مجلس التعاون الخليجي ثقافة المنافسة العالمية، وحب البحث والتنافس. وأختتم الغافري كلمة اللجنة المنظمة بإشارته إلى تزامن فترة هذا المؤتمر مع احتفالات الجامعة باليوبيل الفضي ومرور خمسة وعشرين عاما على تأسيسها، رافعا إلى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه - رسالة شكر وامتنان على رعايته الكريمة واهتمامه البالغ بمسيرة التعليم والبناء.

جدير بالذكر أن حفل الافتتاح هذه المرة قد اشتمل على ظهور شخصية تاريخية لها أثرها في عالم الطب، وتمثلت في شخصية "ابن سينا"، صاحب كتاب "القانون في الطب". وقد أثارت هذه الشخصية حوارات وتساؤلات هادفة وممتعة حول العديد من القضايا الطبية في إطار شعري حواري مع مجموعة من الشخصيات التي تمثل واقع المجال الطبي الحالي بأوجهه المختلفة. واختتمت فعاليات حفل الافتتاح بعرض مصور بعنوان "هكذا علمني الطب"، استعرض فيه أهم المواقف الإنسانية التي يمارسها الطبيب في حياته المهنية.

بعد انتهاء حفل الافتتاح توجه معالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي وزير الصحة لافتتاح المعرض المصاحب للمؤتمر، وقد حضر الحفل عدد من عمداء كليات الطب من مختلف دول الخليج العربي، بالإضافة إلى الوفود الرسمية المشاركة في المؤتمر العلمي، وقرابة 500 طالب وطالبة من مختلف الجامعات.

وضم المعرض - الذي استمر لمدة اربعة أيام - ركنا خاصا لعرض البحوث العلمية التي أنجزها الطلاب المشاركون في المؤتمر والبالغ عددها 86 بحثا. وقد خصصت اللجنة التنظيمة ركنا خاصا لكل جامعة مشاركة في المؤتمر، بحيث تسنى لها عرض أنشطتها المتعددة في مختلف المجالات. وقد ذكرت الطالبة فاطمة سبت من كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة السلطان قابوس رئيسة اللجنة المنظمة لمعرض الأنشطة الطلابية في حديثها حول المعرض: "إن هذا المعرض هو فرصة لجميع المشاركين لعرض فعالياتهم الطبية، إضافة إلى وجود قسم للأبحاث العلمية، والتي تُمكّن المشاركين من تبادل خبراتهم البحثية في مختلف المجالات الطبية". وأضافت فاطمة أنه سيتم تكريم أصحاب البحوث الفائزة في ختام المؤتمر". وقد حظيت افتتاحية المعرض بإشادة كبيرة من قبل الحضور الذي استحسن فكرة المعرض، والجهود الكبيرة التي بذلتها اللجنة المنظمة لإظهاره بالشكل اللائق.

ثم ألقت البروفيسورة زكية اللمكية، الرائدة في مجال صحة الطفل بمستشفى جامعة السلطان قابوس، محاضرة تحدثت فيها عن تطور الخدمات الصحية في سلطنة عمان، وعقدت مقارنة بين الماضي والحاضر، حيث سلطت الضوء على المستوى المتدني للخدمات الصحية للطفل قبل النهضة المباركة. ثم استعرضت مراحل تطور الرعاية الصحية للطفل في السلطنة بعد تولي حضرة صاحب الجلالة مقاليد الحكم في البلاد إلى يومنا هذا. واختتمت الدكتورة محاضرتها قائلة: "إن إنجازات السلطنة في مجال صحة الطفل تُعد مثالاً يُحتذى به، حيث أشاد المجتمع الدولي بهذه الإنجازات، وعلى رأسها منظمة اليونيسيف في تقريرها حول "سير العمل الوطني" عام 1997، وكذلك تقرير التنمية الصادر عن منظمة الأمم المتحدة".

ولأجل أن يتعرف زائرو المؤتمر الطبي الثامن على هذه المعالم التاريخية في محافظة مسقط، قامت لجنة البرامج الترفيهية بتنظيم رحلة إلى ولايتي مسقط ومطرح ضمّت خلالها العديد من الفعّاليات. وفي هذا الشأن قال الطالب زكريا الريامي من كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة السلطان قابوس نائب رئيس لجنة البرامج الترفيهية في المؤتمر عن هذه الرحلة: "نظرا لما تتمتع به محافظة مسقط من تنوع جغرافي ومعماري، بالإضافة لاختيار مسقط عاصمةً للسياحة العربية لهذا العام، كان تنظيم رحلة للمشاركين إلى ولايتي مسقط ومطرح أحد فعاليات برنامجنا الترفيهي. وتشتمل الرحلة على زيارة لقصر العلم العامر، وسوق مطرح الذي يتميز بفن معماري أثري نادر".

أما اليوم الثاني من المؤتمر فقد ابتدأ بمحاضرة للبروفيسور عبدالله دار، البروفيسور في علوم الصحة العامة والجراحة في جامعة تورنتو، وقد شغل سابقا منصب رئيس قسم الجراحة في جامعة السلطان قابوس، الجدير بالذكر أن البروفيسور عبدالله دار قاد عملية زرع للكلى في المستشفى السلطاني لطفل صغير في السن، والتي سُجلت ضمن الأرقام القياسية لعمليات زراعة الأعضاء في السلطنة. وقد تحدث البروفيسور عن موضوع الفوارق في الخدمات الصحية بين مختلف دول العالم. ويُعد هذا الموضوع من المواضيع الهامة والتي يتم بحثها في مختلف المحافل الدولية، وذكر البروفيسور عبدالله دار في حديثه بأن متوسط العمر المتوقع في الدول المتقدمة يقدر بـ 80 عاما بينما يصل لنصف هذا العمر في الدول النامية. بالإضافة إلى ذلك، وأشار إلى أن عدد الأطفال المتوفّين في الدول النامية جراء أمراض الملاريا والإسهال تقدر بثمانية ملايين طفل. وأشاد في ختام حديثه بالجهود التي يبذلها زملاؤه المختصصون في التقليل من هذه الأرقام والتي تعد وبالاً على الصحة العامة.

ثم تحدث البروفيسور فيصل عبداللطيف الناصر من مملكة البحرين، البروفيسور في طب الأسرة والمجتمع ورئيس قسم صحة الأسرة والمجتمع بجامعة الخليج في مملكة البحرين. وذكر في مستهل حديثه بأن هذا المرض يُعد من الأمراض الشائعة في مختلف الدول وبالخصوص المجتمعات الخليجية، كما يصنف مرض ارتفاع ضغط الدم كثالث مرض مميت في العالم. جدير بالذكر أن مرض ارتفاع ضغط الدم من الأمراض التي يمكن الوقاية منها، وذلك عن طريق تعديل نمط الحياة وزيادة ممارسة الرياضة. وأكد البروفيسور" أن تقليل الضغط الإنبساطي بمقدار 5-6 مليمتر زئبقي عن طريق تعديل نمط الحياة وزيادة ممارسة الرياضة كفيل بتقليل نسبة الإصابة بالسكتة الدماغية بمقدار 40%".