انا كل شئ خلقناه بقدر" .. آية كريمة تلخص قدرة الخالق العظيم سبحانه وتعالى الذي جعل لكل شئ سبب و حكمة

يعلمها وحده جل جلاله, وكلنا نعلم حكاية تفاحة سيدنا آدم و كيف أنها كانت سببا لخروجه من الجنة.

ولكن هل سأل أحد منا نفسه لماذا لم يخلق الله سيدنا آدم على الأرض من البداية , و لماذا خرج من الجنه بهذه الطريقه

طبعا كل هذا لحكمه لا يعلمها إلا الله , ولكن تعالوا بنا نتأمل فى هذه القصة و نستخلص منها بعض الرسائل السماوية

التى بعثها الله لكل بنى آدم بهذه القصه .

أولا.. المنح و المنع :

أعطى الله لسيدنا آدم كل نعم الجنة و نعيمها و لكنه منعه من شجرة التفاح , كذلك الدنيا لا تُعطىَ كاملة لأحد , فلا تحسب

أن الدنيا كلها ستأتيك , دائما ما تكون هناك نعم محجوبة عنك ..

فلا تجرى و تلهث وراء الدنيا , لأنك لن تنال منها إلا ما كتبه الله لك , أما النعيم الكامل فهو فى الآخره فى الجنة و

نعيمها و هذا هو ما يستحق أن نتعب لأجله فى الدنيا .

ثانيا ..الرضا :

اعطى الله سيدنا آدم الجنة بكل ما فيها و منعه شجرة التفاح , فزينها الشيطان فى نظره و ظن أن فيها الخير الكثير و أن

الله منعه هذا الخير مع أن لديه الجنة كاملة .

كذلك نحن ننظر لما ليس معنا على أننا محرومون من خيرِ كثير و ننظر إلى ما عند الناس , مع اننا لو نظرنا إلى نعم الله

علينا التى لا تعد ولا تحصى و رضينا بها وحمدنا الله عليها , لارتاح بالنا و استمتعنا بحياتنا و لزادها الله لنا "و لئن

شكرتم لأزيدنكم" , و لكن عدم الرضا قد يؤدى بنا إلى ما لا يحمد عقباه , كذلك سيدنا آدم لو رضى بالجنه ما خرخ منها و

تركها بسبب تفاحة.

ثالثا .. اليقين :

اجعل دائما لديك يقين بأن الله يريد لك الخير , وما منعه عنك لم يكن الخير لك حتى و إن كنت تظن أن فيه خيرا كثيرا " و

عسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم و عسى أن تحبوا شيئا و هو شر لكم و الله يعلم و أنتم لا تعلمون " .

كذلك ظن آدم أن فى شجرة التفاح الخير له لكنه لم يكن كذلك على الإطلاق بل بالعكس كانت سبب خروجه من الجنه

لذلك كن دائم اليقين بالله , فهو الذى يسبب الأسباب و بيده مفاتيح الخير , ولا تبكى على شئ فاتك فى الدنيا و لا

كل همك فى شئ لأنك لا تعلم أين الخير.

رابعا .. صراع الإنسان و الشيطان :

يجب أن نعلم علم اليقين أن الشيطان هو ألد أعداء الإنسان , لأن ببساطة الإنسان كان سبب خروجه من الجنه و سبب

لعنة الله عليه إلى يوم الدين و أنه أصبح من أهل النار , لذلك فهو يريد الإنتقام من كل بنى آدم , و قصة سيدنا آدم

دليل على ذلك .

فيجب علينا أن نضعها دائما نصب أعيننا , يزين لنا الشيطان ما ليس فى أيدينا و يزين ما حرم الله علينا ويجعلنا تعتقد

أنه سيكون سبب سعادتنا " قال ما نهاكما ربكما عن تلكما الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين " فهذا هو

المدخل الذى يدخل به الشيطان إلينا و يجعلنا نعصِ الله ؟.

مع أننا لو نظرنا إلى نعم الله علينا التى أعتبرناها حق مكتسب , لاستصغرنا كل المعاصى وكل ما حرم الله علينا

فكلُُمنا لديه جنة آدم و لكن بعضنا لا يراها و البعض لا يحمد الله عليها , فلينظر كل منا داخل جنته و لا يجعل للشيطان

له سبيل " إن كيد الشيطان كان ضعيفا ".

خامسا .. رحمة الله :

خالف آدم أوامر ربه و أكل من شجرة التفاح فبدت له سوءته و ذهب يبحث فى أوراق الجنة كى يوارى سوءته , فعلم

آدم أن هذا بسبب عصيان أمر الله , فندم بشده و عاد و أناب الى الله و استغفر ربه " فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه

إنه هو التواب الرحيم " .. ما أرحمك يا رب ..

هنا درس مهم جدا " كل ابن آدم خطاء و خير الخطائين التوابون " كل منا يخطئ و لكن علينا المسارعة بالتوبة و الندم

على المعصيه و سرعة الإستغفار "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب

جميعا إنه هو الغفور الرحيم" .

و ختاما ...

مع خالص حبي لجدي أبو البشر سيدنا آدم عليه السلام , الذى اصطفاه الله ليكون أول الخلق , لكن ما حدث مع أبونا

آدم هو درس لنا جميعا و رساله من الله لنا كى نتعلم منها و نعلم حقيقة الدنيا " يا أيها الناس إن وعد الله حق ..فلا

تغرنكم الحياة الدنيا ...ولا يغرنكم بالله الغرور * إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب

السعير".

وفقنا الله و إياكم إلى ما يحب و يرضى