في ظل حالة عدم الاستقرار في أسواق المنطقة هل يعاني سوق مسقط للأوراق المالية من أزمة ثقة


Sat, 04 يونيو 2011
تحقيق - محمد بن عيسى البلوشي
يرى المختصون والخبراء بأن الأسواق المالية في المنطقة تمر بحالة من عدم الاستقرار وذلك بسبب عدم استقرار الأوضاع بالمنطقة العربية، والتي ألقت بظلالها على الأسواق الناشئة وخاصة تلك الأسواق التي تتصف بضعف القيم السوقية للشركات وكذلك عدد الشركات المتداولة وأحجام السيولة ونوعية المستثمرين مع ضعف الاستثمار المؤسسي وابتعاد صناديق الاستثمار عن الأسواق المالية.
وأشار المختصون بأن سوق مسقط للأوراق المالية ليست بمنأى عن تلك الأوضاع وذلك لتأثرها بظروف المنطقة، ولكنها أفضل حالا من حيث توفر الفرص الاستثمارية من خلال اتباع سياسة الاستثمار الطويل الأجل، مؤكدين على أهمية اتخاذ حلول سريعة للحد من الانخفاضات الحالية، والسؤال المطروح: هل يعاني سوق مسقط للأوراق المالية من أزمة ثقة أو أن هناك أسبابا أخرى؟!.
حالة عدم الاستقرار
يقول حسين بن علي الرئيسي الرئيس التنفيذي لشركة الأمين للاوراق المالية: تمر الأسواق في الوقت الحالي بحالة عدم استقرار وذلك بسبب الثورات والإصلاحات في المنطقة العربية ومن خلال دراستي فإن سوق مسقط برأيي الخاص يوجد به أفضل فرص الاستثمار مشيرا إلى أن تراجع المستثمرين لا يمثل خللا بالسوق ولكن قد تكون سياسة استثمارية طويلة الأجل وذلك بإعادة ترتيب المحافظ الاستثمارية.
وحول ما يحتاجه السوق للخروج من هذا الهدوء، أوضح الرئيسي: بناء الثقة في الاقتصاد الوطني يأتي بدعم من صناديق التقاعد وصناديق الاستثمار للاستثمار طويل الأجل حيث أن نتائج الشركات ليست بالسيئة وقد يكون تراجع الأرباح نتيجة للتغيرات في الأمور الإدارية مع التغير بالأسواق المجاورة والاقليمية، ولكن العائد على الاستثمار مجز إذا ما قورن بأي استثمار مماثل مشيرا إلى أن إعادة الثقة هي اساس في الاستثمار، علما بأن المستثمر في سوق مسقط للأوراق المالية منذ عام 2002 وحتى الآن حصل على عائد يصل إلى 22 في المائة تقريبا.
وأكد حسين الرئيسي بأن التوقعات إيجابية خلال الفترة المقبلة، وقال: من المتوقع أن يأخذ السوق مرحلة الارتداد حيث أصبحت أسعار الأسهم أقل بكثير والقيمة الدفترية أعلى من القيمة السوقية للسهم وبذلك نتوقع وجود تحرك إيجابي في أي لحظة. وقدم الرئيسي النصائح للمستثمرين والمتمثلة في اقتناص فرص الاستثمار الطويلة الأجل، وقال: هذه هي فرص الاستثمار طويل الأجل والعائد عليها جيد وبناء محفظة استثمارية على أسس استثمار طويل الأجل هو مجز، كما أننا ننصح بعدم التخوف من تراجعات الأسعار.
التأثر بالأسواق
أما أحمد بن سعيد كشوب الرئيس التنفيذي لشركة الثقة الدولية للاستثمار فقال: إن المتابع لحركة السوق خلال الفترة الماضية يجد هناك ضعفا واضحا في أحجام وقيم التداول والبيع على الأسهم القيادية مع البيع والشراء العشوائي من قبل المضاربين، ولا شك بأن السوق يعمل وفق منظومة من الأسواق المالية سواء العالمية أو العربية وهو يتأثر بالأحداث سلبا وإيجابا وأن أكثر الأسواق تأثر سلبا هي الأسواق الناشئة وخاصة تلك الأسواق التى بها ضعف في القيم السوقية للشركات وكذلك عدد الشركات المتداولة وأحجام السيولة ونوعية المستثمرين حيث ضعف الاستثمار المؤسسي وكثرة الاستثمار الفردي وعدم توفر أدوات استثمارية أخرى مثل الصناديق والصكوك ، كل ذلك يؤدي إلى ضعف الإقبال على السوق وأحجام الاستثمار الأجنبي وخاصة أن الاقتصاديات العالمية لا تزال تعاني من أثار الأزمة الاقتصادية العالمية سواء في أمريكا أو الاتحاد الأوربي وكذلك الأحداث الأخيرة في اليابان وما تمر به المنطقة العربية من أحداث والتي لم تنته بعد.
تدخل سريع
وحول الحلول التي يراها مناسبة للخروج من هدوء السوق خلال الفترة الحالية، يقول أحمد كشوب: في مثل تلك الظروف يجب أن ينتقل السوق من المضاربين العشوائيين ومن مديري المحافظ الذين يحاولون الدفاع عن أسهم محافظهم إلى مرحلة التدخل المباشر السريع من قبل صناع القرار والنظر إلى أهمية الأمر وخاصة بأن الوضع الحالي خرج عن إمكانية مجالس إدارة الهيئة والسوق وعن إمكانيات صندوق التوازن، مؤكدا بأن التدخل المطلوب بتخصيص مبلغ يومي لدعم المؤشرات القيادية ولفترة محددة حتى يستعيد السوق الثقة من قبل المستثمرين عندها سنجد السوق في وضعه الطبيعي وهنا ليس الهدف رفع الاسعار وإنما المحافظة على مستوى معين للمؤشر وسوف يكون الصندوق هو من يحقق أفضل الأرباح في فترة قصيرة، أو اتخاذ إجراء سريع نحو رفع رأس مال صندوق التوازن إلى 300 مليون ويطلق عليه صانع السوق.
وأضاف: في تصوري من المهم بأن يتم اتخاذ حلول سريعة، وإذا لم يتم ذلك من المحتمل بأن نشهد انخفاضا أسوأ من الحالي وسوف تكون له انعكاساته على الشركات وخاصة الشركات الاستثمارية والعاملة في الوساطة المالية والتأثير المباشر على القوى العاملة في تلك الشركات والذين يبلغ عددهم أكثر من أربعمائة موظف وهنا سوف تكون المعالجة الأصعب وتكاليفها باهظة.
ووجه أحمد كشوب بعضا من النصائح للمستثمرين قائلا: إن الكثير من المستثمرين يجدون بأن الأسعار مغرية جدا، خاصة وأن الكثير منها دون القيمة الاسمية والدفترية ولكن هل يمكن بناء محفظة نموذجية متوسطة الأجل، وهنا الجواب يكون بنعم ويمكن ذلك وفق استشارات المتخصصين وبناء على نتائج الشركات مع الاحتفاظ بنسبة من السيولة.
أما النصائح للمضاربين فتتمثل بقول كشوب: في ظل الأوضاع الحالية فخيار التوقف هو الأفضل لمن لا يملك السيولة الكافية، لكونه سوف يتكبد خسائر أكثر وخاصة الذين يسعون إلى معالجة وتعديل الأسعار دون أن يقيم السهم ونتائجه أليس من الأفضل شراء أسهم أكثر أمانا ويمكن تقليص خسائر الأسهم الأخر، مشيرا إلى أن المضاربة أحد عناصر نجاحها الأحجام والقيم ويعني السيولة العالية والأحجام الكبيرة للتداول وكذلك الاحتراف وعدم الطمع.
وضوح الرؤية
وفي لقاء مع عمار أسامة سالم محلل استثمارات أول في بنك عمان العربي عن أسباب حالة الهدوء التي يمر بها سوق مسقط أوضح أن السبب عدم وضوح الرؤية بالإضافة إلى غياب اهتمام المستثمرين وما حدث في الأسبوع الماضي هو استمرار غياب المؤشرات المسجلة عن السوق المالية مما أدى ذلك إلى تراجع في أحجام التداول وانخفاض أسعار الأسهم حيث تراجع المؤشر عند أدنى مستوى له في 18 شهرا بعد استمرار تراجع جميع قطاعات السوق الرئيسية.
وعن أسباب استمرار انخفاض مؤشر قطاع البنوك والاستثمار وما يحدث لهذا القطاعات أوضح محلل أول استثمارات في بنك عمان العربي بأن مؤشر البنوك والاستثمار يتكون من بنوك وشركات قابضة وتأثر إلى حد كبير بتراجع أسعار أسهم الشركات القابضة التي سجلت تراجعا في الأرباح أو خسائر نتيجة أسهم الشركات خلال الربع الأول من العام الحالي، فمنذ بداية العام سجلت الشركات القابضة تراجعات حادة وعلى رأسها شركة عمان والإمارات القابضة التي فاقت خسائرها منذ بداية العام الـ50%، وعلى الرغم من النتائج الجيدة للبنوك شهدت أسهمها ضغوط بيع كونها من الأسهم الأكثر سيولة في السوق.
وحول سؤالنا عن أسباب تراجع أحجام التداول أوضح أن غياب المؤشرات المحلية عن السوق وخاصة بعد انتهاء موسم إعلان الشركات عن نتائجها للربع المالي الأول المنتهي في مارس بالاضافة إلى عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بأثر زيادة الحد الأدنى للأجور والتعيينات الجديدة على نتائج الشركات في المستقبل، كما أن هناك قلة الطلب حيث أنه في حالة غياب المؤشرات يتردد المستثمرون في الدخول إلى السوق.
حلول
وفي سؤال آخر حول حالة الركود الواضح التي تشهدها معظم الأسواق وهل يمكن القول بأن البورصات لا تزال تعاني من تداعيات الأزمة المالية العالمية أوضح بأنه مازال هناك تأثير للأزمة المالية على الاقتصادات العالمية، ففي منطقة الخليج مازالت عملية إعادة هيكلة الديون للعديد من الشركات مستمرة، وفي المنطقة الأوروبية مازالت العديد من الدول تعاني من آثار ارتفاع مخاطر الديون السائدة لبعض الدول مثل اليونان والبرتغال وارتفاع معدلات البطالة كما في أسبانيا وإيطاليا وفي الولايات المتحدة الأمريكية ارتفاع نسبة الديون الحكومية إلى الناتج المحلي الاجمالي بسبب الدعم الحكومي لمختلف القطاعات، وفي آسيا تسبب الدعم الحكومي في الصين إلى عودة مستويات التضخم إلى الارتفاع وهذا يعني استمرار حالة الغموض حول قدرة الاقتصاد العالمي على المحافظة على الاستقرار.
وحول دور صندوق التوازن الاستثماري أوضح محلل أول في بنك عمان العربي بأن صندوق التوازن الاستثمار يسعى من خلال سياسته للمحافظة على استقرار السوق والحد من التراجعات الكبيرة والغير مبررة وعلى المستثمر بأن يدرك أن صندوق التوازن يهدف للاستقرار في السوق ويجب أن لا يفترض المستثمرون أن على الصندوق بأن يساهم في ارتفاع السوق بشكل دائم ويقوم صندوق التوازن بشكل فاعل حيث يمكن أن تكون التراجعات أكبر لولا تدخل الصندوق


http://main.omandaily.om/node/56030