السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

في اواخر 2010 احد من الاقارب لدي طرح موضوع التربية على المواطنة بواسطة الايميل...

انقله لكم على أمل ان يعجبكم الموضوع ...


التربية على المواطنة فرض لا يتجزء و لا ينفصل عن التنمية المستدامة. إن إنجاز التنمية بدون أن تقرن بالتربية والمواطنة سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا و عقائديا و متوازنة بالعقلانية و المدنية يعتبر مستحيلا. المواطنة تبنى و تقوم أسسها على المساواة و العدالة و الكرامة الأنسانية في أجواء الحرية و السيادة القانونية وتأكيد الحق في العمل و التعليم و بأنهما حقا فرديا لتكوين الشخصية الأعتبارية في المجتمع. إنه من المستحيل لأي مجتمع أن يتقدم و يتطور بدون التعليم و نشر المعرفة الثقافية الحقوقية الإنسانية. إن التربية على المواطنة تعني بنشر الوعي الثقافي الحقوقي و المساواة و العدالة، و من المؤكد إنة يجب التوخي و الحذر من الآثار الخطيرة التي تتعلق بحقوق الغير و المجتمع. من هنا يترتب على التربية الوطنية أن تتركز على قيم المواطنة السليمة كمدخل لتنمية المجتمع منذ التنشئة الأولى في الأسرة مرورا بالمدرسة و أنشطتها و حتى مراحل التعليم العليا في الجامعات. إن التربية على المواطنة بحاجة إلى ملكات لدى المربي و بدءا بالوالدين، بحيث إننا اليوم بحاجة الى تربية مواطنة حديثة لفهم واقع التطور و الترابط بين الناس و فهم هذه العلاقة على أساس ثقافة المساواة في الحقوق و الأحترام المتبادل و حقوق الأختلاف و البناء المشترك ليظل الناس متحدين رغم أختلافهم على الأرض التي يعيشون عليها. إن الخلاف ماهو إلا رحمة للتغير و الإستدامة للتطور، و لا يمكن أن ترسخ ثقافة المواطنة إلا عبر القوانين و الأنظمة النافذة، بعد تصفيتها و تنقيتها من الشوائب و الخزعبلات و الهلامات الخرافية الموروثة التي نتعارف عليها بالعادات و التقاليد و القيم. لعل بعض هذه المتعارفات قد بليت و تحجرت و نحن مازلنا نعترف بصحتها، فإذا ما أردنا مواطنة صالحة تواكب العصر و تبني مستقبلا فعلينا إتخاذ الإجرآت لتطوير الأنظمة و القوانين التي تعطي و تضمن الحرية و الديموقراطية و العدالة و نشر الثقافة البرلمانية و الرأي و الرأي الآخر و تقبله و عدم تهميشة أو إلغائة، و ذلك بتعميم ثقافة المواطنة و جعلها للمواطن غذائة الفكري مذ اللبنات الأولى و عبر الإعلام و النشاطات الأخرى التي يمارسها المجتمع المدني بوصفة مكملا و شريكا للدولة في التشريع و المساءلة و سن القوانين و الأنظمة. و لعل هناك لبس في مفهوم المواطنة، فالمواطنة ليست كقوالب ميكانيكية يتم ضخها بالمعارف و المعلومات بل هي تأسيس قيم و مفاهيم للحياة الإجتماعية التي يرتقي بها الإنسان لبلورة و صياغة و تثبيت القناعات لتغيير هذه المفاهيم و القيم. إن الإنسان بطبيعتة تواق للحرية و لكنة لا يدرك الإلتزامات بالقوانين و الأنظمة و الضوابط الإجتماعية التي تحد أو تسمح و إنما هذا يمكن كسبة و تعلمة كقيم و مفاهيم عبر الإعلام و الممارسة و المناهج التعليمية و عبر الأنظمة و الدساتير. التربية على المواطنة ما هي إلا ترشيد و حاضرة في حياتنا اليومية و هي عبارة مرافقة لغذائنا و هي الشاهد على حياتنا. إن دخلنا الخوف من التربية على المواطنة و الفزع و إبتعدنا عن مفهوم الصراع في المجتمع و أعتقدنا إن المجتمعات دائمة الجهل و التجهل و تبتعد عن مفهوم التطور و التغيير نكون جنينا على أنفسنا و أدخلنا المجتمع دهاليز مظلمة و ندفع لحدوث ما لا يحمد عقباه. إن على الدولة أن تقرر ماذا ترغب من الأسرة و المدرسة و الجامعة و في 20 السنة القادمة و على هذا يجب أن يبنى المجتمع و توضع المناهج و يوجه الأعلام و أن تنهج النشاطات الأجتماعية الأخرى لتحقيق ذلك. إن التجهل و الممنوعات و المحرمات السائدة في مجتمعنا لا تأخر عجلة التاريخ ولا تقهقر الشارع إلى الوراء و إن كنا نراه باقيا لا يراوح مكانه، لكن الحقيقة بأن الشارع يتحرك من تحت أقدامنا و إنما هذا الإحساس بالركود ما هو إلا خيال. الزمن يتقدم بدرجات و لا يتوقف إلا في لحظة نحو التغيير من التراكم الى الطفرة، و أدرك تماما فيما يقال بإنه يدعو إلى الفوضى و نحن لسنا دعاة الفوضى و العبثية بل دعاة بناء و إستقرار و أمن. من المؤكد بأن ما يحدث في العديد من البلدان ليس بصراع و حراك إجتماعي، فهذ القتال و التناحر دعى إليه أناس يريدون تشويه التطور الإجتماعي و الحراك الذي يسبق التغيير. مثل هذا الصراع الدائر في الصومال أو العراق العظيم لا علاقة له بالتطور و التغيير و إنما جاء نتيجة العبثية من اليد الأجنبية و نتيجة التسلط و الظلم و الإستبدادو تجاهل الغير. من أجل إزالة هذه الثورة و الصراع يجب نهج المشاركة في الحياة، لأن الأوطان للجميع و الثروة للجميع و الدفاع عن الأوطان واجب مشترك و ما الحاكم إلا منظم لإدارة السلطة و له الولاء و الطاعة في ذلك. إن الصراع و الحراك يكمن فيما يقدمه و من الأفضلية في الإنفاق و الإصلاح و العطاء من الكلمة و الإنتاج و التصنيع و ليس في القتل و التخريب و التدمير و العبثية في الحياة الإجتماعية. إن الصراع من أجل الأفضلية حق مشروع و المقصود بهذا الصراع هو التطور الطبقي و ليس العنف و القتل و التخريب و التدمير، لإن المجتمع بطبيعته متغير و لا يمكن أن يبقى جامدا و ساكنا و لإن الركود و السكون هو وليد الموت. إن الصراع الوجودي في المجتمع قائم بقيامة لإن فطرة المجتمع في صراعه و حراكة و قد لا يتجلى هذا الصراع في مظهر أو مطلب ما و قد يتجلا في أحيانا أخرى في مطلب معيشي أو إصلاحي إجتماعي و أرقى الأشكال و أكثرها حدة هو التغيير الذي هو بدورة أخطر مطلب في المجتمع، لأنه الغالب عليه العنف إذا لم يكن هناك عدالة و ديموقراطية، لأن الديموقراطية هي أفضل وسيلة لإدارة الحياة الإجتماعية.
منقول